«عشاء في الظلام»… ساعة ونصف الساعة بلا نور لـ«معايشة معاناة المكفوفين»

منوعات

ساعة ونصف الساعة من الزمن عاشها عدد من المسؤولين والإعلاميين والمهتمين بمكافحة العمى بلا ضوء، لتناول طعام العشاء في الظلام، لاشيء يقود خطواتهم إلا وقع أصوات المضيفين والأحاديث الجانبية للضيوف، في صالة معتمة لأحد المطاعم الشهيرة بالرياض. إذ أقيمت في الرياض أول من أمس، فعالية عشاء في الظلام بشعار: «شوف اللي أشوفه»، التي أقامتها التنمية الاجتماعية لمجموعة عذيب بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة العمى، بحضور رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة العمى الأمير عبدالعزيز بن أحمد بن عبدالعزيز.

وتهدف الفعالية إلى تجربة العشاء في جو مظلم تماماً يقوم فيه الاعتماد كلياً على أصحاب الإعاقة البصرية من استقبالهم إلى إجلاسهم في أماكنهم المخصصة بالمطعم، إضافة إلى تقديم العشاء لهم، كما تهدف إلى الإحساس بنعمة البصر وإثبات أصحاب الإعاقة البصرية المشاركين في الفعالية قدرتهم الفاعلة في سوق العمل، ويعود ريع فعالية عشاء في الظلام إلى تدريب وتأهيل أصحاب الإعاقة البصرية لسوق العمل واعتمادهم على أنفسهم.

وقال رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة العمى الأمير عبدالعزيز بن أحمد، إنه تمت دعوة المطعم الفرنسي «دان لو نوار» لتدريب عدد 20 شخصاً من الشبان والشابات من أصحاب الإعاقة البصرية خلال فترة التحضير للفعالية، وأن حماسة المتدربين كانت أكبر من المتوقع.

وكان جميع الحضور بدأوا تجربة «عشاء في الظلام»، إذ تم تقسيم الحضور إلى ست مجموعات، يتولى كل مجموعة أحد المتدربين من أصحاب الإعاقة البصرية لقيادتهم إلى الأماكن المخصصة للعشاء، ومن ثم تقديم العشاء لهم.

وشارك في الفعالية رئيس هيئة السياحة الأمير سلطان بن سلمان، وعدد من المسؤولين والإعلاميين والمهتمين بمكافحة العمى. فبعد أن وقف الجميع أول من أمس بانتظار الدخول إلى القاعة التي تحتضن فعالية «عشاء في الظلام.. شوف اللي أشوفه»، لتسليط الضوء على معاناة المكفوفين، تم تقسيمهم لطوابير، كل منهم يده اليسرى على كتف من أمامه، وشاب كفيف من ضمن 20 شاباً وشابة دربهم الفرنسي فايبرس موشكا مدة 10 أيام مستنسخاً تجربة مطعم «دان لو نوار» المنتشر في 10 دول حول العالم. قائد طابور المدعوين الكفيف السوري محيي الدين الذي أوكلت له مهمة توجيههم ليكون عيونهم منذ دخول القاعة، وبدأوا بتلمس الجدار باليد اليمنى، وأمسك محيي بيد كل منهم وأجلسه على الكرسي، وخلال حوار المكفوفين الذي مارسوه من دون أن يعرفوا أشكال بعضهم، حاول كل منهم الاجتهاد لمعرفة مكونات الطبق، مع تساقط الأكواب الفارغة كلما لمسوها بالخطأ.

ويقول أحد المدعوين: «كانت الساعة ونصف الساعة تسير كما وكأننا في عالم لم تطأه عيوننا المبصرة من قبل، تذكرت والدي الذي فقد بصره قبل 25 عاماً بعد أن ركله الحصان في مزرعتنا». وتابع: «تذكرت الطفل الفرنسي برايل الذي فقد بصره بورشة والده في طفولته، وكيف أبهر الدنيا باختراعه الحروف البارزة، وتأملت الآية الكريمة (عبس وتولى)، كما راودتني أحاسيس عتمة القبر،

فلا شعورياً ناديت مرشدنا «محيي» وسألته كيف فقد بصره، فقال ولدت هكذا ضريراً منذ كنا في مدينتنا إدلب السورية. وبادرته: هل أبواك أقرباء؟ فقال: «نعم، ولكن ليست قرابة مباشرة، إذ يترسخ في الذهن أن زواج الأقارب يخلف مشكلات وراثية». وزاد: «بدأنا الحديث عن نعمة البصر، وكل يحمد الله على خلقه له بعيون مبصرة، وكيف يختبر الضرير في الحياة، ويمنحه عدداً من المهارات في اكتشاف الأشياء من حوله، ثم خرجنا في طوابير منظمة كما دخلنا، وتأمل كل منا الآخر فور خروجنا للضوء وأطلقوا ضحكات عفوية، إذ كل منا كان يتوقع شكل من بجانبه بصورة مختلفة». ولفت إلى أن التجربة تهدف إلى إشراك المكفوفين في سوق العمل ليكونوا منتجين، إضافة إلى دعوة المبصرين ليعيشوا تجربة الكفيف.

 المصدر: الحياة