الأربعاء ٢٦ أغسطس ٢٠١٥
أصارحكم القول إني فكرت أن أتناول في مقالي هذا قضية المعبد الهندوسي المزمع إنشاؤه في أبوظبي، بالدخول في العموميات، من دون تطرق لصلب الموضوع، ووجدت نفسي في تناقض معها، وقررت تناول الأمر من قريب. كوضوح الشمس في رابعة النهار؛ يشكل الأصدقاء من بلاد الهند الجزء الأكبر من المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحسب الإحصائية الرسمية في موقع السفارة الهندية في الدولة ذُكر أن عدد الرعايا الهنديين أكثر من 2.600.000 نسمة؛ 65 في المئة منهم من العمالة، 20 في المئة منهم يعملون في الأعمال الإدارية، 15 في المئة رجال أعمال وخبراء وعوائلهم، وهذا كله يمثل ما نسبته 30 في المئة من عموم السكان، كما أن الصلات الهندية الإماراتية لا تخفى على أي صاحب دراية بهذا النوع من العلاقات. هذا العدد الكبير له ـ بلا شك ـ ما له من حقوق، وعليه ما عليه من واجبات، وله مطالبه الخاصة والعامة، وولي الأمر الذي أذن لهم بالاستقرار عنده، للاستفادة منهم، عليه أن يؤمّن لهم رغباتهم؛ في حدود الاحتياج الذي يقدره هو بما لديه من رؤى وخبرات، لا يمكن للإنسان العادي أن يراها بسهولة، ثم إن فقه «السياسة الشرعية»، والذي يسمى «السياسة العادلة» يخول ولي الأمر رعاية مصالح الناس، ومقاصد الشرع، وتقديم المصالح، والموازنة بينها وبين المفاسد. مسألة المعبد يحتاج من يريد الخوض…
الأحد ١٩ يوليو ٢٠١٥
العام الماضي، وفي مثل هذه المناسبة السعيدة كتبت مقالي بعنوان: من "المعنى السياسي للعيد"، الذي لخص فيه الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي، الملقب بـ(معجزة الأدب العربي) بعض مشاعره عن العيد.. هذه المرة سأتوقف عند مقالة أخرى لأديبنا نفسه، عن المناسبة ذاتها، عنوانها (اجتلاء العيد). قال فيها: "جاء يوم العيد، يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحده لا يستمر أكثر من يوم.. زمن قصير ظريف ضاحك، تفرضه الأديان على الناس؛ ليكون لهم بين الحين والحين يوم طبيعي في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها.. يوم السلام، والبشر، والضحك، والوفاء، والإخاء، وقول الإنسان للإنسان: وأنتم بخير.. يوم الثياب الجديدة على الكل؛ إشعارا لهم بأن الوجه الإنساني جديد في هذا اليوم.. يوم الزينة التي لا يراد منها إلا إظهار أثرها على النفس ليكون الناس جميعا في يوم حب.. يوم العيد؛ يوم تقديم الحلوى إلى كل فم لتحلو الكلمات فيه.. يوم تعم فيه الناس ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعة بقوة إلهية فوق منازعات الحياة.. ذلك اليوم الذي ينظر فيه الإنسان إلى نفسه نظرة تلمح السعادة، وإلى أهله نظرة تبصر الإعزاز، وإلى داره نظرة تدرك الجمال، وإلى الناس نظرة ترى الصداقة.. ومن كل هذه النظرات تستوي له النظرة الجميلة إلى الحياة والعالم؛ فتبتهج نفسه بالعالم والحياة.. وما أسماها نظرة تكشف للإنسان أن الكل جماله في الكل".…
الأحد ١٢ يوليو ٢٠١٥
بالكلمات أعلاه غرد صاحب السمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ـ وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ـ ناعيا ومؤبنا أخاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق، والمشرف على الشؤون الخارجية ـ الذي فجع العالم من أدناه إلى أقصاه برحيله عن هذه الدنيا الفانية ليلة الجمعة الماضية، في ليلة نفيسة من ليالي رمضان الأجل.. كلمات سمو الشيخ أعادتني إلى التفتيش عن منهج الراحل الكبير، لا سيما أن القائل والراحل من (الأقران)؛ كما يعبر عن ذلك طلاب العلم الشرعي، الذين ذكروا في قواعدهم المعروفة قاعدة شهيرة، هي: "شهادة الأقران تُطوى، ولا تروى"، وفي حالتنا هذه أثبت الشيخ عبدالله أن القاعدة ليست مطلقة، وأن معناها أن أي كلام "سلبي" بين من تساوت رتبهم لا يعتد به، بل إن "شهادة الأقران تطوى وتروى"، خاصة إذا أتت بعد معاصرة استمرت قرابة عِقد من الزمن. عودا على تفتيشي عن (منهج الأستاذ)، عدت بالذاكرة إلى مقال كتبه سمو الشيخ عبدالله نفسه قبل تسعة أسابيع، وتحديدا في 16 من رجب الماضي، عنوانه (رجل الهمة)، إثر قراءته لخبر تنحي الأمير سعود عن منصبه، أكد فيه أنه يظلم الأمير سعود من يشبّهه بهنري كيسنجر ـ وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ـ فهو "سعود السياسة العربية، وسعود السياسة الدولية"، ثم ذكر وبكل فضل منه قوله: "تعلمتُ…
الأحد ٠٥ يوليو ٢٠١٥
في ليالي شهر رمضان المبارك، وقبل أذان الفجر بالتحديد، يتذكر الناس كثيرا فضيلة الشيخ محمد أمين بن الحاج متولي الشعراوي -رحمه الله تعالى-، وبوضوح يمكن أن يقول أي متابع للشأن الشرعي والإعلامي منه بالخصوص أن السنين الـ17 الماضية لم تنس الناسَ الشيخ الشعراوي، الذي رحل عنا بعد أن ترك وراءه تراثا علميا وفكريا مهما، فرض به نفسه أمام الجميع كأحد أبرز علماء العصر، وصاحب أول تفسير شفوي؛ قدم به تفاسير السابقين بلغة يتسابق إليها العوام والعلماء معا، فعلى الرغم من أن علم التفسير علمٌ دقيق، وغالباً ما يُقدم في قوالب صارمة، ولغة عالية، إلا أن الشيخ -يرحمه الله- نجح في تقريب المعاني الصعبة، والمسائل الدقيقة لكل من سمعه منه. عرف الناس الشيخ الشعراوي، وتوثقت صلتهم به، من خلال البرنامج الشهير (نور على نور)، الذي كان يفسر فيه كتاب الله العزيز، وقد بدأ هذا البرنامج في السبعينات من هذا القرن، ومن خلاله ذاع صيته في مصر والعالم العربي والإسلامي، ومن التلفزيون المصري انتقل البرنامج إلى إذاعات وتليفزيونات العالم الإسلامي كله تقريبا، هذا إضافة إلى جملة برامج أخرى مهمة مثل برنامج (من الألف إلى الياء)، وبرنامج (الخواطر الإيمانية)، وبرنامج (الجائزة الكبرى)، وبرنامج (أنت تسأل والشعراوي يجيب). لا يأتي رمضان المبارك -كما ذكرت- إلا ويتذكر الجميع الشيخ الجليل؛ الذي كانت له وقفات في…
الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥
كنت قد كتبت بتاريخ 27/8/1431 مقالا هنا بعنوان "المفطِّرات بين الحسم والتأجيل" وبعد ذلك كتبت بتاريخ 3/9/1433 مقالا بعنوان "المفطرات الدوائية مرة أخرى" ثم كتبت بتاريخ 19/9/1434 مقالا بعنوان "يا مجمع الفقه.. إن نسيتم فالناس لا تنسى" القاسم المشترك بين كل المقالات السابقة هو ما يكثر السؤال عنه في شهر رمضان المبارك من حكم (المفطرات في مجال التداوي).. ما دعاني للتكرار القديم، والتأكيد الحالي هو أنه في عام 1418 وفي الدورة العاشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي ـ وهو غير المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي المنعقدة بمدينة جدة- قرر المجتمعون فيها بعضا مما لا يعتبر من المفطرات، وأجلوا حينها إصدار قرار في بعض المفطرات الدوائية؛ للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة عن أثرها على الصوم. وفي كل مرة يعقد المجمع الموقر فيها دورته لا يفتح هذا الموضوع أبدا، حتى جاءت الدورة الثامنة عشرة التي عقدت عام 1428 وقرر المجمع وبصريح العبارة تأجيل النظر فيما أجل سابقا، ثم عقد المجمع الدور التاسعة عشرة عام 1430، ثم الدورة العشرين عام 1433، ثم الدورة الحادية والعشرين عام 1435، ثم الدورة الأخيرة ـ الثانية والعشرين ـ قبل شهرين في الكويت، ولم يفتح الموضوع مطلقا، بل إن كل القرارات تأتي خالية من الإشارة إلى هذا الموضوع الحيوي المهم. بالله عليكم…
