مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
لكل شخص ما يناسبه من الكلام، ولكل إنسان ما يليق بمقامه من القول والتصرفات، وكما للأشخاص مقاماتها، فللأمكنة والمناسبات حرمتها وطبيعتها وقواعدها، فالتصرف الذي يستحسن في بيتك وبين خاصتك، يصبح مستنكراً إذا قمت به على الملأ، وأمام أعين الناس، حتى وإن كنت لا تقصد، وفي حياتنا العادية واليومية، فإننا مع أصدقائنا وإخوتنا نتصرف ونتحدث بطريقة لا نتصرفها أمام آبائنا وأمهاتنا، احتراماً وتقديراً، لذلك يقول إخوتنا في مصر (كل وقت وله أذان)، ونقول نحن في عاميتنا (كل ناس لها ناس، وكل ثوب وله لبّاس)، أي لكل مقام مقال.
هذا من أهم ما يعلّمه الأهل لأبنائهم، وما يفترض أن تغرسه المدرسة في سلوك الطلاب، وعليه، فليس هناك ما يمكن أن يجعلنا نعترض على ذلك، تحت أي ذريعة أو حجة، كلنا نفهم أننا حين تكون في طابور تخرّج، أو حفل تكريم، أو في حضور شخصية رسمية، أو في متحف مثلاً، أو في مأدبة عشاء تضم أسماء ورموزاً معروفة، فإن الإنسان، صغيراً كان أو كبيراً، يتحرك وفق قواعد المناسبة وآداب المكان، سواء أعجبنا ذلك أو لم يعجبنا، فالأمر مرتبط بالأصول والنظام، لا أكثر.
لا يستطيع أي إنسان أن يخترع سلوكاً خاصاً به، مخالفاً للتعليمات المتبعة، حباً في أن يغرد خارج السرب، لينطبق عليه شعار (خالف تُعرف)، لأنه في هذه الحالة، ومع النية المسبقة في المخالفة، عليه أن يتوقع عقوبة من أي نوع، وهذا ما يحدث في كل مكان، هل جربت أن تلتقط صوراً في أماكن تم تحذيرك من أن التصوير ممنوع فيها؟ هل جربت أن تدخل متحفاً، وتتصرف فيه بغوغائية وضجيج غير مبرر؟ هل جربت وأنت طالب، أن تتحدث إلى زملائك في قاعة الامتحان، أو أن تحاول الغش؟.
في كل هذه الحالات والمواقف، غالباً ما يجد المخالف لنفسه تبريراً، لكن كلما أعنا المخطئ بتبرير خطئه؛ منحناه فرصاً أخرى لتكرار التجاوز، وفرصاً أقل للتعوُّد على الالتزام، وتعلُّم فضيلة الاعتذار.
المصدر:البيان