الإثنين ١٦ فبراير ٢٠١٥
نجح هاشتاغ على «تويتر» في تصويب سقطة للإعلام الأميركي. فقد فرض مغردون من حول العالم موقفهم وأشعروا الإعلام الأميركي بالإحراج والتقصير حيال تعامله البارد بداية مع الجريمة التي وقعت في ولاية «نورث كارولاينا» وأودت بالشاب السوري ضياء بركات وزوجته الفلسطينية يسر أبو صالحة وشقيقتها رزان. لقد استغرق الأمر نحو 15 ساعة عقب الجريمة للبدء بالتعامل مع الخبر، ولولا الهبة التويترية لربما كان الإعلام قد استمر في تجاهلها. بدا صعبا تقبل تبرير أن الثلاثة قتلوا بسبب خلاف على موقف سيارة، كما قالت الشرطة بداية دون أن تنفي احتمالات أخرى. التحقق من خلفية القاتل ومواقفه يظهر احتمالات اندفاع وراء رهاب المسلمين أو إسلاموفوبيا. ووالد الضحية يسر قال إن ابنته عبرت له عن سلبية الجار الجاني تجاهها. إذن، لماذا شعر الإعلام بالتردد حيال حقيقة أن ما حصل يحمل بصمات جريمة كراهية؟ ولماذا كان يمكن لجريمة من هذا النوع أن تبقى مأساة معزولة في الإعلام لو لم ينشط مغردو «تويتر» عالميا ويقلبوا التجاهل اهتماما بل واندفاعة في التغطية؟ لن نكشف جديدا إذا تخيلنا كيف يمكن أن يكون التعامل إعلاميا في حال انقلبت الأدوار لجهة الجاني والضحايا، فلو كان القاتل مسلما والضحايا مسيحيين أو يهودا أميركيين لكان الأمر استجلب اهتماما مختلفا من الإعلام؛ إذ يبدو للأسف أن القيمة الخبرية اليوم للمسلمين هي فقط بصفتهم جناة…
الإثنين ٠٩ فبراير ٢٠١٥
نعم، حقق «داعش» نجاحا سينمائيا إجراميا جديدا.. لنعترف بأننا شعرنا ولو للحظات بأن فيديوهات قطع الرؤوس أكثر رحمة من فيديو محرقة الطيار الأردني «معاذ الكساسبة».. هذا يشي بكم نجح «داعش» في أن يهزّنا، وكم نحن منجذبون إلى السيناريو الذي يرسمه التنظيم. للأسف، فإن كثيرين من رواد الإنترنت سيجدون هذا المستوى غير المسبوق من الاحتراف البصري في تقديم العنف وتمجيده أمرا مغويا للمشاهدة، حتى ولو من باب الإدانة.. إنها ببساطة الرواية وكيف قدمت. وهنا لا يهتم كتاب السيناريوهات السينمائية الداعشية إن كنا ندين ما يرتكبونه. ما يهمهم هو أن نشاهد ونتألم ونخاف ونشعر أن جلدنا يحترق، كما شعر «معاذ الكساسبة» تماما. نشاهد أو لا نشاهد.. ننشر أم لا..؟ ما بين هاتين الجملتين تأرجحنا الأسبوع الماضي، فهل يحق لنا أن نشاهد ونتأمل تلك الدقة الدرامية المتناهية في تصوير يأس الشاب وذهوله وعينيه الزائغتين وموته الدرامي الحارق..؟ هل لنا القدرة النفسية على مقاومة فضولنا ورغبتنا العميقة في التلصص على عذابات نتخيلها ونشعر بها في جلدنا..؟ وإن قاومنا المشاهدة والاستماع للتفاصيل؛ فماذا نحن فاعلون بخيالنا وتهيؤاتنا التي لا قدرة لنا على ضبطها؟! لا شك أن النشر والمشاركة والمشاهدة تقدم لـ«داعش» ما يصبو إليه تماما من هذه الأفلام. فمن يشاهد يجد في نفسه نوعا من الانجذاب القسري لمعرفة إلى أي حد يمكن أن يصل إجرام…
الإثنين ٢٦ يناير ٢٠١٥
