عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

(‬في‭ ‬ظلال‭ ‬ليلة‭ ‬القدر‭ …‬)

الأحد ٠٤ أغسطس ٢٠١٣

يتذكر‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يصلي‭ ‬في‭ ‬مسجد ‭ )‬سلمان‭ ‬الفارسي‭ (‬‭ ‬، في‭ ‬منطقة‭ ‬المطينة‭ ‬بدبي‭ ‬منتصف‭ ‬التسعينات‭ ‬تلك‭ ‬الزحمة‭ ‬الخرافية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬عليها‭ ‬المسجد‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬لجمال‭ ‬صوت‭ ‬إمامه،‭ ‬كان‭ ‬المصلون‭ ‬يغلقون‭ ‬الشوارع‭ ‬المحيطة‭ ‬بالمسجد‭ ‬لكثرة‭ ‬توافدهم‭ ‬عليه،‭ ‬وكنا‭ ‬بسبب‭ ‬إيعاز‭ ‬من‭ ‬الضمير‭ ‬نلحق‭ ‬بهم‭ ‬بعد‭ ‬قضاء ‭ )‬أنشطتنا‭ ‬الرمضانية‭ .( ‬عند‭ ‬دوار‭ ‬السمكة،‭ ‬غير‭ ‬بعيد‭ ‬عنه‭ ! ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ذلك ‭ )‬البيك‭ ‬أب‭( ‬ الشهير‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬الركعة‭ ‬الرابعة‭ ‬لينزل ‭ )‬كنافة‭ ‬ناعمة‭ (‬لجميع‭ ‬المصلين،‭ ‬سامعين‭! ‬(كنافة‭ ‬ناعمة‭) (‬بلس‭ ‬بلس‭(‬ ‭ ‬ ،مب‭ ‬كرتون‭ ‬همبة‭ ‬خايسة‭ ‬ولا‭ ‬رطب‭ ‬ما‭ ‬حد‭ ‬لقح‭ ‬نخلته‭ ‬تقول‭ ‬زبيب‭ ‬محترق‭! ‬ لا‭ ‬وبعدين‭ ‬يطرش ‭ )‬اصنع‭ ‬جميلاً‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬موضعه،‭ ‬فلن‭ ‬يضيع‭ ‬جميل‭ ‬حيثما‭ ‬زرعا )‭! ‬ جائت‭ ‬أيام‭ ‬وذهبت‭ ‬أيام‭ ‬ودخل‭ ‬لاعبون‭ ‬جدد‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬وواجه‭ ‬المسجد‭ ‬منافسة‭ ‬من‭ ‬مسجد ‭ )‬شيرزاد‭( ‬ في‭ ‬الطوار،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬مسجد ‭ )‬بوخاطر‭( ‬ في‭ ‬الشارقة،‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬الناس‭ ‬كما‭ ‬يقال ‭ )‬يبندون‭ ‬الدوار‭ ( ‬لكثرتهم‭ ‬أثناء‭ ‬صلاة‭ ‬التهجد،‭ ‬ثم‭ ‬دخل‭ ‬مسجد ‭ )‬الدليمي‭( ‬ في‭ ‬عجمان‭ ‬إلى‭ ‬قلب‭ ‬المنافسة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬مع‭ ‬أوبشن ‭ )‬صوته‭ ‬حلو‭ ‬وما‭ ‬يطول‭ ‬،‭( ‬ومازالت‭ ‬المساجد‭ ‬تزيد‭ ‬ومزامير‭ ‬داوود‭ ‬الرائعة‭ ‬تصدح،‭ ‬ويمتلئ‭ ‬المسجد‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬بحسن‭ ‬الأداء‭ ‬برواده‭ ‬من‭ ‬إمارته‭ ‬ومن‭ ‬الإمارات‭ ‬المحيطة‭ ‬به،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬هناك‭ ‬ورشة‭…

زمان الـ(سكس – ويل)!

