وام / سجل معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذا العام زيادة في نسبة مبيعاته تقدر بأكثر من 20% مقارنة بالدورة السابقة التي تم عقدها في عام 2019 قبل جائحة ” كوفيد – 19 ” .
واختتمت بنجاح فعاليات الدورة الثلاثين من المعرض الذي أقامته دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي بتنظيم من مركز أبوظبي للغة العربية تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال الفترة من 23 إلى 29 مايو الماضي في مركز أبوظبي الوطني للمعارض وسط إجراءات احترازية حفاظا على صحة وسلامة الجميع.
وقدم المعرض هذا العام في نسخته الهجينة برنامجا حافلا بالفعاليات الواقعية والافتراضية، متيحا المجال لمختصي قطاع النشر والمثقفين والمهتمين بالأدب من حول العالم للمشاركة في جلساته المتنوعة حضوريا أو من وراء الشاشات.
وقال سعادة سعود الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي إن معرض أبوظبي الدولي للكتاب استطاع ترسيخ مكانة أبوظبي وجهة ثقافية ذات أهمية محورية على المستويين المحلي والإقليمي، بفضل ما حققه في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، حيث نجح في تحقيق زيادة في نسبة المبيعات وفتح أبوابه أمام جميع أفراد المجتمع مع الحفاظ على صحتهم وسلامتهم.
ولفت الحوسني إلى أنه على مدى 7 أيام، شهد المعرض استقبال مجموعة من أهم المفكرين والفنانين والأدباء الذين كان لمشاركتهم أثر كبير في تحفيز المشهد الثقافي الذي كان قد تأثر منذ بداية الجائحة، مؤكدا أن الاقبال الكبير على المعرض، والاستعداد لاستقبال حدث بهذا الحجم، من أهم مؤشرات النجاح التي حققها المعرض هذا العام .
من جهته قال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية : ” إن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثلاثين كانت بمثابة احتفالية ثقافية متميزة بكل المقاييس فقد كانت ردود الفعل من رواد قطاع النشر خير دليل على فاعلية المبادرات التي أطلقناها لدعم القطاع، وأهميتها في ظل التحديات التي فرضتها الجائحة منذ العام الماضي، مشيرا إلى أن المعرض نجح في خلق بيئة محفزة للناشرين والمثقفين لتبادل الخبرات ونقاش أهم القضايا المهنية والفكرية التي تمسهم بشكل مباشر”.
وأضاف ” أن الزيادة التي تم تحقيقها في نسبة المبيعات أتت لتبرهن على الإقبال الكبير والأهمية المتجددة التي اكتسبتها القراءة في عام الجائحة لتسلط الضوء على أهمية الإنتاج الثقافي والأدبي وزيادته بما يواكب تطلعات الجمهور في منطقتنا العربية”.
وشهدت دورة هذا العام من المعرض توقيع عدد من مذكرات التفاهم وإطلاق مبادرات هامة من شأنها تعزيز المحتوى العربي والاحتفاء بالثقافة والتراث الإماراتي وفتح آفاق جديدة للتعاون بين مؤسسات محلية ودولية رائدة، من ضمنها، توقيع مذكرة تفاهم بين مركز أبوظبي للغة العربية ودار النشر بريل لإطلاق المجلة المحكمة “المركز”، ومذكرة التفاهم مع مركز الشباب العربي لمد جسور التواصل مع فئة الشباب، إلى جانب إطلاق مبادرتي “ذخائر الإماراتية” احتفاء بعام الخمسين، و”أثير الكتب ووجيز الكتب” للأعمال الرقمية المسموعة والمقروءة .
بدورها، قالت موزة الشامسي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية بالإنابة، مديرة معرض أبوظبي الدولي للكتاب : ” يسعدنا أن نهدي هذه الدورة المتميزة والاستثنائية لأبطال خط الدفاع الأول لما بذلوه من جهود وقدموه من تضحيات لخدمة الوطن، لننجح في استضافة حدث بهذه الأهمية، نعيد به الحراك الثقافي لمنطقتنا”.
