السبت ١١ يوليو ٢٠١٥
يكرر ساسة الولايات المتحدة الأميركية التزامهم بأمن دول مجلس التعاون بدءاً بالرئيس مروراً بقادة الكونجرس وانتهاءً بوزراء الخارجية والدفاع من خلال وعود وتطمينات يطلقونها بهذا الشأن بين فترة وأخرى. وفي تلك الوعود لا يوجد شيء مغاير أو مختلف في المضمون أو الفحوى لسياسة الإدارة الأميركية القائمة كما صدرت على لسان الرئيس أوباما في قمة كامب ديفيد الخليجية لعام 2015. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تصريحات الرئيس أوباما في نهاية القمة تبقى مفتوحة على مصراعيها لشتى التفسيرات، ولكنها في جوهرها تعني بأنه في الوقت الذي يمكن فيه للولايات المتحدة أن تفي بالتزاماتها القائمة، وبأنها راغبة في توفير مظلة أمنية ونووية ودرع صاروخي واقٍ في حالة وجود أخطار خارجية مهددة لأمن دول المجلس آتية من أية قوى خارجية عدائية، إلا أنه يجب على دول المجلس ذاتها أن تكون صاحب المسؤولية الأولى للدفاع عن نفسها. التصريحات التي خرجت على لسان أوباما تعطي انطباعاً بأن دور الولايات المتحدة المستقبلي في الخليج العربي سيكون متركزاً بشكل أكبر على حماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة أكثر من كونه أمنياً وعسكرياً لحماية دول المجلس ذاتها ومصالحها الحيوية في مواجهة الآخرين. إن مصالح واهتمامات الولايات المتحدة ستبقى قائمة طالما أن النفط موجود والتجارة قائمة، ولكن مظاهر تلك المصالح وتجلياتها والتعبير عنها ستكون أكثر هدوءاً عما كان عليه الوضع في…
السبت ١٣ يونيو ٢٠١٥
يحتفل مجلس التعاون لدول الخليج العربية هذه الأيام بالذكرى الرابعة والثلاثين لتأسيسه، وبذلك يكون قد قطع سنوات طويلة منذ إعلان أبوظبي لعام 1981 الذي تم بناء عليه تأسيس المجلس كمنظمة إقليمية للتعاون بين الدول الست المكونة له. وعند إنشاء المجلس نصت الأدبيات التي تؤسس له بأنه منظمة للتعاون بين دوله في المجالات الاجتماعية والاقتصادية. لكن تطور المجلس ومسيرته والأحداث الجسام التي مرت بالمنطقة بدءاً بالحرب العراقية – الإيرانية ثم الغزو العراقي للكويت، وبعد ذلك غزو الولايات المتحدة للعراق وظهور العديد من الأحداث الدامية وتغيير النظم الحاكمة والثورات العشوائية في عدد من الدول العربية، وبروز المنظمات والجماعات الإرهابية التي تعمل في الظلام حتمت على دول المجلس أن تتعاون وأن تنسق فيما بينها على صعد أخرى شديدة الأهمية لم تنص عليها الوثائق المؤسسة للمجلس، خاصة السياسية والعسكرية والأمنية. هذه الحقائق الراسخة جعلت من المعطيات والديناميكيات السياسية أكثر بروزاً لكي تتعاون دوله على صعيدها، ما يحتم بالضرورة أن يتم تطوير المجلس شكلاً وموضوعاً لكي يصبح منظمة تعاون وتنسيق إقليمي يطال نشاطها وأهدافها وأغراضها وتطلعاتها الجوانب السياسية والعسكرية والأمنية بشكل أكثر وضوحاً وشفافية وتقنيناً. وهنا فإنه لكي تتم دراسة المعطيات والديناميكيات السياسية الخاصة بالتطور الاقليمي لمنطقة الخليج العربي في مواجهة التهديدات والمخاطر التي تواجهها توجد أداة تحليلية مفيدة يمكن توظيفها بشكل جيد، هي نظرية…