الثلاثاء ٣٠ يوليو ٢٠١٣

أجمل فترات حياتي تلك التي قضيتها بين كثبان المنطقة الغربية ونخيلها وأنهارها.. أنهارها واسعة شوي.. أندو! بين كثبانها ونخيلها.. كان هناك ذلك التجمع المشبوه لمجموعة من المطاعم والكافتيريات على الطريق السريع باتجاه مدينة السلع بالقرب من منطقة «طريف» ومركز شرطتها الشهير، حيث يمكنك تذوق ألذ وجبة «مندي» على الخط وأجمل المشروبات الجسدية (المقابل الشرعي للمشروبات الروحية). ولا أعلم هل فعلاً التشيف المالاباري الموجود هناك يعد وجبات لذيذة أم أن الأمر من باب ما ذكره سمو حاكم الشارقة عن رحلته لإيران في «سرد الذات» حين قال إن «الجوع هو أمهر طباخ»، فيكون حالك هكذا بعد قضاء ساعات عدة من الحدود السعودية إلى طريف. الشاهد أنني في تلك الأوقات أثناء تناول الوجبات على الخط كنت أتسلى بمراقبة الشاحنات القادمة والذاهبة إلى المملكة العربية السعودية.. كلها من الحجم الثقيل، وتحمل شعار جامعة الدول العربية، لسبب لا أعرفه.. هذا الشعار الذي كنا نحلم برؤيته ناجحاً مرة واحدة في حياتنا ولم نر نجاحه إلا على مؤخرات «السكس ويلات»! كنت أعد الشاحنات لتزجية الوقت وأتساءل أيها التي قتلت أحبابي على الخط! من طقوس شاحنة «السكس ويل» الجميله عند لفات «اليو تيرن» أن يقوم صاحب الشاحنة بالتعريض أولاً فيلف على اليمين قبل مسافة من وجود الفتحة على اليسار، لكي يمنح لشاحنته «مساحة»، ثم يكسر على اليسار مرة…

