الإثنين ١٦ يونيو ٢٠١٤
خلال ثلاثة أعوام فقط، تحول واقع الكثير من المؤسسات في القطاعين العام والخاص من التعرف على الشبكات الاجتماعية (تويتر، فيسبوك، إنستجرام، إلخ)، وما يمكن أن تضيفه لتلك المؤسسات، وما إذا كان عليها أن تتواجد هناك إلى حال مختلف تماما حيث صارت تبحث عن أفضل السبل لتحقق ذلك التواجد الذي يحقق أهدافها من جهة، ويحميها من جهة أخرى من الحملات السلبية ضدها. هناك إدراك خفي أن الناجحين اليوم (مؤسسات ومسؤولين وعلامات تجارية) يحققون جزءا كبيرا من تسويق نجاحهم وإبراز إنجازاتهم ومكانتهم بسبب الشبكات الاجتماعية، ولو لم تجد هذا مكتوبا بأحرف بارزة في كل مكان، فهو شعور يتسلل إلى النفوس، ويجعل الجميع يتسائل عن كيفية تحقيق نجاح مماثل. من جهة أخرى، ما زالت هناك مؤسسات تعيش في وهم حول دور الشبكات الاجتماعية، وتظن أن استخدام هذه القنوات يهدف إلى توصيل معلومات أو رسالة معينة عن منتجاتها، لأن الإعلام الاجتماعي قد غير جذريا آليات التعامل بين المؤسسات والجمهور، حيث صار للجمهور صوت مباشر ومؤثر يتحدث به مع المؤسسة، والمؤسسات كانت يوما تنفق ملايين الدولارات لتعرف رأي الجمهور (فيما يسمى بأبحاث السوق)، ولكنها اليوم تتلقى ضخا من رسائل الجمهور الإيجابية والسلبية على مدار الساعة عبر مواقع الشبكات الاجتماعية. هذا بحد ذاته يتطلب من المؤسسة قدرة فعالة في التعامل مع هذه الرسائل والتجاوب معها وإحداث…
الإثنين ٠٩ يونيو ٢٠١٤
"التغيير يبدأ من هنا".. بهذه العبارة اختتمت مديرة مدرسة أميركية شهيرة كلمتها بمناسبة حفل تخرج طلبة المدرسة الأسبوع الماضي. كانت المديرة تروي قصتها مع السياسة حين نذرت حياتها لمحاربة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عندما كانت طالبة في الجامعة، لدرجة أن قريتها الصغيرة صارت جزءا من تاريخ حركة النضال التي قادها مانديلا، لكن هذه الطالبة غيرت كل حياتها لاحقا، ودرست البكالوريوس مرة أخرى في التعليم الذي أعطته حياتها العلمية والعملية، لأنها أدركت أن التعليم وليس النشاط السياسي هو ما يخلق التغيير ويصنع الأمم العظيمة. ربما تشرح هذه القصة أصل المشكلة في العالم العربي. العالم العربي يعاني من التخلف العميق الذي يؤثر عليه بدرجات متفاوتة، ويحرمه هذا التخلف من النهوض الشامل رغم وفرة الفرص. الحال مختلف بالنسبة للسعودية وعدد من دول الخليج، حيث كان هناك استثمار كبير وجهد ضخم عبر عدة عقود في مجال التعليم، لكن لا يمكننا بحال من الأحوال أن نقول إن التعليم وصل إلى مستوى مقبول من حيث قدرته على إعداد الأجيال الجديدة لتسهم في بناء الوطن وصناعة مستقبل أفضل وأكثر نهوضا. ربما كانت المشكلة الجوهرية في التعليم لدينا هي عدم امتلاكه للمناهج والفلسفة التعليمية التي تصلح فعلا لبناء جيل مختلف من حيث القدرات العملية والمهنية ومن حيث القدرة على التفكير الإبداعي والنقدي. المناهج الحالية هي مجرد كتب…
الإثنين ٠٢ يونيو ٢٠١٤
