عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

قوة الطعام..

آراء

في رواية «كالماء للشيكولاته» تجعل الكاتبة لاورا اسكيفيل من الطعام موضوعاً محورياً في البنية السردية، وفي الفكرة النسوية، التي تقوم عليها فكرة العمل، فتبدأ كل فصل بوصفة لطبق تعده «تيتا» الشخصية المحورية، مرفقة سردها بتعليمات لطريقة طهي وصفات طعام، تعود للفترة التي تدور فيها الأحدث بداية القرن العشرين.

تلتزم الكاتبة بأمرين ثابتين، شكلا أساس الرواية: الأول هو الواقعية السحرية على طريقة كتاب أمريكا اللاتينية، حيث الجنوح نحو الخيال المبالغ فيه، والثاني يتعلق بتيار النسوية، وذلك من خلال تبني قضية إشكالية في حياة المجتمع المكسيكي في تلك الفترة، والمتمثلة في حرمان الابنة الصغرى في الأسرة من الزواج بحجة خدمة الأم لحين وفاتها، وقد استخدم المطبخ في الرواية لتعزيز الجانب النسوي في حياة البطلة باعتباره المكان الوحيد الذي يخصها ويعبر عنها، وفيه تشعر بأنها الأكثر قوة وحرية في الوجود دون تهديد قسوة والدتها إيلينا.

يساعد الطعام الناس على تكوين جميع أشكال العلاقات والحفاظ عليها «كما نرى من خلال علاقة البطلة بمن حولها»، والأمر الأكثر أهمية هو أن «تيتا» ترى في «الخادمة» أمها الحقيقية، حيث تتسرب لها هذه المشاعر من خلال الغذاء الذي توفره لها في وجباتها منذ صغرها، وحين تكبر تستمر العلاقة بينهما، فتبنيان معاً علاقة، أساسها حبهما المشترك للمطبخ.

قبل حفلات الزفاف والمناسبات الدينية والولائم تتجمع النساء كما يحدث دائماً، وكما نرى في الرواية إعداد الطعام. تجمع طقوس الطهي الأمهات والبنات والأخوات معاً، ويستخدمن الطهي كطريقة مثلى للتعبير عن الحب، والنفوذ، كما تعد القدرة على صنع الطعام والاستمتاع بهضمه علامة على القلب والروح الممتلئين، في حين أن الافتقار إلى الاهتمام بالطعام أو الطهي أو عدم القدرة على الهضم غالباً ما يرتبط بكون الشخص أقل محبة للآخرين، ورغبة في التفاعل والتقارب معهم! ففي سن مبكرة تكون «تيتا» على استعداد لتجربة كل الوصفات الأكثر غرابة، وهو دليل على استعدادها للسماح لنفسها بالشعور بالحياة، وتجربتها بشكل كامل، وعلى النقيض من ذلك توصف شقيقتها بأنها آكلة «انتقائية»، ولا تبدي اهتماماً كبيراً بالمطبخ، وتفشل في المرة الوحيدة التي حاولت فيها أن تعد طبقاً لزوجها.

المصدر: البيان