(سجل‭ ‬ع‭ ‬الحساب؟‭(!‬

الخميس ٢٥ يوليو ٢٠١٣

إذا‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وسيلة‭ ‬إعلامية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬باقتراح‭ ‬أن‭ ‬تسلم‭ ‬الحكومة‭ ‬راتب‭ ‬الشهر‭ ‬المقبل‭ ‬قبل‭ ‬العيد‭ ‬فلا‭ ‬تنتظروا‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬أمامكم،‭ ‬وخذوا‭ ‬المبادرة‭ ‬مباشرة‭ ‬إما‭ ‬بالتعرض‭ ‬لصاحب‭ ‬الاقتراح‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬و(‭‬تهذيب) ‬أخلاقه‭ ‬بالعقال‭ ‬على‭ ‬طريقة (‬جاكي‭-‬شان‭-‬الجمارك) ‬الشهيرة،‭ ‬أو‭ ‬بقتله‭ ‬وسحله‭ ‬على‭ ‬طريقة (‬مصر‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬التصحيحية)‬،‭ ‬أو‭ ‬بإقناع‭ ‬عائلته‭ ‬بالحجر‭ ‬على‭ ‬أمواله‭ ‬وتصرفاته‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬أنه (‬سفيه)! ‬مازلنا‭ ‬نذكر‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬مررنا‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬عند‭ ‬تسلم‭ ‬راتبين‭ ‬قبل‭ ‬العيد،‭ ‬عشنا‭ ‬أياماً‭ ‬جميلة‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬وامتلأت‭ ‬صفحات (‬فيس‭ ‬بوك) ‬بصور‭ ‬لأبله‭ ‬يمسك‭ ‬في‭ ‬يده‭ ‬وردة‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬وآخر‭ ‬يحمل‭ ‬بيده‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬الثلج‭ ‬في‭ ‬كندا،‭ ‬وآخر‭ ‬يمسك‭ ‬بـ(‬اللهم‭ ‬إني‭ ‬صائم) ‬في‭ ‬بتايا‭.. ‬وامتلأ (‬تويتر) ‬بتعليقات‭ ‬على‭ ‬غرار (‬أستودعكم‭ ‬الله‭.. ‬لندن‭ ‬تايم‭).. (‬قولوا‭ ‬مبروك‭ ‬أخيراً‭ ‬غيرت‭ ‬تواير‭ ‬الموتر‭).. (‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬تعاقدت‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬الطابق‭ ‬الثاني).. ‬كما‭ ‬امتلأ (‬انستغرام) ‬بالصور‭ ‬الجميلة‭ ‬للمأكولات‭ ‬الراقية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬مع‭ ‬العبارات‭ ‬اللزجة‭ ‬التي‭ ‬يعرفها (‬المراكبية) ‬جيداً‭ ‬على‭ ‬غرار‭: ‬تفضلوا‭.. ‬اقتربوا‭.. ‬يبيبيتوتوم‭.. ‬إن‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬مخطئاً‭ ‬في (‬السبيلينج) ‬الخاص‭ ‬بهذه‭ ‬الأخيرة‭.. ‬كانت‭ ‬الصورة‭ ‬وردية‭ ‬جداً،‭ ‬وبدا‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬سعداء‭ ‬والمجتمع‭ ‬يكاد‭ ‬يعانق‭ ‬بعضه‭ ‬بعضاً‭ ‬لفرط‭ ‬السعادة‭.. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬لحظة‭ ‬الحقيقة‭ ‬حانت‭ ‬بعد‭ ‬أسبوعين‭.. ‬أسبوعين‭ ‬فقط‭.. ‬امتلأ (‬فيس‭ ‬بوك) ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بصورة‭ ‬للأبله‭ ‬ذاته‭ ‬وهو‭ ‬يضع‭ ‬طفلتيه‭ ‬الجميلتين‭ ‬على‭ ‬حجره‭ ‬وتعليق‭ ‬تحتها‭ ‬بالأحمر‭:…

مياه المساجد

الثلاثاء ١٦ يوليو ٢٠١٣

«شعوب لن تتخلص من عقدة (الهيازه)»! فمرة تسمع اتصالاً يستفتي فيه المستفتي (بكسرة تحت التاء الثانية) بجواز صلاة الظهر في منزله إذا بلغت الحرارة أكثر من ‬50 درجة، وتارة تسمعه وهو يستجدي المستفتى (بفتحة على التاء الثانية)، أن يعطيه فتوى تسمح له بالبقاء في المنزل إذا كان صوت الأذان لا يصله (من دون استخدام الميكروفون). وفي اتصال ثالث يطلب الرأي في جواز صلاته في المنزل بجوار جدته العجوز لكي لا يفوتها أجر الجماعة.. ودواليك. المشكلة هي أن جميع أهل الفريج يحفظون صوت المتصل ويعرفونه تماماً، ولكن قوانين البث المباشر لا تسمح بدخول طرف ثالث يقول بملء صوته: كذاااب، خرااااط، إن منزله لا يبعد عن المسجد أكثر من ‬50 متراً، وجدته لم تلحق على «طاش ما طاش» في جزئه الأول.. وكل ما في الأمر أن «ستايله» الرمضاني يفرض عليه المداومة في الخيم الرمضانية والاكتفاء بعبادات القلوب صباحاً، مثل: التفكر والتأمل، وربما قليل من الاستغفار عما حدث في الخيمة يوم أمس! ولذلك فقد كان قلقنا كبيراً عندما غاب عن صلاة الظهر لليوم الرابع على التوالي ونحن نعلم أنه لم يحصل على الفتوى بعد.. كعادة البروتوكول في الفريج.. يخرج ثلاثة رجال لزيارة الغائب في منزله والاطمئنان عليه.. هذه المرة لم يكن يكذب، كانت الحروق واضحة على يديه وفي مناطق أخرى أصر على إخفائها…

«كم باجي ع الأذان؟»

