الأحد ٢٨ أغسطس ٢٠١٦
اللافت في معظم العمليات الإرهابية التي وقعت مؤخراً في دول مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا أن السلطة المختصة باعترافها كانت تملك سجلات إجرامية لمرتكبيها أو كانت على بينة مسبقة بتطرفها وارتباطها بجماعات تدعو إلى التكفير والكراهية، لكنها تركتهم لشأنهم دون مراقبة لصيقة تحت ذريعة حقوق الإنسان، وما إلى ذلك مما لا يعترف به الإرهابيون والمتطرفون أصلاً. عاصرتُ في سنوات إعدادي لأطروحة الدكتوراه ببريطانيا في أواخر الثمانينيات صعود نجم أحد كبار متطرفيها الإسلاميين، وكان هذا المنحدر من أصول جنوب آسيوية يُدعى «كليم صديقي»، وكان لا يكف عن استفزاز أهل البلاد الأصليين بدعواته الصريحة لتطبيق الشريعة في المملكة المتحدة وأسلمة المجتمع، حيث كان يدفع بزملائه كل يوم أحد إلى ركن الخطابة في «الهايد بارك» ليقفوا على منصة مرتفعة، ويزمجروا، ويسخروا من الأسرة البريطانية المالكة بأحط الألفاظ، ويتهمونها في شرفها ونسبها وأصلها. كان هذا يحدث في ظل حضور الشرطة البريطانية وانتشارها وسماعها لكل ما يُقال دون أدنى تدخل من جانبها، بدعوى أن حرية الكلمة مكفولة للجميع. في ذلك الوقت المبكر، وقبل أن تنتشر موجة الإرهاب والغلو على نحو ما هو قائم اليوم، ساورتني شكوك حول احتمال احتضان المخابرات البريطانية لمثل هذه النماذج المنفلتة وترك الحبل لها على الغارب كي تستخدمها لاحقاً في مأرب من مآربها. بطبيعة الحال انتشى «كليم صديقي» وزمرته ونما ريشهم وزاد…
الأحد ١١ أكتوبر ٢٠١٥
منذ بدء الأزمة السورية، وإنطلاق حرب نظام الأسد ضد شعبه الأعزل ظل الموقف الرسمي للحكومة الهندية أقرب إلى تأييد الأسد منه إلى الوقوف على الحياد على الأقل الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات، خصوصا وأن الهند تعتبر نفسها رمزاً للسلام واللاعنف، ونصيرة للشعوب الباحثة عن الحرية والديمقراطية. يمكن اختصار الموقف الهندي بالقول أنه موقف يعارض التدخل العسكري الخارجي في الصراع من قبل القوى الغربية مما يجعله متناغما مع الموقفين الروسي والإيراني وأيضا مع الموقف الصيني، ويرى أن حل الصراع غير ممكن بالقوة وإنما عبر الحوار (تصريح مسؤول في الخارجية الهندية في عام 2013) ويرفض تقسيم الإرهاب في سوريا إلى حميد وخبيث (تصريح رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي). بعض المراقبين الهنود يرى في مواقف بلاده هذه مواقف واقعية وإنعكاسا لسياسة التزمت بها نيودلهي طويلا وهي سياسة عدم إقحام نفسها في الشؤون والنزاعات الداخلية للدول الأخرى، إلا إذا تعرضت مصالح الهند الاستراتيجية للتهديد. وهكذا فطالما أن سوريا بعيدة عن الهند جغرافيا ولا يشكل ما يجري فيها خطراً عليها في هذه المرحلة، فإن الأفضل النأي بالنفس عن أزمتها مع الاحتفاظ بحق التحرك إذا ما تطورت الأمور ونجحت القوى المتطرفة في الوصول إلى السلطة في دمشق وقررت مد أبصارها إلى منطقة الخليج التي تُعتبر بالنسبة للهند مصدرا للطاقة والتحويلات المالية وسوقا معتبرا للصادرات الهندية…
الجمعة ٠٤ سبتمبر ٢٠١٥
