فاهم بن سلطان القاسمي
فاهم بن سلطان القاسمي
رئيس دائرة العلاقات الحكومية بالشارقة

حتى لا يبقى الآخر مجهولاً

الخميس ١٦ أغسطس ٢٠١٨

كثيرون تناولوا قضية الثقافة من جوانبها المختلفة وأضاؤوا على فوائدها وأهميتها، لدرجة أن أي عنوان يشير إلى هذا الموضوع بات وكأنه تكرار لكل ما قيل في السابق. لكن الحقيقة أن الكثير من المساحات التي تتعلق بهذه القضية لا تزال غير مكتشفة، فالأدب على سبيل المثال، وبوصفه حالة لانهائية الأبعاد، يحتاج منا أن نقرأه وفقاً لسمات المرحلة وشروطها واحتياجاتها، وهي سمات وشروط متجددة تمنح القراءة نتائج جديدة في كل مرة. الثقافة في أحد جوانبها الأساسية، عملية اكتشاف للآخر قبل المعلومة، عملية بناء علاقة مع الكاتب قبل الكتاب أو المحتوى مهما كان تصنيفه، إنها حالة شراكة وليست أحادية الجانب. فلا قيمة للحكايات التي تحملها الكتب إذا اقتلعناها من سياق تجربة الكاتب الشخصية، أو إذا عزلناها عن طبيعة المرحلة التي أنتجتها بظروفها التاريخية والاجتماعية والثقافية، وإذا لم نتفاعل معها كأننا نعيشها تماماً مثل أبطالها وشخصياتها، إنها نتاج عملية يتوسط فيها الكاتب بين ذاته وأمته، وبين هذه الأمة والأمم الأخرى. حتى السير الذاتية للأبطال ورموز التاريخ، كانت في حقيقتها سرداً لسير الشعوب والأمم في كافة حالاتها، في كفاحها وطموحها، في أحلامها وآلامها، لذا ليس المهم فقط ماذا نقرأ وماذا نكتب وإنما كيف ولماذا نقرأ ونكتب. نحن نقرأ لنَكتشف، ونكتب لنُكتشَف، ويمكننا القول إن الإنسان ابتكر الكتاب حتى يبقى حياً ولا يبتلعه الزمن، والأهم، حتى…