الأحد ٢٤ يناير ٢٠٢١
المعروف تاريخياً أن بلدة الزبير (نسبة إلى الصحابي الزبير بن العوام)، هي حاضرة نجد في بلاد الرافدين، حيث تأسست على أيدي الأسر النجدية التي هاجرت من نجد قبل نحو 400 عام هرباً من الفتن والقحط والجفاف. في تلك البقعة، جنوب العراق، أسس النجديون إمارتهم المستقلة المختلفة عن بقية المناطق العراقية لجهة اللهجة الدارجة والمذهب الديني واللباس والعادات والتقاليد، وأطلقوا على أجزائها ومعالمها أسماء منسوبة إلى عائلاتهم مثل «الراشدية» و«السلمانية» و«الزهيرية» و«الخميسية». وعلى المنوال نفسه بنوا بيوتاً وجوامع أطلقوا عليها أسماءهم مثل «بيت المنديل» و«بيت البسام» و«بيت الذكير» و«جامع النجادة» و«مسجد الزهيرية»، و«مسجد الصبيح»، و«جامع الإبراهيم»، و«مسجد الدليجان»، وغيرها. وتشير المصادر التاريخية العديدة إلى أن المهاجرين من نجد سكنوا البصرة ابتداء، لكنهم سرعان ما وجدوا أنها لا تناسبهم لأسباب منها اختلاف طباع أهلها عن طباعهم، ورطوبتها وفيضانات أنهارها، واضطراب الأمن فيها. وعليه اختاروا الزبير بديلاً، وكانوا موفقين في ذلك. وفي هذا السياق نشير إلى ما ذكره الباحث عبدالعزيز إبراهيم الناصر، في كتابه القيم الموسوم بـ«الزبير.. صفحات مشرقة من تاريخها العلمي والثقافي»، من أن ما شجع النجديين المهاجرين على الاستيطان في الزبير، هو وجود بحيرات مياه حلوة وتوافر المياه الجوفية، وصلاحية أرضها للزراعة ورعي الماشية، ووفرة مواد البناء، ووجود حركة تجارية تمر بها بين حاضرة البصرة وباديتها، ومرور حجاج بيت الله الحرام…
الأحد ٠٣ يناير ٢٠٢١
بابتسامتها المشرقة، وشخصيتها الكاريزمية، وثقتها الكبيرة بقدراتها، تقابلك منى غانم المري في المنتديات والمناسبات الإعلامية الكثيرة، التي تستضيفها دبي، مرحبة بك، ومستفسرة عن أحوالك، وعما تستطيع تقديمه لك من واجبات الضيافة الإضافية. هي وجه مشرق لوطنها، ولإمارة دبي، ضمن العديد من فتيات الإمارات اللاتي أتيح لهن خدمة وطنهن في مواقع المسؤولية المتقدمة، فأبدعن، وتركن بصمات خالدة، وشرّفن دولة الإمارات العربية المتحدة، ونموذجها التنموي الحافل بالمبادرات والابتكارات النوعية. فمنذ تأسيس نادي دبي للصحافة في عام 1999، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهي تترأسه، مستثمرة علمها وخبرتها، وباذلة كل طاقاتها في سبيل تحقيق أهداف النادي، المتمثلة في تحويله إلى منصة حيوية للصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي، للنقاش والحوار والتباحث في أهم القضايا ذات الصلة بالحياة اليومية، على مختلف المستويات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقديم دعم محوري لتطوير قطاع الإعلام، على الصعيدين المحلي والإقليمي. وبفضلها، وفضل العاملين معها من أبناء وبنات الإمارات، نجح النادي في تكريس نفسه ككيان بارز يحظى بالاحترام والمصداقية، ويقدم أنشطة متنوعة، مثل ورش العمل والندوات، واستضافة النخب الإعلامية العربية والأجنبية، وتقديم الخدمات الإعلامية المبتكرة، للتواصل مع شبكات الإعلام العالمية. صعود نجاحها في هذه المسؤولية، أتاح لها فرصة الصعود، فتمّ تعيينها في عام 2012، في منصب…