بعد 24 ساعة فقط، من إعلان "جوجل" أنها مستعدة لإزالة الروابط التي تتعلق بأشخاص معينين في أوروبا إذا تلقت طلبات من هؤلاء الأشخاص بذلك، تلقت جوجل 12,000 طلب من أنحاء أوروبا بإزالة الروابط الخاصة بهم من محرك البحث. الرقم الهائل الذي جاء ردا على إعلان جوجل يعطي معيارا بأن جهد المحكمة الأوروبية كان منطقيا. المحكمة ضغطت على جوجل والتي اتخذت قرارا طوعيا بالموافقة على ما يسمى بــ"الحق بأن تُنسى" (Right to be Forgotten)، وسمحت لأي شخص أوروبي أن يطالب بحذف الروابط (وطبعا هذا لا يعني حذف الموقع نفسه) من محرك البحث. هناك لوبي في أوروبا يقف وراء هذه المطالب، ورئيس اللوبي صرح للصحافة الأوروبية بأنه غير راض عن هذا الإنجاز، رغم أنه الأول من نوعه عالميا، وذلك لأن جوجل تشترط الحصول على صورة من إثبات الشخصية، ومبررات واضحة مع الطلب، وهذا في رأيه اختراق آخر للخصوصية. رئيس اللوبي أيضا غير راض لأن من يريد ممارسة الحق بأن تنساه شبكة الإنترنت، عليه أن يراسل كل موقع على حدة بدلا من وجود آلية تحميه بشكل عام. هذه القصة تؤكد وجود اتجاه عالمي ضد الشبكات الاجتماعية وفقدان الخصوصية طويل المدى عليها. هناك في الحقيقة موجة عالمية، وليست أوروبية فقط، تصاعدت هذا العام ضد الشبكات الاجتماعية، وخاصة فيسبوك وتويتر، لأن تصاعدها في حياة الناس…
الإثنين ٢٦ مايو ٢٠١٤
إحدى الصدمات الشائعة التي يواجهها الطلبة العرب في أميركا، هي عندما يقولون عبارة عامة عن شعب معين أو عن قضية معينة، ويرتفع حاجب زميله الأميركي أو أستاذه سائلا إياه: كيف عرفت؟ وعندما يجيب الطالب العربي: إن هذا بناء على تجربته في الحياة، يلحظ بوضوح الاستنكار في وجه المتلقي، الذي لم يتعود على مثل هذه العبارات. تذكرت هذه المواقف وأنا أستمع إلى ندوات منتدى الإعلام العربي في دبي الأسبوع الماضي، فبينما كانت الندوات تتناول قضايا هامة وحيوية، كان المشاركون في الندوات ـ ومنهم أنا ـ يبنون كلامهم على مجموعة من التجارب الشخصية والتعميمات وتحليل المواقف، مع القليل جدا من المعلومات الموثقة والنتائج الإحصائية، في تكرار لحالة عامة ومستعصية لواقع المثقفين والإعلاميين العرب منذ عقود طويلة. الفارق يحصل لأن الغرب ينفق مليارات الدولارات على البحث العلمي والإحصاءات، بما فيها الإحصاءات الغريبة والطريفة، ويبذل فيها كثير من الناس حياتهم، وقد تتعجب لأول لحظة من هذا التفاني في عمل إحصائي يشرح لك أمورا تبدو بديهية، وذلك باختصار لأن الغربيين لا يتقبلون أن يبني إعلامي مقاله أو يبني سياسي قراراته أو يبني رجل أعمال تحليلاته المالية دون وجود "داتا" أو معلومات صلبة مقبولة علميا، حتى لو كان حدسه وتجربته في الحياة تقول شيئا معينا، بل إنني أؤكد أنني من مخالطة المتعلمين الغربيين، تشعر أنهم لا…
الإثنين ١٩ مايو ٢٠١٤