الأحد ١٧ مايو ٢٠١٥
حسب العادة الميمونة التي جرى عليها عمل أولياء أمور بلادنا المباركة، منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ـ رحمه الله ـ إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ سدده الله ـ، يتم بعد يومين غسل الكعبة المشرفة ـ غرة شعبان: الثلاثاء ـ، بعد أن كان يتم في الخامس عشر من شعبان، وقبله كان يتم في الخامس والعشرين، أو السابع والعشرين منه، وهو الغسل السنوي الأول، الذي يعقبه الغسل الثاني في منتصف محرم، بعد أن كان يتم في السابع من ذي الحجة، وقبله كان يتم في الخامس، أو الأول منه. تاريخيا لم يُكتب بالتفصيل ـ كثيرا ـ عن مواعيد فتح وغسل الكعبة، أما في العصر الحالي فنجد أن من أفضل من وثق ذلك العالم الجليل خطاط المصحف الشريف، فضيلة الشيخ محمد طاهر بن عبدالقادر الكردي المكي، المتوفى عام 1400 ـ رحمه الله ـ، عضو اللجنة التنفيذية لتوسعة وعمارة الحرم، ورئيس قسم التأليف والآثار التاريخية لمكتب التوسعة، وأحد المشاركين في وضع الحجر الأساسي للتوسعة، وأحد واضعي الإطار الفضي للحجر الأسود، وأحد المشرفين والمشاركين في ترميم الكعبة.. ذكر الشيخ طاهر الكردي في كتابه (التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم ـ 6 أجزاء)، أن الكعبة الغراء تفتح ـ حسب مشاهداته ـ يومي الإثنين والجمعة، وفي…
الأحد ٠٣ مايو ٢٠١٥
كتبت في تغريدة لي وأنا أستمع إلى الأوامر الملكية الكريمة الأخيرة فجر اليوم الذي أعلنت فيه: "اليوم ـ الأربعاء ـ عرفت بلاد الحرمين الشريفين معنى دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اللهم بارك لأمتي في بكورها".. ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين ـ أيده الله ـ صبَّح شعبه الذي يثمن له كل الذي قام به منذ أن بايعوه ملكا عليهم، على كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ يومها بجملة قرارات دقيقة، أهمها ـ في نظري ـ ذلك التغيير الجذري في منصبيْ ولاية العهد، وولاية ولاية العهد، وإسنادهما لكُفئين من أكفاء هذه البلاد المباركة ـ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، أعانهما الله، وأدام توفيقه عليهما ـ، اللذين أجدد لهما البيعة على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قبل الدخول في شجون الموضوع، واجب الوفاء يفرض علي أن أقدم جزيل الشكر مع كل الشاكرين إلى مقام صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، الذي رغب في ترك منصبه، بعد أن نقش حبه في قلوب الناس بفضل المكانة الكبيرة، والخبرات العريضة التي متعه الله بها، والواجب ذاته يفرض وصل الشكر بشكر آخر لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، الذي قدم ـ ومازال ـ كل…
الأحد ١٢ أبريل ٢٠١٥
