الجمعة ١٣ سبتمبر ٢٠١٣
أقصد بالأسرار هنا، الدوافع والأهداف الحقيقية وراء القيام بعمل ما، دون التصريح به علناً، وإنما بتمريرها وتسويقها بدوافع وأهداف مغايرة، إن لم نقل مضادة للأهداف والدوافع الحقيقية، والتي تكون مقبولة ومسوغة أكثر من الحقيقية نفسها. من النادر في التاريخ أن تقرأ أو تفهم دوافع وأهداف شن حرب ما، وإنما تقرأ مبررات نبيلة للقيام بأعمال غير نبيلة؛ ولكن بالتقصي وسبر حاجيات من يشن حربا ما، تصل إلى أهداف عمله، من دون الأخذ بما يعلنه الفاعل من دوافعه وأهدافه المحركة لعمله. مثلاً بأن تساعد على استمرار حرب ما، من أجل إيقاف نزيف الدم فيها؛ فهذا نوع من التخريف السياسي المفضوح، يخفي خلفه ما يخفيه من دوافع وأهداف مبطنة والتي ليس منها بالطبع إيقاف نزيف الدم، لا من قريب ولا من بعيد. ويتم الكشف عن الدوافع والأهداف الحقيقية من خلال التعرف على المكاسب من استمرار الحرب أو إيقافها. أميركا وروسيا وبريطانيا وفرنسا، دوماً تذرف الدموع على ضحايا الحرب السورية؛ ولكنها بنفس الوقت لا تسعى لإيقافها أو المساهمة الجادة مع الدول الحريصة على الدم السوري، لإيجاد صيغة حل توقف نزيف الدم السوري وتعيد الأمن والسلم له. معظم ما يجري حول وداخل سورية من تدخلات إقليمية ودولية هي عبارة عن تدخلات في الحرب على سورية، وليست تدخلات في الحرب في سورية. كل المتدخلين يبررون تدخلاتهم…
الجمعة ٠٦ سبتمبر ٢٠١٣
يقول المثل الغربي: "إذا صفعتني مرة فهذا خطؤك؛ وإذا صفعتني ثانية، فهذا خطئي". السؤال الذي يطرح نفسه، هو إلى متى ونحن نتلقى الصفعة تلو الأخرى، منذ بداية القرن العشرين، حتى الآن من أيادي القوى الاستعمارية الغربية؟ بل إن حالنا الآن أسوأ معهم من ذي قبل، فقد كنا نتلقى الصفعة تلو الأخرى، ولكن الآن أصبحنا نتلقى الصفعات تلو الصفعات وبالمجان المباح، ولا تستبعدوا الركلات تلو الركلات القادمة وبكرم غير مسبوق تاريخياً. فلم يكن نصيبنا من عولمة الغرب السياسي، غير عولمة العنف والفوضى والمزيد من التشتت والمقابر الجماعية. والغرب الذي أتناوله في موضوعي هذا، هو الغرب السياسي، وليس الغرب الحضاري أو المدني، الذي نعمت البشرية بمنجزاته ومعجزاته العلمية والصناعية وما تزال. الغرب السياسي، مبني على جلب المصالح للغرب لا غير، وبالحفاظ على حقوق الإنسان الغربي لا غير، وبأسلوب ميكافيلي مخادع، لا غير. الغرب السياسي، هو من صنع ودعم الأصوليات في منطقتنا، وأولها الأصولية الصهيونية وليس آخرها جبهة النصرة ودولة الشام والعراق، أو ما لا نعلم عنه حتى الآن من أصوليات خفية. ثم يقضي منها أمراً مفعولا، فيعيرنا بالأصوليات، ويستدير علينا ببوارجه وحاملات طائراته ليخلصنا منها، ونكون له من الشاكرين. الغرب هو أول من طالب بأسلمة العنف، وتمت أسلمته بدعمه وبمباركته، واحتمى خلفه؛ ثم حصل على مأربه منه، واستدار علينا بمدافعه وطائراته المرئية…
الجمعة ١٦ أغسطس ٢٠١٣
خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975، كان معظم ـ إن لم نقل كل الطوائف الدينية والمذهبية والأحزاب السياسية ذات الأجندات العقائدية في لبنان ـ لديها أجنحة عسكرية، مجموعة مسلحة من الميليشيات المكونة من أفراد مسلحين ينتمون لهذه الطائفة أو لهذا الجناح من الطائفة، أو ينتمون أيديولوجياً لذاك الحزب أو للآخر. وكل حزب طائفة أو حزب جناح من طائفة، أو حتى حزب إيديولوجي، لا يمثل طائفة بعينها في لبنان؛ هو بالتأكيد مدعوم مادياً وتسليحاً وسياسياً من هذا المحور أو ذاك خارج لبنان. جذور حزب الله، المتمثلة بداية بمنظمة الجهاد الإسلامي، تشكلت في عام 1982، خلال الغزو الإسرائيلي للبنان، وطرد قوات المنظمات الفلسطينية المرابطة في جنوب لبنان، الذي أحدث فراغ مقاومة، في جنوب لبنان، المحاذي والمتداخل جغرافياً مع شمال إسرائيل؛ حيث كان الممر والمستقر للجيش الإسرائيلي الغازي للبنان كل لبنان. كانت كوادر من الطائفة الشيعية الشبابية في لبنان، الوطنية منها والعروبية واليسارية، قد انخرطت في نضالها ضد الاعتداءات الإسرائيلية والوجود الغربي في لبنان، والأحزاب اليمينية اللبنانية، ضمن كوادر الأحزاب والتنظيمات الثورية والعروبية واليسارية في لبنان، وأيضاً ضمن كوادر المنظمات الفلسطينية المتمركزة حينها في جنوب لبنان، وهو في المجمل ذو أغلبية شيعية. ولكن عندما أعلن الشيخ السيد موسى الصدر، تأسيس منظمة أمل اللبنانية، 1975، والتي كانت امتدادا لحركة المحرومين في جنوب…
الجمعة ٠٩ أغسطس ٢٠١٣
كل موسم درامي رمضاني ومنذ أكثر من عشر سنين، ونحن نمتهن الدراما في الخليج العربي امتهانا لا يليق بنا ككوادر فنية درامية معطاءة، لها تاريخها في صناعة الدراما، وفوق كل هذا، تمتلك إمكانيات مادية تفوق وبمراحل أي صناعة درامية عربية. أكبر إشكالية تواجهها الدراما الخليجية والسعودية بشكل خاص، هي أن إنتاجها الدرامي الحالي، وكأنه لا يمت بصلة لتاريخه الدرامي. أي لا ينبني عليها ويتخطاها، وإنما قد ينحدر بها، وفي أحسن أحواله يكررها، وبطريقة أقل احترافية مما سبقه. أرى بأن جزءا من المشكلة، وخاصة في تكرار قوالب ومواضيع الدراما السعودية؛ هو النجاح الباهر الذي حققه مسلسل طاش ما طاش، والنجومية غير المسبوقة التي حصدها نجما المسلسل ناصر القصبي وعبدالله السدحان. مع كون مسلسل طاش ما طاش قد وضع قاعدة درامية متينة للدراما السعودية، بشكل خاص، حيث جعلها مشاهدة ومتابعة في العالم العربي أجمع، وزاحم على المشاهدة أعتى الإنتاجات العربية الدرامية العريقة؛ إلا أنه وبطريقة غير مباشرة وغير مقصودة أضر بالدراما السعودية، بشكل غير مقبول. أضر بالدراما السعودية من ناحية أصبح مرآة تعكس الدراما السعودية نفسها من خلالها، لا يبنى عليها أو ينطلق منها، وإنما لتعاد ولا تزاد، وتكرر ولو بطريقة ساذجة. كان مسلسل طاش ما طاش، مسلسلا مقبولا ومبهرا في زمانه؛ يوم لم يكن الإعلام المحلي يناقش مشاكل وقضايا المجتمع، بطريقة…
الجمعة ١٤ يونيو ٢٠١٣
