مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
في الوجدان الجمعي لعموم المسلمين فإن شهر رمضان هو موسم لمختلف العبادات والطاعات، وهو فرصة يحاول الكثيرون اغتنامها، لإشاعة ذلك الجو من التراحم والتقارب واستحضار الأجواء الإيمانية، الذي يفتقده غالبيتنا طيلة العام نظراً لظروف الحياة وتسارعها، وتزاحم الناس على طرقات السعي والكدح والانشغالات المثيرة! لهذا يحرص الجميع على تبادل التهاني والتبريكات قبيل رمضان، فيتذكرك ويرسل لك من كان قد نسيك العام كله، وكأني بالناس يذكرون أنفسهم في الحقيقة بخصوصية هذا الشهر، وقدسيته في نفوس المسلمين، من أهمل القران يخرج مصحفه، ومن كان يتراخى في الصلاة يواظب عليها، ومن كان يهمل زيارة أهله يحرص على أن يكون أول إفطاره معهم، وهكذا.. دون أن ننسى صلوات التراويح الممتدة فترة العشاء، ومشاهد البهجة والعطاء التي تسود أمام باحات المساجد، وفي الأسواق والشوارع والمناطق التاريخية والأحياء الشعبية، فالجو رمضاني بامتياز والكل يردد «رمضان كريم»!
الذين يكتفون بالتسلية داخل منازلهم، ليس أمامهم سوى التلفزيون وما تعرضه المحطات، وهنا تكمن الطامة الكبرى! في المسلسلات التي يقال لك إنها للتسلية لا أكثر! فهل هي كذلك فعلاً؟ فمنذ اخترع التلفزيون وهو أداة للتسلية، لكن أي تسلية؟
لسنا ضد البهجة والترفيه ومسلسلات العائلة وبرامج التوك شو، فطوال السنوات السابقة كان رمضان يرتبط في ذاكرتنا بمسلسلات معينة، رافقت طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا، كان رمضان نقطة انطلاقتها، لكنها كانت تجسد حياة غالبيتنا، تحترم ثوابتنا، لا تتجاوز بأي حال حرمة الشهر وقدسية العبادة، فلماذا هذا الانهيار الذي حدث في السنوات الأخيرة؟ لماذا هذا الانحطاط في المواضيع والحوارات والمشاهد والملابس؟ إن ما ينجو من ذلك قليل أما الغالبية فإنها تتأرجح بين التفاهة والتجاوز الأخلاقي، فمن يمرر لنا مثل هذه المواد؟ ومن يسمح بشرائها في المحطات الفضائية؟
لقد وصلت المسلسلات لمشاهد الشذوذ وزنا المحارم والحض على الرذيلة، لا تختلف الدراما الخليجية عن العربية في ذلك، فالكل ركب الموجة، والكل يريد أن ينال الشهرة والملايين على حسابنا.
المصدر: البيان