روت صديقة أن زوجها سألها عن الفترة التي عاشتها كطالبة في لندن وما إذا عانت خلالها من الإسلاموفوبيا أو رهاب المسلمين. أجابته بنعم، فهي كانت تشعر ببعض القلق حين تلتقي بمنقبات أو ملتحين في المترو.. ضحك زوجها وأجاب: «أنا قصدتك أنت. هل شعرت برهاب ضدك كمسلمة!». الحكاية رددتها الصديقة على صفحتها على «فيسبوك» في إطار الجدل الذي أعقب هجمات باريس الأخيرة وتصاعد الحديث عن الإسلاموفوبيا في الغرب.. والحكاية تأتي في سياق سخريتنا من حالنا طبعا ومن تسلل الرهاب الحاصل في الغرب حاليا إلينا حتى بتنا نشك في أنفسنا فنسبق اليمين الغربي في مشاعر الإدانة والتعميم. صحيح أن الصديقة قصدت المبالغة في إشارتها إلى ذاك الفصام الذي نعيشه أحيانا لكن يبدو أن هناك من أبناء المهاجرين في الغرب من باتوا يسبقون مواطني البلد الأصليين في إشهار مشاعر العداء حيال المسلمين والعرب.. وفي مجال الكراهية فقد تصدرت قناة «فوكس نيوز» الأميركية اليمينية حملة إثارة مشاعر الغضب تجاه المسلمين واتهامهم جميعا بالمسؤولية عن هجمات باريس.. طبعا باشر الأمر مالك القناة الجمهوري «روبرت مردوخ» نفسه الذي غرد على «تويتر» بأن المسلمين جميعا ملامون. لكن أن توهمنا أن قناة «فوكس نيوز» قد وصلت إلى ذروة جنونها في الكراهية علينا ربما أن نعيد النظر ونتعرف على نجمة اليمين الصاعدة بقوة وهي القاضية والمذيعة «جيانين بيرو». هذه…
الإثنين ١٩ يناير ٢٠١٥
هل تذكرون حملة «أعيدوا لنا بناتنا»؟ إنها الحملة التي انطلقت عالميا قبل نحو تسعة أشهر حين خطفت زمرة «بوكو حرام» الإرهابية في نيجيريا نحو 300 فتاة من مدرستهن. حتى اليوم لم تتم إعادة الفتيات، بل تمكنت الجماعة التي تمارس عنفا مرعبا في المناطق التي تسيطر عليها من خطف وقتل العديد من المدنيين، إلى حد أن هناك تقديرات تشير إلى أن ضحايا «بوكو حرام» منذ مطلع السنة، أي خلال أقل من شهر، تجاوزوا الألفي شخص. وحملة «أعيدوا لنا بناتنا» كانت قد استقطبت شخصيات من حول العالم ومنظمات، وأخذت زخما إعلاميا وسياسيا واسعا في أسابيعها الأولى، لتعود وتذوي دون أن تثمر عودة أي من الفتيات. ليس فقط لم تعد الفتيات وبقين رهائن هذه الجماعة العنيفة، بل بدأت «بوكو حرام» في استخدامهن قنابل موقوتة من خلال إجبارهن على تفجير أنفسهن وقتل آخرين.. تكرر ذلك في أكثر من عملية، آخرها وأفظعها ربما حدث الأسبوع الماضي.. ففي الوقت نفسه الذي كنا فيه منشغلين بحملة «أنا شارلي» رفضا للقتل وتضامنا مع حرية التعبير، أقدمت طفلة نيجيرية لم تتجاوز العاشرة من عمرها، مدفوعة بضغط الجماعة المسلحة، على تفجير نفسها في سوق شعبية، وقتلت نحو عشرين شخصا. فلماذا نجح شعار «أنا شارلي» في دفعنا للتحرك فيما فشلت حملة «أعيدوا لنا بناتنا» في تحقيق أي شيء؟ يمكن للمقارنة أن…
الإثنين ٢٩ ديسمبر ٢٠١٤
