المشروع الوطنى لليوم التالى في السودان: من الرقمنة إلى المعجزة التنموية خلال جيل واحد
* وزير المالية السوداني السابق خاص لـ هت بوست : مقدمة في مقالنا السابق الموسوم "المشروع الوطني لليوم التالي: البرنامج الإسعافي لإعادة الإعمار والانتقال النهضوي"(1)، قدّمنا تصوراً اقتصادياً متكاملاً لمرحلة ما بعد الحرب يقوم على أربعة مكونات رئيسية: استعادة الأمن والعون الإنساني؛ تعبئة الموارد الذاتية والدولية المجمّدة؛ تشغيل الشباب عبر برامج "النقد مقابل العمل"؛ وإعادة بناء الخدمة المدنية من خلال منهج "التشبيب" والمصافحة الذهبية. ويرتكز هذا المشروع على ثلاث دعائم اقتصادية ضرورية لإعادة الإعمار، هي: الانتقال من التقشف إلى النمو؛ التحول الهيكلي في الزراعة وبناء ممرات الإنتاج حول المدن الكبرى؛ وإنشاء صناديق الحماية الاجتماعية الشاملة والتحويلات النقدية. ولأن أي برنامج جاد لإعادة الإعمار والانطلاق نحو التحولات التنموية الكبرى ليس وصفة تقنية معزولة، بل جزء من مشروع وطني أشمل، فقد أكدنا في مقالات سابقة أهمية خمس مرتكزات سياسية ومؤسسية حاكمة لنجاحه: الشرعية الاقتصادية؛ النظام الرئاسي - البرلماني الهجين؛ الانتقال من نظام الولايات إلى نظام الأقاليم والمحليات حول المدن الكبرى؛ حكومات الوحدة الوطنية؛ والسردية الوطنية الجامعة. وانطلاقاً من ذلك، نواصل في هذا المقال تناول مكونات المشروع الاقتصادي بمزيد من التفصيل، مستهلّين بسؤال محوري يتعلّق بتدريب وتوظيف الشباب لدعم العون الإنساني، والمساهمة في إعادة الإعمار، والمشاركة في إعادة بناء الخدمة المدنية والقوات النظامية. فالدولة الحديثة بعد الحرب لا تُبنى على أعمدة الماضي…