في بداية الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م)، كان البريطانيون مرعوبين جداً، خوفاً من أن يعلن خليفة المسلمين آنذاك، السلطان العثماني عبدالحميد الجهاد ضد قوات التحالف وخاصة قوات بريطانيا العظمى، المتواجدة بكثافة في المشرق العربي ومصر والسودان، والهند وبعض دول أفريقيا؛ وقوات بريطانيا منغمسة حتى أذنيها في الحرب الدائرة في القارة الأوروبية بين قوات التحالف (بريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا وروسيا، ومن ثم أميركا)، وقوات المحور (ألمانيا والنمسا والمجر والدولة العثمانية). لم يفعلها السلطان عبدالحميد، ولكن بريطانيا العظمى اقتنصت الفرصة وفعلتها، وذلك بأمرها لحليفها في المنطقة الشريف حسين، بإعلان الجهاد ضد قوات الخلافة الإسلامية العثمانية. الشريف حسين أعلن الجهاد ضد قوات الدولة العثمانية في الحجاز وفلسطين والشام، فتجمع لديه أشرس وأقوى المقاتلين من البدو والحضر، وشكل ما سمي حينها بجيش الثورة العربية، الذي اكتسح بقيادة ضابط الاستخبارات البريطاني، المعروف بلورنس العرب، القوات العثمانية، من دون أي عناء يذكر، ومزقها وطردها حتى فرت مذعورة لحدود تركيا الجغرافية. إذاً هكذا اكتشف الغرب، بقيادة بريطانيا العظمى أحد مكامن القوة الساحقة، في الدين الإسلامي، والتي من الممكن استخدامها لصالحها؛ خاصة كونها قد توصلت لطرق ووسائل تفجيرها واستغلالها، وحرمان أعدائها حتى ولو كانوا مسلمين من فعل الشيء نفسه. بعد الحرب العالمية الثانية 1945، انقسم العالم إلى معسكرين: معسكر غربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ومعسكر شرقي مضاد بقيادة…
الجمعة ١٧ مايو ٢٠١٣
في ليلة السبت ما قبل الماضي، هجمت الصواريخ والطائرات الحربية الإسرائيلية على بعض المواقع الإستراتيجية في سورية، خاصة مراكز البحوث الصاروخية ومقرات بعض ألوية الحرس الجمهوري. إيران أدانت الهجمة الإسرائيلية على سورية وهددت وتوعدت، وكذلك العراق وبعض التنظيمات المقاومة في فلسطين ولبنان، روسيا والصين كقوى شرقية أدانت العدوان على سورية. إردوغان، شن هجوما عنيفا على الرئيس السوري، أثناء وبعد الغارات الإسرائيلية. القوى الغربية أيدت الهجوم وبررته. بعض الدول العربية أدانته وبعضها لاذت بالصمت. أحداث هذا الأسبوع في سورية وردات الفعل الإقليمية والدولية الشرقية والغربية، وكذلك المحلية العربية، تعكس ما ورد في الجزء الأول من مقالي قبل أسبوعين، من حيث تحليل وإبراز أهداف المحاور في المشرق العربي، التي تمثل امتدادا للعمق الجيوتاريخي للقوى الإقليمية والدولية التي تتصارع على المنطقة. هنالك من يقول إن التاريخ يعيد نفسه، والحقيقة إن الجغرافيا هي من تعيد وتؤكد نفسها، وتعكس ذاتها وبأمانة على الواقع، حيث التاريخ لا يعدو دوره أكثر من مدون لما يجري على الجغرافيا من أحداث. صحيح أن "من لا يعي التاريخ يكرر أخطاءه" وهذا مؤكد، ولكن المؤكد أكثر هو أن "من لا يعي الجغرافيا محكوم عليه بأن يكرر حماقاته"، وفي المحصلة نحن نقرأ التاريخ لنعي ما أملته وما تزال تمليه الجغرافيا على البشر من أفعال وردات أفعال. في الجزء الأول من المقال تم…
الجمعة ١٠ مايو ٢٠١٣
