عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

ثلاثية المستقبل في الإمارات

الأحد ٠٢ أكتوبر ٢٠١٦

ثلاثية المستقبل، الشباب، القراءة، التي توليها الدولة اهتماماً فائقاً، بما نراه جميعاً ونتابعه عبر استراتيجية الدولة بشأن استشراف المستقبل، وإعلاء دور ومكانة الشباب كعناصر صانعة للمستقبل، وتشكيل وزارات للشباب والسعادة، وتعيين وزراء شباب، وتنظيم مؤتمرات وجلسات نقاش وعصف ذهني تناقش قضاياهم ورؤاهم، ووسائل تمكينهم في كل أماكن العمل في مجتمعهم ليصبح الانتماء والمواطنة سلوكاً عملياً حقيقياً وليس مجرد شعارات كما هي في دول كثيرة. إن هذه المهرجانات والمؤتمرات والقرارات الرسمية بشأن إعلاء قيمة القراءة كثقافة وكممارسة عامة لجميع فئات المجتمع، لا تتم من باب الأنشطة الاجتماعية أو الدعائية، ولكن من قبيل شرح سياسات الحكومة أمام جميع أفراد المجتمع لدعمها وتبنيها والمساهمة في تنفيذها. هكذا يتحقق شكل مهم من أشكال المشاركة السياسية للمواطنين في استراتيجيات وسياسات الحكومة، بعيداً عن الفوقية أو تضييق نطاق المشاركة وحصرها في عدد محدود من النخب السياسية! إن ثلاثية استشراف المستقبل - تمكين الشباب - تكريس قيمة القراءة، هي واحدة من أكثر الاستراتيجيات تكاملاً وذكاء وملاءمة لأوطاننا العربية التي لا بد لها - مهما كلف الأمر - أن تصمد في وجه مشروع الفوضى الذي يراد له أن يغمر المنطقة ويغرقها في الحروب والدمار، وتعبر هذا النفق وتخرج منه بسلام، إلى أيام أفضل ومستقبل خال من الحروب والتشريد والدمار. هذا المستقبل الذي نتمناه لن يتحقق بالأمنيات، ولن يكون…

أنصار الفوضى في المنطقة!

الأربعاء ٢٨ سبتمبر ٢٠١٦

لا أدري كيف نقع في الفخ نفسه كل مرة وبالطريقة نفسها وأساليب الاحتيال التي تنصب لنا كفخاخ مسمومة في كل اتجاه، شاشات التلفزيون، جلسات الثرثرة، مواقع التواصل، صفحات الجرايد والمجلات، أبواق الإشاعات، وغير ذلك من الماكينات الضخمة التي تصنع الشائعات وتضبط معاييرها على مقاس الذهنية العربية، ثم تطلقها كميكروب سريع الانتشار في أوساطنا عن طريق مروجي الإشاعات الذين يعملون بلا تفكر ولا تأمل ولا تفكير ضد أوطانهم للأسف! هناك دول وأجهزة استخبارات ومؤسسات تعمل ليل نهار لتقويض أمن المنطقة كلها، غير مكتفية بما حصل من دمار وتشريد وحرائق في بعض الأقطار، هناك دول عربية تعتبر أهدافاً كبرى بالنسبة لأعداء المنطقة ولأصحاب مشروع الفوضى، أهدافاً توظف كل الوسائل والأساليب والأشخاص لضربها وإضعافها وتقويض أمنها الداخلي، مصر واحدة من أكبر تلك الأهداف، والمملكة العربية السعودية التي تصطف وراءها دول الخليج بكل ثقلها الاقتصادي والديني والسكاني. ولأن هذه الدول تعتبر أهدافاً مركزية واستراتيجية في مشروع الفوضى فإن ضربها مستمر، بتقوية أعدائها في الداخل والخارج، بترويج الإشاعات ضد سياستها وسياحتها واقتصادها ومنتجاتها الزراعية، بنشر الرسائل والأخبار الكاذبة والمسمومة عن أي شيء يحدث فيها، وقد يحدث في أي مكان آخر دون أي إشارة أو ذكر، وبملء مواقع التواصل بجيوش من مناصري مشروع الفوضى يبثون كل ما هو سلبي ومسيء لتلحق هذه الدول بسوريا والعراق وليبيا!…

حكاية حاج تايلندي!