أي شعور وهاجس ذاك الذي دفع بكاتب وسياسي وباحث ألماني يبلغ من العمر 74 عاما أن يطرق باب «داعش» ويفاوض عناصر فيه لأشهر عدة ويذهب إليهم باحثا وسائلا بقدميه رغم كل احتمالات عدم عودته إن لم يكن أفظع؟ ليس غريبا أن تنهمر دموع عائلة الرجل كما روى لدى عودته بعد عشرة أيام أمضاها مع الجماعة الإرهابية في العراق وسوريا وعاد منهما حيا وراويا لما نعرفه عن شرها ومخاطرها وانتشارها، لكنها رواية تحمل بصمات شاهد ورؤيته من الداخل.. هل هو العمر المتقدم وما يحمله من امتلاء بسنوات حافلة وبالتالي لا ضير من مغامرة قد تعود بالكثير على الرغم من أنها تحمل مخاطر موت ونهاية؟ أم هي تلك القناعات التي تلازمنا كبشر فلا نحسن الإفلات منها مهما أوغلنا في العمر وفي التجربة؟ نعم، لقد فاجأنا «يورغن تودينهوفر».. لقد عاد حيّا رغم ما يمثله من إغراء لهذا التنظيم لخطفه وقتله ربما.. لكنه عاد ومعه الكثير من القصص التي شرع يرويها عبر «فيسبوك» بداية ثم عبر مقابلات في الإعلام، وها هو الآن يحضر لكتاب جديد. كل عائلته وقفت ضد قرار ذهابه الذي استلزم سبعة أشهر من التحضير والمقابلات مع مقاتلين عبر «سكايب» لكن «تودينهوفر» استمع إلى غريزته وصوته الداخلي. فهذا السياسي المتقاعد والباحث والقانوني يحمل لواء قضايا وأفكار تتعلق بذاك الالتباس الكبير بين المسلمين…
الإثنين ٠٨ ديسمبر ٢٠١٤
منذ أكثر من عقد تقريبا، وصف الروائي الإسرائيلي المعروف «ديفيد غروسمان» المجتمع الإسرائيلي بأنه مجتمع يعيش نوبة من الذعر المستديم. فخلف كل مظاهر البطش والقوة التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين، طردا وقتلا واعتقالا، يظهر كيف أن سياسة كل شيء مسموح لأننا عانينا من المحرقة قد أفضت إلى دولة مذعورة تغرق في ممارسات نازية يوما بعد يوم معيدة إنتاج الماضي ولكن بعد قلب الأدوار.. آخر مصادر القلق الإسرائيلي هو ما يكتبه الفلسطينيون على «فيسبوك».. فقد تعددت حالات اعتقال فلسطينيين لأنهم كتبوا تعليقات ما على صفحاتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فجرى توقيفهم وإدانتهم حتى حين لا يثبت عليهم شيء. هذا ما حدث لشاب فلسطيني تمنى أن يكون «شهيدا» في تعليق له على «فيسبوك» فاعتقل وحين لم يثبت أنه متورط في أي عمل وكان فقط يعبر عن إحباطه جرى حبسه احتياطيا لخمسة أشهر.. بعد عملية كنيس القدس الأخيرة وما أعقبها من هجمات متفرقة فردية متبادلة بين مستوطنين وفلسطينيين ها هي إسرائيل تعاود الاستسلام لنوبات الذعر فتطارد تعليقا من هنا وتغريدة من هناك على قاعدة أن ذلك تحريض. يجري هذا طبعا فيما يتم تجاهل العديد من الصفحات الفيسبوكية التي يديرها متشددون إسرائيليون يطالبون علنا بقتل الفلسطينيين بل ويستوحون من محارق النازية أفكارا لذلك يضعونها أيضا على صفحات معروفة على «فيسبوك». وما مشروع قانون…
الإثنين ١٠ نوفمبر ٢٠١٤
