الإثنين ١٠ يونيو ٢٠١٣
غرق الإعلام السوري الرسمي والإعلام الموالي له في مقارنات مضحكة خلال تغطية مظاهرات تركيا. استفظع هؤلاء «وحشية» خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع التي استعملها الأمن التركي. كم تبدو المياه مروعة في مقابل عطور «السارين» وخفة براميل المتفجرات و«السكود» التي يطلقها النظام السوري! لكن بعيدا عن هذه الخفة في المقارنة يستحق حراك ساحة «تقسيم» مقاربة من زوايا كثيرة، أحصر النقاش هنا في الزاوية الإعلامية.. فبينما كانت ساحة «تقسيم» الشهيرة في وسط إسطنبول تعج بالمتظاهرين الغاضبين، كانت أشهر محطات البلاد مشغولة بتغطية أخرى.. فواحدة بثت فيلما وثائقيا عن طيور البطريق، بينما واصلت الأخرى بث برامج طبخ. لقد جعل الإعلام التركي من انتفاضة ساحة «تقسيم» في إسطنبول حدثا عالميا لا تركيا. وهو لم يفعل ذلك لأنه تولى نقلها إلى العالم إنما لأنه تجاهلها، بينما تولت وسائل الإعلام العالمية جعلها خبرا أولا في تغطيتها. وللمفارقة، فإن خبر المظاهرات كان خبرا أول على نشرة أخبار «CNN» العالمية، بينما بثت «CNN» التركية فيلم البطريق، فبات هذا الطائر رمزا لفضيحة الإعلام التركي ودعابة يجري تداولها بين الأتراك. ويبدو أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال سنوات حكمه العشر نجح في جعل الإعلام التركي الخاص جزءا من شبكة مصالحه الاقتصادية فأخضعه لمجموعات شركات كانت جزءا من اقتصاد حكومة «العدالة والتنمية». وانتفاضة «تقسيم» كانت في إحدى صورها انتفاضة…
الخميس ٠٣ يناير ٢٠١٣
في لائحة الدول العشر الأسوأ من حيث سجن الصحافيين في العالم فإن الدولة التي حلت في المرتبة الأولى هي تركيا. وتركيا في مركزها هذا تقدمت على إيران التي حلت ثانية، والصين التي حلت ثالثة، وسوريا التي حلت خامسة، بحسب اللجنة الدولية لحماية الصحافيين. لا شك أن تبوؤ تركيا صدارة هذه المرتبة السيئة يعد أمرا مفاجئا بعض الشيء، فنحن في الدول العربية ما زلنا نعيش أسرى للصورة الباهرة للنجاحات التي انطبعت في الأذهان عن تركيا خلال العقد الأخير. فهذا البلد يدغدغ تاريخا مديدا خبره العرب والمسلمون، وهو اليوم بلد متقدم سياحيا وشهد قفزات اقتصادية كبرى وتميز بحضور سياسي إقليمي لافت ومحاولات حثيثة للاقتراب من «جنة» الاتحاد الأوروبي، عدا عن انبهارات شعبية في العالم العربي بنجوميات تركية تبدأ من «مهند» ولا تنتهي بـ«حريم السلطان» الذي ضاق صدر السلطات التركية به وطالبت بوقفه. الأكيد اليوم أن تلك النجاحات التركية لها جوانبها المعتمة، إذ يقول تقرير لجنة حماية الصحافيين، إن حكومة رجب طيب أردوغان تشن واحدة من «أكبر الحروب على حرية الصحافة في التاريخ الحديث». واللافت أن معظم الصحافيين السجناء في تركيا هم من الأكراد الذين لم تستطع الدولة التركية بعد طي ملف تجاوزاتها وغبنها لهذه الأقلية. وعلى الرغم من تأكيد السلطات التركية أن اعتقالها لصحافيين أكراد لا علاقة لهم بعملهم، بل بقضايا إرهاب،…
الخميس ٠٦ ديسمبر ٢٠١٢
بين معسكر «يحب الله ويعشق شريعته» ومعسكر «يحب الله بقلبه وليس بحنجرته» يتبارى المصريون في القدرة على تظهير الموقف من الأزمة الراهنة، والقدرة هنا لا تقتصر على ذكاء اختيار الشعارات والسجالات المطولة، بل في القدرة أيضا على حشد حراك شعبي لا يقل تعداده عن الملايين خلف كل من الشعارين، وما يستنسل منهما من شعارات. بالتالي فإن حسم وجهة الانقسام الحاد الحاصل حاليا لن يكون سريعا، وحتما لن يمر بهدوء وسط كل هذا الصخب والضجيج في الشارع وفي الإعلام. والمتابع لتطورات الحراك المصري يستشعر كم هناك محاولات حثيثة لإعلاء الصوت وجذب مؤيدين، وهذا تماما ما نسعى جميعا من أجله في عصر الربيع العربي حيث ثبت أن المعركة الأولى في المنطقة هي معركة تثبيت الحق في الحريات العامة والقدرة على التعبير عن الرأي، لكن تشي التطورات بأن الأمور لن تكون مبارزة سلمية، خصوصا أن هناك ما يدلل على أن وصول «الإخوان المسلمين» إلى السلطة لا يعني أنهم قطعوا صلتهم بتراثهم العنفي الذي اقترن بهم منذ تأسيسهم أواخر العشرينات. ولأن المعركة في الأساس هي معركة رأي، فقد عاد الزخم بقوة إلى سجالات ومواجهات تتكثف وتيرتها في الإعلام المصري على اختلاف شاشاته ومواقعه الإلكترونية وصحفه، ثم تتمدد إلى الشارع لتعود مرة جديدة وتستأنف عبر الإعلام لتعاود الكرة من جديد. ولم يكن مفاجئا أن مليونية…