وشهد المعرض أيضا طرح عدد من المبادرات المتكاملة لدعم قطاع النشر، أبرزها، توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بتخصيص ستة ملايين درهم لشراء مجموعة قيمة من الكتب والمراجع والمواد التعليمية لصالح مكتبات المدارس في الدولة، كما تم إعفاء جميع العارضين من دفع رسوم المشاركة لهذا العام.
ومن جهته، قام مركز أبوظبي للغة العربية بدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي بزيادة عدد المنح المالية لدعم الكتاب ضمن مبادرة “أضواء على حقوق النشر” لتصل إلى 300 منحة، وتم توسيع نطاق الدعم ليشمل الكتب الصوتية والإلكترونية، وذلك عبر منصة إلكترونية مبتكرة تعد الأولى من نوعها في المنطقة العربية، وقد عكست نسبة التفاعل والاقبال على هذه المبادرات أهميتها الإستراتيجية وأثرها الإيجابي الكبير والمباشر على قطاع النشر.
واحتفى معرض أبوظبي الدولي للكتاب بالفائزين في الدورة الخامسة عشرة من جائزة الشيخ زايد للكتاب، والتي تعد الدورة الأكبر في تاريخ الجائزة من حيث عدد المشاركات، حيث استضاف جلسات حوارية للفائزين سلطت الضوء على إنجازاتهم الأدبية والإبداعية التي أغنت الساحة الثقافية والعلمية في مختلف المجالات، كما تطرق المشاركون إلى أهمية الجائزة وما تمثله من قيمة عالية كونها تحمل اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”.
واستضاف معرض أبوظبي الدولي للكتاب أيضا مجموعة من الجلسات الحوارية التي تناولت جائحة كورونا وأثرها على الإبداع ودورها في تحفيز الكتاب والفنانين لبلوغ آفاق جديدة، من ضمنها “من العزلة إلى الإلهام”، “الأوبئة والجوائح: التأثير في الحضارات” عن حالة الأدب أثناء الجائحة التي سلطت الضوء على حضور الجوائح والأوبئة في الأدب عبر التاريخ ودورها في تشجيع الأفراد على إيجاد طريقهم للخروج من الأزمة.
وتطرقت جلسة “الإنسانيات والرقميات وعصر ما بعد كورونا” إلى التحول الرقمي الذي رافق الجائحة، وتغير طريقة التواصل بين أفراد المجتمع، كما قدمت الجلسة قراءة للمستقبل الذي سيشهد استمرارا للحضور القوي للتكنولوجيا في حياة المجتمعات.
وشهد زوار المعرض تكريما للعاملين في خط الدفاع الأول، حيث قدم الدكتور عمر الحمادي، استشاري الطب الباطني نائب رئيس جمعية الإمارات للأمراض الباطنية، جلسة تحدث خلالها عن تضحيات أبطال الخطوط الأمامية في الدولة، وأجاب عن بعض الأسئلة حول الوباء، مستعرضا خلال هذه الجلسة أيضا الدروس التي يمكن أن تتعلمها الحكومات استعدادا للجوائح المستقبلية.
وتناولت ورشة “النشر في العالم العربي”، التي شارك بها نخبة من الناشرين العرب أهمية احترام صناعة النشر وضرورة حماية حقوق المؤلفين والناشرين، خاصة أن القرصنة من أبرز التحديات التي تواجه عالم النشر.
وفي إطار مشاركتها كضيف شرف المعرض، قدمت جمهورية ألمانيا الاتحادية مجموعة متنوعة من الجلسات الثقافية والمهنية، سلطت الضوء على مكانة المعرض ودوره الهام في بناء جسور ثقافية بين ألمانيا والعالم العربي، حين تمت مناقشة معرض “من سندريلا إلى سندباد – حكايات ألمانية وعربية خالدة” الذي يعد الحدث الأول الذي يختص بالتراث الثقافي الغني للتقاليد السردية من مصر القديمة والعالم.
كما استضاف الجناح الألماني جلسة حوارية بعنون “ألمانيا والشرق” للبحث في وجهات النظر والمواقف الألمانية من الإسلام وما يسمى “الشرق”، منذ القرن الثامن عشر وعصر التنوير حتى اليوم، بالإضافة إلى جلسة تناولت المنافسة القوية التي يشهدها قطاع النشر، وأفضل الممارسات الواجب على الناشرين العرب اتباعها عند بيع حقوق نشر الكتب في دول أخرى والتوسع بأعمالهم التجارية إلى أسواق جديدة.