السبت ١٧ سبتمبر ٢٠١٦

هذه الحكاية واقعية استمعت لتفاصيلها من سائق سيارة أجرة تايلندي مسلم، شاء القدر أن أستقل سيارته، وأنا عائدة لمقر إقامتي، كان الطريق لا تتعدى مسافته عشرة كيلومترات، يمكن أن تقطعها السيارة في عشر دقائق لا أكثر، إلا أن ازدحام المدينة الدائم سمّرنا في التاكسي أكثر من ساعة ونصف الساعة بالتمام والكمال! عندما حيّانا بـ(السلام عليكم)، سأله أخي هل أنت مسلم؟ ضحك بلطف، كان رجلاً طاعناً في السن، أشار إلى المصحف الذي كان يثبته أمامه، وآية الكرسي التي يثبتها في سقف السيارة، ثم قال «أنا حاج.. ذهبت للحج الحمد لله»، كان سعيداً كطفل وهو يقول ذلك، سألنا: أنتم من أين جئتم؟ هكذا طرح سؤاله، وبمجرد أن ذكرنا له أننا من دولة الإمارات، هلل فرحاً، وأرانا علم الإمارات الذي كان يعلقه في السيارة، ولا علم آخر معه، قال: «لأهل الإمارات فضل كبير علي، وأنا أدعو لهم كل يوم، وكل صباح عندما أركب سيارتي وأرى علم الإمارات، أدعو لرجل إماراتي لن أنساه ما حييت»! بدت المحبة الواضحة في كلامه ودعواته، مثيرة لطرح الأسئلة، سألته عن سبب هذا الحب، صمت قليلاً ثم قال: «منذ خمس سنوات وقبل أن أذهب للحج، كنت كل يوم بعد صلاة العشاء أجلس طويلاً أدعو الله أن ييسر لي الذهاب للحج، لأنني فقير جداً، ومهما فعلت فلن أتمكن من تحقيق…

لماذا الإصرار على الهوية والوعي!

الثلاثاء ٠٦ سبتمبر ٢٠١٦

حين نتحدث عن قضايا المجتمع لا يعني ذلك أننا لا نرى الكم الهائل من الإنجازات التي تتم ترجمتها بشكل يومي على أرض الواقع على شكل مشاريع اقتصادية وحدائق وشبكات طرق ومنتجعات ومجمعات ومراكز ألعاب كبرى للأطفال وقوانين وغير ذلك، فالإمارات بلاد نمو وتنمية. مع ذلك فإن الإشارة إلى الأخطاء أو الظواهر التي تؤثر في حياة الإنسان لا تدل على عدم الاعتراف بالإنجازات، لكنها محاولة للوصول إلى الأفضل بأقل قدر من المعوقات والنواقص، فالرحلة طويلة والسباق ليس هيناً! وفيما يخص نظرية التربية التي تحدثنا عنها بالأمس، فليس صحيحاً ما ذهب إليه البعض من أن التطور يستدعي أن نغض الطرف عما كان عليه أهلنا في السابق، ذلك أن كل شيء تغير تماماً، الناس والمكان والأفكار والسلوكيات، وأن علينا أن نتأقلم ونتقبل ما هو موجود ككل المجتمعات!. إذا كان هذا الرأي صحيحاً، فلماذا تصر القيادة السياسية والحريصون على مستقبل أجيالها على الحفاظ على هوية البلد وعلى لغتها؟ ولماذا العمل على تكريس ثقافة المواطنة وغرس قيم الولاء والانتماء والوعي وغير ذلك؟ لماذا لا تترك نوافذ ومعابر الدولة مفتوحة على كل الرياح والعواصف تعبث بها كما تشاء، انطلاقاً من سياسة الانفتاح والعولمة؟. إن الثقافة الوطنية الخاصة والانتماء والأخلاق والدين والعادات والمعارف المختلفة وتفاصيل الحياة التي تمنح الأفراد هوية واضحة تميزهم عن الآخرين وغير ذلك، تعتبر…

المهووسون بمصالحهم!