الخميس ١١ يوليو ٢٠١٣

تشرشل رئيس الوزراء البريطاني أيام الطيبين كان يكثر الإجازات، ويقول: هل تعلمون لماذا خسر هتلر الحرب؟ لقد خسرها لأنه لم يأخذ إجازة واحدة، ما أثر في أدائه وتركيزه.. الإجازات هي سبب الانتصارات! رغم أن صديق المقهى الذي أخبرني بالقصة في إجازة منذ أن عرفتُه، إلا أنني أصدق هذه المقولة، فهي عبارة لا يمكن أن يقولها إلا شخص على وزن تشرشل، وهي بالمناسبة تلفظ «تش»، كما في «تشومبيه»، وليست كما في «تشكرات» التي تقولها للطبيب الذي يزرع شعر رأسك في اسطنبول، كما أن التركيب الفيزيائي لبنية تشرشل يدل على أنه من الذين يعرفون كيف يستمتعون بإجازاتهم فعلاً، على عكس بنية صاحب الشنب المربع! دع عنك انتمائه إلى مؤسسة معروفة بالصدق والشفافية، وأنها «سيدا»، خصوصاً مع قضايا العرب المصيرية.. واللهم إني صائم! «الإجازات هي سبب الانتصارات»، لذا فأنا لا أفرط في أي فرصة تحمل رائحة إجازة، الأعياد الرسمية، اليوم الوطني، الإسراء والمعراج، حرب أكتوبر، شم النسيم، النيروز، العيد الوطني لفنزويلا، وفاة غاندي، إجازة لوفاة جدة جاري، إجازة بلا مرتب، إجازة مرافقة مريض، إجازة تعويض مكان مرافق مريض، إجازة مرافقة من سيعوض مكان مرافق المريض، إجازة رفع، إجازة مرافقة سجين، إجازة رأي، و دعك مما يقوله «الورركوهوليكس»، لو كان فيهم خير لما أطلقوا عليهم هذا الاسم الذي يشبه التعاويذ السحرية.. تخيل ساحرة تريد…

(اللهم بلغنا!)

الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠١٣

-- كان يجلس متكئاً.. قميصه يحمل شعار نادٍ إيطالي مشهور، و«الكاب» يحمل شعار نادٍ إنجليزي أقل شهرة، والـ«بنطلون» يحمل شعار نادٍ ثالث، على الجدار خلفه كان يضع صورة لأحد اللاعبين المخضرمين، ومكتوب بجوارها بخط أصفر عريض «حبيبي (فلان) نجم نجوم الوصل»، بالطبع هناك شطب باللون البنفسجي على كلمة «الوصل»، وقد كتب بجوارها «العين»، ثم شطب باللون الأسود، وقد كتب «الجزيرة» ثم شطب باللون الأصفر، وقد كتب «الظفرة» ثم شطب باللون البرتقالي، وقد كتب «عجمان».. وأخيراً هناك شطب على الجميع ومكتوب «نجم نجوم اللعبة الحلوة»! -- نفث صديقي الرياضي الكثير من السم الهاري، الذي يقترفه الرياضيون، وأسبل عينيه، وقال لي بكل إيمان: «إن شاء الله بس الله يبلغنا»! قلت له وأنا أتخيل عقالي وهو يرتفع بضعة سنتيمترات ليشكل طوقاً ملائكياً: آمين يا رب. لم يبقَ إلا القليل، خمسة أو ستة أسابيع، ويبدأ الشهر الفضيل، الشهر الوحيد الذي يستطيع أحدنا أن ينام فيه ملء جفونه وهو يثق بأن أحداً لا يطعنه في ظهره. سعل صاحبي بعنف وأحسست به وقد انحرج وتلعثم.. حاصرته وضغطت عليه: فاعترف لي بأنه كان يقصد «كأس العالم ‬2014»، وليس شهر رمضان المبارك، لكنه يشكرني لحسن ظني به! -- جلست أمارس ما يسميه الأطباء «التدخين السلبي».. وهو الشيء الوحيد الذي أخشى أن أصبح إيجابياً فيه، لا قدر الله، وأنا…

(قومة ولا خط؟!)

