نهايات.. غير سعيدة! – السعد المنهالي

أخبار

لا يحظى الجميع بنهايات سعيدة

في مملكة الروضة.. كل شيء يشبه كل شيء في دول مجلس التعاون، الناس ومفرداتهم، والنفوس وانشغالاتها، والهموم ودموعها، وحتى الضحكات وقهقهاتها. في مملكة الروضة- الدولة الوهميةَ- يحكي لنا الروائي الإماراتي محمد خميس في روايته «لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة»، عبر الراوي (أحمد مطر) سيرة أسرته المكونة من أحد عشر أخا وأختاً، وعدد مقارب لذلك من الشخصيات المرتبطة بهذه الأسرة بشكل أو بآخر، يقدم لنا قصة أسرة تنتظر منحة الأرض لتبني بيتا يجمعها، فتأتي المنحة في يوم تتعرض فيه الروضة لمحنة الاحتلال من دولة جارة. وخلال ذلك وقبله تطرح شخوص العمل مقدمات كثيرة وكثيفة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو عاطفية، يعاد تشكيلها من جديد فترة سقوط الروضة في يد المحتل، لتأتي إرهاصات هذا التحول بدلالات سياسية.

يخبرنا أحمد مطر عن أسرار عائلته، يفتح نوافذهم السرية واحداً تلو الآخر، الأب بنزواته والإخوة بأنانيتهم والأخوات بخوالجهن، وحتى نفسه بخستها، يحكي ذلك وأكثر ببساطة ودون تكلف كأنك تجلس بجانب أحد قرر أن يخبرك عما حدث معه ليلة أمس، ولكنه ليس بالحدث العادي. بتلك الصيغة كتب لنا محمد خميس، السهل الممتنع. وهي صيغة اشتغل عليها منذ السطور الأولى للعمل؛ فوجه تحذيراً لقرائه عبر لسان الراوي يقول: «لا تتوقعوا أن تجدوا فذلكة لغوية، فهذا الموضوع كتب للناس (العادية)، الذين بدونهم لن تقوم حضارة وثقافة ودول». ثم يوجه رسالة لقرائه مفادها: إن الحياة للناس جميعاً حتى يتعلموا من بعضهم. فلا تطمئنوا كثيراً بأن ما حدث قد جرى لغيركم فقط؛ فليس هناك داعٍ للثقة بأن ذلك لن يتكرر ويحدث لكم! بهذا المعنى يثير فينا فضولاً عما حدث لهم وقد يحدث لنا.
بلغة بسيطة جداً ممزوجة بخفة ظل عبقرية تدرك تماماً متى تتدخل وترفع عنك الملل من قسوة الأحداث وجديتها، يقدم لنا الروائي محمد خميس روايته «لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة». في الرواية، ستجد جميع من حولك باختلافاتهم القبلية والعرقية والطائفية والمناطقية والسياسية. لم أعجب بالسياسة وحضورها في حياة الروضة وأسرة أحمد مطر، ولكني أغرمت بشخوص العمل رغم عدم غرابتهم، فكلهم يشبهون أناساً حولك، ولكنك عندما تكون وسطهم أثناء قراءة الرواية قد تجد الغرابة في نفسك، عندما تكتشف أنك أحد شخوص هذا العمل لكنك لم تقرأ نفسك يوماً بهذه الطريقة… وهذه الصراحة.

◆◆◆

في بحث قصير ومركز، حاولت أن أجمع أكبر عدد ممكن من المرادفات التي نستخدمها في تصنيف الآخرين المختلفين عنا طائفياً أو قبلياً أو عرقياً بطبيعة الحال، فوجدتها تفوق عدد كلمات هذا المقال الذي من المفترض إنها لا تتجاوز 450 كلمة! فلا توجد دولة عربية واحدة لا تستخدم بها ألفاظ تصنف الناس وتميّزهم لأسباب لم يختاروها لأنفسهم، ورغم أن لنا ديناً قال فيه الرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم: اتركوها إنها «نتنة»؛ إلا أنها ما تزال تصنيفات أثيرة يتباهى بها الكثير منا كمفخرة ورثناها.. باستحقاق.

المصدر: الإتحاد