الأحد ٠٩ سبتمبر ٢٠١٨
منذ أن تم اختيار مدينة جنيف لعقد المفاوضات حول مشكلات الدول وأزماتها، خاصة الدول العربية، لم تثمر المفاوضات سوى عن مزيد من التعقيد والتأزيم واستمرار المشكلات محفوفة بأدنى الآمال في إمكانية حلها. جنيف هي اختراع أممي، منظمة الأمم المتحدة أرادت أن توحي للعالم بأن هذه المدينة الهادئة في دولة مسالمة هي تعبير عن تفاؤل المنظمة ونواياها الحسنة بأن يكون السلام هو نهاية أي ملف يتم بحثه فيها، لكن النتائج كانت دائما مأساوية إلا في ما ندر، والنادر لا حكم له. ابحثوا في كل الملفات التي وضعت على طاولات جنيف لتتأكدوا أن خيبة الشعوب ومكاسب أطراف النزاع هي المحصلة، بدءاً بالملفات العتيقة التي علاها غبار الزمن وانتهاء بملف الأزمة اليمنية الذي يراد نقاشه في جنيف، وكل المؤشرات تؤكد إلى الآن أنه لن يبحث، وإذا بحث فإنه سينتهي إلى طريق مسدود. إنها مهزلة كبيرة أن يصل وفد الشرعية إلى مقر المفاوضات وما زالت الميليشيا الحوثية المنقلبة على الشرعية تتمنع عن الوصول وتختلق أعذاراً يعرف المجتمع الدولي كذبها، وتعرف الأمم المتحدة على وجه الخصوص أنها أعذار واهية للدفع بالأزمة اليمنية إلى مزيد من التعقيد. والحقيقة أن المهزلة الأكبر هي في دخول الميليشيا أساسا كطرف في المفاوضات لأن ذلك يناقض قرارات الأمم المتحدة بشأن الأزمة اليمنية، وتحديدا القرار 2216 الذي لم ينفذ أي من…
الخميس ٠٦ سبتمبر ٢٠١٨
المتوقع أن تبدأ حملة إعلامية جديدة على المملكة وقوانينها وقضائها بعد تقديم أحد رموز المحتجزين على ذمة قضايا تمس أمن الوطن إلى المحاكمة، وتقديم لائحة الاتهام الموجهة ضده من قبل الادعاء العام، وبالطبع ستقود هذه الحملة الجوقة المعروفة للجميع، وستكون منابرهم الصحف والقنوات التابعة لجبهة العداء للمملكة وبعض التي تم شراء ذممها ومهنيتها التي وجدت أساسا للبيع، وبالتأكيد سنطالع مقالاً «خاشقجياً» في الواشنطن بوست يرثي حال حقوق الإنسان وحرية التعبير ونزاهة القضاء في المملكة، وينذر بالويل والثبور وعظائم الأمور، وبالطبع سوف تترجم صحف إسطنبول والدوحة وطهران وسراديب حسن نصر الله والحوثي مثل هذه المقالات لتقول للعالم إن المملكة تحولت إلى سجن كبير، كما يردد «الخائف على وطنه، المؤتمر بأمر الخليفة، ومايسترو العزف النشاز ضد المملكة، جمال الدين الخاشقجي الأردوغاني الحمديني، والشبل الجديد الذي أصبح زميله في الواشنطن بوست». طبعاً سيغفل كل هؤلاء أن المحاكمة توفرت لها كل الاشتراطات القانونية الخاصة بحقوق المتهمين، وسيتعمدون عدم الإشارة أبدا إلى أن التهم في غاية الخطورة لأنها تتعلق بالتآمر على الأمن الوطني والدولة والمجتمع والسلم الاجتماعي، وبالتأكيد لن يذكروا ما تم ذكره رسمياً هنا بأن المحاكمة سوف تستوفي كل مراحلها ودرجاتها وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وإذا ثبتت من خلال القضاء المستقل فالعقوبة تكون وفق الأنظمة والقوانين. لم يعد هناك من شغل شاغل…
الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٨
الغريب هو أن نستغرب من الباقعة التي قالها صنم الإخوان وشيخ الإرهابيين يوسف القرضاوي بخصوص الحج، وأنه «ليس لله تعالى حاجة فيه» أي أنه بالإمكان تعطيل الركن الخامس من أركان الإسلام، وقياسا على ذلك فإنه ليس لله حاجة ببقية الأركان الأربعة بحسب النظرية القرضاوية التي أراد أن يقابل الله بها خاسئاً مغضوباً عليه رغم أنه يقترب من قرن في عمره. أقول لماذا العجب والاستغراب من شيخ حربائي متلون قال عنه سيده تميم ذات مرة إن باستطاعته أن يجعله «يتحزّم ويرقص» لو أراد، ولم يقل تميم ذلك إلا لأنه يعرف وضاعة من يتحدث عنه ورخصه وانعدام المبادئ لديه، ويعرف أن القرضاوي سيعرف عما قاله ولن ينبس ببنت شفة لأن هذه حقيقته وعليه أن يقوم بأي دور يؤمر به طالما يقبض ثمنه. القرضاوي بإمكانه ـ دينياً ـ أن يجلجل في منبر الجمعة، وبإمكانه ـ سياسياً ـ أن يرقص على حبة ونص عندما يُطلب منه، فلم العجب عندما يطلب منه نظام الحمدين أن ينسف ركناً من أركان الإسلام بسبب خلاف المملكة مع هذا النظام الموبوء بكل العاهات الأخلاقية. لقد كذب علينا القرضاوي كثيراً، أعني المملكة وطننا، أساء غير مرة بكلام بذيء وتطاول على ملوكنا وعلمائنا وعلى كل شعب المملكة، واعتذر كاذبا وسُمح له بعد كل ذلك بزيارة المملكة انطلاقاً من شيمة إعطاء الفرصة…
