عندما نسمع كلمة (جسر) تقفز إلى أذهاننا صورة الجسر المقام فوق الماء أو فوق الأرض لينقل الناس من مكان إلى آخر، ولكن “جسر موسى” الموجود في هولندا أو (Moses Bridge) مختلف عن الفكرة التقليدية لأي جسر، فهو جسر خشبي مخصص للمشاه وغارق داخل الماء، تم تصميمه بنفس مستوى سطح الماء ويقسمه إلى نصفين مما يتيح للمشاة العبور بأمان، ومن يراهم من بعيد يظن أنهم يعبرون الماء بملابسهم.
فكرت الشركة صاحبة التصميم تشييد جسر تشبّه فكرته نفس الطريقة التي عبر بها سيدنا موسى عليه السلام البحر حينما انشق إلى نصفين وظهرت اليابسة، وهو جسر له مزايا تكنولوجية؛ فالخشب المصنوع منه جانبي الجسر مُضاد للماء، ومعالج بطريقة تسمى بالـ Accoya تحميه من التسوس ومن تراكم الفطريات عليه، لذا فيمكنه الغطس تحت الماء لسنين طويلة دون أن يتأثر.
يؤدي الجسر، الموجود في بلدة تُدعى “Halsteren”، إلى قلعة هولندية قديمة يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر الميلادي وهي قلعة Fort de Roover، تم بناؤها لحماية هولندا من الغزو الفرنسي والإسباني وقتها، هذه القلعة كانت ومازالت محاطة بخنادق مائية عميقة كي تمنع وصول الجيوش الغازية حتى لو اسُتعملت القوارب، ومن ضمن هذه الخنادق المائية خط عميق اسمه West Brabant وهو الذي يعبره الجسر هنا، وتم بناء هذا الجسر الرائع لنقل السياح من وإلى القلعة أثناء زيارتهم لها.
كانت القلعة مغلقة حتى وقتٍ قريب، وبعد ترميمها وإعادة فتحها كان التفكير في بناء جسر فوق الماء ليُسهل للسُياح العبور للقلعة، ولكن فكر القائمون على هذا العمل بأن الجسر بالفكرة القديمة سيؤدي إلى الإخلال بفكرة القلعة المحمية بالخنادق منذ مئات السنين، وكأننا نقول للأعداء تقدموا للقعلة وها هو الجسر ينتظركم لتعبروا الخندق المائي وتهاجموا القلعة، لذا فكروا بناء الجسر بطريقة لا تجعله يبدو للناظرين من بعيد، واستقر الأمر على بناء جسر غارق في الماء بعمق متر واحد ليكون فكرة جديدة وأطلقوا عليه جسر موسى، وصممته شركة RO&AD المعمارية، والعجيب أن الجسر بحد ذاته أصبح نقطة جذب للسياح.
المصدر: موسوعة المسافر