تسبح الأسماك في الأسفل لتوفر السماد وتُزرع نبتات الطماطم فوقها، في تلك “المزرعة الحاوية” (أو المزرعة على سطح كونتينار) التي تُعتبر نموذجاً لنهج زراعي حَضَري (مديني)، يوفق بين تربية الأسماك وزراعة البقول تحت إدارة شركة ناشئة في برلين.
وتقع هذه الحاوية التي تربى فيها الأسماك في باحة معبّدة لحانة سابقة في العاصمة الألمانية، ووُضعت على سقفها دفيئة تُزرع فيها الطماطم والفلفل. ويقوم عملها على مبدأ بسيط يقضي بتحويل بكتيريا الأمونيوم في روث الأسماك إلى نيترات يستخدم كسماد لمزروعات الدفيئة.
وكانت حضارة الأزتك التي وجدت في أميركا الوسطى (المكسيك)، بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر، تستخدم هذه التقنية التي لا تنبت المزروعات في إطارها في التربة، بل في أرضية مختلفة، مثل الرمل والصخور، ويتم ريها بانتظام.
وتنفي هذه التقنية وجود تربة خصبة كشرط أساس للزراعة التي يمكن نقلها من المناطق الريفية إلى المناطق العمرانية الكبيرة. وهذه الميزة مهمة جداً في ظل النمو الحضري المتزايد عالمياً.
أسس نيكولاس ليشكيه شركة “إي سي اف” (“إفيشنت سيتي فارمينغ” أي الزراعة الفعالة في المدن) سنة 2012 مع شريك له. ونالت الشركة جائزة في كاليفورنيا العام الماضي تقديرا لمبادرتها المبتكرة. وشرح مؤسسها أن الهدف منها “توفير المواد الغذائية المزروعة بصورة مستدامة لسكان المدن”.
ومن شأن هذه التقنية خفض استهلاك المياه وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن الأسماك والتي تمتصها النبتات بنسبة ملحوظة، وتساعد أيضا على خفض التكاليف المالية واللوجستية لنقل الأغذية والحفاظ عليها.
وتبقى “المزرعة الحاوية” نموذجاً مصغراً قيد الاختبار على نطاق ضيق. وقد باعت الشركة ثلاثة نماذج منهالأفراد.
كما أن نشاطاتها لا تهدف إلى أن تصبح الزراعة هواية رائجة في أوساط سكان المدن، كما أوضح نيكولاس ليشكيه. فالشركة تسعى إلى بيع مزارعها على نطاق واسع لمجموعات عقارية وشركات زراعية كبيرة. وأكد مؤسسها “نتلقى طلبات من جميع أنحاء العالم”.
ومن المرتقب أن يبصر أول مشروع واسع النطاق النور العام المقبل. فقد اشترت الشركة قطعة أرض في جنوب برلين. وستشيد مزرعة على هذا المنوال، مساحتها 1800 متر مربع. وقد حظيت الشركة في مشروعها هذا بدعم مصرف الاستثمار في مدينة برلين (آي بي بي).
وسيُفتح إلى جانب المزرعة متجر تباع فيه الخضار والفواكه المزروعة فيها. وسيتسنى لسكان برلين تلقي الطلبات في منزلهم بموجب نظام اشتراكات. وستباع الأسماك أيضا، “حسب الطلب”، للمطاعم مثلا أو الأفراد. ويأمل نيكولاس ليشكيه أن تحقق هذا المزرعة رقم أعمال سنوي بقيمة 55 ألف يورو تقريبا.
وحتى لو كانت مزروعات “إي اف سي” عضوية بالكامل، لا تحمل منتجات الشركة علامة المزروعات العضوية، لأنها لم تنبت في التراب. لكن ذلك لا يشكل أي مشكلة بالنسبة إلى الشركة، إنما قد يعود عيلها بالنفع إذ أن الموقع الجغرافي لنشاطات المؤسسة بات أهم، في نظر المستهلكين، من الطابع العضوي لمنتجاتها، وفقاً لما كشفته دراسة أجرتها العام الماضي مجموعة “إيتيكيرني” الاستشارية في ألمانيا وسويسرا والنمسا.
المصدر: برلين – أ ف ب