نجحت القمة السعودية – الأميركية في ترسيخ الأسس الاستراتيجية للعلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، والعمل في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي الإيراني على رص الشراكة لمصلحة الاستقرار الإقليمي والدولي. وبعد ساعات من لقاء القمة بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، علمت «الحياة» أن الخارجية الأميركية أبلغت الكونغرس نية إدارة أوباما بيع أسلحة متطورة للرياض تصل قيمتها إلى بليون دولار، وستساعد في حرب اليمن ومواجهة «داعش». وقالت مصادر رسمية أميركية لـ «الحياة»، إن الإدارة «أبلغت الكونغرس الإعداد لتسليم السعودية أسلحة دفاعية ضرورية» تصل قيمتها وفق «نيويورك تايمز» إلى بليون دولار. وأشارت المصادر إلى أن إبلاغ الكونغرس جاء متزامناً مع زيارة الملك سلمان لواشنطن، ونتيجة للقاءات دفاعية ومشاورات قادها منذ أشهر ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر. ).
وتشمل الأسلحة التي تتوقع الإدارة موافقة الكونغرس عليها خلال فترة لا تتخطى شهراً ونصف شهر، ذخيرة دقيقة التوجيه وأنظمة أقمار اصطناعية لتحديد الموقع من طراز «بوينغ». كما تشمل صواريخ لطائرات «أف- 15». وسيتم إبلاغ الكونغرس مرة أخرى خلال أسبوعين ببدء المداولات الرسمية حول العقود العسكرية ونوع الأسلحة، ومنح مهلة شهر بعد ذلك لتسليمها. وكان الكونغرس وافق الأسبوع الماضي على منح السعودية ٦٠٠ صاروخ من طراز «باتريوت- باك ٣» تصنعها شركة «لوكهيد مارتن»، كما يجري التفاوض مع الشركة حول سفن حربية. وتعكس الأجواء الدفاعية والمعطيات السياسية نية مشتركة توّجتها زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لواشنطن، بالتركيز على الشق الاستراتيجي للعلاقة الثنائية، وتعزيز البنية الدفاعية لمكافحة تهديدات مشتركة، بينها التصدي «لزعزعة إيران» الاستقرار الإقليمي بحراً وبراً، ومحاربة «داعش» وضمان الأمن الحدودي. واختتم الملك سلمان زيارته أمس بلقاء السفراء العرب في واشنطن، واجتمع مسؤولون سعوديون بقيادات في الكونغرس ومع مسؤولين دفاعيين. وأبدى الجانب الأميركي، وفق مسؤولين تحدّثت إليهم «الحياة» ارتياحاً كبيراً لنتائج الزيارة، والتطلُّع الى ما بعد الاتفاق النووي الإيراني، وتقاطع المصالح السعودية- الأميركية في الدفع بالاستقرار الإقليمي ومحاربة «داعش»، ومكافحة التفتُّت الميليشاوي في سورية والعراق واليمن، والوصول الى حلول سياسية تقوّي الشرعية في هذه الدول.
وعلمت «الحياة» أن المصارف الأميركية تعد العدة لدخول السوق السعودية بعد أن سمح لها بذلك. ووصف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز العلاقات السعودية – الأميركية بأنها «علاقات تاريخية واستراتيجية منذ أن أرسى أسسها جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز وفخامة الرئيس فرانكلين روزفلت». وأضاف: «عملنا معاً جنباً إلى جنب خلال السبعين عاماً الماضية لمواجهة كافة التحديات التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ولتعزيز مسيرة التعاون الثنائي لما فيه مصلحة البلدين الصديقين، ودفع النمو الاقتصادي العالمي».
وقال الملك سلمان بن عبدالعزيز إن زيارته للولايات المتحدة جاءت «لبحث وتطوير العلاقات بين البلدين في كافة المجالات ومناقشة قضايانا، ولقد سرّنا ما لمسناه من توافق في الآراء، نحو العمل على نقل علاقتنا الاستراتيجية إلى مستويات أرحب». وأضاف في كلمة ألقاها الليلة قبل الماضية أمام منتدى الاستثمار الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي – الأميركي في واشنطن: «عزمنا على وضع الإطار الشامل لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتوطيدها في مختلف المجالات للعقود القادمة بإذن الله، آخذين في الاعتبار أن الولايات المتحدة الأميركية هي أكبر شريك تجاري للمملكة، والمستثمرون الأميركيون من أوائل وأكبر المستثمرين في بلادنا». وأكد خادم الحرمين الشريفين «أن حكومة المملكة تسعى إلى تعزيز مسيرة التنمية المستدامة والمتوازنة، وستواصل تقوية اقتصادها، وتعزيز استقراره وتنافسيته، وجاذبيته للاستثمار المحلي والأجنبي، ويدعم ذلك ما يتمتع به اقتصادنا من مقومات يستطيع بها مواجهة الظروف الاقتصادية والأزمات الإقليمية والدولية، ومن أهمها التغلب على التحديات التي يفرضها انخفاض أسعار النفط على اقتصادنا». وشدد على أن «المزايا والثروات الطبيعية التي حباها الله عز وجل للمملكة توفر فرصاً اقتصادية واستثمارية كبرى. ونتطلع لمشاركة الشركات الأميركية العالمية بفاعلية في الدخول في هذه الفرص في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والمالية والمصرفية والتجارية والصناعية والطاقة والتعدين والبنية التحتية التي ستعزز شراكتنا الاستراتيجية، وتنقلها إلى آفاق أشمل وأوسع». وأشار إلى تمسك السعودية بسياستها النفطية. وقال: «لمحورية البترول في مصادر الطاقة الدولية وأهميته لنمو الاقتصاد العالمي واستقراره، وإدراكاً لدور المملكة في ذلك باعتبارها منتجاً رئيساً للبترول، فإن سياستنا كانت ولا تزال تحرص على استقرار الاقتصاد العالمي ونموه، بما يوازن بين مصالح المستهلكين والمنتجين، ويعزز الاستثمار في قطاعات الطاقة المختلفة».
وأكد الملك سلمان بن عبدالعزيز أن المملكة «تولي الاهتمام والرعاية الكاملة للقطاع الخاص، باعتباره شريكاً كاملاً في مسيرة التنمية تنظيماً وتنفيذاً، وما وصل إليه هذا القطاع من نمو وتطور وإسهام متزايد في الناتج المحلي مبعث فخر واعتزاز لنا، ونؤكد حرصنا وسعينا المستمر لتحسين بيئة الاستثمار في المملكة». وزاد: «أصدرنا توجيهاتنا لوزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار بدراسة كافة الأنظمة التجارية والاستثمارية، بغرض تسهيل عمل الشركات العالمية، وتقديم الحوافز بما فيها العمل المباشر في الأسواق السعودية لمن يرغب منها الاستثمار في المملكة، وتتضمن عروضها خطط تصنيع أو استثمار ببرامج زمنية محددة، ونقل للتقنية والتوظيف والتدريب للمواطنين، وبما يحقق المصالح المشتركة للجانبين».
المصدر: الحياة