لا شك في أن ما يحدث في دولة الإمارات من أنشطة ومؤتمرات ومن مبادرات خلاقة وعلى مدار العام يدهش المراقبين لتجربة دولة الإمارات الفتية. فمثلاً لا يمر يوم دون أن يكون هناك حدث دولي مهم تحتضنه واحدة من إمارات الدولة السبع.
فمن الأنشطة والمؤتمرات ذات الطابع السياسي إلى الأنشطة الاقتصادية والإدارية والثقافية والفنية والترفيهية إلى المبادرات الخلاقة التي تطلقها دولة الإمارات وعلى مدار العام الأمر الذي ينقل الدولة من مجرد محتضن لحدث إلى درجة الفاعل والمؤثر على الساحة العالمية.
فلا توجد دولة في المنطقة تضاهي الإمارات في سرعة الحركة والنشاط ولا في المبادرات الخلاقة ولا في سهولة الإجراءات وبساطتها ولا في خلق المبادرات وتطبيقها. ولا شك أن هذه الأنشطة تصب في مصلحة الجميع.
فهي تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني ومجالاته المتعددة من فندقة وتسوق وسياحة وغيرها، كما تصب في مصلحة الموارد البشرية المواطنة وخاصة الشابة، والتي تتلقى في كل يوم دروساً وتجارب جديدة، وتدخل في علاقات استثنائية من المؤكد أنها سوف تنعكس على أدائها مستقبلاً. كما أنها تصب ليس فقط في مصلحة الإمارة صاحبة الحدث بل في الإمارات المجاورة جميعها.
هذه الأنشطة المتنوعة وعلى مدار العام جعلت من الإمارات قبلة للقاصدين وعلى مختلف مشاربهم: لمن يبحث عن الفرص الاقتصادية والاستثمارية ولمن يبحث عن فرص العمل التي توفرها الطفرة في الأنشطة وللباحثين عن الراحة والمتعة، ولمن جاء خصيصاً ليكتشف الإمارات، هذا الأنموذج الذي سمع عنه ولم يصدق أنه يوجد في هذه المنطقة تحديداً.
عندما بدأنا نتحدث عن تنويع مصادر الدخل قبل حوالي ثلاثة عقود كنا نعتقد أننا نتحدث عن سراب لا يمكن أن يتحقق. فما الذي يمكن تنويعه في صحراء تعتمد على مصدر واحد ألا وهو النفط، وما الذي يمكن تنويعه في منطقة شحيحة المصادر الاقتصادية الأخرى والمياه.
كنا نعتقد أن الحل الوحيد يكمن في أيدي سحرية وعقول بشرية تحول رمال كثباننا الكثيرة والعالية إلى ذهب أصفر. ولكن تلك الكثبان العالية قد تحولت اليوم فعلاً إلى ذهب أصفر بفضل عقول وقدرات أبنائها.
فقد استطاعت الرؤية الإماراتية أن تحول كثبان الصحراء إلى منتجعات ساحرة تسر الناظرين وتحول البحر إلى جزر اصطناعية جميلة ليست للسياحة فقط ولكنها اليوم توفر مصدراً عقارياً مهماً يرفد اقتصاد العديد من الإمارات.
إذاً الحلم يمكن أن يصبح حقيقة إذا ما توفرت الإرادة والعزيمة والرؤية الصحيحة والعناصر المسلحة بالعلم وبتقنية العصر. لقد قال البعض إن أحلام الإمارات إنما هي حرث في البحر. وبالفعل حرثنا البحر وأخرجنا منه جزراً ونخيلاً ومناطق تضاف إلى مساحة بلدنا الجغرافية وتضفي عليها رقة وجمالاً وشاعرية فنية.
لقد استطاعت عبقرية أبنائنا أن تحول المساحات الصحراوية الشاسعة إلى قبلة للسياح تفدها طوال العام، وقبلة اقتصادية للمستثمرين الجادين الذين يرغبون في مردود جيد لأعمالهم، وقبلة للمتسوقين لبضائع العالم وقبلة الراغبين في متعة السياحة. هذه هي الإمارات اليوم التي تعج بالأنشطة والفعاليات التي تلائم كل احتياجات العالم.
لم تقتصر الإمارات على حرث البر والبحر وإخراج اللآلئ والدرر منهما بل أصبحت تمتلك مشروعاً وطنياً كبيراً وهو حرث الفضاء.
فمشروع مسبار الأمل والذي من المفترض أن ينطلق إلى المريخ في العام 2021 هو ابتكار لعقول إماراتية ارتأت عدم القنوع بما تحقق في البر والبحر فكان طموحها السماء. فجاء مسبار الأمل ليضع الإمارات في سباق الفضاء مع دول لها باع طويلة في غزو الفضاء وفي الاكتشافات العلمية عبر أحدث التقنيات الحديثة.
لقد كسرت دولة الإمارات تلك الصورة النمطية التي عرفت بها دول المشرق، وخاصة الحديثة والصغيرة منها، بأنها دول ذات نظرة محدودة وطموح لا يتعدى التنمية الداخلية، فجاءت مشاريع ومبادرات الإمارات الخلاقة في البر والبحر وفي السماء لتعلن ميلاد دولة جديدة ذات نهج تنموي مغاير عما تشهده المنطقة العربية بأسرها.
إن الإمارات دولة من حقها أن تحلم وأن تطال أحلامها عنان السماء وألا يكون هناك سقف لطموحها تماماً كما حلمت الدولة الإسلامية إبان مجدها ولم يكن هناك سقف لطموحها. فعرفها العالم على أنها الامبراطورية ذات الحضارة الإنسانية الزاهية التي صدرت للعالم العلم والحكمة والإنسانية وفوق ذلك أحدث اكتشافات العصر.
المصدر: صحيفة البيان