الثلاثاء ٢٥ يونيو ٢٠١٩
في مقال سابق عنوانه «هل نستمر في عد صواريخ الحوثي» تطرقت إلى استمراء الحوثيين في تكثيف إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه المدن السعودية بعد أن كانت اعتداءاتهم تتم بمقذوفات تقليدية لا تتجاوز المواقع المتاخمة للشريط الحدودي، آنذاك كان عدد الصواريخ قد تجاوز المئة تقريبا وكان الوضع مزعجاً ونحن ننتظر نتائج المفاوضات الأممية لتثبيت نوع من الحل السياسي للأزمة اليمنية، لكن الأمور مضت إلى مزيد من السوء بتدشين هجمات الطائرات المسيرة المفخخة، ثم صواريخ نوعية جديدة قيل إنها من نوعية كروز، لينتهي بنا الحال إلى محاولة استهداف مرافق إستراتيجية حساسة كمحطات الكهرباء وتحلية المياه والمطارات المدنية في ظل تجاهل تام للمجتمع الدولي واستمرار التواطؤ الأممي. الهجمة الثانية الأخيرة على مطار أبها بعد وقت قصير من الهجمة السابقة يفترض أن تشكل منعطفاً جديداً في التعامل مع الحوثيين بتقييم الوضع سياسيا وعسكريا ثم تنفيذ إستراتيجية جديدة لمنع اعتداءاتهم علينا. نعرف أن حسابات الحرب معقدة جدة ولا تخضع للانفعالات لكن الحوثيين أصبحوا يستعرضون قوتهم علينا، وللتنويه فإنه لابد من إعادة النظر في القول بأنهم مجرد ميليشيا تضرب وتختبئ في جحورها، لأنهم الآن يملكون عتاداً عسكريا كبيراً ولديهم قيادة مشتركة مع الخبراء الإيرانيين تدير مجاميعهم الكبيرة التي انضم اليها عدد كبير من القوات النظامية السابقة، وهذا ما يجب أن يغير معادلات المواجهة معهم، ومن شروط ذلك…
الخميس ٢٠ يونيو ٢٠١٩
نكتب ونتحدث لنرصد ملاحظاتنا على الأداء في كثير من شؤون وطننا، ننتقد الخطأ والتقصير والتسيب والإهمال والفساد الذي لا يمكن تنزيه أي مجتمع منه مهما كانت صرامة قوانينه ومهما كان وعيه متقدما، نفعل ذلك لأن الدولة أصبحت (تلعب على المكشوف) مع كل الذين يعيقون مسيرة الوطن بممارساتهم السلبية أياً كان نوعها، لم يعد هناك كبير فوق المحاسبة، ولم تعد هناك تصنيفات تجعل من أناس فوق القوانين، نفعل ذلك من منطلق وطني نزيه ولا نأبه بالذين بدؤوا يخلطون الأوراق بصورة ممعنة في السطحية والسذاجة، والخبث ربما، عندما ينبرون للقول بأن المتربصين بالوطن من الخارج يتصيدون مثل هذا النقد لترويجه بأن وطننا يمر بأزمة داخلية نتيجة مشاكل يعاني منها وبالتالي لا يصح الحديث عن السلبيات حتى لا نمنحهم فرصة الشماتة والتشفي. مثل هذا الطرح ضار جداً وينم عن رؤية قاصرة وفهم خاطئ لمعنى المواطنة ومسؤوليتها وواجباتها عندما يتعرض للنقد البناء غير المشوب بالمبالغات والمستند إلى معلومات صحيحة والمنزه من التوظيف المشبوه والنيات الملوثة، وغيابه يتيح مجالا لتراكم الأخطاء والسلبيات، وتكريس فكرة تجنبه وعدم ممارسته تنصل من واجب وطني أساسي. الذين لا يريدون الخير لوطنك من الخارج أو الداخل يهمهم أن تتغافل عن تصحيح الأخطاء لتتراكم وتتفاقم حتى تصل إلى مرحلة يصعب التعامل معها ثم يبدأ تأثيرها على المسيرة الوطنية بشكل أكبر، وهؤلاء…