الأحد ٠٤ سبتمبر ٢٠١٦

في واحد من المشاهد التي لا تنسى والتي حفل بها فيلم (زوجة رجل مهم) للراحل أحمد زكي، حيث يجلس الرجل المهم على أحد كراسي المقهى لا أحد بصحبته، فجأة يقتحم طاولته رجل من رواد المقهى، يجابهه بتحدٍ واضح كمن يصفي معه حساباً قديماً، مستغلاً أن الرجل لم يعد مهماً بعد أن أحيل الى التقاعد! كانت كل كلمة في حوار ذلك المشهد مدروسة وفي مكانها تماماً، ومعبرة عن فكر وتوجهات مرحلة وسياسة كاملة، وكذلك أداء أحمد زكي وسائر لغة جسده، هذا ما يسمى السينما الحقيقية، وما يزيد من احترافية الفيلم قدرة صناعه على طرح إشكالية عربية سياسية واجتماعية في غاية الخطورة سادت وما زالت في كل المراحل والأزمنة التاريخية! إنها إشكالية المسؤول المهووس بفكرة تضخيم ذاته واستغلال منصبه، فالكل عنده سيئون ويشكلون خطراً على المجتمع، وعلى الدولة أن تعاملهم على أنهم متهمون حتى تثبت براءتهم، إنها كذلك إشكالية ادعاء خدمة المجتمع بارتكاب كل التجاوزات، انطلاقاً من أن المجتمع في حالة حرب مع قوى خفية تجيز لأجهزتها كل التجاوزات على الحريات والحقوق والأفراد، وطبعاً بلا أدنى رحمة ولا أي فرصة لنقاش! في عقيدة الديكتاتور فإن النقاش لا محل له من الإعراب مع كائن من كان، التهم جاهزة والظلم والتعسف ليس سوى طرق لحماية المجتمع من العملاء والخونة، ولهذا السبب فقد الرجل وظيفته…

حينما نمرض ماذا يعترينا؟

الأربعاء ٣١ أغسطس ٢٠١٦

ماذا يحدث لنا حينما نمرض؟ حينما نسقط في قاع اللاحول واللاقوة، حين نصبح أضعف من أن نحرك أجسادنا أو أيدينا لنهش ذبابة تقف على وجهنا؟ ما الذي يتغير في نظامنا الجسدي والنفسي حين يطول بنا المرض ولا يلوح أي ضوء في النفق؟ كلنا سقط في حالة المرض القصوى، أو حالة انعدام القدرة على فعل أي شيء مهما كان صغيراً، فما الذي يخطر ببال الإنسان في هذه اللحظة؟ ما الذي يتغير فيه وما الذي يعتريه؟ إن شعور الامتنان لأصغر النعم المتاحة وأكبرها، هو ما يظل ناهضاً أمام أعيننا وفي قلوبنا طوال لحظات المرض، يظل الإنسان في حالة مقارنة بين ما كان فيه وما أصبح عليه، وفي حالة تفكير عميق في كون الإنسان كائناً شديد الهشاشة يمكن أن ينكسر سريعاً كمصباح زجاجي، وأن كل ما هو عليه من قوة وبأس وصحة وعنفوان يمكن أن يتبدل في طرفة عين، لينشغل الدماغ في ورطته الأزلية: طرح المزيد من الأسئلة المعذبة! لماذا حدث لي ذلك؟ كيف؟ وهل أعود لما كنت عليه ووو؟ يعلمنا المرض خصلة الامتنان لنعمة الصحة والعائلة والأصحاب ومتعة الوقت. يعلمنا المرض النظر إلى كل شخص وكل شيء بمنظور القيمة لا بمنظور الشكل أو العلاقة الظاهرة، فليس كل إنسان قريب منك في لحظات العافية سيكون كذلك في لحظات المرض، أنت تحتاج عائلتك وأصحابك…

زيدان.. خطاب المثقف الضائع!