بين هذين الحدين تتأرجح الأخبار المتواترة عن النظام السوري في السنوات الأخيرة، التي تثير فينا مشاعر الاستفظاع والاستهوال والصدمة تماما، كما تدفعنا أحيانا إلى الضحك والسخرية إلى حدّ عدم التصديق.. كيف بغير هذا يمكن التفاعل مع القرار السوري المفاجئ بأن تضيف وكالة «سانا» للأنباء الرسمية السورية خدمة باللغة العبرية، بالإضافة إلى لغات أخرى من بينها الفارسية؟ سابقا، اعتدنا أنه كلما كانت إسرائيل تقصف في العمق السوري موقعا ما كان الموقف السوري الرسمي «سنرد في الوقت والزمان المناسبين».. فهل أتى الرد عبر «سانا العبرية»؟ التوسع بهذا المعنى في هذا الوقت من تاريخ سوريا يراه النظام خطوة في سياق «مواجهة الحرب الإعلامية التي تشن ضد سوريا». طبعا الخدمة هذه لفتت انتباه الصحف العبرية التي أجمعت تقريبا على أنه لا قيمة إخبارية لهذه الخدمة، كون اللغة العبرية فيها ركيكة وكون معظم الأخبار هي عن الرئيس السوري أو عن إنجازات مزعومة للجيش السوري ضد «الإرهابيين». إذن، بالمعنى الإعلامي، لا تقدم هذه الوكالة معلومات أو تحليلا أو أي مادة إعلامية تقنع «الممانع» قبل العدو.. فلماذا إذن يعتقد من احتفى بهذه الخطوة أنها ضرورة الآن بالذات؟ رسميا، لا يزال النظام السوري في حال حرب مع إسرائيل، وبالتأكيد فإن الإسرائيليين لن يهرعوا إلى وكالة «سانا» لتلقي الأخبار الدقيقة الصادقة التي ستقلب المزاج العام الإسرائيلي. رغم ذلك فإن…
الإثنين ٠٦ أكتوبر ٢٠١٤
لم تكن صورة واحدة عابرة أو لقطة ناشزة عن السياق، بل كانت حفنة من فيديوهات ومشاهد عديدة لمقاتلين ينتهكون غرف نوم في بيوت خصومهم التي اقتحموها وعاثوا فيها تخريبا متباهين بذلك ومكررينه في أكثر من بيت. مقاتلون لم يردعهم أحد عن استباحة شيء وقفوا في وسط غرف نوم المنازل التي عاثوا فيها ليلتقطوا صورة ويدرجونها سريعا على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. صور صادمة جرى تداولها تظهر مسلحين من جماعة «عبد الملك الحوثي» وهم يغيرون على منازل شخصيات من حزب «الإصلاح» مستلقين على الأسرة بكامل سلاحهم، يمضغون نبتة القات بعد أن قلبوا الخزائن والأثاث. هناك من وقف ليتصور بعد أن ارتدى فستانا، وآخرون عبثوا حتى في السراويل الداخلية الخاصة بالعائلات التي هربت سريعا بعدما استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء. لم تسلم من عمليات النهب والسلب مؤسسات الدولة ومبان جامعية ومقار إعلامية وأمنية، بل طال السلب والنهب عربات خاصة بدوريات تلقيح للأطفال. لم تكن صنعاء العاصمة أو المدينة العربية الأولى التي تنتهك على هذا النحو المحزن، لكن ما ضاعف من وطأة هذه الانتكاسة أنه وفيما كانت صور الاقتحامات والسرقة والتنكيل بسكان العاصمة ترد كان إعلام الممانعة في أكثر من عاصمة ودولة يسطر المقالات والعناوين التي تتحدث عن «ثورة في اليمن» بعد أن باتت في قبضة جماعة عبد الملك الحوثي. الصور…
الإثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠١٤
