الأربعاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٢
شاهدتُ حالات زواج تمَّتْ بعد مضي الوقت المناسب لبناء عائلة، ولولا قصة حب قديم استطاعت أن تنتظر وتصمد لما تمتْ لاحقاً، حين وجد الطرفان نفسيهما في نهاية المطاف على المسافة عينها من الخسارة، لكنها خسارة لا تتساوى فيها الأنثى مع الذكر، لأنها دفعت الكلفة الأعلى. ما قصدته هو مشاهدتي لنساء يتزوجن في سن متأخرة، بعضهن تجاوزن الـ40، وحين سألت: كيف حدث هذا؟! قالوا لي إنها استطاعت الزواج أخيراً بعد موت والدها! هذا هو الثمن الذي دفعه الوالد، وهو في قبره، سقوط القرار، فابنته كي تتزوج بمن أرادت كان عليه أن يموت، والإخوة الذين تزوجوا وتفرقوا في بيوتهم وعائلاتهم وجدوا أن من المحزن أن تموت أختهم في بيتها وحيدة، طالما أن الوالد مات. الفارق الذي حدث بين الطرفين، الشاب والشابة، أن الرجل استمرت حياته ظاهرياً، فقد تزوج وأنجب أطفالاً وكبروا، وحالما توافرت له فرصة العودة لفتاته التي كبرت وتجاوزت الـ40، عاد وأعلن استعداده للوفاء بعهد قديم. بعضهن عدن فقط من أجل مواجهة ملل الحياة وسأمها بحب يرطبها، والبقاء مع رفقة ضرورية، وبعضهن رضين بدور الزوجة الثانية، فهي لا تريد أن تكون الضحية الوحيدة في هذا العالم، فالبعض حين يظلم لا يفكر بمن يظلم لاحقاً، كي ينتصر لنفسه، أغرب القصص عرفتها لكن هذه المرة بقرار والدة رفضت أن يتزوج ابنها من زميلته…
الثلاثاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٢
تشدد بعض الروايات في المأثور الاجتماعي على أن الإنسان عادة لا يغيّر طبعه، وأن العوج يبقى ما بقي هذا الإنسان، وهذا ما جعلني أتذكر نكتة الأب الذي زوّج ابنته وفق منهج «نحن لا نبيع بناتنا بل نشتري رجلاً»، ولهذا أصرَّ أن يكون مهر ابنته مبلغاً رمزياً هو ريال واحد، لكن الزوج أبو ريال هذا صار يعيّر زوجته بين حين وآخر، خصوصاً عندما يشتري علبة بيبسي فيضعها أمامه ويقول إن سعرك وسعر هذا العلبة واحد، حتى ضاقت الشابة بهذا الزوج الذي لم يرَ في رمزية مهرها سوى رخص بها، فاشتكت لوالدها، مما جعله يسرع لتصحيحه، فاحتجز ابنته حين جاءت لزيارته، وقال للزوج إن ابنتي لن تخرج معك حتى تأتي بأهلك وتدفع لها مهراً كبيراً، فرضخ الزوج لطلب الأب وجاء بأهله ودفعوا مبلغاً كبيراً كمهر، أملاً بأن يتربى هذا الزوج، لكن الزوج بعد هذه الحادثة لا ينادي زوجته إلا بيا مصنع بيبسي! نتيجة «لا فائدة» هذه هي نفسها كانت نتيجة معهد ماساتشوستس التقني في كامبيردج (الولايات المتحدة)، الذي قال إن نزع الهاتف الخليوي (المحمول) من أيدي السائقين الذين تعودوا استخدامه أثناء القيادة لن يؤدي لخفض حوادث الطرق، واعتمدت هذه النتيجة على تجربة أخضعت 108 أشخاص لاختبار قيادة السيارة لمدة 40 دقيقة على طريق سريع شمال مدينة بوسطن، تحت رقابة أجهزة تتابع حركة…
الإثنين ٠٨ أكتوبر ٢٠١٢
حين تكون جالساً في سيارتك وسط شارع عام ويدق نافذتك رجل، ويبرز بطاقة هيئة الأمر بالمعروف ويسألك: مَنْ هي هذه المرأة الجالسة بجانبك؟ ثم تجيبه أنها زوجتك.. فهذه واحدة من علامات ضبط النفس واحترام النظام، لكن لو طلب منك موظف الهيئة أن تهبط زوجتك كي ينتحي بها جانباً بعيداً عنك ليسألها عدة أسئلة يتحقق منها صدق إجابتك، فهل ستظل منضبطاً أم سيدب بينكما خلاف؟ هذا المشهد الذي رواه لنا الموظف في أحد المستشفيات في الرياض بعد أن خرج مع زوجته الحامل وركبا السيارة انتهى بخلاف شرس دبّ بين الموظف والموظف، ولا ضرورة لتفاصيله لأنها تفاصيل لا تسر. وبغض النظر فإن هذا المشهد لا يزال مستمراً في روايات الناس وفي الشارع مما يفرض سؤالاً عن شعار الهيئة الجديد «إزالة المنكر بلا منكر». المشكلة ليست في صوغ الشعارات بل في فلسفة قديمة تحتاج منا كل يوم إلى مراجعة لمفهوم «المنكر». هل هو مفهوم فقهي أم نظامي وقانوني متغير، وأين يقف حده وأين ينتهي؟ ومن المسؤول عن ضبطه؟ فالواضح أنه كلما اجتهد رئيس جديد في ضبطه انفلتت عليه فلسفة مخالفة من جهة أخرى، لأنها مسألة خلاف واسعة ومتشعبة. وعلى سبيل المثال فقد صرح أحد أعضاء هيئة كبار العلماء - بعد الاستغناء عن فئة المتعاونين بهيئة الأمر بالمعروف - بأن تغيير المنكر باليد هو…
الأحد ٠٧ أكتوبر ٢٠١٢
يلجأ عادة الناس لنزع الدسم من الغذاء والشراب لأسباب عدة، أهمها أن معدتهم لا تقوى على هضم الدسم، وهؤلاء يعرفون جيداً أنهم حين ينزعون الدسم فإن الغذاء يفارق نكهته وطعمه وفائدته الغذائية أحياناً، لكن أن تنزع الثقافة من الثقافة لأن هناك من لا يقوى على هضم ما فيها فإنك بهذا تحجر على الإبداع والمعرفة والخيال. هذا شبيه بما حدث في ملتقى القصيم الثقافي الذي حاول البعض نزع دسمه الثقافي بمعارضة لا تقوم إلا على التكفير والتحريض والتشويه، وبإجراء محاكمات فقهية لورقة تزعم أنها تدرس التحولات الفكرية في أعمال ونصوص مثقفين عربيَين هما عبدالله القصيمي وعبدالرحمن منيف. وكي نفهم منهج هذه المعارضة يجب أن نفهم أن أولى سماتها أن جميع من عارض وجود اسمي هذين المثقفين لم يقرأ كتاباً واحداً لهما بل قرأ النمائم التي نشأت حولهما. ومن أشهر التجارب التي تثبت ذلك محاولة اغتيال الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ وهو في الثمانين من عمره بطعنه في رقبته على يد شاب صغير، وحين سُئل الشاب إن كان قد قرأ شيئاً لنجيب محفوظ كانت الإجابة لا. العام الماضي ألغت جمعية الثقافة والفنون وقبل دقيقة من رفع الستار حفلاً موسيقياً كان سيبدأ به حفل تكريم الرواد من الممثلين الذين أثروا الحركة الدرامية السعودية، والأغاني التي منعت تبث في الإذاعة السعودية كل يوم، وجرى…
السبت ٠٦ أكتوبر ٢٠١٢
فُجعت إحدى الصحف البريطانية بأن ثلث طلاب مدارس بريطانيا لا يعرفون شاعرهم الكبير شكسيبر، الذي توفي منذ عام 1616، وقد يكون هذا الخبر جديراً بأن يوصف بأنه فاجعة للتعليم البريطاني، لولا أن هذه الفئة من الطلاب الذين لا يعرفون شكسبير أعمارهم تتراوح بين سن 7 و12، أي لا يزالون أطفالاً، إضافة إلى أن هذه الفاجعة سيتم تلافيها حين يجد الطلاب مسرحاً في مدرستهم يدرب الطلاب على روايات شكسبير، وسيتعلم الطالب حين يكبر أن واحداً من شروط التباهي أمام صديقته أنه يقرأ لشكسبير، أما طلابنا في السعودية الذين لا يعرفون المسرح في مدارسهم فهم يتخرجون في الثانوية، وهم لا يزالون يعتقدون أن المتنبي شارع في مدينة الرياض! ليس هناك أسهل من أن تفتش عما يجهل الناس، فالإعلام كل يوم يحرج المؤسسات التربوية والتعليمية التي تظن دائماً أن المقصود، بما يقدم، أناس غيرها بتحويل جهل الناس إلى برامج كوميدية يضحك الناس عليها ولا يلومون أحداً، كالبرنامج المصري الذي سألت فيه المذيعة الناس في الشارع “ماذا تعرف عن حلف الناتو؟ فقالت إحدى السيدات: هو الحلف اللي بيحلفو الأطباء بعد ما يتخرجوا!” وعندما سألت أخرى عن معنى التدوير وهو إعادة صناعة المخلفات قالت إنه “التدوير عن الناس الضائعة”. في احتفالات الشباب بمناسبة اليوم الوطني قام برنامج “مقلب وسؤال” بسؤال الشباب “هل تؤيد أن نحتفل…
الأربعاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٢
ليس من الإنصاف الحديث عن بطالة النساء بمعزل عن بطالة الذكور، لكن بطالة الذكور على الأقل تواجه حقائقها مثل فشل وزارة التخطيط وتعثر برامج العمل ونقد مخرجات التعليم وما يصاحبها من أسباب الفساد الإداري والمالي، فيما ظلت بطالة النساء تتستر بممانعة العرف والتقاليد، وصعوبة الحركة وغياب التشريعات. لكن المكاشفة الحقيقية ليست هنا، بل في الأرقام التي تقول إن قوة العمل النسائية في السعودية بلغت خمسة ملايين امرأة من مجموع تسعة ملايين، لا يعمل منهن سوى نصف مليون امرأة، (أي أن نسبة بطالة النساء بلغت 90 في المئة من قوة العمل النسائية)، والفضيحة الكبرى حدثت حين فكرتْ وزارة العمل في جبْر عثرات الباحثين عن عمل بمعونة موقتة تسمى «حافز»، فتقدم - بحسب آخر تصريح لوكيل وزارة العمل - 1.6 مليون امرأة، في مقابل نصف مليون شاب، (أي أنه في مقابل كل شاب يبحث عن عمل توجد ثلاث باحثات عن عمل)، فكادت الحكومة تقول: «هوّنا». نصف مليون امرأة (أي ما نسبته 10 في المئة) فقط هن اللاتي استطاعتْ عجلة العمل أن تحمِّلهن مع حدود دنيا من الحقوق، أولها عدم تساويها في الراتب مع زميلها بحجة أن الرجل هو الذي ينفق، مع أنها لا تشتري السلعة بنصف السعر في السوق تحت هذه الحجة، ولا تعمل نصف ساعات العمل، فهذا النوع من الحجج لا…
الإثنين ٠١ أكتوبر ٢٠١٢
لا شك في أن التصريح الذي أطلقه وزير الشؤون الاجتماعية حول عدم وجود ما يمنع تولي امرأة منصب وزيرة للشؤون الاجتماعية لا يعتبر قفزة في التفكير الإداري لمهمات إدارة الشؤون الاجتماعية، بل من بديهياته الغائبة عن التفكير الاجتماعي، ولهذا قال: «أتمنى لو تأخذ مكاني امرأة»، فمهمات هذه الوزارة هي أقرب المهمات للمرأة وإمكاناتها على الأقل بحسب ما يتعارف عليه المجتمع التقليدي المحافظ، فيما تجاوزت المجتمعات الأخرى هذا المفهوم فوصلت فيها إلى منصب رئيسة وزراء ورئيس دولة وقاضية وعالمة فضاء. وزارات الشؤون الاجتماعية في العالم كله من أبرز مهماتها رعاية الفقراء، وثلثاهم غالباً من النساء الأرامل والمطلقات والمهجورات، كما ترعى مؤسسات الطفولة التي تُعنى بالمعوقين وذوي الحاجات الخاصة واللقطاء واليتامى، وتشرف أيضاً على جمعيات خيرية نسائية المستفيد الأكبر منها المرأة والطفل، فهل يتناقض هذا مع قدرة المرأة على العمل الاجتماعي الذي تخصص فيه عدد كبير من النساء السعوديات المؤهلات منذ أكثر من نصف قرن؟ ما الذي يمنع من أن تدخل أول وزيرة امرأة من بوابة العمل الاجتماعي فتصبح وزيرة للشؤون الاجتماعية طالما أنها دخلت التشكيل الحكومي عبر منصب نائب وزير في وزارة التربية والتعليم، وعبر أمانة مدينة جدة، وعبر الغرف التجارية، وقريباً عضوية مجلس الشورى؟ المرأة اليوم لم تعد تواجه نقصاً في كفاءتها إلا في ما تسبب به عزلها عن المشاركة…
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٢