الغرب يريد من المشرق العربي أن يكون ضمنه إستراتيجياً ومادياً، ولكن يحرمه أن يكون ضمنه تقدماً وحضارةً، كما يفعل مع تركيا، رأس حربته في المنطقة. فارس هي جزء من المنطقة إستراتيجياً وحضارياً؛ ولذلك فالغرب يسعى بتحجيم انتمائها الثقافي للمنطقة، بالطرح المذهبي، وتعميقه. فارس بنفس الوقت، تستنهض المعطيات النضالية في ثقافة المنطقة، في صراعها مع الغرب. الأصوليات الدينية في المنطقة ليست مرضا بحد ذاتها وإنما هي عرض لمرض الفراغ والفلتان الإستراتيجي في المنطقة. تمت التعمية على حقيقة جوهر صراع المحاور في المنطقة، وتغليفه بالطائفية أو المذهبية، من أجل حشد الأنصار لهذا المحور أو ذاك.. التحفيز الطائفي والمذهبي الرسمي المعلن منه والسري، خلق أصوليات استماتت لمثل هذا الطرح، واعتبرت نفسها الأجدر من غيرها بإدارته من السياسيين الرسميين، حتى الذين أوجدوها ونفخوا فيها بادئ ذي بدء. الأصوليات المتطرفة تمزق المنطقة إلى طوائف وشيع، هذه الطوائف تعتقد بأنها توحد المنطقة تحت ما تسعى واهمة إليه، من إحياء الخلافة الإسلامية من جديد، بسبب جوهرها الإقصائي وإمكانياتها الضعيفة الفكرية والمادية، تحرمها من رؤية المشهد الإستراتيجي المحلي والإقليمي والدولي. مع كون الأصوليات هي آخر من يوحد المنطقة، فمشروعها ـ إذا كان لها مشروع ـ هو تقسيم المنطقة وتفتيتها، كما ذكرنا لطوائف وشيع، حيث كل أصولية انقسمت على ذاتها فانشطرت وولدت أصوليات أخرى، تتنازع الشرعية الدينية مع الأصولية…
الجمعة ٠٣ مايو ٢٠١٣
أي منطقة أو إقليم على الكرة الأرضية، إما تكون هنالك قوة تملؤه استراتيجياً، فيكون أهدأ وأكثر استقرارا من غيره، وإما ألا تكون فيه قوة تملؤه فيعاني من فراغ استراتيجي، يجعله أكثر من غيره ضجيجاً وعدم استقرار.. مثال على ذلك إقليم شرق آسيا..لا يوجد فيه فراغ استراتيجي، حيث الصين، كقوة عالمية اقتصادية وسياسية وعسكرية، تملؤه استراتيجياً، ولا تسمح لأي قوة أخرى سواء من داخل الإقليم أو من خارجه بإشعال الحروب أو المغامرات العسكرية فيه. فبرغم النزاع الشرس بين كوريا الشمالية وأميركا، إلا أن كلتيهما تعي ألا حل للنزاع بينهما إلا عن طريق التفاهم، وبوساطة الصين. منطقة المشرق العربي من أكثر المناطق معاناة من حيث وجود فراغ استراتيجي فيها، ولذلك أصبحت مرتعاً خصباً للحروب والمغامرات العسكرية، من قبل قوى دولية وإقليمية ومحلية، وذلك بسبب غياب قوة عربية مشرقية كبيرة تملأ فراغها الاستراتيجي؛ مما جعلها أقل أمناً واستقراراً من غيرها. قبل ظهور الدولة العربية الإسلامية، كقوة استراتيجية إقليمية، كان الصراع والنزاع على منطقة المشرق العربي يدور رحاه بين قوتين إقليميتين عظميين، هما الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية. وبعد حروب ونزاعات طويلة بين القوتين العظميين، اتفقتا على حل استراتيجي في المنطقة يرضي كل منهما ويحفظ لهما مصالحهما الجيو استراتيجية، وذلك بخلق مملكتين عربيتين، وهما مملكة الغساسنة في الشام، المجاورة لحدود الروم، ومملكة المناذرة في العراق…