الأحد ٠٥ مايو ٢٠١٩
احتكاك السعوديين بالثقافة والحياة البريطانية والأمريكية سبق احتكاكهم بالثقافة الفرانكفونية بزمن طويل. يُعرّف الباحث اللبناني قاسم محمد عثمان، الثقافة الفرانكفونية بأنها التأثر بنمط الحياة والسلوك الفرنسيين قبل أن يكون انخراطا في نموذج سياسي أو كيان جغرافي (جريدة نداء الوطن 10/2/2014). ما هو معروف أن بعض أعلام الثقافة والأدب والفكر في السعودية درس في الجامعات الفرنسية، وعلى رأسها جامعة السوربون، وتخرج منها حاملاً الدرجات الجامعية العليا. ومن أشهر هؤلاء الدكتور فهد العرابي الحارثي، الحائز على دكتوراه الدولة في الآداب والعلوم الإنسانية. وهناك أيضا أحمد سعد أبودهمان، صاحب رواية «الحزام» التي تعتبر أول عمل أدبي سعودي باللغة الفرنسية بعد أن نشره صاحبه عام 2000، ولقي نجاحاً كبيراً بدليل ترجمتها إلى 8 لغات، علماً بأن أبودهمان حصل على الماجستير من السوربون، وسجل للحصول على الدكتوراه لكن ظروفاً خاصة منعته من الاستمرار. ومن الأسماء السعودية الأخرى في السياق نفسه، الدكتور معجب بن سعيد الزهراني، الذي نال درجة الدكتوراه في الأدب العام والمقارن من جامعة السربون الجديدة عن أطروحته «صورة الغرب في الرواية العربية الحديثة» وهو الآن مدير عام معهد العالم العربي بباريس. مشوار غير أن أقدم السوربونيين السعوديين ممن لا يعرف الناس عنه إلا القليل هو الدكتور محمد بن حمد الهوشان، الذي يُعتبر أول سعودي يحصل على دكتوراه الدولة في القانون من السربون. وللحديث…
الأحد ٢٥ مارس ٢٠١٨
بمجرد الإعلان عن احتمال عقد لقاء قمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي «كيم جونج أون» في شهر مايو المقبل فرح الكثيرون وتنفسوا الصعداء، ولكأنما أزمة كوريا الشمالية مع نفسها ومع المجتمع الدولي قد حـُلت. وبطبيعة الحال، ليس هناك عاقل لا يريد أن يخيم السلام على العالم بصفة عامة، وعلى شبه الجزيرة الكورية وجوارها بصفة خاصة. غير أن العقدة أكبر من أن تجد حلاً بمجرد الحديث عن لقاء قمة بين دولتين ترسخ العداء بينهما على مدى عقود من الزمن، دعك عما بينهما من خلافات أيديولوجية وتوجهات سياسة متناقضة حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية. إن من شروط أي حوار لحلحلة أي مشكلة هو بناء الثقة بين الأطراف المنخرطة في ذلك الحوار وتهيئة المناخ الصحي لاستمراره والحيلولة دون انتكاسه، ناهيك عن وضع أجندة واضحة للمحادثات والمفاوضات. وكل هذه العوامل والاشتراطات غير متوفرة حتى اللحظة، كي لا نقول إنها من قبيل الأماني صعبة التحقيق. فقادة بيونج يانج من المُحال أن يرضخوا لما تطلبه منهم إدارة الرئيس ترامب حول تصفية ترسانتهم النووية والباليستية كشرط لرفع العقوبات عن كوريا الشمالية وتأهيلها كعضو صالح في المجتمع الدولي، وإعطاء الضوء الأخضر لسيؤول كي تبادر لانتشالها من واقعها المرير، لأن من شأن رضوخهم تعريتهم وسحب الورقة التي لطالما لوحوا بها لابتزاز المجتمع الدولي. كما أنه من…