الغرب عند البعض يرتبط بالتقدم التقني، وبتطور القوانين والدساتير الحافظة للحريات والعدالة والاجتماعية والديمقراطية ومبادئ تداول السلطة، والتعايش السلمي وحماية الأقليات، وكذلك منح النساء فرصاً متزايدة في المؤسسات والحياة العامة، كما يعني العناية بالبحث العلمي وتقدم علوم الفضاء وتطبيقاتها، وغيرها من مميزات التقدم في مسيرة البشر، إلا أنه عند الشيخ المصري السلفي العضو في اللجنة التأسيسية للدستور المصري يعني شيئاً غير ذلك كله، ومن هذا المنطلق تجرّأ وطالب بتخفيض سن الزواج في مصر، وقيل إنه حدده بـ9 سنوات، وقيل إنه تركه للنضج العاطفي، وهي مسألة محل خلاف. الشيخ السلفي احتزم بالغرب واستشهد بهم في سياق يقول إنهم “أي الغرب” يسمحون للفتيات بممارسة العلاقات الجنسية في سن الرابعة عشرة، مما يعني جاهزيتهن للزواج، وهو كما يقول لا يدعو إلى تقليدهم في هذا، ولكنه يستغل هذه الحقيقة لتأكيد صحة ما يقترحه، وأنا لا أعرف من أين جاء بهذا الكلام، وكيف قرر صحته، فالولايات المتحدة تعتبر أن استمالة فتاة دون سن الـ18 جريمة فدرالية، وفي إيطاليا تم الإيقاع برئيس وزرائها سلفيو برلسكوني -لا في قضية فساده على كثر ما اشتهر بها- بل في ضبطه مع فتاة هوى دون سن الـ18. يحتج السلفي بأن الناس في الأرياف يتحايلون على القانون كي يزوجوا بناتهم في عمر أقل. وصحيح أنهم يتحايلون لو استطاعوا لكن بسنتين أو…
السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢
صور الأطفال التي تطل علينا في الصباح على صفحات الجريدة ويكتب تحتها طفل تنحره خادمة بالساطور، أصبحت تتكرر، وحين لا يجد الأهالي ما يفسّر لهم هذه الجريمة فهذا يثير رعبهم ويجعلهم يتصورون أنهم بإزاء خطر قد ينتج منه ظلم زائد لحماية أنفسهم. لا يوجد مبرر للتعاطف مع الجريمة أياً كانت دوافعها، لكن معرفة الدوافع من المنبهات التي تحمينا من الجريمة، وخصوصاً تلك الجريمة البشعة: قتل طفل على يد خادمة. عندما تنطلق قصة من الصحافة لتتحول إلى قضية رأي عام فإن الهدف منها هو أن تقودنا لعملية تبصّر قانوني واجتماعي يكافح الجريمة ويحفظ حياة الناس ويمنع ضياع الحقوق، لكن ما يحدث لدينا غالباً أن هناك دائماً طرفاً مداناً هو الخادمات الشريرات اللاتي يسحرن ويقتلن ويهربن ويُقِمن علاقات غير مشروعة مع الرجال. ونشر قصص من نوع خادمة تقتل طفلاً أو تؤذي مخدومتها، لا يؤدي إلا إلى تصلب المخدومين، وإصابتهم بالرعب، واتخاذ الإجراءات كافة التي تحميهم بقفل الأبواب، وزرع كاميرات المراقبة، وتجفيف منابع حياة الخادم، وقطع اتصاله بالعالم الخارجي، وإبقائه سجيناً لأن شبيهه قد قام بجريمة، لكن كيف يمكن أن تحتمي من إنسان توليه جميع أمورك فهو من يطبخ طعامك ويغسل ثيابك ويحمل طفلك وينام معك في المنزل نفسه، بل وأحياناً في غرفة أطفالك على مدى سنوات؟ رأيت نساء متعلمات يضربن خادمتهن وسائقهن…
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢
دعونا صديقة سورية إلى العشاء، وبعد الانتهاء من تناول الطعام، أوضحت لنا أنها ستجلس قليلاً، حتى لا ينطبق عليها المثل القائل: «الشرشوح ياكل ويروح»، وقد تذكرت على الفور أن لدينا مثلاً مرتبطاً بقواعد الزيارة مناقضاً تماماً يقول: «ما بعد العود قعود»، والعود هنا هو قطعة الطيب التي توضع في الجمر، كي يتطيب بها الضيوف بعد العشاء مباشرة ثم يمضون. ثم قلت لها إننا صرنا نتحاشى تقديم البخور، حتى لا يفهم الناس أننا نتعجل رحيلهم، لكن تضارب الأمثلة يدل على أننا قد نقع في معنيين مناقضين لو كل منا اعتبر أن ما تحدّده ثقافته هو صواب مطلق. عملت مرة على جمع مادة شعبية من الأمثال الشعبية النجدية، فوجدت أنها اختلطت ببعض المفردات العربية، سواء على مستوى المعنى أو اللفظ، فتجد مفردة ليست نجدية دخلت إليها، أو تجد معنى يتشابه