الانتظار لتحقيق الرغبات، والصبر على التأجيل أو رداءة الجودة، هي أمور تمضي إلى الانقراض اليوم، بعد أن صار الناس يعيشون حالة من البحث عن "الإشباع الفوري" للاحتياجات والرغبة في تحقيق كل شيء متى ما أرادوه كيفما أرادوه وأينما أرادوه. هذا الوصف ليس حالة لبعض الشباب ولا لبعض الدول، بل هو اتجاه عالمي يغير كل شيء من حولنا، حتى إن كثيرا من الدراسات تقول إن العالم يتجه نحو "اقتصاد الطلب" (On-Demand Economy)، حيث النجاح التجاري يأتي فقط لأولئك الذين يسايرون هذه التوقعات النفسية لدى الجماهير بالتحقيق السريع لرغباتهم. في الأسبوع الماضي، تكلمت عن "جيل الألفية"، وهو جيل الأفراد الذين تتراوح أعمارهم اليوم بين 10 و30 عاما، وكيف غيرت ثورة المعلومات هذا الجيل بشكل جذري على كافة المستويات (بما فيها الثقافية والدينية والعملية) مقارنة بالجيل السابق، إلا أن أحد أهم الأوصاف لهذا الجيل هو أنه "جيل الطلب" (On-Demand Generation). المثير في الإحصائيات الخاصة بهذا الجيل هو ذلك التغير السريع لدى الإنسانية من عدم وجود خدمة الإنترنت قبل 20 سنة إلى حالة غضب كبير عندما تنخفض سرعة الإنترنت. بكلمات أخرى، ارتفعت توقعات الناس بشكل مذهل وانخفض مستوى الصبر لديهم، وخلق هذا كله واقعا جديدا يتطلب من الجميع (حكومات وشركات وأفرادا) التعامل معه. لا شك أن التقدم السريع في تكنولوجيا ثورة المعلومات ساهم في…
الإثنين ١٢ مايو ٢٠١٤
لم تزدهر دراسات الأجيال وصفاتها كما ازدهرت في العقد الأخير من الزمن، والسبب في الغالب هو أن العولمة وثورة المعلومات خلقت صفات مشتركة بين الأجيال في كل مكان في العالم، بينما في السابق كان الجيل يتأثر كثيرا بالظروف المحلية للمكان الذي ينشأ فيه، وتكون اختلافاته عن الجيل الذي سبقه محدودة. عالميا، هناك حاليا دراسات عن "جيل إكس" (Generation X)، الذي تتراوح سنوات الولادة بالنسبة له بين الستينات والسبعينات الميلادية، وجيل واي (Generation Y)، الذي تتراوح سنوات الولادة بالنسبة له بين الثمانينات وأواخر 2003، أي أنهم حاليا الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات إلى أوائل الثلاثينات من العمر. هذا الجيل يسمى أيضا بجيل الألفية Millennials، وذلك ببساطة لأن العقد الزمني الذي تلى عام 2000 يمثل المرحلة التاريخية التي صاغت صفات هذا الجيل. تسارُع التغيرات في حياة البشرية منذ ظهور الإنترنت، أظهر الحديث عن هذين الجيلين بالذات؛ لأنهما كانا من عاش ثورة المعلومات والتحول السريع بسرعة قطار يدهس كل من يقف أمامه نحو "القرية العالمية"، وبينما يمثل جيل أكس الجيل الذي صنع الثورة المعلوماتية، فإن جيل الألفية هو الذي طورها واستخدمها وصنع الشبكات الاجتماعية، وكان أول جيل ينشأ وفي منزله كمبيوتر وربما أجهزة موبايل. أما المستقبل فهو ملك لجيل زد (Generation Z) الذين تقل أعمارهم اليوم عن 10 سنوات. فهم صفات…
الإثنين ٠٥ مايو ٢٠١٤
