الأربعاء ٢٣ سبتمبر ٢٠١٥
سبب طرح التساؤل هو التدخل العسكري الروسي غير المسبوق في حجمه في سوريا، والأكبر منذ أن أنهى الرئيس المصري وجود الاتحاد السوفياتي على أرض بلاده في عام 1972. النشاط الروسي العسكري في سوريا معظمه في اللاذقية، ومنطقة الساحل حتى ميناء طرطوس جنوبًا، التي توصف بأنها مشروع محتمل لدولة علوية، في حال سقط النظام أو تم تفكيك الدولة السورية.القوات الروسية، والطائرات المقاتلة، وعمليات التشييد على الأرض من مطارات وسكن ومستودعات في سوريا، تظهر واضحة في الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية الأميركية. وهي التي دفعت واشنطن إلى التساؤل رسميا عن أهداف الروس.وعندما كتبت مقالي قبل أيام تعليقًا على رواية أن الرئيس السوري بشار الأسد يطلب الاستعانة بالروس، للتخلص من هيمنة حليفه الإيراني عليه، جاء ذلك في إطار نقاش هذا السيناريو الجديد لو كان صحيحا، والتطور الخطير بغزو الروس سوريا. طبعًا، لا بد من التشكيك في رواية خلاف الأسد مع الإيرانيين، وأنه سبب استعانته بالروس، لأسباب متعددة، فالإيرانيون أقوى من الروس في سوريا، ويحيطون بها عسكريا من العراق ولبنان. إنما تظل نوايا مجيء الروس مريبة، وستظهر حقيقتها بعد فترة ليست بالطويلة.ولو أخذنا فرضية التقسيم، وأن الأسد يخطط للجوء إلى ساحل البحر المتوسط، ويبني هناك دولة علوية، بسبب تزايد هجوم المعارضة على العاصمة، فإن بناء دولة هناك، وحمايتها، سيكون أصعب كثيرا من الاحتفاظ بالحكم…
الجمعة ١١ سبتمبر ٢٠١٥
استمعت إلى سلسلة الأحاديث التلفزيونية الأميركية التي تعقّب على تبعات الاتفاق النووي مع إيران، معظمها متفائل بأنه سينهي حقبة من المواجهة، وبعضها اعتبرته مثل الانفتاح على الصين في السبعينات، وكيف تحوّلت الدولة الشيوعية المتزمّتة إلى نظام ليّن معتدل صديق للولايات المتحدة، رغم أن النظام لم يتغير.وتبقى قراءة المستقبل مجرد تخمين، وبعضها تمنّيات. والكثيرون يتمنّون فعلاً أن تتغيّر إيران إلى الأفضل، أن تكون صينًا جديدة، ودولة تضيف إلى العالم إيجابية وسلامًا.ويمكن أن يصدق حدسهم وتتغيّر إيران إلى الأفضل، وتتحوّل إلى دولة تهتمّ بالتنمية والتحديث، وتنافس دول المنطقة، ودول العالم، في العلوم والاقتصاد والسياحة. إنما هذا الاحتمال مرهون بتغيير التفكير القيادي الذي أقام دولته ضد مفاهيم التحديث. فقد كان بين القيادات الإيرانية الأولى من الثورة دعاة للتحديث المدني، وتطوير النظام، والتحوّل نحو إيران جديدة، لكنَّ هؤلاء سرعان ما خسروا المعركة وبعضهم انتهى إلى الإعدام، والبعض الآخر أُحيل إلى التقاعد، على اعتبار أنهم خانوا مبادئ الثورة التي قالوا إنها تقوم على بناء دولة لا تشبه دولة الشاه التي كانت تفاخر بالتحديث والتطوير.حدث هذا منذ زمن بعيد، وقد ساعد الانغلاق المتشدّدين على الإمساك بالحكم وإدارته وفق مفاهيمهم المُعادية للعلاقات مع الغرب وضد التحديث. بنوا حول الشعب الإيراني أسوارًا عالية، ولم يبقَ للبعض منهم سوى زيارات محدودة لمدن مختلفة عن مدنهم، مثل دبي وأنقرة.ولو أن…