الأحد ٢٦ مايو ٢٠١٣

الطقوس يعرفها جيداً كل من كان «سرسرياً» في الثمانينات أو مشروع «سرسري» و حتى «سرسري-جونيور»، يبدأ المشروع على إحدى الإشارات نظرة منك ونظرة من سائق السيارة الأخرى، تلك النظرة التي «تجدح» شرارة التحدي بينكما، مرحلة التعارف تكون بأن تضغط على دواسة الوقود في «موترك» بقوة ليسمع الخصم ذلك الصوت الناتج عن «إكزوز» مخروم تم خرمه بوساطة خبير في الصناعية الرابعة يحمل اسماً على غرار «حسون دعامية» أو «غلوم سفايف» في ورشة غير شرعية عبارة عن ساحة ما في «سكن بنغالية»، يتم خرم «الإكزوز» بحيث يصدر تلك الأصوات المرعبة عند ضغط دواسة الوقود، لكن من دون أن تكشفه لجنة المرور أثناء الفحص السنوي، بالطبع يرد الطرف الآخر بضغطة أقوى للإشارة إلى البدء في التحدي! بعد الإشارة يقوم كلاكما برفع الـ«جام» لكي يرى كل طرف مستوى المخفي في سيارة الآخر فيعرف حجم «الواسطة» التي يمتلكها في المرور، فيقدر قوة الخصم وإمكانية قيامه بقطع إشارات عدة أثناء التحدي، تبدأ المرحلة الثانية بالتسخين ويقترب منك السائق الآخر الذي تفوح رائحة سجائر «بيريه» الرخيصة من سيارته ويسألك السؤال الأزلي الذي تسبب في خلل التركيبة السكانية حتى اليوم: «قومة ولا خط ؟!» في حال كان السباق «قومة» ستنتظران الإشارة الخضراء كأي محترفين، وفي حال كان النزال «خطاً» فإما أن يعطي أحدكما الآخر «جدومي» بأن يسمح له…

«سوق المجرة!»

الخميس ٢٣ مايو ٢٠١٣

هناك قصة لطيفة تروى عن أم الإمام أبي حنيفة، وهو أحد أئمة المذاهب الأربعة، أنها حين كانت تريد السؤال عن أمر فقهي لا تذهب إلى ابنها، فيقول لها الناس: لماذا لا تستفتينه وهو فقيه العراق، فتقول لهم: بل أسأل فلاناً، فتذهب إلى فلان فتسأله، وبالطبع يذهب فلان هذا إلى ابنها الإمام، فيسأله ويعود إليها بالمعلومة أو الفتوى، لأن الأم لم تكن لتقتنع برأي ابنها، لقناعتها بأن الأمر يجب أن يكون متعباً أو بعيداً لكي يكون مقنعاً.. أو ربما يبقى الطفل هو الطفل في عيني أمه، أو ربما من باب: مغنية الحي لا تطرب.. مع الفارق في التشبيه بالطبع! حين يكون الأمر قريباً منك أو سهل المنال، فإنك غالباً لا تُلقي له بالاً، ولا تمنحه الاهتمام ونظرة التعظيم ذاتهما، اللذين تمنحهما للغريب أو للشيء البعيد، كان هذا هو الشعور الذي دهمني، وأنا أحضر فعالية اليوم العالمي للمتاحف، وأدخل متحف الشارقة للحضارة الإسلامية للمرة الأولى، رغم أنه لا يبعد عن منزلي سوى مئات عدة من الأمتار.. إلا أنني لم أفكر قط في زيارته.. والآن أندم على تأخري لخمس سنوات كاملة على اكتشاف هذا الجانب الرائع من حضارتنا! فهل تأخرت أنت؟! كان اعتيادنا ارتياد سوق المجرة في التسعينات، من أجل تفصيل كندورة، أو شراء غترة جديدة، وبقي ذلك الانطباع، ولكن التحويل الجذري الذكي…

«أبطال الديجيتال!»

الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٣

لا تتوقع أبداً أنك تعيش في زمان يمكن أن تقوم فيه بشتم والدي شخص ما أو إخوانه أو صديقه المقرب أو مدرب النادي الذي يحبه، أو حتى الحلاق الذي يحدد له الخط والزاوية، ويقوم ذلك الشخص (المشتوم وليس الحلاق)، بشكرك بعنف وهو يردد عبارة: فعلاً، فعلاً، كلامك صحيح. نحن لا نعيش في زمن الحواريين وقصص الخد الآخر الجاهز للصفع، ولا يوجد أي شخص ينتمي إلى تصنيف «بني آدم» يمكنه أن يتوقع ذلك، فإذا كنت لاتزال تعيش في ذلك الوهم، فابحث لنفسك عن تصنيف آخر، أنا شخصياً أنصحك بأن تجرب الانتماء للـ«سرسخيات الدنيا»! ويمكنك الرجوع إلى كتاب الأحياء الموجود في «شنطتك» لمعلومات إضافية حول هذه الفصيلة، كما يمكنك فتح كتاب التربية الإسلامية، وأنا أعلم بأنك لن تفعل وتراجع حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه». ظاهرة قيام البعض بتفصيل الوطنية على لباس مشوّه أساسه سبّ ولعن مسؤولين في دول أخرى ربما كان مقبولاً في فترة احتقان معينة أو فترة انتقال حضاري من أبواب الحمامات العمومية إلى المدونات الإلكترونية، لكن تطوره إلى الوصول إلى عوائلهم وأعراضهم فهذا أمر علينا جميعاً إنكاره، لأنه سيعود على رؤوسنا مرة…

«فكّر.. دبي!!»

الأحد ١٩ مايو ٢٠١٣

كنت مع ابن عم لي نعتقد بأننا نقوم بأعلى درجات الجهاد وحب الوطن، فقد لمحنا أثناء بناء ذلك المسجد أواسط الثمانينات أحد العمال وهو يربط خيطاً أسود حول إحدى يديه في إشارة إلى عقيدته، فاستلمناه! فتارة الجهاد بسرقة غدائه الموضوع في حرارة أسطوانية لم نفلح في اكتشاف طريقة فتحها، وتارة بالجهاد بتعلّم مسبات عدة من أفلام بوليوود وتجريبها عليه، وتارة بتقليد أطفال الحجارة ذوي الشعبية الطاغية في تلك الأيام، بحيث نعتبره العدو الصهيوني. كان العامل المسكين يحاول كف أذانا بما استطاع، وكان مما حاوله إبلاغ «المطوع» الذي كان يؤم الناس في مسجد كرفان قريب حتى الانتهاء من مسجد الحي الكبير! في تلك الأيام حين كان لـ«المطوع» هيبة، في تلك الأيام حين كان للمعلم هيبة، في تلك الأيام حين كان كل مطوع معلماً وكل معلم مطوعاً، أحضرَنا المطوع وأصدر قرار العقاب علينا بأن نساعد العامل على نقل «الطابوق» ووضعه في مكانه لمدة ساعة بدت كدهر! إلا أنني حفظت أماكن الطابوق التي وضعتها في المسجد أثناء عقابي. ومرت ثلاثون عاماً ومازلت كلما مررت على ذلك المسجد أشعر بالفخر الشديد، هنا لي أثر! لقد وضعتُ لبنةً هنا! كلما دخلت للمسجد نسيت ابن عمي والعامل والمطوع، ولم يبقَ في ذاكرتي سوى أنني هنا! ذراعي أسهمت بهذا الصرح، وأنا سعيد بهذا! قليلاً ما نسمع كلمة…

«الهيدرو ـ بوتكس!»