قريبا، وتحديدا في الخامس عشر من سبتمبر، تحل الذكرى السنوية لرحيل واحد من رجالات الصحافة في المملكة العربية السعودية، ممن عشقوا الصحافة والكتابة وهاموا بها منذ سنوات شبابهم، وتميزت أعمالهم بالجرأة والشفافية والصراحة، وامتزجت أرواحهم بقضايا وطنهم وأمتهم العربية، وحقوق المسحوقين والمعذبين من مواطنيهم، فدفعوا ضريبتها اعتقالا وسجنا، وإغلاقا لمنابرهم الصحفية. إنه المرحوم يوسف الشيخ يعقوب، إبن قاضي الجبيل المعين من قبل الملك عبدالعزيز آل سعود، ومدير أول مدرسة حكومية فيها «يوسف الشيخ يعقوب» رحمه الله، شقيق زميلنا في صحيفة الأيام الأستاذ إسحاق الشيخ يعقوب. يحتل إسم يوسف الشيخ يعقوب مكانة رفيعة في تاريخ الصحافة السعودية بصفة عامة وصحافة المنطقة الشرقية بصفة خاصة. كيف لا وهو الذي دخل التاريخ مع شقيقه أحمد كصاحب ورئيس تحرير أول جريدة تصدر من الدمام في يوم السبت 11 رجب 1374 للهجرة المصادف للخامس من مارس 1955. حملت الجريدة اسم «الفجر الجديد» اتساقا مع الطموحات التي اعتملت في النفوس في أوائل الخمسينات من القرن الماضي مع تولي جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية خلفا لوالده الملك المؤسس. وتقرر أنْ يكون صدورها في بادئ الأمر اسبوعيا، قبل أنْ تضطر إلى التحول إلى جريدة نصف شهرية. كما تقرر أنْ تُطبع في المطبعة السعودية بالدمام التي كان قد أسسها الشاعر والمؤرخ والمصلح المعروف…
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠١٥
من المبررات التي ساقتها إدارة أوباما كي تقنع المشرعين والمواطنين الأميركيين، إضافة إلى اللوبي الإسرائيلي القوي، بفوائد الصفقة: أنها تساهم في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وتعطي فرصة استثنائية لطهران لتطوير اقتصادها وبالتالي توفير حياة أفضل لشعبها، وأنها ستـُحّول حكومة طهران من حكومة مارقة ومتمردة على الشرعية الدولية إلى حكومة متعاونة ومنخرطة ومنسجمة مع قوانين المجتمع الدولي ومعايير حقوق الإنسان.. وأنها ستتيح الفرصة لإيران كي تصبح قوة إقليمية لا غنى عنها في صياغة حاضر ومستقبل منطقة الشرق الأوسط، بل وربما اعتمادها كشريك في بناء التوافقات المستقبلية حول قضايا إقليمية ودولية؛ مثل مكافحة الإرهاب، وتحقيق السلام بين الإسرائلييين والفلسطينيين، وإخماد الحروب والتوترات المشتعلة في مناطق شرق أوسطية لإيران نفوذ فيها. لا جديد.. مبررات واهية المبررات الأميركية لتسويغ الصفقة النووية لم تكن سوى أمنيات وأوهام؛ فتدخلات إيران في دول التعاون الخليجي عبر شبكاتها الإرهابية تضاعفت، بدليل الحوادث الإجرامية في البحرين والكويت والسعودية، والتي تبين أن مقترفيها تم تجنيدهم وتدريبهم على أيدي جماعات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، دعك من قيام الإيرانيين بتطوير حقل الدرة النفطي الكويتي المتنازع عليه دون التشاور مع الكويتيين، كما أن مواقف الأنظمة والجماعات التي تدعمها إيران، زادت تصلباً ورعونة؛ وآية ذلك ازدياد المجازر التي يرتكبها نظام الأسد في سوريا، واستمرار جرائم الحوثيين في اليمن، وبقاء «حزب الله»…
الجمعة ٢٤ يوليو ٢٠١٥
