كاتبة صحفية / صحيفة عكاظ
أفادت مصادر إخبارية أن «الهيئة» أصدرت قراراً يسمح للمرأة أن تقود الدراجة الهوائية أو النارية، ولكن بوجود محرم، ولا ندري ما الصلاحية التي تمتلكها «الهيئة» لتمنع أو لتسمح بمثل هذه القرارات حتى استطاعت أن تنفذ إلى حياة الناس وترسم لهم طرق معيشتهم وفق التوجه الذي يرونه، بالمقابل فقد كانت تقتحم الأندية النسائية وتفتشها بين الحين والآخر، وتصل صلاحياتها أحياناً إلى إغلاق بعض المراكز، ثم ينتهي هذا بتفوق القرار الصادر من وزارة الداخلية بمنح الرخص لعمل الأندية، على رغم النظرة المعادية لها من بعض رجال الدين، والسؤال أين الجهات المسؤولة عن مثل هذا التنظيم؟ وإلى متى هذا التخبط النظامي؟
هذا على رغم أنه ليس من المستساغ أن يمكن للمرأة في السعودية أن تستخدم الدراجة إذا أرادت التنقل، ولكن في أماكن معينة توصف بالأماكن «الفاسدة»، يمكنها اللعب والترفية «مع المحرم»، وفق ما ينص التصريح، فربما يتقبل المجتمع قيادتها السيارة أهون من أن يراها تقود دراجة في الشارع، ووجود المحرم في هذه الحال يحل الإشكالية! وقد طالب المصدر بإلزام قائدة الدراجة ألا تذهب للأماكن التي يوجد بها تجمعات شبابية حتى لا تكون عرضة للإيذاء من الشباب، ولا يستطيعون أن يقولوا، ولو لمرة واحدة، إن الرجل مسؤول عن نفسه، وعن أفعاله، وعن تحرشه بالمرأة، ويطالبون، ولو لمرة واحدة، بفرض العقوبة عليه حينذاك.
الذي يتضح من القرار أن المرأة يمكنها التجول للترفيه بالدراجة، ولكن لم يتحدث التصريح عن أي شيء بخصوص القدرة على التنقل، وربما يمكن للمرأة الاحتيال على هذا الوضع فتقوم بالتنزه في كل مرة تريد الخروج فيها لأي أمر آخر، فما يبدو أن «النية» طيبة لدى المصدر المسؤول، وعلى رأي الزميل سامي يوسف، أن النية «هي المصدر الرئيس للتشريع)! وهنا يمكن القول إن الأمر قد وصل إلى حد لا يحتمل من الاستخفاف. الرسالة إلى المتحدثين باسم العادات الجاهلية، حين يفهم الآخرون من موقفهم أنهم يتحدثون من منطلق الدين والفضيلة، وهم يعتدون ويصلون إلى أدق التفاصيل في حياة الناس وحقوقهم الخاصة التي ليست من شأنهم أصلاً، نعم للمرأة خصوصيتها، وفي الإسلام لها حق العدالة والأمن والسلام الذي تكتسبه بالشكل الطبيعي، وليس بالشرط أن يكون هذا الحق عطية من الرجل، وبذلك فإن حق المرأة في الحياة لا يوجب علينا في كل مرة أن نساويه بالرجل في قضية الحقوق والواجبات، من نظرية أن حق الحياة أمر مفروض وواجب لكل كائن يعيش ويتنفس، بلا مقارنات ونظائر، فهذا حقها تجاه القانون الطبيعي الذي يفرضه الكون، وليس الذي يسنه البشر وفق عاداتهم وتقاليدهم وتحفظاتهم بما تحمله من عقد، ومن الظلم أن يُسمح لمثل هذه الآراء أن تتلاعب بحياتنا، والذي يتأمل في هذه الأحداث سيكتشف كم جعلوا حال المرأة السعودية أضحوكة أمام قريناتها في العالمين العربي والإسلامي، ما يجعلها تنظر للآخرين بأعين محرومة.
إن المرأة الحرة هي سيدة نفسها، تصنع حياتها ورغباتها من مطلق الرغبة الذاتية بلا تقنين أو تقييد، بحيث لا توضع لها الشروط كحال خاصة مختلفة عن الإنسان العاقل، فهي ليست بحاجة إلى من يستخف بكيانها أو ينتقصها أو يقودها ويعلمها من هي، وماذا يجب أن تكون؟ لها الحق الذي تأخذه بنفسها وتمارسه على طريقتها، ليس تقليداً لأحد، ولا يعني هذا انحلالاً من أخلاقها، وبهذا نطالب وزارة الداخلية، بصفتها مسؤولة عن أمن المواطن، أن تضع قانوناً ينظم حياة المرأة السعودية، ويعمل على تأهيلها تربوياً وتعليمياً وتثقيفياً حتى تبنى بالشكل السليم بما يتطلبه الحق البشري الذي تستحقه المرأة في هذا الوطن، وبما يتوافق مع أسلوب الحياة الإنساني والحضاري.
المصدر: صحيفة الحياة