لا أعتبر نفسي متجاوزا، وأنا أؤكد أن طلاب العلم في مكة المكرمة أصبحوا الخميس الماضي على خبر من أكثر الأخبار حزنا عليهم، ألا وهو انتقال فضيلة الشيخ الدكتور فؤاد بن محمود سندي إلى رحمة الله. الفقيد الراحل يعد أحد العلماء والمربين الكبار، ومن الذين استطاعوا أن يجسدوا للمجتمع وبكل وضوح، كيف أن الإنسان كلما ازداد تمكنا من علمه ازداد تواضعا، وازداد قربا من الناس، وازداد زهدا في عالم الأضواء. كل طلاب الدكتور الذين درسوا على يديه في المدارس يعترفون بفضله عليهم، ويشهدون له بتشجيعه المستمر لهم، وتحبيبه اللغة والأدب إلى قلوبهم، كل ذلك يفعله مع ابتسامة لا تكاد تفارقه. شخصيا عرفت الراحل في مجالس العلم، وأتذكر ارتياده لها، وكانت لي فرصة استضافته مرات عديدة في لقاءات علمية متعددة، وكان دائما ما يترك في الحضور أثرا مستمرا، إن بالفوائد اللغوية التي تنساب منه بكل سلاسة، أو بالطريقة الجميلة التي ينتهجها في الحديث. الدكتور - رحمه الله - بعد مرحلة تقاعده، وتحرره من الروتين لم يركن إلى (القعود)، بل بدأ بعدها، وخلال أربعة عشر عاما مشوارا علميا مميزا، أخرج فيه للمهتمين جل علومه التي نهلها من حلقات المسجد الحرام، والمعهد العلمي السعودي، وجامعة الملك سعود، وجامعة الأزهر التي نال منها درجة الماجستير في النحو والصرف، فالدكتوراه في اللغويات مع مرتبة الشرف قبل…
الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥
مشهور بين الناس كثيرا أمر (حزب الفضول) الذي سأتطرق إليه لاحقا، غير أن حزبا ـ حلفا أو هيئة إصلاحية ـ آخر مهما سبقه لنفس الغرض، وهو نصرة المظلوم، وردع الظالم، لا بد أن أستفتح به مقالي.. الحزب الذي أقصده هو (حزب الْمُطَيّبِين)، الذي تأسس بسبب فريق من (قريش) أجمع على أن يأخذ من (بني عبدالدار) مجموعة أعمال شريفة هي: (الحجابة) ـ خدمة الكعبة ـ ، و(اللواء) ـ حمل راية الحرب ـ، و(السقاية) ـ سقي الحجيج ـ، فاستنصر بنو عبدالدار أصحابَ النخوة، فأخرج بنو عبدمناف قصعة مملوءة طيبًا، ثم غمسوا أيديهم فيها، وتعاقدوا، وتعاهدوا، على نصرة بني عبدالدار، والمظلومين من بعدهم، ثم طيبوا الكعبة المشرفة بأيديهم توكيدا على أنفسهم، ـ من هنا جاءت تسمية الحلف ـ ، وتم الصلح والاتفاق على أن تكون الرفادة والسقاية لبني عبدمناف، وأن تستقر الحجابة واللواء والندوة في بني عبدالدار.. أما الحزب الثاني ـ التالي ـ فهو (حزب الفضول)، الذي تميز بشهوده صلى الله عليه وسلم، وهو في العشرين من عمره، بمشاركة جماعة من المطيبين، وكان سبب نشوء الحزب رجلا غريبا قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل، ولم يكمل له القيمة، فاستنصر الغريبُ بأهل الفضل في مكة، فدعا عم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الزبير بن عبدالمطلب القبائل القرشية إلى حلف، فاجتمعوا…
الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥
من فنون البلاغة اللغوية، ومن المحسنات البديعية التي تحقق جمالية التقابل في المعاني فن يعرف بالعكس ـ المعنوي ـ، ويسمى: (التبديل)، وهو أن تقدم في الكلام جزءا، ثم تعكس فتقدم ما أخرت، وتؤخر ما قدمت، ويحسن هذا الفن حين يكون كل من مقدم الكلام وتاليه ـ عكسه ـ مؤديين من المعاني ما يقصد لدى البلاغيين، ومن صوره العكس بين طرفي جملة واحدة، مثل: "كَلاَمُ الأمِيرِ، أَمِيرُ الكلام"، وعادات السَّادَاتِ، سَادَاتُ الْعَادات"، ومنه العكس بين متعلقي فعلين في جملتين، كقوله سبحانه وتعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِن الميّتِ ويُخْرِجُ الْميّتَ مِنَ الْحَيّ}، ومنه العكس بين لفظين في طرفي جملتين، مثل البيت الشهير لأبي الطيب المتنبي: "فَلا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ * وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ قَلّ مَجدُهُ"، وقول الأب لمدرس ابنه: "أنجحته بغير حق فسقط، ولو أسقطته بحق لنجح".. الكلام في هذا الباب طويل وجميل، ولكني وجدت البدء بهذه المقدمة أمرا مناسبا لترجمة عنوان المقال من الناحية البلاغية، وأمرا لازما ومتوافقا مع الخطاب الرسمي الأخير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ورعاه ـ. الخطاب الملكي الأخير يعد الخطاب الثاني للمليك المفدى ـ الخطاب الأول جاء عبر كلمة متلفزة، بمناسبة تولي السلطة، ولم تسمح المناسبة حينها بعرض تفاصيل السياسة الداخلية والخارجية للمملكة العربية السعودية ـ، وقد استعرض…