الجمعة ١٩ أبريل ٢٠١٣
كتبت أكثر من مرة عن الجنادرية، وأسميتها بالقلعة، وأنا مصر على تسميتها بالقلعة، وأعي حق الوعي، لماذا أسميتها بالقلعة؟ حيث عملت الجنادرية منذ تأسيسها قبل 28 عاما، كقلعة ليس فقط لعرض تراثنا وفنوننا الشعبية، التي تمثل الذاكرة الوجدانية لجميع مناطق المملكة، ولكن أيضا لتطويرها والحافظ عليها كجزء عزيز من تاريخنا الجمعي التراثي والفني. إن من أول الكوارث التي تصيب الشعوب، وهي لا تشعر، هو فقدانها لذاكرتها الجمعية الفنية البصرية والسمعية، التي تميزها عن غيرها. والشعب الذي يفقد ذاكرته وذائقته التراثية، والتي تمثل بالنسبة له، مخياله الشعبي وذاكرته الوجدانية، يفقد توازنه الحضاري أو المدني، ويتحرك للمستقبل بخطى مهزوزة، غير واثقة، ويصبح قابلا للحرف عن جذوره الوطنية بفقدانه صمغه الوجداني الوطني المحايد. الحالة المدنية لأي مدينة هو إبراز تراثها المعماري والثقافي، وجعله ميزة خاصة تتمتع بها دون غيرها من المدن، هذا بجانب استخدامها لأحدث ما توصلت إليه المدنية من تقدم وتقنية في مضمار المعمار وتخطيط المدن، ومواصلاتها ومرافقها الخدمية العامة والخاصة، والتي بدورها قد تمحو الذاكرة الجمعية شيئا فشيئا. المدنية لا تنطلق من فراغ، وإنما من ذاكرة ثقافية تتأسس عليها، وتصبح بوصلتها في الحفاظ على جماليات المكان ونبضه التراثي والفني، اللذين رافقاها لعدة قرون خلت. المدنية دوما تحرص على إحضار ذاكرتها الثقافية الخاصة بها، من خلال طراز معمارها، ومتاحفها ومعارضها ومهرجاناتها الفنية…
الجمعة ١٢ أبريل ٢٠١٣
لقد حظيت بشرف تأمل النفط يزحف من أمامي، بكل شموخ ووقار، عندما دعيت من قبل وزارة التعليم العالي ـ مشكورة ـ لحضور حفل تخريج وتكريم الدفعة الثالثة من خريجات وخريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، في بريطانيا وأيرلندا، والذي أقيم في قاعة الاحتفالات الملكية في لندن، في يوم الأحد الموافق 19/5/1434. وقد سبق حفل التخرج بيوم افتتاح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز، سفير خادم الحرمين في بريطانيا، يوم المهنة، والذي عقد بنفس صالة الاحتفالات الدولية في لندن، حيث تواجدت معظم القطاعات العامة والخاصة، من وزارات وجامعات وبنوك وشركات لاستقطاب الخريجات والخريجين للعمل فيها. وهذا تنافس محمود ومطلوب من قبل قطاعاتنا العامة والخاصة، في البحث عن الكفاءات الوطنية الشابة، وكذلك شهادة منها بجودة مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، حيث تتسابق لقطف ثماره الطيبة اليانعة من منبعه. اليابان عندما خططت لخوض غمار التطور والرقي، أرسلت العديد من طالباتها وطلبتها لأوروبا والولايات المتحدة للدراسة فيهما؛ والذين بدورهم عادوا وأسسوا اليابان الصناعية المتطورة التي نعرفها الآن، وكذلك تجربة كوريا الجنوبية وماليزيا ودول ما يسمى بالنمور الآسيوية، فعلت نفس ما فعلته اليابان، حيث أرسلت أعدادا كبيرة من طالباتها وطلبتها للدراسة في الجامعات الغربية، ومن ثم العودة لقيادة زمام المبادرة في تطوير دولهم ونشلها من مستنقع العالم الثالث إلى…