الثلاثاء ٠٨ سبتمبر ٢٠١٥
الخسارة المؤلمة في انفجار مأرب؛ الخمسة وأربعون إماراتيًا، والعشرة سعوديين، وكذلك الخمسة بحرينيين على الجبهة مع اليمن، أكدت على جدية الالتزام، وحقيقة التعاون في مواجهة الأوضاع الخطرة في المنطقة التي تزداد صعوبة على الجميع. وهو رغم قسوته يبقى عملا كبيرا ومهما. في رأيي، تكمن أهمية التعاون الخليجي العسكري السياسي ليس بكسب الحروب فقط، بل الأهم في تثبيت مفهوم الردع. بوجود قوة مشتركة تكون التكلفة عالية جدًا على الطرف الآخر. نحن في خضم فوضى عارمة منذ أن تغير المشهد الإقليمي بشكل كبير في عام 2011، والأرجح أن يستمر في فوضاه للسنوات القليلة المقبلة، ويحمل المزيد من المخاطر السياسية والأمنية والعسكرية على دول المنطقة عموما. وهذا يفرض التعاون على دول الخليج وحليفاتها إن أرادت أن توقف التغيير، وتمنع التدخلات الخارجية التي تستهدفها، وتحول دون امتداد الفوضى إلى بلدانها. الثمن لن يكون غاليًا على هذه الدول وحدها التي تدافع عن نفسها، بل ستجعله مكلفًا لخصومها أيضًا. تقلبات المنطقة نتيجة مباشرة للانهيارات التي تلت ثورات تلك السنة، والفوضى التي أعقبتها والمستمرة حتى اليوم. وكذلك بسبب التنازع الإقليمي، الإيراني ضد الخليجي. وبفعل التنازع داخل الدولة الواحدة، مثل الإخوان ضد الدولة في مصر، وتمرد الحوثي مع الرئيس المعزول صالح ضد الحكومة الشرعية في اليمن، والمعارضة ضد نظام الأسد في سوريا، ووقوف الحكومة في ليبيا في وجه…
الجمعة ٢٨ أغسطس ٢٠١٥
خُصص ثلث المراكز الانتخابية البلدية في أنحاء السعودية للنساء في أول تجربة لهن كمرشحات. خطوة مثيرة للجدل، وحتى أن المؤمنين بأهميتها كانوا يشكون في إمكانية تنفيذها، لكن الملك سلمان أعطى دعمه لها، وبدأت الدوائر الانتخابية في تسجيل النساء كمنافسات للرجال في الترشح وكناخبات. لا شك أنه قرار تاريخي في وقت صعب. ودخول المرأة في الانتخابات المحلية قد لا يكون فعالا إلى ثلاث دورات مقبلة، بعد اثني عشر عاما، وربما أبعد من ذلك. إنما المهم أنها وضعت قدمها، وبدأت تسير في الطريق نحو مشروع تمكين المرأة من أن يكون لها دور فاعل في المجتمع الذي تشكل نصفه. لهذا يجب ألا تحبط الأخبار الواردة عن ضعف مشاركتهن، مفهوم هذا التطور النوعي والتاريخي. دخولها كمرشحة يعطي رسائل مهمة للمجتمع حول رعاية الدولة لمشاركة المرأة وتمكينها من حقوقها، في مسار وعر ومعقد نتيجة الظروف الاجتماعية في المملكة، لم يكن سهلا أبدا، ولا يزال صعبا. منذ الستينات وكل قرار يتخذ رسميا يثير إشكالات صعبة، وفي النهاية يتقبله المجتمع المحافظ، بدءا من تعليم البنات، إلى فتح الجامعات لهن، وتوظيف المرأة، ودخولهن مجالي التطبيب والتمريض، وحتى منحهن هويات وطنية، وكذلك شمولهن ببرنامج الابتعاث للدراسة في الغرب، وتخصيص عشرين في المائة من مقاعد مجلس الشورى لهن، ثم السماح للمرأة بالمشاركة بالتصويت في الانتخابات البلدية، والآن الخطوة أبعد بالسماح…
الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠١٥