الجمعة ٢٣ فبراير ٢٠١٨
على الغلاف الخلفي لكتابي الفوتوغرافي الموسوم بـ «الخبر وما جاورها» كتبت النص التالي: «يقولون إن المرآة هي أعظم اختراع بشري حتى الآن، كونها أتاحت للإنسان لأول مرة أن يرى ملامح نفسه بنفسه، ويتعرف على هيئته وشكله دونما الاعتماد على وصف الآخرين له. وقياسا على ذلك يمكن القول إن اختراع آلة التصوير الفوتوغرافي، التي تعتمد في عملها على المرآة وما تعكسه من ضوء، لا يقل أهمية وعظمة. أليست هي التي تجسد الأحداث وتجمدها في لحظة زمنية معينة بكل أبطالها وظروفها ومواقعها من خلال صورة سيـفنى أصحابها، وستنمحي مواقعها، وستتبدل ظروفها، لكنها ستظل وحدها الباقية والشاهدة على وطر مضى؟» والمعروف أن الإنسان سعى منذ أقدم العصور إلى حفظ صور حياته عبر الرسم على جدران الكهوف بالفحم وأوراق الشجر أو عبر تشكيلات من الشمع، واستمر كذلك حتى تمكن عالـم البصريات العربي ابن الهيثم من تسجيل العديد من الملاحظات حول انتقال صورة مقلوبة لشجرة خارج زنزانته من بعد دخول الضوء من خلال ثقب في جدار السجن وسقوطه على الجدار المقابل. تلك الملاحظات التي دونها ابن الهيثم في كتابه «المناظر» أوصى بها الإيطالي «ليوناردو دافينشي» عام 1490. بعد ذلك واصل العلماء الطليان والفرنسيون والألمان والبريطانيون جهودهم المضنية ومحاولاتهم الدؤوبة حتى تمكنوا من صنع أولى آلات التصوير الحديثة في عام 1924 مجسدة في «كاميرا لايكا 35…
الجمعة ٠٩ فبراير ٢٠١٨
مما لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية تقدمت كثيرا خلال العقود الماضية في مجالات الرعاية الصحية، وافتتاح كليات الطب، وتخريج الأطباء وابتعاثهم إلى الخارج من أجل التخصصات الدقيقة. وقد شمل التطور الأخير الذكور والإناث على حد سواء من بعد أن ظلت الإناث مغيبات لفترة طويلة عن هذا المجال الإنساني بدعوى منع اختلاطهن بالرجال في مواقع العمل. ومن ينظر إلى الوراء قليلا سوف يكتشف بنفسه كم انتقلت المملكة من حال إلى حال في المجالات الطبية والصحية آنفة الذكر، بفعل التشجيع والدعم الرسمي معطوفا على إرادة أبناء وبنات الوطن في ولوج التخصصات الطبية، التي تعتبر الأصعب لجهة المنهج، والاطول لجهة المدة الزمنية. وإذا كان الدكتور الطبيب «حمد عبدالله الحمد البسام» المتخرج من كلية الملك إدوارد الطبية التابعة لجامعة بومباي الهندية هو أول طبيب سعودي من نجد، فإن الطبيب الدكتور «حيدر عثمان الحجار» هو أول طبيب سعودي من الحجاز. وللحجار قصة مثيرة عاكسة لعصامية فذة، ومليئة بالصدف والمغامرات التي قادته في نهاية المطاف إلى التخرج طبيبا من سوريا قبل أن يواصل دراسته في مصر والنمسا ويعود إلى وطنه لخدمته. طبقا لمقالات ومدونات اطلعت عليها، ينتسب الدكتور حيدر الحجار الى عائلة آل حجار العمري ( بضم العين) القرشية، وهي عائلة من عائلات المدينة المنورة المعروفة بالعلم وحفظ القرآن وإصلاح ذات البين وخدمة الحرم…
