بدأت قوات النظام السوري مساء أمس الجمعة عملية اقتحام سجن حماة المركزي في وسط البلاد، في محاولة لإنهاء حالة العصيان التي ينفذها السجناء منذ الاثنين الماضي، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وافاد مدير المرصد رامي عبدالرحمن بأن «قوات النظام بدأت عملية اقتحام سجن حماة باطلاق القنابل المسيلة للدموع، وبعد احتجازها عددا من أهالي السجناء الذين تجمعوا في محيط السجن خشية على مصير أبنائهم».
ويظهر في شريط فيديو مسرب من داخل السجن، تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ممر طويل تندلع النيران في آخره على وقع إطلاق رصاص مطاطي وصيحات عدد من السجناء الذين يصرخون: «الله اكبر»، ويسمع أحد السجناء وهو يتحدث عن «حالات اختناق حادة» محددا مكانه وتاريخ يوم الجمعة.
وتحدث المرصد بدوره عن «حالات اختناق واغماء» في صفوف السجناء. وينفذ نحو 800 سجين ومعتقل داخل السجن عصيانا منذ مطلع الشهر الحالي بدأ وفق المرصد وناشطين، اثر محاولة ادارة السجن نقل بعض السجناء الى سجن صيدنايا العسكري في ريف دمشق، حيث نفذ مؤخرا العديد من الاعدامات بحق معتقلين، بالاضافة الى تأخير محاكمة عدد كبير من الموقوفين. وتمكن السجناء من احتجاز نحو عشرة عناصر من حراس السجن في اليوم الأول من العصيان، وأجبروا ادارة السجن -حسب المرصد- على الإفراج عن 46 سجينا على الأقل، ونقل عدد منهم إلى مناطق في الشمال السوري. وافاد المرصد ظهر أمس الجمعة بارسال تعزيزات أمنية الى محيط السجن تمهيدا لاقتحامه. وحسب عبدالرحمن، يأتي بدء عملية الاقتحام اثر فشل المفاوضات التي كانت قائمة بين السلطات والسجناء منذ بدء العصيان. وفشلت محاولة سابقة لقوات النظام في اقتحام السجن الذي تحاصره بشكل محكم وتستمر منذ مطلع الأسبوع في قطع الكهرباء والماء عنه. وسمحت ادارة السجن أمس الجمعة بإدخال الطعام بعدما كانت منعت ذلك في الايام الماضية، وفق عبدالرحمن. وناشدت الهيئة العليا للمفاوضات في بيان في وقت سابق أمس الجمعة كافة «الجهات الدولية للتدخل في منع مذبحة وشيكة خلال الساعات المقبلة بحق المعتقلين» تزامنا مع تحذير الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان من «مجزرة يُحضر نظام الأسد لارتكابها في سجن حماة المركزي». وحذرت وزارة الخارجية الفرنسية أمس الجمعة من «أعمال انتقامية قاتلة ينفذها النظام» داعية حلفاء دمشق لممارسة ضغوط «لتفادي مجزرة جديدة في سوريا». وفي الاطار نفسه، قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الانسان زيد بن رعد الحسين في بيان أمس الجمعة: إن «مئات الأرواح في خطر، وأحض السلطات على اللجوء الى وساطة أو بدائل للقوة».
وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية قد حذر أمس الجمعة من مجزرة يحضر نظام الأسد لارتكابها في سجن حماة المركزي، مشيرا إلى أن المعتقلين يواجهون خطر الإبادة الجماعية، في وقت قتل فيه 12 شخصا جراء استهداف قصف جوي لطائرات النظام لإحدى قرى ريف حلب الجنوبي. فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الجمعة: إن جماعات المعارضة المسلحة سيطرت على بلدة مهمة استراتيجيا بعد قتال عنيف مع قوات النظام جنوبي حلب سقط خلاله 73 قتيلا. بينما ما زالت تهدئة وجيزة من 48 ساعة أقرت بضغط من الأمريكيين والروس سارية أمس في حلب ويفترض أن تستمر حتى فجر اليوم السبت. ويزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأسبوع المقبل باريس ثم لندن، لإجراء مباحثات تتناول بصورة أساسية سبل التوصل إلى تسوية دبلوماسية في سوريا، وفق ما أعلنت الخارجية الأمريكية، وأوضحت الوزارة أن كيري سيجري خلال زيارته إلى باريس يومي الاثنين والثلاثاء «مباحثات ثنائية» مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولوت حول «عدة قضايا منها سوريا وأوكرانيا». لكن المتحدث باسم الخارجية مارك تونر رفض تأكيد ما إذا كان كيري سيحضر الاثنين اجتماعا دعا إليه نظيره الفرنسي كلا من وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر وتركيا. وقال تونر: «ندعم كافة الجهود خصوصا جهود شركائنا وحلفائنا، بشأن سوريا» لكن «نعتقد أن المجموعة الدولية لدعم سوريا ما زالت تلعب دورا أساسيا» في هذا الصدد.
وقال الائتلاف في بيان صدر عنه أمس الجمعة: إن «المعتقلين في هذا السجن وصلوا إلى مرحلة الانفجار تحت ضغط لا يحتمل، في ظل القمع المفرط والظروف المأساوية والغياب الكامل لأي منظمات مختصة بشؤون المعتقلين وظروف اعتقالهم ومحاكمتهم».
وتابع: «إن أي محاولة جديدة من قبل قوات الأسد لاقتحام السجن ستكون خطوة رعناء أخرى من نظام تجاوز كل الخطوط وخرق كل القوانين وارتكب أفظع جرائم الحرب».
وكرر الائتلاف دعوته برقابة دولية دائمة ومنظمة على السجون السورية من خلال هيئة تابعة للأمم المتحدة تقيم في سورية وتقدم تقارير دورية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن. كما دعا الائتلاف المنظمات الدولية المتواجدة في سورية، ومنها الهلال الأحمر والصليب الأحمر، إلى التحرك الفوري، والتوجه إلى السجن والوقوف على الوقائع. وأكد الائتلاف الوطني أن منظمة الأمم المتحدة مطالبة بالضغط الفوري على النظام بخصوص هذا الملف الجزئي، وكذلك بخصوص كامل الوضع في سورية، وضمان وقف القصف وتهيئة الظروف لعملية الانتقال السياسي.
وقالت وسائل إعلام: إن قوات النظام واصلت قصفها لمناطق واسعة في حلب وريفها بعد ساعات من إعلان الهدنة، كما اتهمت المعارضة النظام بخرق الهدنة في ريف دمشق، الى ذلك قتل أكثر من سبعين شخصا في أقل من 24 ساعة في معارك عنيفة جنوب حلب في شمال سوريا بين جيش النظام السوري وجبهة النصرة.
من جهته قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الجمعة: إن مقاتلي المعارضة انتزعوا السيطرة على بلدة قرب حلب من أيدي القوات الحكومية أثناء الليل تكتسب أهمية لوقوعها قرب المدينة السورية التي تحاول الولايات المتحدة وروسيا خفض العنف بها.
وأضاف المرصد: إن 73 شخصا قتلوا في المعركة من أجل السيطرة على خان طومان على بعد 15كيلومترا جنوب غربي حلب في مكان قريب من الطريق السريع بين دمشق وحلب. وقال المرصد: إن 43 من القتلى من مسلحي المعارضة بينما هناك 30 من قوات النظام.
وكانت الولايات المتحدة قد أدانت تصريحات رئيس النظام السوري التي قال فيها: إن هدفه هو تحقيق انتصار نهائي في حلب وحثت روسيا على ممارسة نفوذها لضمان وقف قصفه لمدينة حلب.
المصدر: اليوم