الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠٢٥
خاص لـ هات بوست: مضت ستّ سنوات منذ “عام التسامح”، لكن رسالته لم تكن لحظة عابرة في تاريخ الإمارات، بل نقطة انطلاق لرؤية مستدامة تتجدّد مع كل مبادرة وكل موقف. واليوم، تحمل زيارة الرئيس الأميركي من جامع الشيخ زايد إلى بيت العائلة الإبراهيمية رمزية بالغة، تؤكد أن ما بدأته الإمارات في 2019 لا يزال يُثمر، ويُلهم، ويقود. إنه تأكيد على أن أبوظبي هي عاصمة الأخوة الإنسانية، التي تكتب هذا الخطاب بصيغة الحاضر والمستقبل، حيث تُترجم بذور السلام إلى أفعال، وينبع المعنى الحقيقي للتعايش من داخل الإنسان. المسار الرمزي للزيارة يُجسّد رؤية إماراتية ترى في الفعل ركيزة للسلام، وفي الانفتاح مسؤولية حضارية. فالإمارات لا تساوم على هويتها، بل تنطلق منها لتقدّم للعالم نموذجًا متفرّدًا في العلاقة بين الإنسان والمكان. فالزيارة لم تكن مجرّد تنقّل بين معلمين بارزين، بل لحظة تستدعي التأمل في فرادة السردية الإماراتية، التي حوّلت قيم التسامح إلى ممارسة مؤسسية وثقافة مجتمعية. فمن الإمارات، تُبنى الجسور لا لمعرفة الآخر فحسب، بل لاحترامه، وصناعة العيش المشترك. وأختم مقالي هذا بكلمات الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان: “We punch above our weight.” نحن دولة صغيرة بحجمها، عظيمة بأثرها، وحضورها، وإنجازاتها. تصوغ بصمتها في مساحات العالم، وتُحدث فرقًا بقيمها ومبادراتها. وفي هذه العبارة المختصرة، قدّم الشيخ خالد ردًا سياسيًا محنّكًا…
السبت ١٠ مايو ٢٠٢٥
عن اللحظات التي لا تُلتقط، وعن أولئك الذين يمنحونها الخلود. ليست كل لحظة علينا أن نوثّقها، لكن كل اللحظات تستحق أن تُعاش. ولا كل صورة تحتاج إلى عدسة، فكثيرًا ما تكون أصدق الصور تلك التي لا تُلتقط، بل تحيا في الذاكرة. لحظات ترسم على كياناتنا ابتسامات ربيعية، وتترك أثرًا لا يُمحى. بالنسبة لي، الصورة ليست مجرّد إطار يُجمّد الزمن، بل نافذة تُطلّ على رحلة عبر التفاصيل… تلك التي نعرفها، وتلك التي نجهلها. أحب تصفّح الألبومات القديمة، خاصة حين يدور صندوق الموسيقى المرفق، وكأن الصورة تُغنّي ما عجزت اللحظة عن قوله. وإن كنت أتحدّث عن العدسة والزوايا، فلأن خلف هذا النص مصوّر، هو خالد جمعة الكعبي. خالد لا يُصوّر، بل يتلاعب بالضوء. لا يبحث عن الكادر المثالي، بل عن اللحظة التي تُشبه الحقيقة. حين تقترب منه، يبدو خجولًا، لكنه يملك جرأة في إبداعه. ولعلّ ما يميّزه أكثر، أنه لا يدرك — أو يتظاهر بعدم الإدراك — كم يحمل من الإبداع. ومع ذلك، التقط بحسّه أنني لا أحب الوقوف أمام الكاميرا، ومع ذلك جعلني أبتسم أمامها، وكأن عدسته ليست سوى امتدادٍ لقلبه. هو من أولئك الذين لا يحبون الظهور، لكنه لا يمانع أن يكون شاهدًا. ما لا يعلمه خالد أنني لم أقف أمام كاميرا استوديو منذ سنوات، وتحديدًا منذ أن جدّدت جوازي…
السبت ٠٣ مايو ٢٠٢٥