صورة جماعية لمؤسسي وأعضاء النادي الأدبي في عام 1924 بدأت الحركة الأدبية والثقافية في الكويت في عهد المغفور له الشيخ مبارك الصباح. ففيه تم تأسيس المدرسة المباركية في عام 1911 والجمعية الخيرية. وفي عهد المغفور له الشيخ أحمد الجابر تم افتتاح المدرسة الأحمدية في عام 1921 وتبعه افتتاح صرحين علمي وأدبي هما المكتبة الأهلية والنادي الأدبي ويعود الفضل في ذلك إلى الادباء والمحسنين من أهل الكويت. وفي ما خص الجمعية الخيرية تحديدا، فقد افتتحت في عام 1913 وضمت كتبا نفيسة كثيرة تبرع بها رجالات البلاد وأثرياؤهم. هذه الكتب صارت لاحقا نواة لتأسيس المكتبة الأهلية في عام 1923 ويرجع الفضل الأكبر في ظهور هذا الكيان الثقافي إلى كثيرين من أهل الأدب والثقافة الكويتيين وعلى رأسهم الشاعران خالد الفرج وصقر الشبيب والمرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي «الجناعي» الذي ترأس المكتبة بنفسه وعين المرحوم سلطان الكليب مديرا لها. بعد ذلك، وتحديدا في عام 1924، فكر مجموعة من الشباب الكويتي المثقف في تلك الفترة في تأسيس ناد يجمعهم ويكون ملتقى لهم لتبادل الآراء والأفكار فيما بينهم وإلقاء المحاضرات ونشر العلوم النافعة والمعرفة بين الشباب. ويعتبر هذا النادي، الذي أطلق عليه اسم «النادي الأدبي»، هو أول ناد يؤسس في تاريخ الكويت ويعود الفضل في ذلك لصاحب الفكرة المرحوم خالد سليمان العدساني رحمه الله. وقد…
الجمعة ١٠ أبريل ٢٠١٥
لا يمكن الحديث عن سنغافورة دون التوقف أمام سيرة "لي كوان يو" الذي رحل أخيرا بعد حياة حافلة بالإنجازات العظيمة، فهو مؤسس سنغافورة الحديثة، ومهندس نهضتها الجبارة، ومصمم معجزتها الخلاقة، وهو الذي حولها من مجرد مستنقع يتكاثر فيه بعوض الملاريا، وبالوعة قذرة لمياه الصرف الصحي، وبلد نام متخلف، إلى واحدة من أكثر دول العالم تقدما وازدهارا ونظافة وسمعة طيبة، بل إلى أهم مركز تجاري ومالي في العالم، وثالث أكبر مكان في العالم لتكرير النفط. وهو الذي جعل اقتصادها ينتقل من الاعتماد على عائدات القاعدة العسكرية البريطانية إلى الاعتماد على عائدات الصناعة والتصدير، والخدمات المصرفية، ورسوم خدمات الاتصالات، بفضل ما امتلكته البلاد في عهده لأنجح شركات الطيران، وأفضل المطارات، وأنشط الموانئ البحرية وشركات الشحن والمناولة في العالم بأسره. وهو الذي كان بسياساته الحصيفة وحكمته وعقلانيته وحسن تدبيره، وبعده عن الشعارات الطنانة والمماحكات، وراء وصول متوسط دخل الفرد السنغافوري إلى 30 ألف دولار أمريكي مرتفعا من 435 دولارا في الستينيات، وانخفاض البطالة من 14 في المائة في 1965 إلى 4.5 في المائة في 1973، وقفز الناتج المحلي من ملياري دولار في 1960، إلى 86.8 مليار دولار في 2002، وقفزت الاستثمارات الأجنبية من 5.4 مليار دولار في الستينيات إلى 109 مليارات دولار في 2005، وتقديم أفضل الخدمات الصحية، والتعليمية، والإسكانية، والاجتماعية، والإدارية لمواطنيه…
الجمعة ١٣ فبراير ٢٠١٥
انتقل إلى جوار ربه في مستشفى الصباح في التاسع من يونيو 1996 وتمّ دفنه في مقبرة الصليبيخات، ومنذ ذلك اليوم الحزين وذكرى وفاته السنوية تمر دون أنْ يتذكره أحد ــ بمن فيهم تلامذته ورفاقه الأحياء ــ بمقال أو كلمة، وكأنه لم يكن يوما شاغل دنيا الأدب والثقافة والدبلوماسية في الكويت، وحامل شعلة التنوير والتعليم فيها، هو الذي عاش ماضي بلده وحاضره، وعاصر حقبة ما قبل الاستقلال وبعدها، وكان فيها مواطنا مشهودا له بالوطنية والاخلاص، ومعلما فاضلا، وأديبا لايشق له غبار، وسفيرا ذا حضور وأفضال ومواقف، ووزيرا وقياديا لم تؤلف حكومة في الكويت المستقلة إلا وكان ضمن تشكيلتها بحسب ما كتبه عنه الاستاذ يوسف شهاب صاحب كتاب «من قديم الكويت» الذي وصفه بصاحب «السيرة العطرة» و «الانجازات الحافلة». شخصيا كنت دائم التساؤل عن جذوره منذ سنوات الصبا حينما كنت أفتش في الصحف لإختيار بعض الأخبار للإذاعة المدرسية. فكلما وقعت عيناي على صورته ضمن تشيكلة الحكومات الكويتية الأولى في حقبة ما بعد الإستقلال كنتُ أسأل نفسي لماذا يتميز هذا الرجل دون كل زملائه في الحكومة بارتداء الملابس الافرنجية الانيقة؟ وكنتُ أجيب على السؤال بنفسي قائلا «لابد أنه فلسطيني تم تجنيسه» وكان الفلسطينيون كثرا وقتذاك ويشغلون مناصب رفيعة في أطر الدولة الكويتية الحديثة. لاحقا إكتشفتُ بطريق الصدفة أنّ المفردة او الصفة التي تسبق…
الجمعة ١٦ يناير ٢٠١٥
في شهر فبراير القادم ستحل الذكري الثانية لرحيل أول مذيع تلفزيوني خليجي. ففي ذلك الشهر من عام 2012 انتقل إلى رحمة الله تعالي في مدينة الخبر بشرق السعودية عن عمر ناهز التسعين عاما رجل كانت له تجربة فريدة ومتميزة في التعليم والمغامرة والكفاح من أجل الصعود الوظيفي والاجتماعي والثقافي. فقد كان كبير موظفي شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو)، وكبير مذيعي محطتها التلفزيونية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، وواحدا من أوائل معليمها ومدربي موظفيها، ورؤساء قسم العلاقات العامة فيها. إلى ذلك عـُرف عنه أنه مصور محترف، وصاحب تجربة في الأعمال الخاصة كالمقاولات وتأجير العقارات والسيارات، وفي سيرته أيضا مساهمته في الصحافة المحلية من خلال مشاركته لآخرين في تأسيس أول صحيفة يومية تصدر في المنطقة الشرقية بصورة منتظمة وحديثة. إنه المرحوم فهمي بصراوي الذي لا يمكن لأي مؤرخ إعلامي أن يتجاوزه أو يقلل من شأنه ودوره في بدايات الإعلام المرئي في المنطقة العربية عموما. لم يُكتب الكثير عن بصراوي على الرغم من الدور الهام الذي لعبه في حقلين من الحقول التي أولتهما شركة أرامكو عنايتها الخاصة وهما: حقل تعليم موظفيها العرب اللغة الانجليزية، وتعليم موظفيها الأجانب مبادئ اللغة العربية، وحقل انتاج برامج تلفزيونية محلية تلبي أهداف التثقيف والتوعية والترفيه بأسلوب متميز وسلس. ولإلقاء الضوء على شخصية الرجل، ومسيرته العملية والعلمية مع…
الأحد ١٩ أكتوبر ٢٠١٤
تعتبر اليابان ضمن الدول الأقل في البطالة، على الرغم من حقيقة أن عدد سكانها تضاعف أكثر من ثلاث مرات خلال الفترة من عام 1870 إلى عام 1970 (من 30 مليون نسمة إلى أكثر من 100 مليون نسمة فإلى أكثر من 128 مليون نسمة في الوقت الحالي). فنسبة البطالة فيها ما بين عامي 1953 و2014 كان 2.71 بالمائة، مع ملاحظة أن أعلى نسبة سُجلتْ كانت في عام 2009 وبلغت 5.6 بالمائة، وأقلها كانت في عام 1968 وبلغت 1 بالمائة فقط. هذا بلغة النسب المئوية، لكن بلغة الأرقام المطلقة، فإن أرقام العاطلين في اليابان تبدو إلى حد ما كبيرة. فطبقا للإحصائيات الرسمية، فإنه كان في اليابان في شهر أغسطس من العام الجاري نحو 2.31 مليون نسمة في حالة بطالة أي أقل بنحو أربعمائة ألف نسمة مما كان عليه الوضع في أغسطس 2013. وبمقارنة معدلات البطالة اليابانية بمثيلاتها في الدول الصناعية الكبرى نجدها منخفضة. فهذه المعدلات في البرازيل (5%)، وكندا (6.8%)، والصين (4.1%)، وفرنسا (10.20)، وألمانيا (4.90%)، وإيطاليا (12.30%)، وروسيا (4,80%)، وكوريا الجنوبية (3.5%)، وبريطانيا (6.20%)، والولايات المتحدة (5.90%)، وأستراليا (6.10%). ومما لا نشك فيه أن الإنجاز الياباني في تخفيض معدلات البطالة إلى حدود دنيا هو نتاج سياسات حكيمة وفعالة استهدفت ربط احتياجات سوق العمل بنظام التعليم والتخصصات المختلفة ربطا متقنا، وعدم إهمال…
الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤
قابلته لأول مرة في البحرين في عام 2001. كان هو آتياً من الرياض للمشاركة في ندوة حوار الحضارات ما بين اليابان والعالم الاسلامي التي استضافها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية قبل تحوله إلى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، وكنت أنا مجرد مشارك تمت دعوته بصفته الاكاديمية كباحث ومحاضر في الشأن الآسيوي. وبطبيعة الحال كان هناك العشرات من الشخصيات الدبلوماسية والاكاديمية اليابانية التي حضرت وهي تحمل في يدها حقائب مليئة بالدراسات والابحاث، أي على العكس من الشخصيات العربية التي حضرت دون استعداد مسبق، بل دون حمل مجرد مفكرة تدون فيها الملاحظات. وحده الدكتور عبدالعزيز عبدالستار تركستاني كان المشارك العربي الوحيد الذي خالف المشهد فجاء حاملا الملفات والتقارير والاحصائيات، بل وجلس يدون كل كلمة تقال. ما استرعى انتباهي وانتباه كافة المشاركين في ذلك اللقاء بمن فيهم الزملاء اليابانيون أن الرجل، حينما طلب المداخلة، كانت مداخلته بلغة يابانية سليمة وواضحة لا تأتأة ولا تردد فيها، الأمر الذي ادهش الجميع فظلوا يطالبونه بالتحدث باليابانية في كل مداخلاته اللاحقة بدلا من العربية والانجليزية اللتين يجيدهما بالإضافة إلى التركية. على هامش جلسات الندوة التي استغرقت يومين دارت بيني وبين الدكتور تركستاني أحاديث ومناقشات جانبية كثيرة فعرفت الكثير عن مشواره العلمي والعملي، وأسباب اتقانه اللغة اليابانية، وكيفية تفوقه فيها. كما صحح لي طريقة لفظ بعض عبارات التحية والترحيب…
الأحد ٣١ أغسطس ٢٠١٤
منذ أكثر من عام تعاني بورما ــ ماينمار ــ من وحول الكراهية والتطهير العرقي ضد أقليتها المسلمة ــ خصوصاً مسلمي الروهينغا ــ دون تحرك جاد من قبل المجتمع الدولي لإيقافها، لأن هذا المجتمع الدولي منشغل بملفات أكثر أهمية من وجهة نظره. وقد ظن البعض أن بعض الخطوات التي أقدمت عليها رانغون هذا العام كفيل بإيقاف هذه الظاهرة المخزية. لكن ثبت مؤخراً - من خلال عدد من حوادث العنف الطازجة ضد الأرواح والممتلكات- أن القوى الإجرامية الظلامية لا تزال متنفذة وتستطيع التحرك متى شاءت لتخريب أي علاج. صحيح أن حكومة الجنرال «تن سين»، تحركت تحت ضغوط إقليمية ودولية، فقامت بالتصدي لخطاب الكراهية، عبر شن عمليات ضد مروجيه وتحذير وسائل الإعلام من مغبة الانجراف نحو ترديد ذلك الخطاب ونشره، وذلك من منطلق الحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية. لكن الصحيح أيضاً هو أنه لم يثبت أن «رانغون» أقدمت حتى الآن على تفعيل تحذيراتها بمعاقبة من تتهمهم بتخريب السلم الأهلي، على الرغم من معرفتها بهم، وعلمها بأنهم يتعقبون كل صحفي أو حقوقي يكتب تقارير لوسائل الإعلام المحلية والعالمية عن حجم معاناة الأقلية المسلمة المستهدفة. ويزعم بعض المراقبين أن السلطة العسكرية الحاكمة في بورما تتعمد ذلك، لأن الملف المذكور وتداعياته يشغل الجماهير ويصرف أنظارها بعيداً عن المطالب الشعبية بإحداث تغييرات على دستور البلاد لعام…