الأربعاء ١٩ يونيو ٢٠١٩
نشرت صحيفة «عكاظ» يوم الإثنين الماضي ١٧ يونيو تقريراً تضمن إحصائيات عن أعداد الطلاق في مناطق المملكة طبقاً لمعلومات المحاكم الشرعية خلال شهر شعبان الماضي، وكان المثير في التقرير أن عدد حالات الطلاق في بعض المناطق أكثر من حالات الزواج في تلك الفترة، ولعدم توفر معلومات للمقارنة في التقرير لا ندري هل عدد حالات الطلاق في الشهور الأخرى من نفس العام أكثر أو أقل، وكذلك بالنسبة للأعوام السابقة كي نعرف ما إذا كان المؤشر الإحصائي في صعود أو هبوط أو متذبذب أو غير ذلك، وعلى أي حال ورغم أهمية الموضوع اجتماعيا فإن غرض الحديث ليس إحصائيات الزواج والطلاق، وإنما إهمالنا لمجال في غاية الأهمية هو الدراسات الاجتماعية. هذه الدراسات ضرورة قصوى لكل المجتمعات في كل الأوقات، ولاسيما في ظل التغيرات المتسارعة التي مرت وتمر بها خلال العقود القليلة الماضية التي تغيرت فيها أنماط الحياة المتعلقة بالعمل والعلاقات والإنتاج والمكونات الأسرية وكثير من القيم التقليدية المتوارثة، وبما أن مجتمعنا من أكثر المجتمعات التي شهدت هذه التحولات الحادة فإنه من أحوجها إلى الدراسات الاجتماعية العلمية المنهجية التي تُبنى عليها الخطط والإستراتيجيات في كل المجالات، ولا تستطيع دولة التخطيط السليم لإدارة المجتمع بنجاح دون توفر هذه الدراسات بشكل مستمر لأنها أساس كل القرارات الصحيحة التي تحقق نتائج إيجابية، وهذا ما فعلته وما زالت…
الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٩
ارتفعت مؤخراً درجة حرارة التوتر السياسي في منطقة الخليج العربي بشكل كبير ومخيف من احتمال تحوله إلى مواجهة عسكرية بدل السجال الكلامي بين إيران جارتنا اللدودة على الجهة الأخرى من الخليج وأمريكا التي أحضرت نماذج من أكبر وأخطر عتادها العسكري، وبدأ الوسطاء جولاتهم المكوكية لتخفيف الاحتقان ومحاولة منع إشعال الفتيل، وإطلاق تصريحات لا جديد فيها لأنها لا تشير بوضوح إلى المتسبب في كل هذه الأزمة والخطر المحتمل، فما المفيد حين يقول وزير الخارجية الألماني أو الفرنسي أو غيرهما أن الوضع خطير في المنطقة دون تحميل إيران المسؤولية الكاملة عن كل ما يحدث. ولا نعلم الحيثيات التي تجعل الكثير يتفاءلون بزيارة رئيس الوزراء الياباني لإيران وأنها ربما تُحدث اختراقاً في جدار الأزمة، ربما يحدث ذلك بقدر ضئيل جداً لا يغير كثيراً في الوضع القائم، ولكن الاحتمال الأكبر أن إيران حتى لو تجاوبت بقدر ما للمساعي الدبلوماسية اليابانية فإنها سوف تلتف عليها وتتنصل منها سريعاً بافتعال أسباب لذلك كما جرت عادتها، فهي تجيد الدفع بالأمور إلى حافة الهاوية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب ثم تطرح ورقتها الأخيرة بالتراجع، هي تحترف المقامرة السياسية لكنها لعبة خطرة قد لا تنجح فيها هذه المرة لأن الوضع مختلف تماما عن السابق. لا أصدقاء لإيران أو متعاطفين معها هذه المرة باستطاعتهم تعزيز موقفها أو إنقاذها من المأزق.…