كالعادة، التراخي في مواجهة الجماعات المتطرفة يجعل المهمة أصعب لاحقًا، وبكلفةٍ أغلى. هذا وضع ليبيا اليوم. فمنذ بداية الاقتتال كانت المؤشرات والمحطات كثيرة على تنامي ثم انتشار الجماعات المتطرفة المحسوبة على «القاعدة». جماعة «أنصار الشريعة» هدّدت بذبح سفير بورما، في منتصف عام 2012، ولم يلتفت إليها أحد، حتى هاجمت القنصلية الأميركية وقتلت السفير وثلاثة آخرين، فقط بعد شهر من تهديداتها للدبلوماسيين! ردة الفعل كانت عملية كوماندوز أميركية محدودة عندما اعتقلت أحد منسوبي «القاعدة» من بيته في طرابلس. ومرَّت أربعة أشهر قبل أن تضع الحكومة الأميركية «أنصار الشريعة» على قائمة المنظمات الإرهابية، أما الأوروبيون فلم يفعلوا شيئًا على الأرض. ازدادت نشاطات الجماعات المتطرفة فاختطفت رئيس الوزراء حينها، ثم قامت جماعة أخرى فخطفت موظفين في السفارة المصرية مطلع العام الماضي. ورغم تزايد نشاط الإرهاب في هذه الدولة البحر متوسطية والنفطية، لم يرغب أحد في بناء قوة لمواجهة الإرهاب، ربما على أمل أن يتبخَّروا! والأسوأ أن الأوروبيين، وهم المعنيون بالدرجة الأولى بما يحدث لخطورته على مناطقهم، لم يدعموا القوة الوحيدة التي تجرَّأت على الإعلان عن استعدادها لوقف الفوضى. الجيش الليبي، من خلال اللواء خليفة حفتر، أعرب عن استعداده لتولي المهمة. ربما كانت فرصة لتطوير وإدارة قوة عسكرية ليبية ما، تقوم بمهمة توحيد البلاد، والقضاء على الميليشيات، ثم فرض الحل السياسي، الموجود أصلاً، لكن…
الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠١٥
من المفارقة أن يتم الاحتفاء بالقبض على الداعية المتطرف الهارب أحمد الأسير، في وقت هناك على الأقل ثلاثة من المطلوبين دوليًا يحتسون القهوة في الضاحية، جنوب بيروت، دون أن تتجرأ الأجهزة الأمنية على اعتقالهم. تعتقل الأسير بتهم مثل التحريض، وعرقلة سير العدالة، ولا تعتقل المطلوبين الأحياء الثلاثة، المتهمين بقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. الأسير يستحق اعتقاله على تطرفه وتحريضه ومحاولته تحدي الدولة، لكن العدالة اللبنانية صارت محل سخرية العالم، عندما تتجاهل السلطات متهمين بجريمة أعظم، مثل قتلة الحريري، تفاديًا لإغضاب حزب الله. وغالبية السنة لا يهمهم كثيرًا اعتقال الأسير، إنما يغضبون من ازدواجية المعايير، والظلم الصريح ضدهم. بروز أحمد الأسير هدد التركيبة الاجتماعية السياسية القديمة لطائفته السنية. بإعلانه أنه يمثلها، ويدافع عنها، في مواجهة تنظيمات حزب الله، أحرج القيادات التقليدية. وهو في الحقيقة كان ظاهرة صوتية، ولم يكن قادرًا على بناء تنظيم ميليشيا سنية، وعندما حاول فشل. الزعامات السنية في لبنان مدنية دائمًا. وهذه التركيبة المدنية الرافضة للتسلح، عزز موقفها، بخلاف ما يظنه البعض، وجنب الطائفة، ولبنان عمومًا، حالة حرب أهلية ثانية. نجاح شعبية الأسير القصيرة سببه أنه عزف على وتر المظالم السنية، وحاول التكسب دعائيًا ضد حزب الله في القضية السورية، التي كانت تمثل أكبر جرح للسنة بشكل عام. وعندما وجد الأسير نفسه فجأة وسط الاهتمام اللبناني، والإقليمي…