السبت ١١ أبريل ٢٠١٥
تمكنت دول ما درج على تسميتها بـ(5+1) التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية من التوصل إلى اتفاق إطاري مع إيران بشأن برنامجها النووي يتم على أساسه استمرار التفاوض بين هذه الأطراف في سبيل التوصل إلى اتفاق نهائي حول هذا البرنامج المثير للجدل في الصيف المقبل. ومن حيث المبدأ رحب العالم أجمع، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن بحذر شديد، بهذا الاتفاق على أساس أنه خطوة جيدة قد تقود في المستقبل إلى أن تستوعب إيران بأن سعيها إلى تصنيع الأسلحة النووية أمر غير مرحب به على الإطلاق ويرفضه العالم. وفي تقديرنا أن الطريقة التي تم الإعلان بها عن هذا الاتفاق الإطاري بأنه تم على عجل وبأي ثمن، خاصة من قبل الإدارة الأميركية التي تسير ولايتها نحو الانتهاء بعد عدة أشهر، وتريد أن تترك لنفسها نجاحاً في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي. إن السؤال المهم في هذا المقام هو: ما الثمن الذي تريده إيران في مقابل تغيير وجهة نظرها حيال إقدامها على تصنيع الأسلحة النووية؟ وهل بإمكان المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة دفع هذا الثمن مع العلم بأن قائمة المطالب الإيرانية طويلة جداً؟ وقد يستغرب القارئ من القول بأن قائمة المطالب الإيرانية طويلة جداً، وربما أن البعض منها ليس في يد الولايات المتحدة والدول الغربية مجتمعة تقديمها لإيران في مقابل تخليها عن…
السبت ٠٤ أبريل ٢٠١٥
تعتبر عاصفة الحزم التي تشن من خلالها مجموعة من الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية مسنودة بدول مجلس التعاون الخليجي، حملة عسكرية جوية بهدف القضاء على التمرد "الحوثي" ضد السلطة الشرعية في اليمن ضرورة قصوى، فالأهداف الأساسية لهذه الحملة أبعد من مجرد القضاء على التمرد "الحوثي" وحده، أهمها توجيه رسالة مباشرة وصريحة إلى إيران بعدم المساس بأمن دول العالم العربي بشكل عام ودول مجلس التعاون بشكل خاص، وعدم التدخل في شؤونها بأي شكل، فهذه المسائل خطوط حمراء جداً يجب على إيران عدم الاقتراب منها، وإلا فإن ردود الأفعال ستكون حازمة جداً بصورة ربما أن من يجلسون على كراسي السلطة في إيران لا يتخيلون بأنها قد تحدث. لكن ما يجري الآن هو الحقيقة الواضحة التي تتطلبها أوضاع المنطقة وأن يفهمها الجميع، خاصة إيران بأطماعها ونواياها التوسعية الحاصلة. ويضاف إلى ذلك أن دخول دول لمجلس في عمليات "عاصفة الحزم" يعزز اعتقادها بأن تدخلها المباشر عسكرياً في اليمن بعد أن استهان "الحوثيون" ومن يدعمهم من الخارج لجميع المبادرات والمساعي التي بذلت لجلبهم إلى طاولة المحادثات الجادة التي توصل جميع الأطراف وبشكل متساوٍ إلى نتائج مرضية تحقن دماء اليمنيين كافة وتنقذ اليمن من المجازر والمهازل التي أدخله التمرد "الحوثي" فيها، لكن تعنت "الحوثيين" وتماديهم في استخدام القوة المفرطة ورغبتهم في الاستيلاء على مقدرات وأراضي…
السبت ٢٨ فبراير ٢٠١٥
