توج رئيس الائتلاف السوري المعارض، أحمد الجربا، زيارته الثالثة لباريس بلقاء مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، بحضور وزير الخارجية لوران فابيوس ومستشاري الرئيس والوفد المرافق للجربا إلى العاصمة الفرنسية.
ويأتي اللقاء في إطار المحطة الثالثة من جولة أحمد الجربا الغربية، التي بدأها بالولايات المتحدة ثم قادته إلى بريطانيا وحاليا إلى فرنسا، من أجل حشد الدعم للمعارضة السورية، وخصوصا من أجل حث الدول الغربية على تزويد المعارضة السورية التي تأتمر بأوامر الائتلاف بالسلاح الحديث كما ونوعا، بغرض إعادة بعض التوازن الميداني مع قوات النظام السوري والمجموعات الداعمة لها.
وفي كلمته الموجزة للصحافة عقب انتهاء اجتماع الإليزيه، جاء الرئيس هولاند على موضوع السلاح تلميحا وليس تصريحا، إذ قال إن البحث «تناول أيضا ما يمكن أن نفعله حتى يتمكن الائتلاف من الحصول على الوسائل التي تمكنه من الدفاع عن نفسه، ليس فقط ضد النظام، لأن الجيش السوري الحر يحارب كذلك قوى إرهابية متعددة وتتصف بالعدوانية إن إزاء المدنيين أو إزاء الجيش الحر نفسه»، في إشارة إلى المعارك الدائرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
وكانت مصادر فرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط» قبل الاجتماع، إن «القرار السياسي بتزويد المعارضة بالأسلحة المتقدمة لم يتخذ بعد»، رغم الضمانات التي يؤكد قادة الائتلاف أنهم قادرون على تقديمها للجهات المانحة للسلاح. وتقوم هذه الضمانات على تعيين المجموعات الموثوق بها داخل «الجيش الحر» التي يمكن تزويدها بالسلاح المتطور، خصوصا الصورايخ المضادة للطوافات والطائرات العسكرية المحمولة على الكتف، وعلى قدرتها على حمايتها ومنع وصولها إلى «الأيدي الخطأ». وتقول باريس إنها تفضل «قرارا جماعيا»، إن في إطار المجموعة الأساسية لـ«أصدقاء الشعب السوري» التي اجتمعت الأسبوع الماضي في لندن أو في إطار الاتحاد الأوروبي. والحال، أن الجانبين لم يتوصلا بعد إلى قرار جماعي بهذا الشأن.
وفي ظل غياب قرار حاسم بالدعم العسكري، فإن باريس لا تألو جهدا في توفير الدعم السياسي والدبلوماسي. وفي هذا السياق، كشف هولاند عن قرار «وضع السفارة السورية لدى فرنسا في تصرف المعارضة». غير أنه سارع إلى القول إن هذا لا يعني المكاتب الحالية للسفارة السورية الكائنة في الدائرة السابعة من باريس، بل مكاتب أخرى. وكانت فرنسا أول من اعترف بسفير للائتلاف في باريس بشخص الدكتور منذر ماخوس. ورغم الوعود بتوفير مكاتب له، فإنه حتى تاريخه لم توضع في تصرفه أي مكاتب.
وتعمل باريس دبلوماسيا في الوقت الحاضر على جبهتين: الأولى، التقليل من أهمية الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من يونيو (حزيران) المقبل. والثانية، في مجلس الأمن الدولي عبر مشروع قرار بإحالة رؤوس النظام إلى المحكمة الجنائية الدولية. بيد أن حظوظ استمرار قرار كهذا معدومة بسبب الفيتو الروسي «وربما الصيني» وبسبب التوتر الذي يلم بالعلاقات الروسية – الغربية في الوقت الحاضر نظرا للأزمة الأوكرانية ولمواضيع خلافية أخرى بين موسكو والغرب. وبالفعل، لوح نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أمس، باستخدام (الفيتو) ضد مسودة قرار الأمم المتحدة، رغم إعلان مجموعة من 58 بلدا، تقودها سويسرا، تأييد المشروع الفرنسي.
أما في موضوع الانتخابات، فإن هولاند كرر موقف بلاده القائل إنه «لن يترتب عنها أي تبعات» قانونية، بمعنى أنها لن تمنح الأسد شرعية جديدة. وتساءل الرئيس الفرنسي عن كيفية تنظيم انتخابات جديدة في ظل وجود عشرة ملايين مهجر ولاجئ، وكون 40 في المائة من سكان سوريا خارج سيطرة الدولة، مختصرا الشعور العام بقوله: «لو لم تكن الأمور مفجعة، لكنا ضحكنا منها». ووعد بملاحقة موضوع استخدام النظام الأسلحة الكيماوية مجددا ولـ14 مرة سابقة.
ودبلوماسيا أيضا، وعد هولاند بدعم الائتلاف للحصول على الاعتراف به ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري «في كل مكان»، وبتقديم مساعدة مالية، «وعدم ادخار أي جهد للدفاع عن حقوق الشعب السوري».
ومن جهته، وصف الجربا الرئيس الفرنسي بأنه «صديق الشعب السوري الكبير». لكن همه الأول كان في مكان آخر، أي الحصول على الدعم. وفي هذا السياق، قال الجربا: «الدعم الآن، هذا وقته لتقوية الذراع العسكرية (للمعارضة المسلحة المعتدلة)، في مواجهة جميع المتطرفين والإرهابيين، وعلى رأسهم بشار الأسد».
وكان الجربا التقى، مساء أول من أمس، وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في منزله بباريس؛ لعرض نتائج جولة الأول إلى واشنطن ولندن، ولدرس أوضاع المعارضة والأوضاع في سوريا بشكل عام، وفق ما قاله أحد أعضاء الوفد المرافق للجربا.
وتأتي زيارة الجربا بينما تعصف الخلافات بالائتلاف السوري بعد إعلان وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، أسعد مصطفى، الاستقالة من منصبه أول من أمس لـ«قلة الدعم» العسكري.
ووافق رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد طعمة، أمس، على استقالة مصطفى، وكلف نائب وزير الدفاع اللواء محمد نور خلوف «تسيير شؤون الوزارة إلى حين انتخاب وزير دفاع من قبل الهيئة العامة للائتلاف».
المصدر: الشرق الأوسط ( باريس: ميشال أبو نجم – واشنطن: هبة القدسي – باريس: ميشال أبو نجم )