كاتب سعودي
يعيب الإعلام المحلي في تبنيه وجهة نظر واحدة عند طرح أي من المواضيع الاقتصادية. وتجد ذلك في قضايا كثيرة بدءاً من قضايا العمال ومروراً بقضايا الإسكان وقضايا العقار والبنوك وغيرها من القضايا. وتبني وجهة نظر واحدة يعيب أي تقرير إعلامي أوصحفي لأنه يغيب أو(يستغبي) المتلقي الذي أصبح على اطلاع واسع مع اطلاع على مصادر متعددة. فالاعلام الناجح هو من يدرك تعدد تلك المصادر، ومحاولة إعادة صياغتها في بناء وعي مجتمعي يساعد أفراد المجتمع على اتخاذ قراراته باستقلالية. قد لا نلوم بعض كتاب الرأي في تبني وجهة نظر واحدة، فالكاتب في العادة يتبنى وجهة نظر ومنهجية واحدة في طرحه حسب خبراته العملية وتعليمه واطلاعه، سواء يتفق معه المتلقي أم لم يتفق.
ولنا في الاقتراض من البنوك مثالا حياً في تبني الاعلام احدى الوجهتين. فهناك وجهة نظر تجلد في البنوك ليل نهار وتوصمها بالجشع وعدم خدمة المجتمع وتبنيها معدلات فوائد مرتفعة ومضللة. وهناك وجهة نظر أخرى ترى أن البنوك لعبت دورا مهما في تمويل النمو الاقتصادي، وحافظت على ملاءة مالية عالية جنبت البلاد من انهيار تحقق في دول أخرى مجاورة، ناهيك عن اتباعها سياسة إقراض متحفظة تفاديا لحدوث أزمات محتملة في حال تعثر المقترضين. وكلا وجهتي النظر تحمل نوعاً من الصحة، وعلى الاعلام ابراز الايجابيات والسلبيات لوجهتي النظر، ليتمكن الأفراد والمقترضون من التعامل والاستفادة من البنوك بطريقة واعية وعقلانية مع ثقة عالية في التعامل.
فالاقتراض من البنوك قد يكون ايجابيا جدا لبعض الافراد خصوصا اذا أحسن الفرد استخدام تلك القروض في شراء منزل أو سيارة ولديه خطة ادخار واضحة تنسجم مع دخله السنوي. وقد يكون سيئا للبعض، خصوصاً أولئك الذين يستحدمونها للترفيه أو لحاجة استهلاكية مؤقتة تنقضي في أيام، ويفتقدون القدرة في التحكم في الانفاق ورؤية واضحة للادخار. وهو مايجعل البنوك تنظر لكل عميل حسب ملاءته المالية وغرضه من الاقتراض، مع قدرته على السداد خلال مدة القرض. ولو كنت أنت مصرفياً وعرضت عليك هاتين الحالتين مثلا فإنك منطقياً ستختار الحالة الأولى لإقراضة وبسعر فائدة منحفض، وقد تقدم له أيضا طريقة احتساب للفائدة أقل كلفة وتتناسب مع دخله الشهري أوالسنوي.
وبمناسبة احتساب معدلات الفائدة، فإنه يبرز هذه الأيام توجيه مؤسسة النقد للبنوك لتبني الفائدة المتناقصة. ويأتي هذا التوجه انسجاما مع لوائح الرهن العقاري التي نصت على تبني البنوك معدلات الفائدة المتناقصة على القروض العقارية مع ايضاح آلية احتسابها لكل عميل بكل شفافية. وأعتقد أن البنوك ستقدم جدولا يوضح حجم القرض وحجم القسط الشهري ومايسدد منه كفائدة وكأصل للقرض. مع ايضاح العمولات الادارية بحيث لاتتجاوز 1% من القرض أو خمسة آلاف ريال أيهما أقل. وفي اعتقادي أيضا أن البنوك قد تقدم جدولا يقارن بين سعر الفائدة الثابت والمتناقص مع ايضاح العوامل التي ستؤثر عليهما مثل التوقع بارتفاع السايبور (وهو سعر الاقراض بين البنوك). بمعنى أن البنك قد يقترض من بنك أخر بسعر فائدة يسمى السايبور ومن ثم يقرض ذلك للعميل بالنسبة المعلنة زائداً السايبور. فمثلاً، يقرأ العميل في الصحف لأحد البنوك أن سعر الإقراض هو 1.5%، وعندما يأتي لفرع البنك للحصول على قرض فإن الموظف سيقدم له نفس السعر المعلن اضافة الى السايبور، فلو كان السايبور لمدة 3 شهور 0.75%، فإن اجمالي العمولة (1.5%+0.75%= 2.25%). وفي حال أن سعر الفائدة ثابت على القرض، فإن المقترض سيدفع قسطا شهريا على أصل القرض بسنبة 2.25%. وبالنسبة للفائدة المتناقصة فإن ماتم سداده من أصل القرض سيخصم ومن ثم يتم احتساب الفائدة على ماتبقى من رصيد القرض اضافة الى السايبور. أما بالنسبة لمعدل الفائدة التراكمي فإنه يعني اجمالي ماسدده العميل شهرياً بشكل تراكمي في سنوات القرض وهو ما يعطي في النتيجة النهائية سعر الفائدة الفعلية. ويجب التنويه الى أن سعر السايبور قد يتغير مع تغير أسعار الفائدة العالمية بالزيادة أو النقصان، لذا فإنك قد تلحظ أنك تسدد قسطا أعلى في شهور لاحقة عند ارتفاع أسعار السايبور. لذا تجد أن بعض البنوك تشير في أحد مواد الاتفاقية في أن البنك قد يغير سعر الفائدة بعد سنتين مثلا، وهذا تحوط لأي تغير في أسعار الفائدة العالمية.
المصدر: الرياض