الثلاثاء ١١ يونيو ٢٠١٩
أتمنى لو تقوم الجهات المختصة بعمل إحصائية للمسافرين إلى خارج المملكة خلال عطلة عيد الفطر عبر كل المنافذ ومقارنتها بالأعوام السابقة، وأيضا إحصائية لنسبة الإشغال السكني في المدن التي تركزت فيها فعاليات العيد الترفيهية وتشهد إقبال الناس عليها من المناطق الأخرى، بل أتمنى لو كان ممكنا معرفة الفرق في أعداد الزائرين للمدن الرئيسية في كل منطقة من محافظاتها المختلفة لأجل النزهة والترفيه وحضور الفعاليات. لو تمكنا من معرفة هذه الإحصائيات سوف نعرف بالدليل المادي الفرق بين الأمس واليوم، بين الماضي القريب والحاضر. حتماً هناك من يفضل السفر إلى الخارج في أي عطلة لأسبابه الشخصية، وحتما ستظل أعداد كبيرة تعبر منافذ السفر، لكن المؤكد أيضا أن الكثير فضلوا البقاء هذه المرة داخل الوطن لأن كثيراً مما يبحثون عنه في سفرهم أصبح موجوداً في الداخل، وبعد أن كانت الفعاليات الرتيبة في السابق تشهد إدباراً عنها، أصبحت الفعاليات الجديدة تشهد إقبالاً غير مسبوق ولا متوقع، فحسب ما نشر يوم أمس جذب مهرجان العيد في مناطق المملكة ٥ ملايين زائر لمشاهدة الفعاليات المتنوعة التي جذبت كل الفئات العمرية وأرضت كل الأذواق. ولو تحدثنا كمثال عن مدينة جدة سنجد أنها بدأت تنفض الغبار عن وجهها الجميل وتستعيد روحها النابضة بالفرح وتستثمر مقوماتها الاستثنائية كي تستقطب زوارها من الداخل والخارج خلال موسمها السياحي (موسم جدة) الذي…
الخميس ٣٠ مايو ٢٠١٩
نحن لا نتحدث عن خيال أو محاكاة لواقع افتراضي بل نتحدث عن حقيقة، عن واقع مشاهَد يراه العالم بأكمله ويتابعه على مدار الساعة. نتحدث من مكة المكرمة حيث ملايين المعتمرين والزوار قصدوا بيت الله الحرام في هذه الأيام بالذات، العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم. نحن نتحدث عن مدينة يسكنها الملايين ويزورها الملايين، وفي هذا الوقت بدأت فيها مجريات حدث تأريخي بانعقاد ثلاث قمم، إسلامية وعربية وخليجية، لكل دولة وفدها من الرسميين، إضافة الى حضور عدد ضخم من الإعلاميين من مختلف دول العالم، أي أن المدينة مكتظة بملايين البشر في مناسبة دينية، وفي حدث سياسي كبير يتطلب إجراءات أمنية فائقة الدقة والصرامة والحزم، ولكن رغم كل ذلك الحياة تمضي كما هي، ودون تغيير بعض مسارات الطرق وزيادة الحضور الأمني الضروري في بعض المواقع لن يشاهد الموجود في مكة مظاهر غير عادية تضايق الناس وتحد من حركتهم أو تعطل مصالحهم. كل شيء يسير بشكل طبيعي دون توتر أو قلق، لأن هناك عيونا ساهرة في السماء والأرض. في السماء عين الإله جل وعلا تحرس هذه البقعة الطاهرة التي تقع فيها أقدس مقدسات المسلمين، وعلى الأرض هناك دولة تشرفت بخدمة هذه المقدسات، ووضعت هذا الشرف نبراسها وأول وأهم وأجل مسؤولياتها، دولة وفرت أعلى درجات الأمن والأمان لحماية هذه المقدسات مثلما هو الحال في…
الأحد ١٤ أبريل ٢٠١٩