الخميس ٠٦ أغسطس ٢٠١٥
بعد تحرير عدن والعند، وزحف قوات الحكومة اليمنية مدعومة من قوات التحالف شمالاً، ارتفعت أصوات تطالب بإقامة جمهورية للجنوب اليمني. هذه الأصوات كانت دائمًا موجودة، وهي نتيجة خيبات اليمن الموحد الذي تشكل في ظروف تاريخية ملتبسة عام 1990. فقد كانت حكومة الجنوب تمر بحالة صراع على الحكم في داخلها، والنظام الماركسي كان يترنح. عندها لجأ علي سالم البيض إلى صنعاء طالبًا الوحدة مع الشمال، في حالة هروب إلى الأمام من السقوط الحتمي المتزامن مع انهيار الاتحاد السوفياتي. وبعد توحيد اليمن دون ترتيبات سياسية تكررت تجربة الوحدة المصرية السورية، حيث لم يمر زمن طويل حتى صار فريق يحاول الهيمنة والاستيلاء على كل الحكم. هذا ما فعله الرئيس حينها علي عبد الله صالح الذي أضاف الجنوب إلى مزرعته الخاصة، كما فعل بدولة الشمال. وبعدها لم تتحقق وحدة حقيقية إلا على ورق المراسلات الحكومية والعملة والعلم، وغيرها من شكليات الحكومة الوطنية. أما على الأرض فقد كانت قوات صالح وأجهزته الأمنية تدير الجنوب، الذي تم اغتيال كثير من قياداته وفرت البقية للخارج. وجرت محاولات تمرد ضد حكم صالح وفشلت. بناء على هذه الخلفية التاريخية المحزنة طبيعي أن تكون الوحدة رمزًا سلبيًا، وتجد كلمة انفصال شعبية في الجنوب، لكن غالب دعاتها إما وطنيون حالمون أو انتهازيون. دعاة الانفصال يبررون رغبتهم، بأن فيه عودة للوضع التاريخي…
الثلاثاء ٠٤ أغسطس ٢٠١٥
فشلت محاولات تجميل «جبهة النصرة»، وضمها إلى معسكر الثورة السورية، رغم كل ما تلقته من رعاية وتسليح، ورغم تصنيفها بأنها أقل وحشية من شقيقها تنظيم «داعش». فالجماعتان إرهابيتان، من امتدادات تنظيم «القاعدة» الأم. «داعش» امتداد لجماعة الزرقاوي الذي قتل في العراق، أما «النصرة» فقد أعلنت رسميًا أنها تتبع لقيادة الظواهري، قائد «القاعدة» الحالي. ويتقاتل في سوريا اليوم ثلاث قوى مختلفة؛ النظام السوري وحلفاؤه، والثانية الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، والثالثة المعارضة الوطنية السورية المعتدلة، وأكبرها «الجيش الحر». والداعمون ثلاث قوى؛ الأولى إيران تدعم نظام الأسد، والثانية تؤيد المعارضة الوطنية المعتدلة، مثل «الجيش الحر»، والثالثة تدعم المعارضة الإرهابية، تحديدًا «النصرة». الفريق الأخير، ظن أنه ذكي فقرر ترويض أحد الوحشين. اختار «النصرة» لأنها، بخلاف «داعش»، لم تبث فيديوهات مروعة، وكانت تقبل بالتفاوض والمساومة. وأهداف «النصرة» لا علاقة لها لها بمطلب السوريين في انتفاضة الربيع العربي، غايتها السيطرة وبناء دولتها المنافسة لـ«داعش». ورغم وضوح الفروقات بين الوطنية والإرهابية، غامرت هذه القوى الخارجية بدعم «النصرة»، معتقدة أنه يمكن ترويض الحيوان المتوحش، واستئناسه بالمال والسلاح، والسيطرة عليه، وركوبه إلى نهاية الطريق ثم التخلص منه لاحقًا! كانت قيادة «النصرة» أكثر ذكاء من «داعش»، حيث سايرت هذا الانطباع، وساومت على من خطفتهم ولم تذبحهم جميعًا. ومكافأة لها على ذلك استثنيت من الملاحقة، وغض النظر عن تنقل…