خاص لـ هات بوست: نحن في زمنٍ تتسارع فيه خطوات الذكاء الاصطناعي، وتغلغلت فيه التقنية في كل تفاصيل الحياة، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة بنموذج فريد يُعيد الاعتبار للإنسان بوصفه جوهر التنمية ومحورها. وبينما تستثمر الدولة في أعقد أنظمة الذكاء، فإنها في ذات الوقت تستثمر في أعمق العلوم: العلوم الإنسانية ومهارات الحياة، في رؤية متكاملة تؤمن بأن الإنسان هو البداية والنهاية، فهو المنبع والمصبّ. فمن منطلق أن “رحلة الفضاء تبدأ بالإنسان”، تنظر الإمارات إلى العلوم الإنسانية لا كمجال ثانوي، بل كأصل من أصول المعرفة، وروح لكل مشروع حضاري. وفي هذا السياق، برزت جهود الدولة جليّة في إنشاء جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، التي تُعد أول جامعة متخصصة في هذا المجال على مستوى المنطقة، وتعكس إيمان القيادة بأهمية تعزيز التسامح، والفلسفة، والحوار الثقافي، والتعايش السلمي. ولأن التقدّم لا يكتمل إلا بالتوازن، فقد جاء إنشاء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مكمّلًا لمسار التقدّم العلمي، لتشكّل الجامعتان معًا قلب الرؤية الإماراتية لغدٍ يتقدّم فيه الإنسان والتقنية جنبًا إلى جنب. ويُترجَم هذا التوجّه أيضًا في مشاريع كبرى مثل بيت العائلة الإبراهيمية، الذي يجسّد التسامح والتعايش السلمي، ويعكس وثيقة الأخوّة الإنسانية التي وقّعها فضيلة الإمام أحمد الطيب وقداسة البابا فرنسيس في أبوظبي، خلال عام التسامح. علاوة على العديد من الجوائز والمبادرات الفكرية مثل جائزة الشيخ زايد للكتاب ومنتدى تعزيز السِّلم، التي تسعى إلى إعادة بناء الوعي الثقافي على أسس إنسانية راسخة. إلى…
الجمعة ٢٥ أبريل ٢٠٢٥
خاص لـ هات بوست: العالم اليوم يُفترض أنه يتجه نحو العدالة والمساواة، ما زالت بعض المصطلحات تتسلّل إلينا من بوابات العلم والنظرية، لتزرع أحكامًا مسبقة في وعينا، وتكرّس صورًا نمطية على نحو ناعم وخفي. من بين هذه المصطلحات، يبرز ما يُعرف بـ”اضطراب ملكة النحل” أو Queen Bee Syndrome، الذي يُستخدم غالبًا للإشارة إلى النساء القياديات اللواتي لا يدعمن زميلاتهنّ أو يظهرن نوعًا من الصرامة والتفرد في بيئات العمل. لكن، ما الذي تخفيه هذه التسمية؟ ولماذا تبدو أكثر إيذاءً مما تبدو عليه في ظاهرها؟ يشير هذا المفهوم إلى ظاهرة تُلاحظ – وفقًا للبعض – بين النساء في المناصب القيادية، حيث يُفترض أن المرأة التي وصلت إلى موقع قوة قد تُظهر سلوكًا تنافسيًا مفرطًا تجاه النساء الأخريات، وقد تتجنب دعمهن خوفًا من التهديد أو المنافسة. لكن هذا الطرح يُغفل السياق الأكبر، ويُحمّل المرأة وحدها المسؤولية. وكأنها قررت بإرادتها الكاملة أن تكون “ملكة” لا تريد لأحد أن يقترب من عرشها، دون الالتفات إلى البيئة التي نشأت فيها، أو الضغوط التي واجهتها لتصل إلى هذا الموقع. رغم أن المصطلح يبدو علميًا ومحايدًا، إلا أنه يحمل في داخله قدرًا كبيرًا من التحيّز اللغوي والاجتماعي. فهو يُصوّر المرأة الناجحة كحالة خطرة، أو غير متعاونة بطبيعتها، ويُغفل تمامًا أن الرجال في المناصب العليا قد يتصرفون بنفس الشكل،…