"السبق الصحفي لا قيمة له إلا عند الصحفيين فقط".. كانت هذه كلمات إعلامي بارز في مؤتمر للصحافة الدولية. الشبكات الاجتماعية وتويتر ساهمت في ظهور آلاف مواقع الإنترنت التي لا يوجد لها هوية ولا علاقة بالإعلام الرصين، ولكنها سريعة جدا في نقل الأخبار من مصادرها، ثم بثها بعناوين مثيرة على الشبكات الاجتماعية خلال دقائق من بثها في مصدرها الأصلي. هذه المواقع تحقق أرباحا جيدة لأنها تستطيع بذلك تحقيق عدد كبير من الزيارات، وهذا كاف لجذب المعلن، وتحقيق الأرباح، بدون عناء البحث عن المعلومة والاستثمار في الإعلاميين الذين يأتون بها أولا. المعلن من ناحيته صار أقل اهتماما في حالات كثيرة بالموقع الذي يظهر فيه إعلانه ما دام الإعلان يأتي بالزوار لموقعه، ولذا فالمعلن يقدم إعلانه لوكالة تملك شبكة كبيرة من المواقع، ويقوم بتوزيعه عليهم، ويدفع على أساس عدد الزوار الذين يصلون إليه. هذا التغير الكبير في الصناعة الإعلامية يثير الكثير من القلق لدى الإعلاميين، لأن معنى هذا انخفاض العائد من الاستثمار في المادة الإعلامية وصناعة الأخبار، ويعني تصاعد الصحافة القائمة على العناوين المثيرة والصور الجذابة بدلا من المعلومات والأخبار التي تكشف لأول مرة. بينما كان السبق الصحفي هو القيمة الأعلى لدى المؤسسات الإعلامية في الشرق والغرب، صارت الجودة الإجمالية للموقع ومحتواه هي الأساس، بالإضافة طبعا لقدرة المواقع على المنافسة على الشبكات الاجتماعية…
الإثنين ٢١ أبريل ٢٠١٤
لما أعلنت "فيسبوك" قبل شهرين عن شرائها "واتساب" Whatsapp بمبلغ 19 مليار دولار، كانت صدمة لكثير من المحللين الذين تساءلوا عن معنى تلك الصفقة، وهذا المبلغ الهائل لتطبيق دردشة على الموبايل يحقق دخلا سنويا لـ"واتساب" لا يزيد عن 300 مليون دولار في أحسن الأحوال. ما لم يدركه الكثيرون أن واتساب وتطبيقات أخرى يتوقع أن تحل تماما محل خدمات الاتصالات التقليدية "الاتصال الهاتفي، رسائل الإس إم إس، وغيرها"، أي أن فيسبوك بلغة أخرى اشترت شركة اتصالات دولية من المستقبل، لديها عدد مشتركين يفوق عدد مشتركي شركات الاتصالات السعودية مجتمعة بعشر مرات على الأقل!. إحصاءات شركات الاتصالات السعودية تؤكد إقبال الجيل الجديد على "شريحة البيانات" بدلا من الشريحة التقليدية؛ لأنها توفر للمشترك الإنترنت، الذي من خلاله يستطيع التواصل مع الناس، ويستطيع استخدام تطبيقات مثل لاين وسكايب وغيرها للاتصال بالآخرين، وهذا يعني في النهاية أن شركة الاتصالات ستتحول إلى مجرد مقدم لخدمة الإنترنت بأنواعها ومختلف سرعاتها. هذا كله يفسر هذا التطور السريع في عالم تطبيقات الموبايل الخاصة بالتواصل الاجتماعي واحتدام الصراع أو"المنافسة" بينها بشكل كبير، إذ تحاول كل واحدة منها الاستحواذ على حصة من السوق العالمي استعدادا للنقلة القادمة. لكن هذه المنافسة تواجه ثلاثة تحديات رئيسة: الأولى: أن فضائح وكالة الأمن القومي الأميركية NSA من خلال الوثائق التي سربها إدوارد سنودن، خلقت قلقا…
الإثنين ٣١ مارس ٢٠١٤