الجمعة ٢٦ يناير ٢٠١٨
«قابل» اسم ملازم لمدينة جدة، عروس البحر الأحمر ومينائها الأشهر، لثلاثة أسباب مرتبطة بعضها ببعض. الأول هو أنه محفور في ذاكرة المجتمع الجداوي كونه اسما لإحدى عائلاتها التجارية المعروفة منذ حكم الإشراف للحجاز حينما كانت العائلة مصدرا رئيسيا للتموين والاتجار بالمواد الغذائية، فبرزت رموزها بين علية القوم وتصدرت المشاهد والمجالس واستحوذت على الوظائف الرسمية العليا. والثاني هو أن ثراء عائلة قابل ساعدها في شراء شارع تجاري كان قد أسسه الشريف الحسين بن علي واضطر لاحقا لبيعه على عميد عائلة قابل «سليمان بن أمان الله بن عبدالله بن حامد قابل» مقابل بعض المال والسلع الغذائية التي كان الشريف بحاجة ماسة لها لمواجهة ظروف الحرب العالمية الأولى، فقام قابل بتطوير الشارع وتسقيفه وإضاءته وتزويده بمكائن ضخمة للتبريد والتهوية وغير ذلك من الأفكار السابقة لعصرها، الأمر الذي جعل الناس يطلقون على الشارع اسم «شارع قابل» الذي صار حينها يحتل نفس الأهمية والشهرة اللتين يتمتع بهما شارع الشانزليزيه بالنسبة لباريس كبؤرة للنشاط التجاري المتنوع وازدحام المتسوقين من المواطنين والزوار. أما السبب الثالث فهو الشاعرة والأديبة «ثريا قابل» الشهيرة بصوت جدة، حفيدة شقيق سليمان قابل التي قالت إنه يحلو لها في شهر رمضان من كل عام أن تزور الشارع لتستعيد من خلاله ذكريات طفولتها، مشيرة إلى أن معظم تجار السعودية بدأوا من هذا الشارع، وبعضهم…
الجمعة ٠٨ سبتمبر ٢٠١٧
في البحرين قديماً ما كانت كلمة «الأستاذ» تُذكر مجردة إلا والمستمع يعرف تلقائياً أن المقصود بها الشاعر الكبير المرحوم «إبراهيم عبدالحسين إبراهيم العريض المنامي». ذلك أن البلاد حتى ثلاثينيات القرن العشرين لم تكن بها قامة فكرية متبحرة في فنون الأدب العالمي، وملمة باللغات الأجنبية تحدثاً وقراءة وكتابة، وعالمة بتفاصيل الحياة خارج نطاق منطقة الخليج سواه؛ لذا لم يكن مستغرباً أن يطلقوا عليه لقب «الأستاذ». وفي هذا السياق، كتب صديقه الشاعر السعودي الراحل الدكتور غازي القصيبي قائلاً: «كنت في السابعة أو نحوها حينما رأيته أول مرة في مكتب أبي، رحمه الله، ولاحظتُ أنّ الجميع بلا استثناء يسمونه الأستاذ ويعاملونه باحترام بالغ». فقدت البحرين الشاعر إبراهيم عبدالحسين إبراهيم العريض المنامي، في 29 مايو 2002 عن 94 عاماً. كانت وفاته في ذلك اليوم مناسبة حزينة أدمعت عيون كل أطياف المجتمع البحريني والخليجي؛ لأن من كان مثله في الريادة الثقافية والعلمية والفكرية يستحق أن تبكيه المآقي طويلاً، إلى جانب أسباب كثيرة أخرى، مثل رفع اسم البحرين والخليج عالياً في المحافل الشعرية الخارجية من خلال نشر أعماله في دول عربية وأجنبية، وإقامة الصلات مع كبار شعراء ومفكري عصره، فضلاً عن سبب جوهري أهم وهو حبه لبلده، وإخلاصه لقيادته، واعتزازه بعروبته، وروحه الوطنية النقية التي تجاوزت الحسابات الطائفية والمذهبية والجهوية. دور تربوي لم يكن العريض شاعراً…
الثلاثاء ٢٥ يوليو ٢٠١٧