بعض الحكام لا يجيدون فن استثمار الوقت وتحديد النهايات، لا يحسنون معرفة استشعار توقيت اللحظة الأخيرة ولا الموعد المناسب للمغادرة، يتيهون في نشوة الحكم وسطوته وبهرجه الى درجة الاعتقاد أن الزمن كله لهم ومن أجلهم، وأن بقاءهم المستمر هو القدر المحتم لأن الله خلقهم من أجل هذه المهمة وعليهم البقاء فيها حتى نهايتهم. مثل هذا النموذج يصاب بالصمم عن كل ما يقال، والعمى عن كل ما يجري أمامه، لأنه يترفع عما يحدث داخل المجتمع وعما ينبض به الشارع. الدائرة المحيطة به والمستفيدة منه، التي تحظى بالنفوذ والمصالح بسبب وجوده تنقل له واقعاً مغايراً، مهمتها فقط المحافظة على بقائه وكتم الأصوات التي تشتكي من الظلم والجور وسوء الأحوال، من يتذمر فهو عميل، ومن يشتكي فهو خائن، ومن يعترض فهو متآمر، ومن يتمادى فمصيره الموت أو الزنزانة الأبدية. ديموقراطيات زائفة ومخادعة، ترفع شعارات الحكم للشعب والتداول السلمي للسلطة والعدالة الاجتماعية والمساواة والمشاركة السياسية وتولي المسؤوليات وفق الكفاءة، بينما الحقيقة هي حزب واحد، حزب الحاكم، وحاكم واحد يبقى عقوداً من الزمن، يتغير من أجله كل شيء إذا استشعر خوف الخروج أو حدثت هزة حواليه. كل المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية مسخرة لإخراج مسرحيات الاستمرار المتجددة كي يبقى الحاكم بأمر النار والحديد والأجهزة الأمنية الباطشة، الأوطان تتهاوى واقتصاداتها تضمحل ومقدراتها تتبخر وشعوبها تعاني بينما الحاكم…
الإثنين ٠٨ أبريل ٢٠١٩
مع حملة الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة طرابلس بدأت تتكشف المزيد من فضائح وفظائع النظام القطري وحليفه التركي، فجأة أصيب نظام الحمدين بلوثة عقلية أدت إلى هيستيريا كلامية وأصابت خليفة الإخونج صدمة أربكت توازنه وأخلت بقدرته على تمثيل الهدوء والثقة. من يصدق أن تميم عرّاب الثورات والانقلابات والفوضى يصرح بقوله إن الشعوب لا تفضل الثورات المفاجئة وإنما الإصلاحات التدريجية، كل هذا بسبب ما يحدث في ليبيا من حملة تطهير تستهدف العصابات الإرهابية التي يرعاها نظامه عبر الجسر التركي الذي يثابر على تقديم الدعم اللوجستي والخبرة في إدارة التنظيمات المارقة. لقد تم ضبط وثائق دامغة وتسجيلات مصورة لضباط قطريين قاموا بتدريب الإرهابيين وتسليحهم قبل بداية حملة الجيش الأخيرة، بل إن هذه الحقائق معروفة منذ فترة طويلة لكثير من الدول والمهتمين بما يحدث في المنطقة، ومعروف كل الخراب الذي ينفذه الثنائي القطري التركي، الذي وجد في ليبيا منطقة رخوة وبيئة مناسبة لإعادة تموضع تنظيم الإخوان وأجنحته العسكرية بعد سقوطهم في مصر، وأضافت لهم ما تبقى من الفصائل الإرهابية الأخرى كالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها بهدف جعل ليبيا مقراً لضرب الأمن القومي المصري، وأيضا أمن الدول الرافضة لسياسة النظام القطري والتدخل التركي في الشأن العربي، وكذلك للانتشار في الشمال الأفريقي بعد الاستيلاء على ثروات ليبيا الطبيعية من نفط وغاز في ظل الوضع السياسي المرتبك…