يمكن لشريطي فيديو راجا في الأسبوعين الماضيين أن يختصرا المشهد اللبناني الراهن. الأول فيديو إعدام الجندي اللبناني الثالث ضمن رهائن الجيش المحتجزين من قبل إرهابيي «الدولة الإسلامية» و«النصرة» ومعه صور استغاثات وانهيار باقي الجنود الذين صرخوا يتوسلون إنقاذ أرواحهم. والثاني فيديو للاجئين سوريين مغلولي الأيدي ممددين على وجوههم أرضا في بلدة عرسال، ومن بينهم شخص بدت إحدى ساقيه مبتورة ويداه تقبضان وهما مغلولتان على دواء، فيما جندي لبناني يدوس فوقه ويتعمد إيلامه كما جرى الدوس والتنكيل بالباقين من قبل جنود آخرين. لم ينكر الجيش اللبناني صحة أي من الفيديوهات المسربة لانتهاكات من يفترض أنهم جنود في صفوفه. وللحقيقة فإن مشاهد الفيديو الأول الخاص بإعدام الجندي تختصر حال الدولة اللبنانية الرهينة والمصادرة القرار والإرادة، فيما يظهر الفيديو الثاني كيف يكون حال الدولة حين تتسربل بعجزها عن مواجهة أسباب أزمتها، فتقع في سراب أن استعادة «هيبتها» لا تتم سوى عبر التنكيل بلاجئين تحت اسم أن ذلك مكافحة إرهاب. وهذه الفيديوهات لم تكن الصور الوحيدة، فقد حرص خاطفو الجنود على بث المزيد من الصور والتسجيلات للجنود المذعورين، كما بثوا سابقا صور إعدام بعضهم. في المقابل، توالت صور الممارسات التي أقدم عليها عناصر من الجيش اللبناني جهارا نهارا من ضرب وتنكيل وإهانة وتكسير ممتلكات للاجئين سوريين بذريعة البحث عن مطلوبين. طبعا جرى الترويج أن…
الإثنين ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤
الأرجح أنها كانت تبتسم للصورة من خلف نقابها.. طالبة الطب الشابة البريطانية «بنت أسامة» كما وضعت على تغريدتها المرفقة بصورتها ظهرت وهي ترتدي النقاب والمئزر الأبيض النقي وتحمل في يدها رأسا مقطوعا. رأس لا نعرف لمن وكيف جز على هذا النحو المروع لينتهي بيد هذه الفتاة المنتقبة المنتصبة لالتقاط الصورة فيما بدا إلى جانبها طفلان يتابعان المشهد الغرائبي بعنفه وسخريته في آن. أي افتتان مجنون هذا الذي يدفع بطالبة طب إلى ترك بريطانيا والالتحاق بـ«الدولة الإسلامية» أو «داعش» في سوريا! وأي شياطين أقنعت هذه الشابة بأن تتباهى بوقوفها حاملة رأسا مقطوعا وقربها طفلان ذاهلان لا ندري كم من رأس شاهدا قبل تلك اللقطة وربما بعدها. و«بنت أسامة» هذه ليست وحدها، إذ خلال أسابيع قليلة باتت تصلنا عشرات الصور والأخبار عن فتيات وشابات منهن مراهقات تركن بيوتهن وعائلاتهن في بريطانيا وأوروبا والغرب والتحقن بـ«الدولة الإسلامية» في سوريا وملأن صفحات التواصل الاجتماعي تغريدات وصور حول «مغامراتهن» في بلاد «داعش» العجائبية. وهذا الانتقال السريع لجهاديات «داعش» من مكان إلى آخر نقيض ومن نمط حياة إلى ثان مغاير تماما والانفصال عن الأهل والمجتمع ليس فعلا عابرا، فكما شكلت «داعش» ملاذا للخارجين عن مجتمعاتهم من الرجال لا تبدو النساء بعيدات عن هذا السياق. لقد أتت الداعشيات من هوامش كثيرة ليتحولن إلى جزء أصيل من تلك…
الإثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠١٤
يدرك محررو مطبوعة «منيوت» اليمينية الفرنسية أن وضع عنوان «آية الله» مرفقا بصورة وزيرة التربية الجديدة «نجاة بلقاسم» والتحامل المقيت عليها وعلى تعيينها - سيحركان القضاء ضدهم، بل يحركان رأيا عاما إعلاميا وسياسيا أيضا، وهو ما حصل فعلا. فهذه الوزيرة الفرنسية الشابة من أصول مغاربية، تملك مؤهلات وسيرة ناجحة ساهمت في جعلها أصغر وزيرة فرنسية وأول امرأة تتسلم وزارة التربية، مما يجعل الوقوف إلى جانبها ودعمها أمرا بديهيا. لكن هذا لم يثن اليمين الفرنسي عن تصعيد حملته العنصرية ضدها بسبب جذورها، وهي المتألقة سيرة وعلما ومظهرا. الوزيرة بلقاسم واجهت الحملة ضدها بظهور واثق وجذاب وإجابات حاسمة.. واستعمال عبارات ذعر وكراهية من نوع «مسلمة مغربية في التربية الوطنية» ليس بأمر جديد في فرنسا تحديدا، فقد سبق لليمين نفسه أن حمل على وزيرة سوداء ونعتها بصفات تحقيرية. لكن في مقابل هجوم اليمين على تولي مهاجرة مسلمة منصبا رسميا، يجري الاحتفاء أو على الأقل التغاضي عن وقائع مقابلة من نوع التهليل لنجومية اللاعب الفرنسي من أصل جزائري «كريم بنزيما» حين تألق كنجم للمنتخب الفرنسي في نهايات كأس العالم الصيف الماضي، وهو الذي لم يخف لحظة جذوره المسلمة الجزائرية وكان سبق له قبل سنوات من بروزه نجما أن شرح في تصريح له كيف تتأرجح النظرة نحوه، فهو «فرنسي حين أسجل هدفا وجزائري حين أفشل».…
الإثنين ١٨ أغسطس ٢٠١٤
انتفض أبو مصعب، المسؤول الإعلامي في «الدولة الإسلامية» أو «داعش»، لدى سماعه سؤالا يتعلق بحياته الخاصة وعائلته، فأجاب بعد أن أزاح نظارة Rayban الشمسية عن عينيه وأجاب بملامح جامدة: «ما أروح أمور ترفيهية. أبدا ما أطلع أبدا.. العائلة إذا جاز التعبير هي آخر الاهتمامات؛ فهناك شيء أسمى. فلو جلسنا وقعدنا مع العائلة فلا أحد سيذود عن أعراض المسلمين». وعلى نفس السؤال حول موقع الحياة الخاصة في حياة الداعشي، أجاب رفيق أبو مصعب: «لا نحب الحياة السعيدة ولا الرحلات.. هذه تبعدنا عن الله». هذه الإجابات كانت بعضا من اللمحات المقربة لما يفترض أنها طريقة تفكير وعيش هؤلاء المسلحين الذين صدموا العالم ولا يزالون بما يواظبون على تكراره من استعراضات قطع الرؤوس أو «قطفها»، كما يطيب لبعضهم القول، حين تنفلت وحشيتهم من عقالها. ففي وثائقي غير مسبوق سمح قادة «داعش» لفريق تلفزيوني من مؤسسة «VICE NEWS» بالدخول إلى مناطق سيطرتهم في محافظة «الرقة» السورية والتصوير على مدى أسبوعين يوميات قتل وحرب وتظهير كيفية سيطرتهم على حياة سكان المنطقة عبر دوريات «الحسبة» وإدارة حياة الناس واستعراضات القوة والسجون. وهذا الفيلم الذي جرى تداوله على نطاق واسع في أقل من أسبوع على بثّه جرى تصويره بحذر؛ إذ لا يمكن إنجاز مثل هذه المادة من دون موافقة القوة المسيطرة على الأرض وهي «الدولة الإسلامية»، وأي…