أصدرت «دار الكتب الوطنية» في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة سلسلة أدبية جديدة بعنوان «عيون النثر العربي القديم» حررها الدكتور خليل الشيخ والدكتور أحمد خريس.
وتبرز سلسلة «عيون النثر العربي القديم» ما شغله النثر من مساحة واسعة في التراث الأدبي العربي القديم، بوصفه يمثل الجناح الآخر الذي طار به طائر الإبداع العربي إلى جانب الشعر، كأحد قسمي «القول»؛ حيث إن الكلام الأدبي كله إما أن يصاغ في قالب الشعر المنظوم، أو في قالب القول المنثور. ويعتقد المحرران أن الثقافة القديمة قامت في أساسها على الشفاهة، فإن الشعر هو عمادها الأساسي، نظرا لسهولة حفظه واستظهاره بسبب الوزن والقافية، وانعدامهما في النثر – إن تغاضينا عن السجع – مما يجعله عرضة للنسيان والضياع.
وقالا: «سننتظر قليلا بعد الإسلام ليزهر النثر، بعد أن تمتَّنت تقاليد التدوين، ولا شك أن القرنين الثالث والرابع هما أوج ازدهار كتب النثر وكتّابه، على أيدي مبدعين كالجاحظ والتوحيدي، ومع ذلك فقد ظل الشعر مادة أساسية في كتب النثر، بوصفه الشاهد الأعظم على الهوية والذائقة العربيتين».
وتلقي هذه السلسلة عبر مختاراتها التي تناهز الـ30 ما يحفل به النثر القديم من تعدد وخصب؛ حيث عرف التراث الأدبي العربي أجناسا نثرية عدة كالأمثال، والخطب، والوصايا، والأخبار، والخرافة، والسيرة، والرسائل القصصية والفلسفية، والمقامات، والنوادر، وكتب الأمالي، والطبقات، والرحلات.. إلخ.
أما خصوبة النثر فنلتمسها في تعدد موضوعاته وأساليبه، واهتمامه بقضايا اجتماعية، وسياسية، ودينية، وفلسفية، ومذهبية؛ مما أحدث شكلا من أشكال الثورة المعرفية في الخطاب العربي الإسلامي.
وتتوجه هذه السلسلة، إلى القارئ العادي أو مجمل القراء، وقد زودت بمقدمات دالة، وشروحات تفض مغاليق النصوص، التي روعي في اختيارها القرب من الذائقة الحديثة، والبعد عن التقعر والتعقيد.
وتهدف السلسلة إلى وصل القارئ بالتراث العربي، وتوعيته إلى ما يحفل به ماضينا من كنوز أدبية حجبه عنها ربما انشغال الكثيرين بالثقافات الأخرى ضمن أفق العولمة والثورة التكنولوجية الحديثة التي وصلتنا بالعالم، وقطعتنا أحيانا عما يشكل جوهر ثقافتنا.
واقتطفت نصوص هذه السلسلة من أمهات كتب النثر العربي القديم، حيث روعي في اختيارها كذلك أن تكون شاملة وملمة بأبرز توجهات أئمة النثر العربي أسلوبا، وموضوعا، وجنسا أدبيا، كما غطت السلسلة فضاء زمنيا واسعا بدءا من القرن الثاني الهجري وانتهاء بالقرن التاسع.
وتصنف المختارات في السلسلة ضمن أطر عامة، أبرزها: الكتب المهتمة بالتأريخ للشعر والشعراء كـ«طبقات فحول الشعراء» للجمحي، و«أشعار النساء» للمرزباني، و«الأغاني» للأصفهاني. وثمة الكتب المهتمة بالتاريخ والاجتماع، كـ«مقدمة ابن خلدون». وهناك كتب الرحلة كـ«رحلة ابن فضلان»، و«رحلة ابن جبير»، وأخرى في المقامات كـ«مقامات الهمذاني».
أما كتب الحكايات والأخبار والنوادر فأمثلتها كتاب «البخلاء» للجاحظ، و«الصداقة والصديق» للتوحيدي، و«الفرج بعد الشدة» للتنوخي، و«الأذكياء» لابن الجوزي. وفي السلسلة ما يمثل كتب الغرائب والعجائب ككتاب «عجائب المخلوقات» للقزويني، والقصص الفلسفي كـ«حي بن يقظان» لابن طفيل، والكتب الموضوعية أو الدائرة حول موضوع واحد كالحب في كتاب «طوق الحمامة» لابن حزم الأندلسي، والقصص الجاري على ألسنة الحيوان.
دبي: «الشرق الأوسط»