الأربعاء ٢٩ يوليو ٢٠١٥
قوات الحكومة اليمنية، بمساندة قوات سعودية وإماراتية، فعلت لأول مرة ما لم تفعله الجيوش العربية منذ نهاية الاستعمار، غيرت الوضع على الأرض بالقوة. تحدت الأمر الواقع الذي فرضه المتمردون ودعمه الإيرانيون. حررت عدن، المدينة التي أطلقت شرارة الحرب، وظن المتمردون أنه بسقوطها ينتهي النظام اليمني الذي نعرفه. كانت آخر المدن اليمنية، والعاصمة البديلة، وملجأ الرئيس والحكومة التي هرب إليها من عاصمته صنعاء، بعد أن استولى عليها المتمردون الحوثيون وقوات الرئيس المعزول علي صالح. عدن حررت بالقوة ولا تزال صامدة، منذ تحريرها، بما يعزز الانطباع بأن مشروع الدولة الحوثية صار في مهب الريح. الآن اكتشفوا أن استيلاءهم على عدن في نهاية مارس (آذار) المنصرم كان غلطة كبيرة كلفتهم ما استولوا عليه بالقوة وبالحيلة السياسية، ودفع مجلس الأمن إلى التصويت بالإجماع ضدهم، ورفض كيانهم ومشروعهم السياسي، وأعطى الضوء الأخضر لإعلان الحرب لتحرير كامل اليمن. ومع أن الإجماع الدولي وقرارات مجلس الأمن كانت ضد الحوثيين، وداعميهم الإيرانيين، فإن الرأي الغالب حينها أنه لم يعد للشرعية ولا القرارات الدولية قيمة، طالما لا توجد دولة كبرى مستعدة للدفاع عن الإجماع والشرعية. لهذا كانت المبادرة العسكرية السعودية، مع التحالف الذي بنته، تجربة مختلفة على المستوى الإقليمي، وذلك في وجه الاحتمالات الصعبة مثل توسع الحرب باتجاه الداخل السعودي، والتدخل العسكري الإيراني مع الاقتتال الإقليمي والدولي الذي يصاحب…
الأحد ٢٦ يوليو ٢٠١٥
البعض من السعوديين والعرب نظر بفرح أو غضب أو شماتة إلى الاتفاق الغربي مع إيران على برنامجها النووي، اعتبره انتصارًا كليًا لإيران، وهزيمة نهائية لدول الخليج. على رِسْلكم، نعم توجد أزمة وخلاف حقيقي إنما تفصيلي، والأرجح أنه لن يغير كثيرًا في العلاقات مع واشنطن. علينا أن نأخذ في الاعتبار مسألتين أساسيتين؛ ضخامة المصالح الخليجية مع الولايات المتحدة، وضآلة القدرات الإيرانية التي لا يمكن أن تحل محل أربع دول خليجية مهمة في علاقة المصالح، وهي السعودية والإمارات وقطر والكويت. هنا أناقش لماذا إيران ليست البديل عن الخليج، وذلك وفق نظرية المعادلة الصفرية، ما يكسبه خصمك تخسره أنت من رصيدك. إيران تنتج من النفط ثلاثة ملايين برميل في اليوم مقابل 15 مليون برميل يوميًا إنتاج جاراتها الأربع. وقدراتها الإنتاجية متهالكة بسبب الحصار التقني والاقتصادي، وستحتاج إلى أكثر من عشر سنوات حتى تصلحها وتضاعف إنتاجها! تقدير خبراء البترول أن إنتاجها، في عام 2020، وبعد تطوير إمكانياتها، سيزيد مليونًا فقط، أي سيصبح أربعة ملايين برميل. هذه أرقام حقيقية في حساب العلاقات الدولية ولا يفترض أن ننشغل بقراءة أخبار رحلات رجال الأعمال عن شركات السلاح والنفط والصناعة والبنوك لعقد صفقات ثمينة مع إيران استباقًا للانفتاح الموعود. بالنسبة لهم، إيران سوق إضافية وليست بديلة. ولن تكون المتاجرة معها بهذه السهولة بسبب مركزية الحكومة، وصراع مؤسسات الحكم…
