لا شك أن المال والنفوذ شيئان طيبان وجيدان، ولكن إذا أردت أن تعيش حياة ناجحة لا بد أن تحصل على قسط أكبر من النوم وأن تغلق الهاتف. تلك كانت الرسالة التي وجهتها أريانا هافنغتون مؤسسة صحيفة «هافنغتون بوست» الإلكترونية وهي واحدة من أشهر سيدات الأعمال أمام جمهور في مهرجان هاي للثقافة والفنون الذي اختتم أعماله الأحد. وأضافت أن «كثيرا من زعماء السياسة والأعمال في مختلف أنحاء العالم والذين يعملون لديهم يعيشون حياة يحرمون فيها من النوم وتستهلك طاقاتهم سعيا لدرجتين من النجاح التقليدي.. هما المال والنفوذ»، حسب تقرير لـ«رويترز».
ولكنها تابعت أن «من يطاردون هذين الهدفين وحدهما سينهارون هذا مثل محاولة الجلوس على كرسي له ساقان. ستسقط عاجلا أو آجلا».
ولا بد أن هافنغتون تعلم ذلك جيدا. فقبل سبعة أعوام انهارت من أثر الإجهاد والعمل فوق طاقتها. وارتطم رأسها بشيء وهي تسقط.
وقالت هافنغتون يوم السبت في مهرجان الكتاب في ويلز «وفقا لأي تعريف عاقل.. حينما تسقط في بركة من دمك.. فأنت لست ناجحا».
وكانت نتيجة أول رسالة تنبيه وصلتها على حد تعبيرها هي الحصول على قسط أكبر من النوم. وقالت «الأمر أشبه بالإعجاز الدوائي».
وتشتمل غرفة أخبار «هافنغتون بوست» على «غرفتي قيلولة» حيث يمكن للصحافيين أن يحصلوا على غفوة.
وقالت إن «كثيرا من العاملين يتباهون بانشغالهم باعتباره شرفا». وبدلا من ذلك فهم يرتكبون أخطاء ويتراجع إبداعهم. وكثير منا ملتصقون بأجهزة هواتفهم المحمولة سعيا للإنجاز في عالم يزداد ترابطا عبر وسائل التواصل.
ووضعت هافنغتون أفكارها بشأن كيف يعيش المرء حياة أفضل في كتاب نشر في مارس (آذار). وأوصى الكتاب بأربعة أشياء تقود إلى الرفاه بما في ذلك النوم الهانئ والقدرة على التفكر والحكمة والعطاء.
وبعيدا عن غرف القيلولة تتجلى فلسفة هافنغتون في غرف الأخبار بطرق أخرى فحينما لا يعمل الموظفون لا ينتظر منهم متابعة بريدهم الإلكتروني فالمكتب سيتصل بهم أو يبعث لهم برسائل نصية إذا لزم الأمر. وأضافت هافنغتون أن «جميع المدراء في (هافنغتون بوست) لديهم تعليمات محددة بشأن التوظيف لا تشغلوا أذكياء حمقى».
ومن جهة أخرى، أصبح بمقدور الأشخاص الذين لا يجيدون تنظيم ساعات اليوم ويشعرون بالضغط جراء ذلك الاعتماد على تطبيق جديد صمم للمساعدة على الاستمتاع بحياة أكثر صحة ونمط حياة متوازن. ويعد برنامج «أو ويفز» الذي يمكن تحمليه عن طريق أجهزة «آي باد» أحد عدة تطبيقات جديدة للتخطيط الجيد تهدف إلى مساعدة المستخدمين على تخفيف الشعور بالضغط من خلال وضع تصور لكيفية قضاء اليوم.
وقال رويان كاميار المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «أو ويفز» التي تتخذ من سان دييغو في ولاية كاليفورنيا مقرا: «تخطيط اليوم مهم جدا ولا يلقى التقدير الكافي للدور الذي يلعبه في شعورنا بالعافية. إنه يعطينا خارطة طريق».
ويتضمن التطبيق المجاني جدولا مقسما إلى 24 ساعة ويترك المجال للمستخدمين لتحديد أوقات الأنشطة الضرورية للصحة مثل ممارسة التمارين الرياضية والنوم والاسترخاء والتغذية ودمجها في التخطيط العادي لليوم إلى جانب العمل واللهو.
وقال كايمار «إدراكك كيفية قضاء وقتك هي الخطوة الأولى الأساسية نحو تحسين الصحة والعافية». والتطبيق الذي صممه مطورو ألعاب يشجع أيضا على تخصيص أوقات من اليوم لأنشطة مثل التأمل وقضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة.
وهناك أيضا تطبيقات لإعادة التوازن إلى الحياة اليومية مثل (كان دو ايت) و(لايف – كلوك) وكلاهما مصمم لأجهزة الهواتف الذكية «أي فون» وتبلغ تكلفة تحميل التطبيق 99 سنتا. ويعتقد سكوت شيمان أستاذ علم الاجتماع في جامعة تورنتو في كندا والذي تخصص في دراسة ضغوط العمل وتأثيرها على الصحة أن مثل هذه التطبيقات قد تساعد على إكساب الناس مزيدا من الوعي الذي يحتاجونه للاهتمام بأوقاتهم.
وقال في مقابلة «مع انشغال عقولنا بالعمل والمسؤوليات الأخرى يصبح من المهم جدا التخطيط لنوع من خلو البال أو الراحة».
وأضاف أن «أخذ استراحة ولو لخمس دقائق مفيد جدا».
المصدر: لندن: «الشرق الأوسط»