الإثنين ٠٥ يونيو ٢٠١٧
أود أن أشارككم اليوم قصة عشتها مع ابنتي الجليلة ذات الثمانية أعوام، وتبدأ تفاصيلها عندما وجدتها يوماً تعمل على انجاز مشروع مدرسي مستوحى من أسطورة قديمة تدور حول قيمة المشاركة المجتمعية وما يمكن للإنسان أن يحققه من خلال التعاون. ورغم تنوع الروايات التي جاءت عليها تلك الأسطورة المعروفة باسم «حساء الحجارة»، والتي يُقال إنها ربما تعود إلى القرن الثامن عشر، إلا أنها تحتفظ في كل الثقافات التي أوردتها بذات المغزى، إذ تروي قصة مسافر جائع يصل إلى قرية صغيرة، ويجد سكانها عازفين عن فكرة مشاركة الطعام، فيطلب منهم قِدراً مليئاً بالماء ويضع في داخله حجراً، ويضعه على النار، ثم يبدأ في تذوق ماء القِدر مُدعياً أنه أصبح حساءً لذيذاً، ولكنه سيكون أشهى إذا ما أُضيفت إليه بعض الأعشاب، أو حبة بطاطس أو قطعة لحم. وشيئاً فشيئاً، يبدأ الجميع بتقديم أطعمة مختلفة لإضافتها إلى القِدر، حتى يكشف المسافر الذكي أن الحساء الشهي جاهز، ويزيل منه الحجر، ليتناول الجميع الحساء الحقيقي بعد اكتمال مكوناته. دفعتني هذه القصة للتفكُّر في جوهرها، وما تحمله من قيم لا تزال ذات صلة بيومنا هذا على الرغم من أنها رُويت قبل نحو 300 عام، ووجدت نفسي أتساءل: تُرى كم كان عدد الجوعى في العالم عندما ظهرت تلك الحكاية الرمزية؟ وهل كان هناك هذا التفاوت الفادح الذي نراه…
الأحد ١٩ مارس ٢٠١٧
في الخامس والعشرين من مارس الجاري ، ستحتفي دبي، مع العالم بأسره، باستضافتها لأحد أهم الأحداث في عالم سباقات الخيول ألا وهو "كأس دبي العالمي لسباق الخيل" بدورته الثانية والعشرون ، والذي يحظى سنويا بمشاركة نخبة من أفضل الخيول من مختلف أنحاء العالم للتنافس على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة التي اشتهرت عبر التاريخ بتراثها الغني وتقاليدها العريقة في هذا الميدان، حيث يستقطب هذا الحدث اهتمام الآلاف من عشاق الخيول ورياضاتها الذين يحرصون على حضوره ومتابعة فعالياته من داخل الدولة وخارجها؛ إلا أن الكثيرين أيضاً ربما يتطلعون لمعرفة المزيد حول سباقات الخيول، معلومات بسيطة من شأنها أن تضيف أبعاداً جديدة إلى تجربتهم مع السباق. فغالباً ما تكون لدى البعض أسئلة بسيطة تبحث عن إجابات قد لا تتوفر في الكتب والتقارير المتخصصة التي غالباً ما تركز على الأصول والنظريات أكثر من اهتمامها بشرح ماهية هذه الرياضة الرائعة للمبتدئين. لذلك، أردت أن أشارككم بعض أفكاري عبر سلسلةٍ من المقالات اعتباراً من اليوم وحتى تاريخ انعقاد كأس دبي العالمي، أملاً في توضيح جوانب هامّة لهذه الرياضة وأسرارها لشريحةٍ أكبر من المهتمين. أوائل من ركبوا الخيل في العالم، وهم على الأرجح سكان شبه الجزيرة العربية وآسيا الوسطى قبل حوالي 5500 سنة، أطلقوا شرارة ثورة عالمية لم تخب جذوتها قَطّ. فقد كان لاستئناس الخيول (حتى…
الثلاثاء ١٤ مارس ٢٠١٧
في الوقت الذي تدخل فيه دولة الإمارات «عام الخير»، يواجه العالم موجة تكاد تكون غير مسبوقة من المآسي، بدءاً من استمرار الحروب الأهلية المريعة في كل من سوريا والعراق، مروراً بتهجير الآلاف من مسلمي الروهينغيا من بلادهم في ميانمار، وصولاً إلى زيادة وفيات الأطفال اليومية بسبب تفاقم أزمة المجاعة في جنوب السودان. وعلى المستوى العالمي، فرّ أكثر من 65 مليون شخص هرباً من الاضطهاد والعنف في مناطق شتى من العالم وازداد الطلب على المساعدات الإغاثية ازدياداً شديداً. وفي ضوء ذلك، أعرب عدد من قادة العالم في القمة العالمية للحكومات التي انعقدت في دبي الشهر الماضي عن تزايد قلقهم من هذا السيل الجارف من الكوارث الناتجة عن فعل الإنسان وأثرها السلبي على قطاع المساعدات الإغاثية. نحن في دولة الإمارات، وفي إمارة دبي، نؤمن بالأفعال لا بالأقوال. فلا يكفي الحديث عن المآسي التي يعانيها إخوة وأخوات لنا يعيشون تحت الحصار أو تحت وطأة الفقر المدقع. لا لأن الكلام لا قيمة له، ولكن لأنه لا يمكن إنقاذ حياة أي عائلة بمجرد كلمات تعاطف طيبة من جيرانها. وهذا ما دفع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى تأسيس المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي في العام 2003، بهدف إقامة مجمع من وكالات…
الأحد ١٦ أكتوبر ٢٠١٦
تشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من ثلث الغذاء الذي ينتجه العالم سنوياً، نحو 1.3 مليار طن، يذهب سُدى، أو ينتهي مصيره بكل بساطة إلى صناديق القمامة، بما لذلك من دلالة على أن توافر الغذاء بات لدى البعض من المُسلَّمات، في الوقت الذي لا يعي فيه للأسف كثيرون حول العالم أن الغذاء، وفي أبسط أشكاله، هو سلعة أقل ما يمكن أن تُوصف به أنها «ثمينة» لنحو 800 مليون شخص يعانون الفقر والجوع في مناطق متفرقة من العالم. وربما يجهل كثيرون أن من بين كل تسعة أشخاص هناك شخص يعاني من أجل الحصول على وجبة واحدة تساعده على التشبّث بالحياة، وأن 800 مليون إنسان يبيتون كل يوم جوعى؛ وقد لا يلتفت كثير إلى معاناتهم اليومية. وما يدعو للأسى، أن تلك الحالة من عدم الاكتراث لا يتحمل تبعاتها سوى الأطفال؛ فهناك خمسة ملايين طفل يلقون حتفهم كل عام بسبب المرض؛ وأغلبية تلك الوفيات تعود في الأساس إلى سوء التغذية. بل إن ما يضاعف من مرارة هذا الواقع الصادم أن العالم ينتج من الغذاء ما يفوق ما يمكن أن يُطعِم كل البشر مجتمعين، بل يكفي أن نعرف أن حجم الفاقد من الغذاء كل عام يزيد على نصف إنتاج العالم سنوياً من محاصيل الحبوب. وعلى الرغم من ذلك، يُوصف الجوع بأنه «أكبر مشكلات العالم…