الإعلام المضاد الذي تواجهه المملكة على أكثر من صعيد سياسي وأمني واقتصادي وعسكري، وحتى رياضي، لم يعد التصدي له من طرف الحكومة فقط، وإنما أصبح المواطن شريكاً في ذلك، وكل المؤشرات في شبكات التواصل الاجتماعي تحديداً تظهر دوراً وطنياً مخلصاً للمواطنين في عملية التصدي، حيث أصبحت الشراكة بين الحكومة والمواطنين ذات أثر إيجابي في قطع الطريق على أي محاولات تأزيم، أو تصعيد، أو استغلال للأحداث في حشد الرأي العام نحو الإساءة والتضليل.
هذا الرصيد الوافر من الشراكة بحاجة إلى استراتيجية وطنية للتعامل مع الإعلام المضاد، فلا يكفي أن تتحمّل جهة عن أخرى مهمة التصدي، ولا يمكن أن تستمر ردود الفعل بلا رؤية أو خطاب وحدوي، والأهم أن يستشعر المسؤول أن مهمته التنفيذية ليست بعيدة عن الإعلام والاتصال في هذه المرحلة التي تنامى فيها حجم التعرض الجماهيري للوسائل وشبكات التواصل.
الأخبار التي تُنقل عن ومن المملكة لم تعد مجردة في سياقها الموضوعي والزمني لحدوثها كما هي، وإنما أصبحت تلك الأخبار مفسَّرة وبعضها ملونة من إعلام يترصد لكل صغيرة وكبيرة؛ إما لتضخيمها وتأزيمها، أو للتقليل منها، وهنا يبرز دور المسؤول في الظهور الإعلامي من خلال استراتيجية واضحة في التعبير، وأهداف محددة في التفسير، ورؤية في التحليل والتنبؤ.
مثال بسيط؛ كلنا يدرك أن تسييس الحج أصبح أحد أدوات الإعلام المضاد ضد المملكة، والسؤال: هل هناك استراتيجية إعلامية للتعامل مع هذا الملف؟، كما قلنا: لا يكفي أن يكون الخبر الذي تعده مجرداً من وجهة نظرك لا يحتمل التفسير والتلوين من وجهات نظر أخرى، وبالتالي الرسالة التي نعدها في التعامل مع تسييس الحج لاتزال متواضعة أمام حجم الحقائق الهائل الذي تقدمه المملكة للحجاج، والمشاعر المقدسة، ومع ذلك لانزال نصرّ على ذات الأدوات في بناء الخطاب الإعلامي من دون أن يكون لدينا رسالة عالمية تصل بالحقيقة إلى منتهاها في دوائر صناعة القرار العالمي، وتنشط بلغتهم في جماعات التأثير هناك، وتفنّد بطريقة احترافية كل المزاعم المثارة في هذا الملف.
السفارات السعودية في الخارج أحد أهم أدواتنا في صناعة القصص الإنسانية التي نبني عليها رسالتنا، كذلك تفعيل دور المراكز والجمعيات والمنظمات الإسلامية، ومنظمات ومجالس حقوق الإنسان العالمية، والمبادرات النوعية في استقطاب المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي ضمن قائمة ضيوف خادم الحرمين الشريفين.
رسالتنا الإعلامية الخارجية في موضوع الحج تبدأ من القصة التي ننقلها من هناك، وتتحول إلى واقع حينما يرى الحاج الحقيقة وينقلها بنفسه، وبلغته في حساباته الشخصية، وتكفي للرد على أي محاولات تسييس لم يعد لها معنى، حيث لا يمكن أن يقول الحقيقة 180 جنسية، ويزايد عليها جنسيتان، إيرانية وقطرية!.
المصدر: الرياض