الجمعة ٠٨ فبراير ٢٠١٣
إن من أجمل وأروع الهدايا التي من الممكن أن يتلقاها شخص ما، هي تلك التي تضمن له استقرار حاضره وتطمئنه على مستقبل أبنائه؛ فما بالنا إذا كانت الهدية تضمن لشعب كامل استقرار حاضره وتطمئنه على مستقبل أبنائه من بعده. ومثل هذه الهدية تعد من الهدايا التاريخية المجيدة التي يسطرها التاريخ بماء من الذهب، ويعلقها على عنق كل فرد من أفراد الشعب الآن وآن الغد من بعد. إن الهدايا التاريخية نادرة الحدوث جداً في التاريخ، ناهيك عن ندرة حدوثها في عمر إنسان؛ ولذلك سميت بالتاريخية وحق لها أن تسمى بذلك. عندما توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ تولى الخلافة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، بعد حروب الردة، وكان عمر خير من يتولى إدارة أمور الدولة وينظمها ويثبت أركانها ويعيد هيبتها في الداخل والخارج؛ حيث أسس وشيد بنيانا متينا وقويا لها، انطلقت وتوسعت على إثره من بعده الدولة العربية الإسلامية، ليأتي من خلفائها، بعد قرنين، من يقول: "أمطري يا سحابة أينما تمطري؛ فسيأتيني خراجك". فتولي عمر بن الخطاب للخلاقة كان من أثمن الهدايا التاريخية التي ما زلنا ننعم بها، بعد ألف وأربع مائة سنة. وكذلك الخليفة عمر بن عبدالعزيز، كان من أثمن الهدايا التاريخية لنا، حيث ما زلنا نتغنى بعدله وصدق إنسانيته. والخليفة العباسي المأمون، الذي نشر…
الجمعة ٠١ فبراير ٢٠١٣
الليبرالية نهج في إدارة الحياة، مبني بشكل عام على ثلاثة مبادئ هي الحرية والعدالة، وسيادة القانون، وتمارس الليبرالية في إطار من الالتزام بحقوق الإنسان وفي ظل مراعاة الصالح العام. وانبثقت الليبرالية من النظرة الإيجابية للإنسان والثقة بمقوماته الأخلاقية وقدراته العقلية والإبداعية والمهارية، والتي بدونها لا يمكن أن تتطور الحياة ويتحسن العيش فيها، والتي لا يمكن أن يتم تفعيلها لأقصى مداها والاستفادة القصوى منها بدون فضاء حياتي تعمه الحرية والعدالة وسيادة القانون. إذاً فالليبرالية كنهج في إدارة الحياة، تُعنى بمجالاتها الرئيسية الثلاث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فمن ناحية الليبرالية الاجتماعية، وهي ما يهمنا الآن في هذا المقال، هي التي تهتم بتعزيز مكانة الفرد في المجتمع، حيث هو نواة المجتمع الأولى، والذي إذا صلح صلح المجتمع، وإذا فسد فسد المجتمع. ومن مقومات صلاح الفرد تهيئة مناخ له، تعمه الحرية والعدالة وسيادة القانون. فحرية التفكير والتعبير مهمة جداً لأي فرد؛ حيث هي التعبير الحر عن شخصيته ومقوماته الروحية والمعنوية وحمايته من النفاق والعيش بأكثر من وجه، والتي تعتبر من مقومات مرض اضطراب الشخصية. وكذلك إشاعة مناخ من التسامح مع المختلف والمغاير وقبول الآخر. مع فرض العدالة بالتساوي بين أفراد المجتمع من ناحية فتح مجال الفرص أمام جميع أفراد المجتمع بدون تمييز أو تفضيل لبعض على بعض إلا بالجدارة؛ وهذه هي الضمانة الوحيدة لتفعيل جميع…