دعا “مجلس حكماء المسلمين” عقلاء الأمة وجميع الغيورين على الإسلام وأهله والأجيال المقبلة إلى العمل كتفاً بكتف من أجل وقف حمامات الدم التي تسيل بغزارة هذه الأيام في بعض ديار الإسلام من دون رادع من دين أو وازع من وجدان أو ضمير .
وناشد المجلس جميع الأطراف المؤسسات الرسمية والأهلية أو الفئات الطائفية بغرض تضميد الجروح النازفة ومن ثم الانخراط فوراً في حوار بين كل الجهات المتنازعة مهما كانت المسوغات أو الذرائع والمبررات .
وناقش المجلس في اجتماعه الثالث الذي عقد في أبوظبي الخميس الماضي أهمية إيجاد أدوات ووسائل عملية لتعميم ثقافة السلم والتسامح وتعزيز الحوار داخل المجتمعات المسلمة بموازاة الحوار مع جميع الأديان حول مختلف القضايا الإشكالية أو المختلف عليها أو حولها .
أقر مجلس حكماء المسلمين خطته وأهدافه الاستراتيجية على مدى السنوات الثلاث المقبلة التي تنطلق من نشر وتعميم صحيح الإسلام وفهم رسالته السامية التي تتطلب من أجل تحقيقها العمل على إطفاء الحرائق وضرورة تلاقح الثقافات على شتى المستويات الدينية والأخلاقية والفلسفية أو المعرفية وإعداد الجيل المقبل من العلماء العقلانيين والمتنورين من أجل عمارة الأرض بالسلم والوئام بدل الحرب والخصام .
وتقتضي استراتيجية “مجلس حكماء المسلمين” العمل على ثلاثة محاور “تعزيز الحوار” و”بناء القدرات” و”نشر الوعي” .
وتضمنت استراتيجية “مجلس الحكماء” خطة شاملة تؤكد أهمية الحوار في مجال تعزيز الخطاب الديني الذي يعكس قيم وتعاليم الإسلام والانخراط في حوار مفتوح مع جميع النخب الدينية والفكرية والسياسية وقادة المجتمع المدني في العالم أجمع من دون استثناء إضافة إلى العمل الفوري والحثيث على بناء القدرات من خلال مناهج تلبي احتياجات الشباب في القرن الحادي والعشرين وتدريب الشخصيات الدينية على رفد الخطاب السلمي العالمي بقيم التعارف الإسلامية المدهشة ونبذ العنف والتطرف وإقصاء الغلاة والمتشددين الذين يضيقون على الناس حياتهم .
كما تتضمن الاستراتيجية مرتكزات عملانية وخطوات ميدانية جادة تسهم بفعالية في رفع مستوى الوعي بالإسلام ورحمته وسماحته ومساعدة الشباب المسلم وغير المسلم على تنظيم الملتقيات والمنتديات بغرض تبادل الخبرات في إطار تعزيز ثقافة السلام من خلال تنظيم ورش التدريب والتأهيل لإعداد العلماء الشباب للنهوض بثقافة السلم والتسامح والحوار كما يليق بالدين الحنيف الوجه الآخر للسلام كما أراده الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله والسنة الشريفة .
وتضمنت استراتيجية “مجلس حكماء المسلمين” تشكيل “فرق سلام” مهمتها زيارة المناطق الساخنة في إطار المحاولات لفض النزاعات بالسبل السلمية وتنظيم مؤتمرات إقليمية سنوية تشارك فيها جميع النخب من الطوائف والمذاهب الإسلامية لتعميق ثقافة السلم والحوار والانفتاح على العصر والزمان بأدواته العلمية والعقلانية .
كما تضمنت الاستراتيجية إقامة شراكات مع الجامعات المهمة حول العالم بغرض تنظيم ندوات وملتقيات دورية للطلبة بهدف تعزيز ثقافة الحوار والتسامح وقبول الآخر على اختلافه أو تباينه سواء في الآراء والأفكار أو المعتقدات إضافة إلى إقامة المكتبات المعززة بالكتب التنويرية التي تضيء على الإسلام بروحه النقية الخالية من أدران التعصب والانغلاق، المطرزة بالقيم الإنسانية النبيلة على كل المستويات الدينية والأخلاقية لمساعدة الباحثين والدارسين على تعميق ثقافة السلم والتسامح وترسيخ قيم الحوار والمشاركة الإيجابية في عمارة الأرض بالخير والجمال والمسرة، ومن ضمن الخطوات العملية في استراتيجية المجلس إنشاء دار نشر تعنى بطباعة محتوى “ثقافة السلم” وتعميمها على أكبر قدر ممكن من شرائح المجتمعات المسلمة إلى جانب “مشروع 100 سؤال ملح”، وهو برنامج ثقافي معرفي يهدف إلى معالجة أبرز المسائل المثيرة للجدل التي تواجه المسلمين راهناً ومستقبلاً، وهي مستقاة من متابعة دقيقة لاهتمامات وتساؤلات المسلمين وغير المسلمين حول الإسلام وحول موقفه من العنف المستشري في غير مكان إضافة إلى موقفه من السلام كقيمة إنسانية ملحة للنماء والرخاء .
ومن جملة ما يسعى إليه البرنامج من خلال الإجابة على هذه التساؤلات تبديد الصورة النمطية السائدة عن الإسلام في وسائل الإعلام والمؤسسات والمجتمعات الدينية والفكرية والمدنية فضلاً عن إشاعة ثقافة الإسلام السمحاء الرحيمة .
وفي إطار نهج التجديد والانفتاح على العلماء والمفكرين والباحثين العقلانيين الذي يعتمده “مجلس حكماء المسلمين” لتعزيز الحوار وترسيخ مبدأ الانفتاح وتعميم ثقافة السلم والتسامح في المجتمعات المسلمة بين مختلف أطياف الأمة بكل انتماءاتها الطائفية والمذهبية والعقائدية أو الأيديولوجية، وفي ضوء هذا النهج السامي، انضم إلى عضوية المجلس كل من المشير عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب رئيس جمهورية السودان الأسبق رئيس مجلس الأمناء في “منظمة الدعوة الإسلامية” وسماحة العلامة السيد علي الأمين أحد أبرز المراجع الدينية الشيعية بلبنان .
وشارك سوار الذهب والأمين في اجتماع المجلس الثالث الذي عقد في أبوظبي أمس الأول .
ويضم المجلس فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيساً وفضيلة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” من موريتانيا والأمير غازي بن محمد بن طلال رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي “الأردن” ومحمد قريش شهاب وزير الشؤون الدينية سابقاً “إندونيسيا” والمشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب وسماحة العلامة السيد علي الأمين وشارمون جاكسون صاحب كرسي الملك فيصل في الفكر الإسلامي وثقافته جامعة جنوب كاليفورنيا “الولايات المتحدة” وفضيلة حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ورئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة ومحمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق “مصر” وسماحة الشيخ الشريف إبراهيم صالح الحسيني رئيس هيئة الإفتاء والمجلس الإسلامي “نيجيريا” وأبو لبابة الطاهر صالح حسين رئيس جامعة الزيتونية بتونس سابقاً أستاذ التعليم العالي بجامعة الإمارات “تونس” وفضيلة أحمد عبدالعزيز الحداد كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي وكلثم عبيد الماجد أستاذ مساعد بمعهد دراسات العالم الإسلامي جامعة زايد/ دبي وعبدالله نصيف رئيس مؤتمر العالم الإسلامي “السعودية” .
المصدر: (وام)