إن قيام تنظيم «داعش» الإرهابي بالاعتداء على موقع جريدة «الاتحاد» المتسم بالتوجهات الرصينة والفكر المعتدل، يعطينا فكرة مفادها. أن هذا النوع من التنظيمات الإرهابية لا يترك أية فرصة تلوح أمامها لممارسة كل ما هو قبيح ومسيء للبشرية، فهذا هو دينها وديدنها. وما يهمني التركيز عليه بهذا الصدد هو أن لتقدم خدمات الإنترنت والتكنولوجيا المرتبطة بها علاقة كبيرة وخطيرة بانتشار ظاهرة الإرهاب الحديث، فهذه الأيام تحت يد الإرهابيين ترسانة ضخمة من الوسائل المادية والمعنوية التي يتناقلونها عبر الإنترنت. فعبر هذا الوسيط السريع يكتسبون ويحوزون. ويتناقلون مهارات تساعدهم على تنفيذ عملياتهم الإرهابية في جميع ربوع المعمورة. ومن بين وسائل استغلالهم لهذه الوسيلة النافذة تأتي مسألة استقطاب الكوادر والمناصرين والمؤيدين، الذين يتم تجنيدهم بسرعة مذهلة، خاصة عبر بث الصور المغرية ورسائل البريد الإلكتروني والمعلومات المغلوطة التي تصب في خانة الإنجازات الوهمية للإرهاب والإرهابيين. إن الإرهاب ليس أمراً جديداً، لكنه في الماضي كان يتواجد في الظل فقط، فأولئك الذين كانوا يلجؤون إلى العنف كانوا يركزون على السياسيين والعسكريين، وفي بعض الأماكن استمر الإرهابيون طويلاً في استخدام ذلك التكتيك التقليدي، لكنهم الآن يوجهون نيرانهم باتجاه المدنيين الأبرياء دونما تمييز وبطرق إرهابية عشوائية، كما هو حاصل عن طريق استخدام العمليات الانتحارية وسط جموع من المدنيين الذين لا علاقة لهم بأي شأن سياسي ولا حول لهم ولا…
السبت ٢١ فبراير ٢٠١٥
عندما قام الاتحاد في 2 ديسمبر 1971 قاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حملة موسعة في مناطق الدولة كافة لإدخال تعليم الإناث الحديث، بصفته رئيساً للدولة وقائداً للمسيرة الاتحادية المظفرة. وسخر لذلك الإمكانات المادية والبشرية والمعنوية كافة في إطار تشجيعه ودعمه اللامحدود لنشر التعليم في أوساط النساء في مناطق الدولة كافة، ومن أجل تهيئة الظروف لهن لإكمال تعليمهن الجامعي خارج البلاد. والواقع أن إدخال تعليم المرأة في الإمارات لأول مرة في بداية خمسينيات القرن الماضي كان مرحباً به، وذلك عندما افتتحت المدرسة القاسمية للبنات في الشارقة بجهد مشترك بين حكومة الشارقة وعدد من المواطنين ميسوري الحال آنذاك، ولم تواجه العملية أية معارضة، كما حدث في بعض دول الخليج العربي الأخرى، بل كان المواطنون مقتنعين، رغم تقليدية المجتمع، بأن حق المرأة في التعليم مساوٍ لحق الرجل. ومن حسن حظ المرأة في الدولة أن (أم الإمارات) سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك تقف باستمرار خلف جهود تعليم المرأة، ولا تترك أية فرصة لكي تشجع العملية التعليمية النسوية وتدعمها وتدفع بها إلى الأمام. ومن النتائج المهمة والمؤثرة لجهودها في مسيرة تعليم المرأة، أنها وقفت منذ البداية وراء مؤسس هذه الدولة وبانيها، ودعمت بإخلاص تأسيس جامعة الإمارات في العين لكي تنتظم فيها ابنة الإمارات لإكمال دراستها الجامعية…
السبت ٣١ يناير ٢٠١٥