الأربعاء ٢٤ أغسطس ٢٠١٦

حينما أدلى الكاتب المصري يوسف زيدان مطلع الأسبوع الماضي بتصريحه العجيب حول تاريخ العرب والجزيرة العربية قبل الإسلام، في أحد منتديات المغرب، استفزني تصريحه للوهلة الأولى، ثم أعدت مشاهدة المقطع المتداول على مواقع التواصل أثناء حديثه أمام مجموعة من الشباب والمثقفين المغاربة، بدا زيدان بعيداً تماماً عن هيئة المثقف العربي الملتزم بقضايا أمته، أو حتى الباحث المجتهد الذي يتحرى الدقة قبل أن ينطق، والموضوعية قبل أن يحكم. لم يظهر زيدان بهيئة المفكر أو الفيلسوف كما يطلق عليه في الصحافة، فللفيلسوف أو المفكر لغته العلمية الجادة وطريقة الإلقاء الحاسمة، وبلا شك فإن للمفكرين ألفاظاً وإشارات ولغة جسد تميزهم وتحفظ وقارهم وتأثيرهم في نفوس متابعيهم. بدا يوسف زيدان وهو يستدعي ضحكات الجمهور أشبه برجل يؤدي دوراً هزلياً على خشبة مسرح، ومنفعلاً بضحكات الجمهور وتصفيقه، ولم أكن قد حضرت له أية محاضرة في السابق، فحمدت الله أنه لم يفتني الكثير، إن رواياته الشهيرة (عزازيل) و(النبطي) و(محال) قد قدمته لنا مثقفاً عربياً معنياً بقضايا التسامح والسلام والتقريب بين الثقافات، بينما ما بدا في كلامه يتنافى، بل ويصطدم مع تلك التوجهات تماماً! شعرت بأن الرجل يفتعل معركة من نوع ما لهدف ما، ولذلك فهو إن احتاج تصحيح الرؤية انتصاراً للحقيقة فإنه لا يستحق أكثر، وقد تكفل أهل العلم والخبرة بأحوال الجزيرة وعلمائها وحضارتها بالرد عليه…

الطب بين الشطارة والتجارة!

الجمعة ١٩ أغسطس ٢٠١٦

هذه تجربة مريض وقفت على كل تفاصيلها: في أحد المستشفيات الخاصة بالدولة، مرّ المريض الذي كان يئن من المرض، على أربعة أطباء خلال أسبوع واحد، كان من أصعب أيام حياته، ربما كانت بدايته مع الطبيب الخطأ، والخطأ هنا ليس في الطبيب أو في مستواه المهني، ولكن في معاينته لمريض ليس في نطاق اختصاصه ربما، ولذا، فإن ما ترتب على تلك المعاينة، قد وقع ضرره كاملاً على المريض وحده، بينما كسب الطبيب والمشفى والصيدلية، المال، وانتهى الأمر عندهم هنا، بينما استمرت معاناة المريض! في اليوم التالي مباشرة، عاد المريض للمشفى نفسه، وإلى عيادة الطوارئ تحديداً، مدفوعاً على كرسي متحرك لسوء حالته، وهناك فحصه طبيبان، ألغيا كل ما وصفه طبيب البارحة من أدوية، وكتبا له أدوية أخرى، مع موعد جديد مع طبيب آخر، ومرة أخرى، دفع المريض مبلغاً لعيادة الطوارئ، ومبلغاً للصيدلية، بينما تكفل التأمين بتغطية الجزء الأكبر من قيمة العلاج! بعد يومين من المعاناة، التقى الطبيب المختص، الذي طمأنه على وضعه، وجلس معه ما لا يقل عن ساعة، أسفرت عن وصفة أدوية جديدة، ألغت كل ما سبقها! وقبل أن يصرف الدواء، كان لا بد من دفع مبلغ من المال للطبيب، ومثله للصيدلية، وعاد لمنزله يحمل آلامه التي لم تهدأ أبداً، مع كيس أدوية ضخم!! بعد عشرة أيام من المعاناة، كان المرض…

