قال كريستو براند، سجّان الرئيس الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، الذي صاحبه في الفترة من عام 1978 حتى إطلاق سراحه في عام 1990، إنه “قد تأثر بشدة عند سماعه بنبأ وفاة أيقونة مناهضة الفصل العنصري”، مثله مثل الملايين حول العالم.
وأضاف براند، في حديثه عن مانديلا، في تصريحات لشبكة “إيه بي سي نيوز” الإخبارية الأميركية: “لقد التقيته آخر مرة منذ عامين، عندما أحضرت زوجتي ونجلي وحفيدي إلى مدينة كايب تاون لزيارته في يوم أحد، واستمرت تلك الزيارة ثلاث ساعات، تبادلنا خلالها أطراف الحديث عن الماضي وعن عائلته، وأراد أن يحتضن حفيدي الذي كان خجولاً قليلاً من الذهاب إليه”.
وتابع: “عندما تلقيت رسالة تفيد برحيل مانديلا، كان أمراً محزناً للغاية لي، أعتقد أن مانديلا كان ناجحاً وفعل ما أراد فعله من البداية، أريده أن يرقد في سلام، وكل ما يشغل بالي في الوقت الحالي عائلته، كيف ستمضي وقتها من دون وجوده في حياتهم”.
ويروي براند، أنه “بدأ العمل في جزيرة روبن، في سجن جنوب أفريقيا السابق، الذي كان مانديلا معتقلاً داخله لمدة 18 عاماً، في عام 1978 عندما كان عمره 18 عاماً. وكان مانديلا في ذلك الوقت يناهز من العمر 60 عاماً، وعلى الرغم من ذلك، نشأت علاقة صداقة ومحبة دائمة بين مانديلا وبراند، الأمر الذي دفع الأخير إلى تهريب بعض المواد إلى الزعيم الأفريقي المسجون، مثل كريم الشعر المفضل لديه، ووصل الأمر إلى قيامه بإيصال حفيدة مانديلا إليه حتى يمكنه رؤيتها”.
وبحسب تصريحات براند، “شجع مانديلا سجّانه على استكمال تعليمه، وأبقى على الاهتمام به وبعائلته، وبعد مرور سنوات، وعندما أصبح مانديلا رئيساً لجنوب أفريقيا، اعتنى مانديلا ببراند عناية خاصة لإكسابه وضعاً متفرداً في الوقت الذي كان يعمل فيه الأخير في وظيفة حكومية متواضعة، أثناء صياغة دستور البلاد”.
ويقول براند إن “مانديلا استقل مروحية إلى مقر البرلمان ودخل إلى الغرفة، التي كان يتشاور فيها الأعضاء حول الدستور الجديد، وبدأ بمصافحة جميع الموجودين في المكان، وعندما رآني، بينما كنت أقوم بتوزيع الوثائق، حياني بحرارة أمام الجميع”.
وأشار إلى أن “مانديلا فاجأ الجميع وقتها، قائلاً: “أتعلمون من هذا الشخص؟ كان هذا السجان الخاص بي، بالأحرى، كان صديقي” .. ويعلق براند: “شعرت وقتها بالفخر، والأمر الذي زاداني فخراً أنه عند ذهاب الحضور لالتقاط صورة جماعية، أصر مانديلا أن أكون ضمن تلك المجموعة، وقال لا، لا، يجب أن تقف إلى جانبي”.
كما ذكر براند أنه “عاد للعمل مرة أخرى في جزيرة (روبين)، التي لم تعد سجناً بل أصبحت مزاراً سياحياً صاخباً، وحرص هو وزملاؤه على أن يخبروا زوار المتحف عن مفهوم المصالحة بين جميع الأعراق داخل جنوب أفريقيا الجديدة”.
وختم براند حديثه بسرد مزحة بينه وبين مانديلا عن مثواه الأخير: “أخبرته بأنه ينبغي أن يدفَن في جزيرة روبين، فضحك، وسألني عن السبب؟ هل لأنها مزار سياحي؟ لابد وأنك تريد جني المال من وراء دفني هناك، لكنني أعتقد أنه ينبغي أن أدفن في مسقط رأسي بلدة (كونو)”.
وتوفي مانديلا مساء الخميس القائت، بعد صراع مع المرض، عن عمر 95 عاماً. مات بهدوء في منزله في جوهانسبرغ، بعد أن عاش حياةً طويلة من النضال والإنجازات التاريخية، جعلت منه زعيماً حقيقياً.
المصدر: بريتوريا – أ ش أ، الحياة