الإرهاب تطور سريعاً في وسائله وطرقه والجهات التي تتبناه وتدعمه. والمخيف في ذلك هو أن هذا التطور يأخذ أشكالاً ووسائل غير تقليدية، بمعنى أن الإرهابيين يطورون لأنفسهم وسائل لا يمكن تخيلها أو حتى توقعها، كما حدث في 11 سبتمبر في الولايات المتحدة. وهذه المسألة تضع أمامنا تساؤلاً حول كيف يمكن لمن يكافحون الإرهاب أن يتصرفوا بالإضافة إلى كيفية إمكانية منع الإرهاب من الحدوث. وهنا فإن المسألة تتعلق بشكل أكبر بمواجهة الإرهاب ومحاربته بعد حدوثه عوضاً عن منعه من منابعه وجذوره. وجدلياً لولا أن الإرهاب لم يكن ذا منابع محلية، أي مشكلات داخلية في كل دولة بعينها، فإنه لم يكن من الممكن له أن يصبح مشكلة عالمية تنتشر في جميع دول العالم. وأيضاً لكي يحدث الانتشار لابد من وجود أيديولوجيات وأفكار طموحة عابرة للحدود تساعد على ذلك، بالإضافة إلى الأوضاع الحاضنة التي تؤجج تلك الأيديولوجيات وتزكي الفكر فيها كالفقر والجهل والجهات الراغبة في تبني ذلك واستغلاله للاستفادة الشخصية منه كقيادات "القاعدة" و"داعش" و"جند الرب" و"بوكو حرام"، وغيرها، تنتمي إلى أديان وملل ونحل ومذاهب عدة. تلك الظروف يمكن أن تشكل منظومة من الأسباب الممكنة والحاضنة مباشرة للإرهاب، فحيث لا تستطيع الدول السيطرة على تلك الظروف، يصبح الإرهاب قادراً على الانتشار والتفشي في مستويات إقليمية وعالمية. وفي بعض الأحيان لا تقوم الدول القوية…
السبت ١٣ ديسمبر ٢٠١٤
مناطق ودول إفريقيا التي يتواجد فيها المسلمون بكثافة مرت بها موجة المد الديني التي ظهرت في غيرها من مناطق ودول العالم الإسلامي الأخرى منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، ولكن تلك الموجة لم تأخذ طابعاً عنيفاً مرتبطاً بحركات الإرهاب والتطرف العابر للحدود، وبقيت كصحوات جماعية محلية في كل دولة من الدول الإفريقية، وإن اتخذ البعض منها لنفسه طابعاً متشدداً في مواجهة فئات المجتمع المحلي الأخرى، كما حدث في نيجيريا بالتحديد. لكن ضمن محتوى جماعية الأصوات الدينية المحلية الإفريقية فجرت الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة الأميركية في 11 سبتمبر 2001، وعمليات الغزو اللاحقة لكل من أفغانستان والعراق غضباً ونقاشاً داخلياً في كل دولة إفريقية يقطنها المسلمون يخص علاقة الإسلام بالسياسة في العالم الحديث. وتمخض عن تلك النقاشات أن تطور الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك وأخطر بظهور جماعات وتنظيمات تنتهج العنف والتطرف والإرهاب لتحقيق أهداف قادتها، مع غموض شديد في تلك الغايات والأهداف. في نيجيريا بالتحديد برزت إلى السطح حركة كانت مغمورة قبل أن تقوم بتنفيذ عمليات إرهابية واختطاف الفتيات من مدارسهن والمعروفة باسم «بوكو حرام» (أي تحريم تعليم الفتيات على الطريقة الغربية). هذه الحركة قامت بشن أول هجماتها المباشرة على هدف عالمي في أغسطس 2011 عن طريق قصف مقر الأمم المتحدة الرئيسي في العاصمة النيجيرية «أبوجا». وأعقب ذلك عدد من…
السبت ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤
في الثاني من ديسمبر من كل عام، تمر علينا الذكرى الغالية بتأسيس الاتحاد، وهي مناسبة سعيدة يحتفل بها كل مواطن ومقيم على تراب وطننا العزيز، ويبتهج بها الجميع لما حققه هذا الصرح الشامخ من رفاهية وأمن وطمأنينة لكل من وطأت قدماه هذه الأرض الطيبة. وفي هذا العام، تهل علينا الذكرى الثالثة والأربعون لهذا الحدث العظيم الذي غيّر وجه هذه الأرض، ونقلها نقلة حضارية كبرى من مجموعة بلدات وقرى إلى مدن كبرى عالمية الطابع، تزخر بمظاهر التقدم والمدنية والتحضر والرقي التي باتت نبراساً تتطلع إليه جميع أمم الأرض شرقاً وغرباً لكي تحتذي به، بل وتقلده تيمناً بتجربة كونية فريدة، حققها بعزيمة الرجال، قيادة وشعباً، رجال ذوو شكيمة قوية، يتطلعون إلى الإنجاز بصبر وحكمة وتأنّ قلّما سبقهم إليه شعب أو أمة من أمم الأرض الأخرى، لكي ينجزوا خلال فترة زمنية قصيرة هي قياسية بكل المعايير ما لم تنجزه الدول والشعوب الأخرى في مئات السنين. إن ما يفرح القيادة الرشيدة وأبناء هذا الشعب الأوفياء المخلصين بعد أن أطفأت الدولة الاتحادية الشمعة الثالثة والأربعين من عمرها المديد، أن الاتحاد يسير نحو المزيد من اللحمة والترابط والقوة والصلابة، ووجود اتفاق لدى الجميع على أن الاتحاد هو مظلتهم وملاذهم الآمن، وهو السفينة الكبرى التي يوجدون على ظهرها، وتسير بهم بثبات وعزم نحو بر الأمان، وهي تمخر…
السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠١٤
غيّب القدر المحتوم عن هذه الدنيا صديقاً وفياً وأخاً عزيزاً ومواطناً صالحاً سنفتقده كثيراً. فقد رحل محمد خلف المزروعي عن هذه الدنيا الفانية، ودون مقدمات أو ضجيج، وهو لا يدري أنه سيترك طوفاناً من الألم الشديد يعصف بوجدان كل مواطن محب لهذه الأرض وأهلها الطيبين. لقد تعرفت على «بوخلف»، رحمه الله، في تسعينيات القرن الماضي، وتكونت بيننا صداقة ومودة قلّما تكون بين بشر لا تربطهم مصالح سوى محبة الوطن والرغبة في خدمته. كنت في وقتها أستاذاً بقسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات في العين. ورغم أن اللقاءات المباشرة بيننا كانت قليلة، كأن يضمنا مجلس في أبوظبي العاصمة أو اجتماع عمل قصير حول الثقافة والتعليم والإعلام في الدولة، فإن لكل مرة نلتقي فيها ذكرياتها العزيزة، لكرم الرجل ودماثة خلقه. فلم ينقطع الاتصال بيننا، بل كان «بوخلف» دائم السؤال لكي يطمئن على الحال أو للتشاور في أمور الثقافة والمثقفين في الإمارات. كان محمد خلف المزروعي، رحمه الله، صاحب رؤية ثاقبة حول الإعلام والثقافة في دولة الإمارات، وكان دائماً ما يبهرني بتلك الرؤية من خلال قوله بأن العمل الثقافي والإعلامي في الدولة يجب أن ينطلق من فكرة خلق المواطن الصالح الذي يفهم واجباته نحو وطنه ويقدر حقوقه فيه ويسعى لتحقيقها عبر إخلاصه وتفانيه في خدمة هذا الوطن وقيادته، فإذا وعى المواطن ذلك فسيتمكن من…
السبت ١٥ نوفمبر ٢٠١٤