مع معاني الأمثال العربية السائدة الشامية أو المغربية، وأحياناً العالمية، وهذا دليل على أن الأمثال كالبشر تتعارف وتتشابه وتتزاوج. وقد لجأ الإنسان في المجتمعات الشفاهية، وقبل انتشار التعليم والتوثيق والكتابة إلى تسجيل قواعد السلوك والتفكير والقيم في أمثاله وحكاياته وأشعاره الشعبية، إلا أن هناك ضرورة للقول بأن الأمثلة تتناقض في معناها أحياناً، ويحمد استخدامها بحسب الهدف منها، أو بحسب المناسبة، وأحياناً بحسب الهوى الشخصي، ولعل أبرز مثل على ذلك، أننا إذا أردنا…
الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢
وضعت رابط خبر قديم على حسابي في «تويتر» عن زواج قاصرة، فاحتج البعض بأن الخبر مرت عليه أربع سنوات، لكن لم ينتبه أحد بأن السنوات التي مرت لم تسفر بحال من الأحوال عن نظام يحمي حقوق القاصرات. الخبر يقول إن والدة طفلة في الثامنة من عمرها تقدمت إلى المحكمة تعترض على تزويج طفلتها من رجل كبير، فوالدها الذي طلّق الزوجة وترك طفلته في رعاية والدتها وأخوالها، تذكّرها حين جاءه دائن يطالبه بديْنٍ قدره 30 ألف ريال، فعرض عليه أن يأخذ ابنته مقابل الدين فوافق الدائن. حتى هنا سنعتبر أن ما حدث يحدث في كل مكان؛ لكننا نعرف أنه لا يحدث إلا عندنا، حين قرر القاضي أن يؤجل فكّ العقد حتى تبلغ الفتاة، وتقرر هي هل تقبل أم لا، بدلاً من أن يحرر الفتاة من العقد، فإن كانت موافقتها شرطاً لتمام العقد، فلمَ يبقيه القاضي والعقد تم من دونه؟ وهل يرى القاضي أن مقايضة الفتيات لقاء الديون، والتفريط في حق النفقة، ورعاية الابنة، من المروءة التي تخول حق الولاية أم لا؟ لكن العرف يبقي حق الأب غير منقوص مهما فعل، بينما ثغرة صغيرة يمكن النفاذ منها، تسقط حق المرأة في تقرير مصيرها وحق حضانتها ونفقة أبنائها. هذه الحكاية ذكرتني بحكاية «الفتاة والوانيت»، فقد بادل رجل ابنته القاصر بـ «وانيت»، لكن الرجل…
الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢
هل كانت مفاجأة إعلان المحكمة براءة الفنان عادل أمام من تهمة تحقير الأديان والاستهزاء بها، بعد إدانة مبدئية قضى طوال العام في شد وجذب لدفعها عنه؟ لا أظن أن المحكمة كانت تستطيع أن تدين الفنان عادل أمام، ليس لأن الفنانين فوق القانون، بل لأنها كانت تهمة مجانية أطلقها أحد المحامين، الذي للأسف نستخدم لقب “إسلامي” حين نلجأ إلى تصنيفه وكأن ما يفعلونه له علاقة بالإسلام، لكنهم اختاروا هذا الوصف فتبعناهم كأننا نقرهم عليه. وقد خرج اليوم من بين صفوف الإسلام الحركي من ظنوا أن وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم مؤشر لمباشرة برنامجهم السياسي الذي يتضمن محاكمة الإبداع والفن وحرية التعبير. كل ما فعله عادل إمام في أفلامه محل الاعتراض هو انتقاد ظاهرة الإرهاب التي تستبيح قتل الأبرياء وتوظيف “الغلابة” والفقراء الذين لم يريدوا أن يدخلوا حرباً دينية بقدر ما كانوا يريدون التحرر من فقرهم وهامشيتهم في المجتمع، كما أدان تفجير الإنسان نفسه في ميدان عام قد يكون مسجداً وبين مصلين، واختطاف الشباب والتغرير بهم من خلال المعسكرات الشبابية، وغسل أدمغتهم بأدبيات تكفر المجتمع ومؤسسات الدولة وتحرض على الخروج عليها، حتى بات الفرد منهم يعترض على تعليم الحساب والرسم واللغات الأجنبية في المدارس الحكومية ويكتفي بتدريسهم العلوم الشرعية فقط كالقرآن والفقة والحديث في المسجد. حين خرج أحد الشيوخ قبل شهر وشتم…