الأحد ٢٤ مارس ٢٠١٩
الجمعة ما قبل الماضية كانت مأساوية لأكثر من مليار ونصف مسلم، لكن الجمعة الماضية كانت بلسماً شافياً للقلوب الحزينة الغاضبة من سفك دماء المسلمين في مسجدين بنيوزيلندا خلال صلاة الجمعة، النجم الذي حول المأساة إلى مواساة عظيمة كان زعيمة اسمها جاسيندا آردرن، وبفضل تعاملها مع الحدث تحول معها الشعب النيوزيلندي إلى نجم آخر، بل تحول معها العالم بأسره إلى حالة إنسانية فريدة تجاه الحدث. أصغر رئيسة وزراء في تأريخ نيوزيلندا فعلت ما لم يفعله الزعماء الكبار المخضرمون قبلها، في بلدها وغير بلدها، عندما تواجههم أزمات أقل مما واجهته. العظمة لم تكن في شعورها وأحاسيسها الذاتية النبيلة تجاه الجالية المسلمة فقط، وإنما الأهم هو روح القيادة والزعامة والكاريزما التي مكنتها من جعل الشعب النيوزيلندي يتماهى مع موقفها ويدعمه ليتحول التعاطف إلى تظاهرة وطنية داعمة للتسامح ورافضة للعنف والكراهية والإرهاب والتمييز العنصري على أساس الدين والعرق. زعيمة مثقفة واعية مدركة لكيفية إظهار صورة ناصعة ومقنعة عن ذاتها وشعبها. امتزج في إدارتها للأزمة الجانب الإنساني وذكاء السياسي وشجاعة اتخاذ القرار. خلال أسبوع كانت حاضرة في المشهد العالمي وهي تدير الأزمة إنسانيا وسياسيا. كانت واضحة منذ اللحظة الأولى في تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، أكدت أنها عملية لا يمكن وصفها إلا بالإرهاب، اتخذت إجراءات حاسمة في مسألة اقتناء الأسلحة، وتعهدت بحماية الجالية المسلمة، وكانت ذروة…
الأربعاء ٠٦ مارس ٢٠١٩
اعتدنا في منطقتنا المضطربة دخول الدول الكبرى والأمم المتحدة على خطوط النزاعات وبؤر التوتر وساحات الصراع، ليس بالضرورة لأنها تريد حلولاً ولكن لأنها دول كبرى فحسب أصبحت هي التي تدعي رعاية السلام الذي لا يتحقق في كثير من الأحيان، وإن تحقق فيما ندر فإنه سلام هش قابل للانفجار في أي حين، بمعنى أنها لا تريد أن تهدأ وتستقر الأمور في أي مكان حتى لا تفقد هذا الدور، وهذه الوصاية التي منحتها لنفسها. ولكن ما حدث الأسبوع الماضي كان سابقة جديدة تحدث عنها العالم بأجمعه عندما اندلعت أزمة بين الهند وباكستان كادت أن تتطور إلى مواجهة خطيرة. دولتان نوويتان كبيرتان بينهما توتر مستمر، وعندما حدثت الأزمة دخل لاعب جديد ومؤثر على خطها هو المملكة العربية السعودية. يقول وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري إن المملكة أسهمت في تخفيف التوتر العسكري بين باكستان والهند بتدخلها المباشر، وقال إن الرياض حثت الإمارات والولايات المتحدة على إقناع الهند بعدم الاستمرار في تصعيد التوتر مع باكستان. حدث ذلك بعدما أرسلت المملكة وزير الدولة للشؤون الخارجية فور اندلاع الأزمة لزيارة البلدين واستطاعت وساطتها نزع فتيل الخطر الكبير الذي كان ممكنا حدوثه في ظل التوتر المتصاعد. نعرف أن مساعي المملكة قد نجحت في إنهاء أزمات بين دول سابقاً وحاضراً، وفي الفترة الماضية القريبة يتذكر الجميع المصالحات التي تمت…
الأربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٩
هل كان الأمير محمد بن سلمان حالماً أو مبالغا عندما قال في مؤتمر الاستثمار الذي عقد بالرياض أن الشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة، وهل كان يقصد بذلك الجانب الاقتصادي أم السياسي أم الحضاري والثقافي أم كل ذلك، وعلى ماذا بنى فرضيته تلك لا سيما وهو يعرف جيداً أن كلامه يحسب له ألف حساب كونه المسؤول الثاني في أهم دولة عربية لناحية المركزية السياسية والوحيدة في مجموعة العشرين، ولأنه في كل الأحوال محط أنظار العالم في تلك اللحظة، وأن كل ما يقال ستتلقفه وسائل الإعلام وتخضعه للتحليل والتعليق والبحث والاستنتاج. حقيقة الأمر أنه كان يعرف جيدا حيثيات ما قاله، فقد تحدث آنذاك عن الوضع الاقتصادي لعدد من دول الشرق الأوسط ونمو الدخل القومي فيها والتوقعات المستقبلية لزيادة الإنتاجية وتطور الاقتصاد، وبما أن العمق التأريخي والاستراتيجي والتقاطعات التأريخية والثقافية والمشتركات بين الدول العربية الشرق الأوسطية والأخرى غير العربية في هذا المحيط أكبر وأعمق كثيراً من غيرها، فإن الحكمة والحصافة السعودية تفتح الآن بابا أوسع للتحالفات باتجاه الشرق وصنع محاور اقتصادية وتكتلات استثمارية ضخمة من شأنها تحقيق قدر من التوازن العالمي الذي يتحكم فيه الغرب الآن، وربما إعادة ترتيب الخريطة الجيوسياسية في المنطقة بشكل يقلل من الأخطار المتمثلة في تحالفات أخرى تدعمها سراً أو علنا دول غربية كبرى. المملكة بهذا النمط الجديد من…
الإثنين ٣١ ديسمبر ٢٠١٨
كررنا وأعدنا وأكدنا القول بأنه لا فائدة من كل النوايا الحسنة مع مليشيات الحوثي التي تغتصب اليمن وتبسط نفوذها عليه بدعم الحرس الثوري الإيراني وفرعه اللبناني عصابة حزب الله، كل المحاولات السابقة للوصول إلى حل سياسي للمشكل اليمني فشلت بسبب عدم التزام الحوثيين؛ لأنهم أساسا لا يريدون حلا سياسيا، أو ـ على الأصح ـ لا يملكون قرار الحل لأنهم يدارون من غيرهم ويُملى عليهم ما يفعلون ليكونوا بذلك يمنيين بالاسم والهوية فقط، أما الولاء والتبعية فإنها لخارج اليمن ما يمثل أقبح خيانة لليمن وشعبه وتأريخه العربي العريق. قبل مشاورات أو تفاهمات ستوكهولم أظهر الحوثيون مرة أخرى بوادر المماطلة التي تنبئ بأنها ستنتهي إلى ما انتهت إليه سابقاتها، لكن الأمم المتحدة أصرت على بث جرعة كبيرة وغير عملية من التفاؤل، وكنا نتمنى التفاؤل معها من أجل اليمن، لكن الحوثيين لم يجعلونا نشعر ببارقة أمل جادة. لقد خرقوا الاتفاق في ملف الحديدة بمجرد عودتهم إلى اليمن، ثم قاموا بخدعة مكشوفة فاضحة بتسليم ميناء الحديدة لـ ٤٠٠ من عناصرهم بعد إلباسهم زي الشرطة وخفر السواحل اليمنية، وقد أقر بذلك رئيس بعثة المراقبة الأممية، وقدم وفد الشرعية في اللجنة الأممية احتجاجا رسميا للأمم المتحدة، لنعود بذلك إلى المربع الأول وكأن شيئا لم يكن في السويد. بوضوح وصراحة، سوف يتحول اليمن إلى مشكلة مستعصية يتهدده…