بعد عشرة أشهر من إعلان إدوارد سنودن عن تفاصيل برنامج المراقبة التي تقوم بها الحكومة الأميركية للاتصالات والبريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية، وهي التضحية التي كلفت سنودن مستقبله المهني وجعلته أحد أهم المطلوبين الأميركيين، أعلن الرئيس أوباما يوم الخميس الماضي (وقبل يوم واحد من توجهه للمملكة)، أن الحكومة الأميركية ستتوقف عن جمع "البيانات" الهاتفية للاتصالات الأميركية. هذا الإعلان بالرغم من كونه يمثل نقلة كبيرة في موقف الحكومة الأميركية ووكالة الأمن القومي (NSA)، إلا أنه يبقى محدودا أمام حجم المشكلة، أولاً لأنه خاص بالأميركيين فقط، بينما تبقى الحكومة الأميركية في حرية كاملة من حيث التجسس على غير الأميركيين، ولأنه ينص على أن شركات الموبايل الأميركية ستحتفظ بالمعلومات لمدة عام ونصف على الأقل في حال احتاجت إليها الحكومة الأميركية لتحليل بيانات شخص بعينه، في حال وجود شك في ارتباطه بإحدى الجرائم الفيدرالية (والتي يندرج كثير منها تحت تعريف الإرهاب). التجسس على الأميركيين خط أحمر، بحسب القانون الأميركي، ووكالة الاستخبارات الأميركية كانت دائما ممنوعة من ممارسة أنشطة ضد الأميركيين، ولذلك لما حصلت الفضيحة، بذل البيت الأبيض جهدا كبيرا ليشرح للأميركيين أن ما يجمع ليس نص المكالمات ولا ما يدور فيها، إنما فقط البيانات الخاصة بمكالماتك (Meta-Data)، متى اتصلت وبمن اتصلت وكم دامت المكالمة، وهي نفس المعلومات تقريبا التي تجدها على فاتورة موبايلك. هل هذا…
الإثنين ٢٤ مارس ٢٠١٤
في أغسطس 2011 حصلت اضطرابات شهيرة في لندن تحتج على الأوضاع الاقتصادية، أدارتها أقلية من الشباب واستعانت فيها بمسنجر بلاكبيري وتويتر لإدارة هذه الاضطرابات التي ألحقت الكثير من الأضرار ومثلت صدمة للرأي العام الإنجليزي. وقتها خرج ديفيد كاميرون وطالب بمنع وسائل الاتصال الاجتماعي حتى لا تتكرر هذه المشكلة. هذه الحيرة والاضطراب والغضب التي يصاب بها صانع القرار السياسي عندما يفاجأ بأن الأمور تخرج عن السيطرة ويتحول الجمهور إلى متلق سهل التأثير عليه بسبب الشبكات الاجتماعية هي ما حصل لإردوغان، رئيس وزراء تركيا، الذي خرج ليعلن بنشوة المنتصر قرار منع تويتر في تركيا. ردود الفعل أثبتت أن القرار حماقة سياسية، وقد أثار غضب الملايين من الناس، لأن مثل هذا القرار تعد واضح لا مجال للنقاش فيه على حرية التعبير، وكل المبررات التي ساقتها المحكمة العليا في تركيا وساقها إردوغان لا تبرر مثل هذا القرار الذي لعل أقل ما فيه هو حرمان ملايين الناس من وسيلة إعلام أساسية في حياتهم. وبعيدا عن الجدل الذي يدور حول إردوغان لأسباب سياسية وأيديولجية، أعترف بأنني من الناس الذين يهتمون كثيرا بنجاح تجربة تركيا، لأنها باختصار دولة إسلامية استطاعت أن تحقق نجاحات اقتصادية وتنموية لا يمكنك إلا أن تعجب بها، وأن تحيي الشعب التركي على هذا العمل الدؤوب والإصرار المدني المميز لتحقيق ذلك الإنجاز. هذا يجعلني…
الإثنين ١٧ مارس ٢٠١٤