من خلال دراسة مستفيضة، ومسح متعمق لسياسة الولايات المتحدة الخارجية توصلت إلى أنه من الناحية السياسية والتاريخية أن طبيعة ومستوى التنمية الرأسمالية في داخل الولايات المتحدة هي المسؤولة عن كافة التحولات التي تطرأ عليها، بمعنى أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية، يتم تحديدها بنيوياً لأنه يوجد رابط واضح بينها وبين طبيعة الاقتصاد السياسي القائم، فالتأطير الأساسي لدستور البلاد يدخل في المسألة لأن واضعيه الأوائل كانت أغلبيتهم من أصول اجتماعية تنحدر من ملاك الأرض المهتمين بالتصنيع والتجارة، وبالتالي فقد جاء الدستور عاكساً لمصالحهم التي قامت الدولة بحمايتها. إن الفئة التجارية هي التي قامت بتأسيس الولايات المتحدة، وتلك الفئة ركزت منذ البداية على قدسية الملكية الخاصة، وبتحديد وتعريف المقاييس الخاصة بالالتزامات التعاقدية لكي تحفظ التعاملات القانونية والنظامية بين جماعات المصالح المتنافسة. قوة جماعات المصالح تلك كانت علاقية، بمعنى أنه كانت لديها الإمكانيات والقوة والنفوذ، لكي تؤثر على الدولة، وتحدد سياستها، وحركتها بسبب هيمنتها على المشهد الاقتصادي والسياسي عند لحظة تاريخية معينة. ويتبع ذلك منطقياً أن مصالح تلك الجماعات على المستوى العالمي تزامنت وتماشت مع المصلحة الوطنية، وبالتالي صارت تصقل السياسة الخارجية للبلاد. وبهذا الشكل أصبحت المسؤولية الأولى للدولة، هي توفير الموارد والدعم والحماية للمشروعات التجارية وتشجيع التجارة الخارجية. وبالتالي فإن الدولة قامت بإغراق المصنعين الأميركيين بموارد الدعم السخية وبالحماية اللازمة ضد منافسيهم الأوروبيين،…
السبت ٢٥ أكتوبر ٢٠١٤
من الناحية النظرية، والنظرة السطحية، يبدو الاستثمار في دول القارة الأفريقية واعداً لدولة كالإمارات العربية المتحدة التي أصبحت الاستثمارات في الخارج جزءاً من تطلعاتها المستقبلية، لكن المسألة ليست بهذه البساطة. صحيح أنه في السنوات الأخيرة، ونتيجة للشروط التي تم فرضها على المساعدات الخارجية الممنوحة لدول أفريقيا من قبل المانحين الدوليين، ومؤسسات التمويل المالي العالمية، قامت الدول عبر القارة خلال العشرين عاماً الماضية بتحرير التجارة، وموازنة الميزانيات، وتأسيس مراكز استثمارية، وإقامة البورصات، وسن قوانين الخصخصة، وتطبيق عمليات خصخصة واسعة عن طريق بيع المشاريع التي تملكها الدولة إلى مستثمرين محليين وأجانب. وبالإضافة إلى ذلك فإن التغيرات السياسية الجذرية صاحبت العديد من تلك التحولات الاقتصادية، لكن جميع هذه الإجراءات لم تتضح نتائجها بشكل إيجابي يشجع على القول بأن دول القارة الأفريقية هي الساحة الجديدة الواعدة التي يمكن لدولة الإمارات أن تتجه إليها بطمأنينة، لكي تضخ فيها استثمارات ضخمة. الواقع أننا لانستطيع القول بشكل قاطع بأن الاستثمارات هناك لن تكون ناجحة لو توافرت لها البيئة الاستثمارية الملائمة والمناخ الأمني اللازم، فدون شك أن الدول الأفريقية اليوم لديها منطلقات، وأسس اقتصادية وسياسية تختلف عما كانت عليه الأوضاع قبل خمسة وعشرين عاماً مضت. لكن مع هذه التطورات التي تبدو للوهلة الأولى إيجابية تأتي المخاطر الكامنة. إن معظم ثروات أفريقيا منتشرة بشكل غير متيقن منه عبر القارة،…