هل تذكرون «لي كوان يو» الرجل الذي حول سنغافورة الخالية من أية موارد طبيعية من مستنقع آسن إلى دولة نموذجية في كل شيء تقريباً، وحقق لسكانها أعلى مستويات الدخل وأجود الخدمات والبنى التحتية في جنوب شرق آسيا، فباتت اليوم البلد الوحيد في آسيا المصنف خارج نطاق العالم الثالث؟ هذا الزعيم الحكيم، الذي صنع كل هذا المجد وفق خطة مدروسة ودون ضجيج إعلامي أو شعارات ديماغوجية أو تعبئة شعبوية كتلك التي مارسها قادة آسيويون آخرون مثل ماو تسي تونغ في الصين وأحمد سوكارنو في إندونيسيا والجنرال ني وين في بورما، توفي في مارس 2015 بعد أن تقاعد طواعية في عام 1990 عن العمل كرئيس للحكومة وزعيم لحزب العمل الشعبي الحاكم. لكن قبل تقاعده كان «لي كوان يو» يخشى من أمر وحيد هو احتمال أن تصاب صورة سنغافورة النموذجية بتشويه ما مصدره سياسات متعجلة أو قرارات حماسية من قبل من سيأتون بعده. ولهذا السبب اختار بنفسه خليفته وهو ابنه الأكبر «لي هسين لونغ» وهو واثق بأن شعبه الذي ضحى وعمل من أجله على مدى خمسة عقود متواصلة لن يعترض ولن يأبه بمقولات الغرب المتكررة حول انعدام التعددية والحريات في البلاد، وسيظل مؤيداً لشعار «الاستمرارية والاستقرار السياسي والحزم في تطبيق القانون ضرورة للرخاء والتقدم الاقتصادي». وهكذا انزوى الرجل جانباً في منصب «الوزير المعلم»،…
الأحد ١٦ يوليو ٢٠١٧
في مقال سابق تحدثنا عن قبول الهند وباكستان كعضوين فاعلين في «منظمة شنغهاي للتعاون» بعد أن كانتا تحظيان بصفة مراقب، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف ستستفيد الهند من هذه العضوية؟ أو ما مردود العضوية عليها؟ بطبيعة الحال لا يمكن القول إن منظمة شنغهاي منصة صالحة لإيجاد حلول للخلافات الهندية الباكستانية المزمنة وعلى رأسها النزاع حول كشمير الذي ترفض نيودلهي تدويله أو أقلمته، وبالمثل لا يتوقع أن يفضي وجود الهند داخل هذه المنظمة التي تقودها دولتان إحداهما في حالة نزاع حدودي معها (الصين) والأخرى وريثة حليفتها الاستراتيجية زمن الحرب الباردة (روسيا) إلى حل لمشكلة أكثر من 3 آلاف كلم مربع من الأراضي الحدودية الهندية منذ 1962. لكن على الأقل يمكن توقع تجميد الخلافات الهندية الصينية واحتواء أي تصعيد لها وانصراف البلدين إلى التعاون المشترك في إطار المنظمة، أي كما تعمل موسكو مع بكين اللتين تتنافسان فيما بينهما، ولكنهما تتعاونان في الوقت نفسه في ملفات عدة مثل مواجهة التمدد الأميركي ومكافحة الإرهاب والحركات «الجهادية» والتصدي للحركات الانفصالية. ومما لا شك فيه أن عضوية الهند في المنظمة إلى جانب جمهوريات آسيا الوسطى الأربع (كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان) يعني تغلغلاً هندياً أوسع في هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة الرابطة ما بين الغرب والشرق، والغنية بالطاقة والمعادن، ولعل ما يسهل عليها المهمة هو أنها تحظى…
الجمعة ٠٧ يوليو ٢٠١٧
