أيها السلفيون: قل هو من عند أنفسكم
ما وجه الغرابة في مؤتمر جروزني في الشيشان؟ المتأمل لحال الخطاب الديني المحلي، بعد أن تم استبعاد السلفية من هذا المؤتمر، يجد ألا غرابة لكونه أمرا متوقعا، نتيجة للإقصاء الواسع للمذاهب الأخرى، وأخص هنا العقدية منها، فلماذا نضيق ذرعا إذاً في حال تم رد فعل متوقع مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، بحسب قانون نيوتن الثالث. {أوَلمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم}. الآية الكريمة تلخص حال السلفية في هذا الشأن. لا أحد ينكر أن المنابر العلمية والدعوية هنا، الرسمية منها وغير الرسمية، تشن الإقصاء الفكري ضد المخالف وإخراجه من دائرة السنة، فهل نتوقع والحال هذه أن يستقبل الآخر إقصاءنا له بالحفاوة والتقدير أم بإقصاء مماثل؟ إن الطرح الديني المحلي بأشكاله الوعظي منه والعلمي، فضلا عن الأكاديمي، ينحو لقمع المجتمعين في جروزني، كالأشاعرة والماتريدية والصوفية، وبعض تلك الأطروحات تكفرهم تلميحا أو تصريحا. ويزيد المنظرون على من سلف ذكرهم بالتجريح والإقصاء فرقا أخرى، كالشيعة، الإسماعيلية، الزيدية، الإباضية وغيرهم. من هذه المشكاة ينهل المتلقي الفكر الإقصائي الذي ترسّخ في عقول المجتمع بأطيافه. لم يكتفوا بهذا الطرح بل ضمنوا المناهج هذا الاستعلاء والتفرد بالحقيقة، الأمر الذي غذى عقول الناشئة بالتحقير والتفسيق والكراهية للمخالف تارة، وتكفيره تارة أخرى. العجيب أننا ورغم إقرارنا بأن أصحاب هذه…