الخميس ١٦ مايو ٢٠١٣

لا أكره تعبيراً على وجهك أكثر من هذا التعبير! لا تدعي البراءة، فيمكنك أن تمثل هذا الدور على شرطي المرور المختبئ عند «نفق القيادة» كل يوم خميس عند تجاوزك الخط الأصفر، ويمكنك تمثيله على موظف هيئة الطرق عند مواقف بلدية دبي، ويمكنك تمثيله على مهندس «ديوا»، الذي اكتشف أن عدادك ملعوب فيه، يمكنك حتى أن تمثله في المستقبل القريب على مفتش هيئة تنظيم اتصالات، الذي سيكتشف وجود «سكايب» على جهازك، أما أن تمثل على خريج شرطة الحيرة (التوقيف وليس المركز).. فهذا أمر صعب! أنت تعلم تماماً ما هو «البوتكس»! ولولا العيب وخوفك من الفضيحة لتوجهت إلى واحدة من تلك الفلل المرخصة، ودفعت مبلغ الـ‬4000 درهم، للحصول على حقنة «مرخصة»، تستر بها عورات الزمن! أو ربما حاولت التواصل مع عدد من الباعة الصينيين، الذين سيدلونك على من يقدم حقنة «غير مرخصة»، بربع ذلك السعر في إحدى شقق المرقبات، لكنه سيكون مهدداً طبقاً للقانون بالحبس مدة تراوح بين شهر وثلاث سنوات.. لا بأس أن تسجن بسبب حقنة «بوتكس» أفضل من أن تسجن بسبب «مكالمة مجانية».. ما علينا! لذلك عليك أن تتفهم سبب استغرابي، حين جاءني أحد المواطنين سعيداً للغاية، وهو يحدثني عن اعتماده تقنية «الهيدرو ـ بونكس» لبدء مشروعه الزراعي، فلم أكن أعلم بأن النباتات قد لحقت بموضة الحقن، إضافة إلى أن…

«كيفنا!»

الثلاثاء ١٤ مايو ٢٠١٣

لم أكن قط تاجراً، ويبدو أنني لن أكون، وأعتقد أن سلالتي الطاهرة ليس فيها من امتهن أو بالأدق ليس فيها من (فلح) في التجارة، فحين قمت بتوزيع «الورث» وإعطاء كل من أخوتي عدداً من الغنم يعد على الأصابع و«يونيتي» عيش، فهمت قصد والدي، رحمه الله، حين كان يؤكد دائماً أننا عائلة علمٍ وأدب! جربت التعمق في التجارة مرتين، في الأولى قمت مع شريك لي (المركزي، عنبر ‬3، لمن يرغب في زيارته حالياً)، قمنا بشراء كميات كبيرة من التمور قبل موسم رمضان أيام كان رمضان يأتي شتوياً وخفيفاً، ثم قمنا بإرسالها إلى «البصرة» مع السفينة التي كانت تسمى «جبل علي» وتبحر من ميناء راشد في تلك الأيام.. لا أعلم لماذا كسدت بضاعتنا في ميناء البصرة! هل تعرف أنت؟! في المرة الثانية وبعد ولوجي عالم الإعلام، قمنا بتأجير أرض على شارع السلام في أبوظبي، وبناء لوحة إعلانية ضخمة بمقاس ‬70 متراً، وبعد يومين صدر قرار إغلاق شارع السلام وبقي مغلقاً مدة عامين، ولكن الحمد لله أن علاقتي بشريكي عميقة ومثالية تماماً مثل علاقة فيدل كاسترو بالثائر «تشي جيفارا»، وفي النهاية نفسها أحدهما يعتقل (المركزي، عنبر ‬3، لمن يرغب في زيارته حالياً)، والثاني تتصدر صورته الصحف وهو مبتسم! الصداقة كنز لا يفنى! اليوم أفكر جدياً في أن أدفع قيمة الكفالة وأخرج شريكي، لأن…