مما لا جدال فيه أن شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) قامت بدور تنموي جبار في المنطقة الشرقية شملت قطاعات عديدة وذلك في بواكير نشوء المجتمعات الحديثة في المنطقة. في مقدمة هذه القطاعات قطاع التربية والتعليم. ذلك أن أحد ملاحق الاتفاقية التي وقّعتها الحكومة مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (أرامكو لاحقا) في 29 مايو 1933 حول التنقيب عن النفط واستخراجه وتصديره تضمن ضرورة قيام أرامكو ببناء المدارس الحديثة في نطاق المنطقة الشرقية وتأثيثها وتجهيزها وصيانتها مع دفع رواتب معلميها وادارييها ثم تسليمها للدولة لادارتها بمعرفتها. وبعد فترة من التردد والتباطؤ بسبب انشغالها بمهمات أكثر أهمية، التزمت أرامكو بهذا البند خير التزام، فراحت تبني مدارس البنين (ولاحقا مدارس البنات) بمستوياتها المختلفة على أحدث التصاميم الهندسية والجمالية وتؤثثها بأرقى الأجهزة والمعدات والأثاث فغدت دور العلم هذه مضربا للأمثال في جمالها ونظافتها وحسن تصميمها وجودة محتواها. البداية كانت مع المدارس الابتدائية التي بنتها الشركة في خمسينيات القرن العشرين في الدمام (مدرسة الدمام الثانية في عام 1954) ثم في الخبر (مدرسة الخبر الثانية في عام 1955) ثم في الثقبة (مدرسة عمر المختار في عام 1956) قبل أن تكر السبحة فتظهر مثيلاتها في مدن المنطقة الشرقية الأخرى مثل الهفوف والمبرز وسيهات ورحيمة وصفوى. ولم يكد طلبة هذه المدارس ينهون الصف السادس الابتدائى ويحصلون على شهادة…
الأحد ٢٥ يونيو ٢٠١٧
منذ سقوط ديكتاتورها الراحل الجنرال سوهارتو عام 1998، ودخولها حقبة الديمقراطية والتعددية السياسية، عانت إندونيسيا على مدى سنوات من الفوضى والانفلات الأمني في جزرها المترامية الأطراف، الأمر الذي ساعد على نشوء جماعات وتنظيمات دينية متشددة ناشطة في الحياة السياسية والاجتماعية تحت مظلة الديمقراطية، التي لم تؤمن بها قط، وانما استخدمتها للتمدد وتقنين وجودها والهروب من المساءلة. وفي السنوات الأخيرة، ساهمت عوامل جديدة في صعود هذه الجماعات على الساحة السياسية الإندونيسية وتعزيز مواقعها. من هذه العوامل غياب رموز الاعتدال الديني من أصحاب الثقل السياسي في الشارع مثل رئيس الجمهورية الأسبق وزعيم "جمعية نهضة العلماء" عبدالرحمن وحيد، واعتزال الشخصية السياسية المعتدلة والمثقفة الأخرى الدكتور "أمين ريس" رئيس "الجمعية المحمدية". وكنتيجة لغياب هذه الرموز الإسلامية الكبيرة القادرة على لجم المتطرفين ومنع هيمنتهم على الشارع، معطوفاً على تسرب الأفكار المتشددة إلى المجتمع الإندونيسي المعروف منذ الأزل باعتداله وتسامحه من خلال العائدين من "الجهاد" في أفغانستان والقتال مع "القاعدة"، أو من خلال الفضاءات الإعلامية المفتوحة، شاهدنا كيف سطع نجم "أبوبكر باعاشير" فجأة من بعد أفول، وكيف تحول إلى رمز يُحرض على القتل والتدمير باسم الجهاد قبل أن يعتقل ويحاكم وتصدر ضده أحكاماً بالسجن الطويل. وبطبيعة الحال لم يجد سجن "باعاشير" نفعاً لجهة قطع دابر الإرهاب في إندونيسيا، إذ ظل يوجه أنصاره من داخل المعتقل للقيام…