عندما تراقب أحاديث الناس في الرياض الأسبوع الماضي ستكتشف ظاهرة اسمها "الذهاب إلى معرض الكتاب لأجل الذهاب إلى معرض الكتاب" وليس لشراء الكتب أو الاطلاع على جديد الكتب كما قد يتخيل شخص ما وهو يرى الحشود المجتمعة هناك. معرض الكتاب في الرياض تحول إلى حالة من الحراك الثقافي والفكري، هناك كتب تعلن عن التحدي الفكري والمعلوماتي مستغلة الوضع الاستثنائي لما يسمح ببيعه في المعرض، ومشاهير الشباب والثقافة يتجولون ويوقعون الكتب ويلتقون بمحبيهم، ونظرات الصراع الكامن بين الفئة الغاضبة من الحرية الواسعة في المعرض، والفئة الغاضبة من تدخل هؤلاء وما يمكن أن يقدموا عليه، بناء على ما حصل في أعوام سابقة. أن تحضر لمعرض الكتاب هو أن تكون جزءا من هذا كله، وألا تحضر معناها على الأقل أنك إنسان عادي بعيد عن الحراك الاجتماعي، ولا تستحق الاقتراب من الثقافة وورقها. بالمقابل، من النادر أن تقرأ على الشبكات الاجتماعية أو تسمع بين أحاديث الناس تقييما لجديد الكتب وما تقدمه من فكر. باستثناء النقد الواسع لكثرة الكتب التي تجمع ما يقال عن تويتر، فإن الباقي مجرد عبارات عابرة، وكأن أحدا لا يريد أن يتجاوز عنوان الكتاب القوي الصارخ إلى ما فيه، تماما كما تعودنا أن نقرأ عبارة تويتر القصيرة المثيرة دون أن نحاول التعمق لما بعدها. نحن عموما صرنا نعيش في حالة عشق…
الإثنين ١٠ مارس ٢٠١٤
كان مشهدا مثيرا للإعجاب لأول وهلة.. عشرات المسؤولين في الشركات السعودية والأكاديميين والمتخصصين الذين اجتمعوا تحت مظلة واحدة لمناقشة آليات وتخطيط برامج المسؤولية الاجتماعية في المؤسسات السعودية. المسؤولية الاجتماعية للشركات (Corporate Social Responsibility) تصاعدت في الغرب في العقود الأخيرة كمبادرة من الشركات الغربية في تقديم جزء من أرباحها لمساعدة المجتمع عبر برامج متنوعة يخطط لها بعناية وتدرس آثارها بحيث تحقق أفضل عائد ممكن للمجتمع. هذه البرامج جاءت كمحاولة لإصلاح الخلل الذي تصنعه الرأسمالية من خلال تشجيع الشركات على الربح غير المحدود، ومحاولة أيضا لكسب تعاطف المجتمع والأفراد الذين يرون الأثرياء القلائل في المجتمع يصنعون ثرواتهم المضاعفة بينما من يقومون بالعمل ليل نهار في شركاتهم ينتهي يومهم وجيوبهم خاوية بعد أن أنفقوا مرتباتهم على احتياجاتهم واحتياجات أسرهم. بالنسبة لي، كان مبهجا جدا أن يكون هناك اهتمام محلي بهذا الأمر، الذي ظهر من خلال المنتدى الأول للمسؤولية الاجتماعية في المنظمات السعودية (أقامته جامعة الدمام الأسبوع الماضي). المسؤولية الاجتماعية بالنسبة لنا ليست مجرد حالة من تقديم شيء للمجتمع، بل هي امتثال لقيمنا الإسلامية والعربية في فعل الخير، ومحاولة من القطاع الخاص لدعم القطاع الحكومي في تطوير المجتمع الذي يحتاج للكثير الكثير من المبادرات والجهد والعطاء.. هذه الصورة الوردية تتغير تدريجيا وأنت تستمع لأوراق العمل في المنتدى، لتكتشف أن عددا كبيرا من الشركات ليست…