الأحد ٠٨ مارس ٢٠١٥
غالبية وكالات الأنباء العالمية والصحف والإذاعات تهتم اليوم ،الثامن من مارس، باليوم الدولي للمرأة، وهو يوم وضعت له الأمم المتحدة تعريفا منشورا في موقعها، نصه: "اليوم الدولي للمرأة يوم للتأمل في التقدم المحرز، ويوم للدعوة إلى التغير، والاحتفال بشجاعة عوام النساء اللواتي اضطلعن بدور استثنائي في تاريخ بلادهن ومجتمعاتهن وما يبدينه من تصميم".. موضوع هذا العام هو "حق المساواة تقدم للجميع"، والقصد من الموضوع أن المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة وتمتعها بكامل حقوق الإنسان، والقضاء على الفقر، هي أمور حاسمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتأكيد على الدور الحيوي لها بوصفها عاملا مهما من عوامل التنمية. يوم المرأة الدولي مناسبة تحتفل بها المجموعات النسائية في العالم، وبلاد عديدة تجعله يوما وطنيا، ويوما لاحتفال النساء من جميع القارات، وإن فصلت بينهن الحدود الوطنية والفروق العرقية واللغوية والثقافية والاقتصادية والسياسية، يستعرضن فيه تاريخ النضال من أجل المساواة والعدل والسلام والتنمية على امتداد تسعة عقود من الزمن تقريبا، ويوما يستذكر فيه النساء قصة المرأة العادية صانعة التاريخ، التي يعود أصلها إلى نضال المرأة على امتداد القرون من أجل المشاركة في المجتمع على قدم المساواة مع الرجل. أنا على يقين شبه تام أن مقالي لن يرضي كثيرا من الذكور، وخصوصا زملاء العلم الشرعي، وذلك لحيثيات كثيرة ومكررة، ومنها أن الدين الإسلامي عظم حقوق المرأة، وأنه سبق…
الأحد ٠١ مارس ٢٠١٥
طاعون التطرف الذي تشتكي منه كل المجتمعات، ومن مختلف الديانات كان عنوان مجموعة من اللقاءات التحضيرية التي عمت أطراف المملكة، البداية كانت في نجران، ومرت بأبها، فجازان، والباحة، وأخيرا، وليس آخرا في جدة، ويتبقى عقدها في حائل، وبريدة، والخبر، ثم الرياض، كل هذا الزخم لنفس الموضوع يوضح دقة التحضيرات للقاء المرتقب للحوار الفكري العاشر في العام القادم بحول الله. لقاء جدة، الذي سعدت بالمشاركة فيه قبل أيام مع نخبة غيورة وصريحة من سيدات ورجالات منطقة مكة المكرمة، أكد أن التطرف، وإن اختلفنا اختلافا صحيا في إلصاقه بالدين، إلا أننا اتفقنا كثيرا في أن أبرز المظاهر المقيتة له هو التعصب الذي يتجمد فيه المرء عند رأيه، ويحاول أن يثبت فيه لنفسه ما ينفيه عن غيره، وأن هذا الأمر يزداد فُحشه عندما يفرض صاحب الرأي رأيه بعصاه الغليظة، وبطبيعة الحال لم نهمل التشدد، والغلو، والعنف، وسوء الظن، واستباحة الأنفس، مما نتج عنه وعن غيره لوثة التكفير، وفوضى التفسيق والتبديع، وممارسة الوصاية على عقول الناس، والجناية على الدين باسم الدين كما هو مشاهد ومسموع. لا يختلف الناس في أن التطرف الذي يُقصد به الأفكار الشاذة غير المبررة، وتلك التي تجاوزت حد الاعتدال، وخرجت عن القواعد، والقيم، وتبنت المعايير الشاذة والمختلفة، له أسبابه الكثيرة، وبقليل من التمعن نجد أن أبرزها مرتبط بالحرمان الاقتصادي، والإقصاء،…