لماذا سادت هذه الأحكام؟

الأربعاء ١٧ أغسطس ٢٠١٦

لا يعلم أي منا على وجه الدقة متى بدأت نظرة الناس وتقييمهم لبعضهم تتغير جذرياً وتنتقل من المعيار الأخلاقي للمعيار الظاهري أو المادي البحت! ما يعني أن تحولاً ذهنياً في نظرة الناس لبعضهم قد حدث في مجتمع لم يعرف أهله الطبقية ولا المبالغة في أي شيء، لذلك فإن أحداً لا يعلم متى بدأ الناس يميلون إلى هذه الطبقية وهذه الأحكام التي يعزوها الكثيرون للوفرة المادية التي أفرزت بدورها مرحلة سيادة المظاهر والحكم على الآخر بل ودفعه للانغماس فيها، حتى يكون مقبولاً ومرحباً به! إن تغير معايير الناس في تقييم بعضهم بعضاً قد حصل في ظل ظروف متشابكة، لكنه اعتبر أمراً واقعاً في كل مكان، الأمر الذي دفع بسيدة تزور لندن للمرة الأولى إلى الانتقال إلى مدينة أخرى لأن كل من كان يسكن معها في الفندق كانوا ينظرون إليها وإلى أبنائها بطريقة تنم عن السخرية وعدم القبول بسبب البساطة التي كانت تصر عليها في ثيابها وحركتها بينما هم يرفلون في الماركات العالمية من قمة الرأس حتى أخمص القدمين! لقد تغير الشكل العام للمجتمع وتغير الناس بالتالي وهو أمر حتمي وطبيعي في ظل التحولات الكثيرة الموضوعية والضرورية كتغير البنى التحتية للبلاد وتغير المدن والدخول ومستويات التعليم وأشكال البناء بسبب نواتج النمو والتنمية وكل ما فرضته الوفرة المادية وارتفاع دخول البترول. إن كل…

سوريا.. ما هو المخرج؟

السبت ١٣ أغسطس ٢٠١٦

حتى الصباح المنصرم، وأثناء وجود ممثل إحدى شركات الصيانة في منزلي لتوقيع عقد لصيانة بعض الأمور المهملة في المنزل، وأنا أستمع بين فترة وأخرى إلى روايات عديدة لم تتفق يوماً حول المسألة السورية من حيث مسببات تفاقمها وآفاق الخروج منها، فكلّ يروي حسب رؤيته وحسب قربه أو بعده عما يحدث هناك، وأحياناً حسب الطائفة التي ينتمي إليها! ولو لم يكن كذلك لما تفاوتت التفسيرات واختلفت الرؤى، حتى صارت المعضلة السورية أكثر من أزمة، وأبشع من حرب، وأكثر تعقيداً من صراع مسلح، إنها أشبه بالمسألة الرياضية المعقدة التي يحاول كل طرف أن يحلها لصالحه، فيعمل على تعقيدها أكثر مما كانت عليه، لأن هذه المسألة تحديداً لا تحتمل أن يحلها شخص أو طرف واحد مهما بلغ معدل ذكائه. لذلك ذكرت لكم أنه حتى صباح البارحة وأنا أتحدث إلى ذلك الشاب السوري حول أمور لا علاقة لها بالسياسة أبداً من قريب أو بعيد، فإذا بالموضوع السوري يقتحم الحديث، وإذا بالشاب يستطلع رأيي بأدب جم، حين عرف بأن لي صلة بالإعلام والصحافة، وحين تحدث وأسهب أيقنت أن قضية سوريا لن تنتهي بالأمنيات والدعوات، لكنها تستلزم حصول أحد أمرين: إما معجزة إلهية، وإما اتفاقات حقيقية وجادة بين أطراف الصراع في سوريا وما أكثرهم، وما أبعد المسافات بينهم، أمر واحد يقرب أبعد المسافات في العلاقات السياسية…