بدوره، اختتم معهد غوته جلساته في الدورة الثلاثين من المعرض بجلسة حوارية تناولت قوة كتابة شعر الصلام والخيال في ألمانيا ودولة الإمارات العربية، والاختلافات المحتملة في القواعد والموضوعات ومزايا وعيوب الأجناس الأدبية المعنية للمؤلف.
واحتفاء بعام الخمسين، استضاف المعرض جلسة أدارها حمد الكعبي رئيس تحرير جريدة الاتحاد مع معالي زكي أنور نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات وسعادة سعيد محمد النظري المدير العام للمؤسسة الاتحادية للشباب، وسعادة علي عبدالله الأحمد، سفير الدولة لدى الجمهورية الفرنسية، وغيرهم من الشخصيات الثقافية خلال جلسة «عام الخمسين والطريق إلى المستقبل»، والتي تخللها عرض فيلم تاريخي قصير عكس تجليات نهضة الإمارات عبر الحقب المتباينة وصولا إلى النهضة المعاصرة، وإضاءتها على مستقبل الوطن.
كما تناول ضيوف الجلسة مظاهر ومرتكزات نهضة دولة الإمارات، مشيرين إلى أنها تمكنت، خلال مرحلة قصيرة زمنيا، من تحقيق نهضة حضارية شاملة ومميزة في شتى المجالات.
وفي جلسة بعنوان “اكتشافات أثرية جديدة تكشف عن تاريخ الإمارات الغني” استعرض عالم الآثار البروفيسور بيتر ماجي مدير متحف زايد الوطني، أحدث الاكتشافات الأثرية المرتبطة بتاريخ الإمارات، حيث قدم إضاءات رئيسية حول كتاب “الإمارات: تاريخنا والمنهج الدراسي الجديد»، والذي يعود فيه إلى مراحل موغلة في القدم، وضاربة في عمق التاريخ، وبخاصة أن الكتاب يتناول ظهور الثقافات والروابط التجارية في جميع أنحاء العالم القديم.
كما نظم المعرض جلسة تناولت مستقبل العالم العربي وإمكانية عودته إلى عصره الذهبي، خاصة بعد نجاح بعثة دولة الإمارات إلى المريخ، وأهميتها في تمكين شبه الجزيرة العربية من احتلال مكانها في المستقبل بين الكواكب.
من جهة ثانية، شارك الكاتب الفرنسي جيلبير سينويه مؤلف رواية «الصقر» جمهور المعرض في جلسة خاصة للحديث حول هذا الكتاب، والذي قدم عبر طياته سيرة روائية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، ودوره الاستثنائي بوصفه أحد أهم رجالات القرن العشرين.
ولم تغب الترجمة عن فعاليات الدورة الثلاثين من المعرض، والتي استضافت نخبة من المترجمين العرب والعالميين في جلسة تحت عنوان «فن الترجمة: كلماتي أنا، وصوتك أنت»، تناولت قدرة المترجم على إعادة إنتاج كتابات شخص آخر بلغة مختلفة بكل أمانة ودقة، كما تطرق المشاركون إلى الحديث حول فن الترجمة والعلاقة التي تربط المترجم بالمؤلف، وكيف يتم التعبير عن المشاعر والكتابة الإبداعية بلغة أخرى.
واحتفاء بعراقة لغة الضاد وتنوعها وغنى مفرداتها، نظم المعرض جلسة حوارية حملت عنوان “اللغة العربية عبر الحدود” والتي استشرف خلالها المشاركون مستقبل اللغة العربية في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها واستعرضوا سبل تطويرها لتتمكن من مواكبة التطورات الحديثة في شتى الميادين.
وشارك في هذه الجلسة سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وأعضاء اللجنة العلمية في مركز أبوظبي للغة العربية الدكتورة هنادا طه والدكتور صلاح فضل والدكتور خليل الشيخ.