رفض المسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية التعليق على صفقة أسلحة ومعدات عسكرية بين إيران والعراق، وهي الصفقة التي تعني خرق طهران حظر المبيعات العسكرية المفروض عليها من قبل الأمم المتحدة، في الوقت الذي تسعى واشنطن للتقارب مع طهران للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.
وأعرب دبلوماسيون في لجنة العقوبات على إيران بالأمم المتحدة عن قلقهم من هذه الصفقة، لكنهم امتنعوا أيضا عن التعليق أو الكشف عن هويتهم.
وذكرت وكالة «رويترز» أن إيران وقعت صفقة لبيع الأسلحة والذخائر للعراق بقيمة 195 مليون دولار في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في خطوة من شأنها كسر الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة على مبيعات الأسلحة الإيرانية. وتشمل الصفقة ستة من ثمانية عقود مع منظمة الصناعات الدفاعية الإيرانية وعقدين مع شركة الصناعات الإلكترونية الإيرانية وهي شركة مملوكة للدولة. وتشمل العقود بيع أسلحة خفيفة ومتوسطة بقيمة 75 مليون دولار، وذخيرة للدبابات والمدفعية وقذائف هاون بقيمة 57.17 مليون دولار، وقاذفات هاون وأسلحة خفيفة بقيمة 25.43 مليون دولار، ونظارات رؤية ليلية وأجهزة توجيه هاون بقيمة 7.32 مليون دولار، ومعدات اتصال بقيمة 3.79 مليون، وذخيرة بقيمة 3 ملايين دولار، وذخيرة مدفعية بقيمة 16.37 مليون دولار. ووفقا لـ«رويترز»، فإن الوثائق لم تحدد جدولا زمنيا للتسليم.
ورغم أن الصفقة صغيرة في حجمها وتعد قطرة في بحر الأسلحة الذي تتلقاه العراق، ومعظمه من الولايات المتحدة، لكنها صفقة لها مغزى سياسي، في وقت يسعى المالكي للفوز بولاية ثالثة في الانتخابات المقررة في أبريل (نيسان) المقبل.
وتعد الصفقة (إذا صحت الأنباء عنها) أول صفقة رسمية عراقية لشراء أسلحة من إيران، مما يشير إلى التقارب المتنامي بين البلدين خلال العامين الماضيين منذ رحيل القوات الأميركية في العراق.
وقال مسؤول أميركي: «إن مثل هذه الصفقة تزيد من تعقيد اتجاه واشنطن للتفاوض مع إيران وتخفيف العقوبات الدولية بسبب برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تدعي إيران أن أهدافه سلمية»، وأضاف المسؤول الأميركي: «إذا صحت الأخبار عن هذه الصفقة، فإن هذا يثير مخاوف جدية، لأن نقل أسلحة من إيران إلى بلد ثالث انتهاك مباشر لالتزامات إيران بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1747».
ويأتي الكشف عن هذه الصفقة في أعقاب الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، إلى الولايات المتحدة بهدف الضغط على إدارة أوباما لمساعدة العراق بأسلحة نوعية متقدمة لمحاربة المتشددين والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في العراق. وقد واجه المالكي بعض التحفظ لدى المشرعين الأميركيين الذين أبدوا اعتراضا وترددا في تقديم معدات عسكرية أميركية «متقدمة» إلى بلد يحاول التقارب بشكل كبير من إيران، كما تخوفوا من قيام الحكومة العراقية باستخدام تلك الأسلحة لقمع المعارضة، بينما أبدى الكثير من النواب العراقيين غضبهم من تأخر شحنات الأسلحة الأميركية.
ونقلت «رويترز» عن علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، قوله إن الصفقة قد تكون مفهومة نظرا للمتاعب الأمنية الراهنة في العراق، لكنه لم يؤكدها أو ينفيها، وقال: «إننا نشن حربا ضد الإرهاب ونريد الفوز في هذه الحرب، ولا شيء يمنعنا من شراء الأسلحة والذخائر من أي طرف، وهي ذخيرة فقط لمساعدتنا في محاربة الإرهابيين». من جهتها، نفت الحكومة الإيرانية علمها بالصفقة.
كما نفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي علمها بالصفقة، وقال عضو اللجنة عن كتلة «متحدون»، مظهر الجنابي، لـ«الشرق الأوسط» إن «لجنة الأمن والدفاع تراجع دورها كثيرا خلال هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد حتى إنها لم تجتمع منذ أكثر من خمسة أشهر، ومن ثم لا علم لها بالكثير مما يجري على كل المستويات سواء العمليات العسكرية أو صفقات الأسلحة من أي طرف أو غيرها من المسائل الأمنية والاستراتيجية المهمة التي تدخل في صلب عملها». وأضاف الجنابي أن «من حق العراق استيراد أسلحة لتجهيز جيشه ومؤسسته الأمنية بأحدث الأسلحة لمواجهة التحديات التي تواجهه، ولا يهم إن كانت من إيران أو غيرها شريطة أن تستخدم هذه الأسلحة ضد الإرهاب بالفعل، لا أن يجري استخدامها ضد المدنيين العزل عندما يجري زج جيش في معارك مدن وهو غير راغب في ذلك لأنهم أهله».
في سياق ذلك، أكد مصدر أمني مطلع لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى هويته، أن «العراق استورد أسلحة وذخائر مختلفة من إيران، وذلك لحاجته الماسة لمواجهة العمليات الإرهابية التي ازدادت وتيرتها بعد التداعيات في الوضع السوري». وبشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تعلم بذلك، قال المصدر إن «العراق طلب من الولايات المتحدة تزويده بالأسلحة وعلى عجل، وهو ما لم يلق الاستجابة المطلوبة، بينما الولايات المتحدة تعلن دعمها العراق في هذا المجال، فضلا عن أن نجاح المباحثات الإيرانية مع الغرب بشأن الملف النووي ساعد في رفع الكثير من العقوبات عن إيران».
المصدر: واشنطن: هبة القدسي – بغداد ـ لندن: «الشرق الأوسط»