هذا المرض كيف نعالجه؟

الجمعة ١٢ أغسطس ٢٠١٦

نحن نعتقد بوجود الحسد والإصابة بالعين لأن ذلك مما جاء ذكره في القرآن ولا جدال في نفيه أو إنكاره، كما جاء في سيرة الرسول الكريم أنه تعرض للسحر فعلًا، وتم تدريسنا ذلك أيام المدرسة مع بعض المبالغات أحياناً، خاصة ونحن نعلم أن سيرة الرسول الكريم وأحاديثه قد زج فيها، ما يعرف بالأحاديث الموضوعة، وأحاديث السحر منها! المشكلة حين تصل هذه القضايا الفائقة الحساسية إلى بسطاء الناس وضعاف الدين وعديمي العلم، فيتداولون أحاديث ضعيفة على أنها صحيحة وأحاديث موضوعة على أنها من أصل الحديث ومن أقوى متونه، وخاصة بعد ازدهار تقنيات التواصل والاتصال، وانتشار مقولة (انشر تؤجر)، أو (إن لم تنشر فاعلم أن الشيطان قد منعك) وغيرهما!! فيما يخص العين والحسد، فإنك تجد عدداً من الناس ذهبوا إلى الاعتقاد بأنهم إما مسحورين أو محسودين، حتى أنه يخيل لك أن الناس قد انقسموا إلى قسم مسحور وقسم يتداول عمل السحر ويتردد على السحرة والمشعوذين، وهذه طامة كبرى، ولو أننا دققنا لوجدنا كثيراً من الناس يتعاملون بحذر شديد مع أهلهم وجيرانهم خوفاً من أن يتعرضوا للحسد أو للعمل »السحر« وبعضهم يتحفظ كثيراً في إظهار ما عنده أو يدعي عكس الحقيقة، فيدعي الفقر أو الحاجة أو المرض، درءاً للحسد، فإذا ضربهم طارئ أو مرض دقوا على الخشب وهرعوا للمشعوذين، وهو سلوك يتنافى مع الدين…

لا خصوصية بعد اليوم!

الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦

ليس هنا تعريف محدد لحق الخصوصية بشكل متفق عليه في كل القوانين، كما أن هناك من لا يعتبره حقاً قانونياً منفصلاً كالحق في الحياة والتعبير والتنقل و.. إلخ، ما جعل خصوصية الأفراد عرضة للاختراق دائماً، وخاصة حين يكون هؤلاء من المسؤولين أو المشاهير، لقد قامت على ظاهرة اختراق خصوصية حياة هؤلاء صحافة عُرفت بالصحافة الصفراء أو صحافة الفضائح، بدأت في الولايات المتحدة وازدهرت فيها قبل أن تنتقل إلى كل العالم، وقد كانت الأميرة البريطانية ديانا واحدة من أشهر ضحايا هذه الصحافة، ما جعل بريطانيا تصدر قوانين خاصة فيما يخص الصحافة بشكل عام. المفارقة هي أنه كلما تطورت الحياة وتقنيات الاتصالات وزادت المطالبات لتأكيد حق الخصوصية، أصبح انتهاك هذه الخصوصية أكثر شيوعاً وسهولة، لقد كان الهاتف المنزلي مشتركاً، وكان بإمكان الأب أو الأم أن يرفعا سماعة الهاتف من غرفتهما ليعرفا مع من يتحدث ابنهما أو ابنتهما، اليوم اختفت هذه الهواتف وأصبح لكل فرد هاتفه الشخصي، لكن مراقبة هذا الهاتف والتنصت عليه باتا مشاعين، في ظل تطور برمجيات وفيروسات التجســـــس والفيروسات التي ترسل بأشكال وأنواع، لتنقل كل المعلومات في هاتف أي شخص إلى جهات مجهولة! يبدو واضحاً أن صحف الإثارة لن تحتاج إلى دفع المزيد من الأموال لقاء صور حصرية يلتقطها مصور سري يتعقب المشاهير لمعرفة أين سيقضون إجازاتهم، ومع من، وفي…