السبت ٢٥ يوليو ٢٠١٥
صار العديد من الحكومات تحث وسائل الإعلام على تجنب استخدام مصطلح «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، الاسم الذي أطلقه التنظيم الإرهابي على نفسه منذ سنتين، بعد أن أعلن زعيمه نفسه خليفة، وتوسيع نفوذه من الاسم السابق «دولة العراق الإسلامية»، ليضم سوريا إليه. وعندما أعلن التنظيم في أبريل (نيسان) عام 2013 عن إطلاق اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على نفسه، قرر الإعلام، وفي قناة «العربية» تحديدًا، أن نسميه «داعش». كنا ندرك أن التنظيم يريد أن يستخدمنا، أي منصات الإعلام في أنحاء العالم، لبناء صورة تخدم أغراضه. وقد جاءت الاعتراضات حينها من أناس غررت بهم أدبيات الإرهابيين حينها، احتجوا على التسمية والتغطية لأنها مهينة للمدافعين عن الإسلام ضد المحتل الغربي، أو السنة المضطهدين، أو الدفاع عن عرب الأنبار، أو هم الثوار ضد نظام الأسد في سوريا. وفعلاً، هناك نشاطات مشتركة كانت تشوش على فهم الكثيرين، إنما أغلبهم اكتشف لاحقًا أن «داعش» ليس إلا تنظيم القاعدة الشرير، حتى لو تبنى قضايا حقة. و«داعش» ليست تسمية ساخرة، كما قيل وكتب في وسائل الإعلام الغربية، بل تمثل حروف التنظيم الأولى التي تختصره. وبالطبع التسمية المختصرة لا ترضي التنظيم، لأنه عن عمد يريد أن يجعل اسمه «الدولة الإسلامية في العراق والشام» عنوانًا بريديًا للمسلمين في كل مكان، هذه هويته وهذه أرضه ومشروعه وهو من يمثلهم!…
الجمعة ٢٤ يوليو ٢٠١٥
بخلاف ما يقوله المشككون، فإن الرواية الرسمية التركية معقولة. الأرجح أن تنظيم داعش هو وراء التفجير في بلدة سروج، جنوب شرقي البلاد، والذي خلف أكثر من ثلاثين قتيلاً. فانقضاض التنظيم ليس مفاجأة بل إنه متوقع، حتى إن الرئيس الأميركي لم يفوّت الفرصة للاتصال بالرئيس التركي، وإقناعه بوقف تدفق المقاتلين عبر الحدود إلى سوريا. وهذا يدفع للمراجعة والتساؤل، أين الخلل في الأحداث الماضية؟ الحقيقة أن موقف تركيا ضد النظام السوري جاء طبيعيًا حتى ازدادت القضية تعقيدًا مع مرور الوقت. ففي السنة الأولى، وإلى منتصف الثانية، كانت الانتفاضة سورية خالصة؛ شباب سوري حمل السلاح بعد عمليات القتل الواسعة ضده من قبل قوات النظام وأجهزته. وكان موقف أنقرة مؤيدًا للحركة المعارضة التي تشكلت من عدة تنسيقيات محلية وتظللت تحت مظلة «الائتلاف» و«الجيش الحر». وبنهاية السنة الثانية كان النظام يترنح، فقد خسر الكثير من المدن الرئيسية، وكانت أطراف العاصمة دمشق تشهد معارك ليلية بين الجانبين. بعد هذا التاريخ، أمران حدثا في نفس الفترة؛ الأول، سوريا صارت تمثل قضية كبيرة في العالم الإسلامي، تشبه مأساة البوسنة في التسعينات، بسبب عمليات القتل والتدمير الواسعة التي ارتكبها النظام، وأشاعت غضبًا ضد اللامبالاة الدولية، وفشل الوساطات بلا عقوبات، ومنع تسليح المعارضة. الأمر الثاني، دخول إيران وحلفائها عسكريًا في سوريا لرفد النظام المتهاوي في دمشق. وصار المقاتلون من «الجهاديين»…