الأربعاء ٠١ أغسطس ٢٠١٨
من المشاريع الوطنية التاريخية الضخمة التي تم إطلاقها مشروع «نيوم»، ضمن حزمة مشاريع نوعية غير مسبوقة في المنطقة العربية، وهنا نود الإشارة إلى بعض ما علق به بعض العرب الذين لولا المملكة ما صمدت بلدانهم طويلا كدول ولا استقرت كشعوب، ولا استطاعت تجاوز أزماتها المتتابعة التي صنعتها أيديهم قبل أن يصنعها الغير. لقد امتزج قولهم بالسخرية والحسد والغيرة، فقالوا إنما هي مشاريع فانتازية يراد بها إلهاء الشعب ولن يكون لها وجود، وأنها مجرد غطاء لتسليم ثروة الوطن إلى دول أخرى تحت غطاء شركات لن تفعل شيئا، مجرد عقود وهمية على الورق، وقالوا إن الشعب السعودي يحتاج سنوات ضوئية لكي يستوعب مثل هذه المشاريع العملاقة المختلفة، وبالتالي لن يكون بحال من الأحوال قادرا على استيعابها في هذا الوقت. ذلك وأكثر منه قيل للأسف، وروج له بعض الإعلام المرتزق المعروف مَن وراءه، وبينما هم يمارسون الكلام الأصفر كانت المملكة تمارس الفعل السريع القوي المدروس، تم تحديد الرؤية الواضحة لمشروع نيوم وبرنامج وفريق العمل والإطار الزمني. قبل أيام قليلة وبينما كنا في زيارة لجامعة كاوست وخلال عرض كان يقدمه المهندس نظمي النصر رئيس الجامعة، جاءه اتصال من الديوان الملكي فغادر على الفور، كنا نعرف أنه قد تم تعيينه رئيسا تنفيذيا لمشروع نيوم كواحد من الكفاءات الوطنية المتميزة الخلاقة، وكنا نعرف أن الملك سلمان…
الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٨
منذ وقت طويل وأنا أتأمل باستغراب أسلوب تشجير الشوارع في المملكة، في كل مناطقها تقريبا، لكني كنت أخشى التعليق على هذا الوضع لأن المسألة فيها «نخلة»، وأخشى أن يبادر المدرعمون بالمزايدة على الوطنية عندما أتحدث عن وضع النخلة في غير موضعها المناسب بسبب وجودها في الشعار الرسمي للدولة، بل إن الخشية قد تكون ممن لا يترددون في إضافة هالة من القدسية وإضفاء بعد ديني عليها نتيجة تخريجات خاصة بهم. لست متخصصا في علم النبات أو التشجير أو البيئة، لكن الأمر لا يحتاج الى تخصص وإنما إلى مشاهدة فقط، فعندما نشاهد مئات من أشجار النخيل اليابسة المنحنية المغروسة قسراً في طريق طويل في منطقة حارة ورطبة كمنطقة جازان مثلا، لا بد أن يتساءل المشاهد ما هو سبب الإصرار على ذلك، ولماذا لا يتم اختيار أشجار أخرى مناسبة لطبيعة المكان وتحقق الفائدة المرجوة منها. الآن هناك طرح واسع في موقع تويتر من متخصصين في البيئة وتخطيط المدن والعلوم الزراعية وغيرهم من ذوي العلاقة، وكلهم يكادون يجمعون أن الإصرار على زرع النخيل في شوارع المدن يكاد يكون عبثاً وهدراً للمال دون تحقيق فائدة جمالية أو تلطيف الجو وخفض درجة الحرارة. يقول أحد المختصين إن الأشجار تخفض الحرارة بين 7 و15 درجة وفقا لدرجة تعامد الأشعة، لكن النخيل لا تحقق ذلك، ويضيف من مشاهداته…
الخميس ١٢ يوليو ٢٠١٨
خبر صغير نشره المهتمون بالفن في تويتر يقول إن الفرقة الموسيقية الوطنية بدأت بروفاتها بقيادة الفنان عبدالرب إدريس لإحياء أولى حفلاتها في سوق عكاظ، لكنه من ناحية السياق الثقافي والمسار الاجتماعي يمكن اعتباره خبراً كبيراً ومهماً وله دلالة تتجاوز كونه خبراً فنياً فقط. سأعود للخبر بعد العودة إلى ذكريات قديمة مرتبطة به. في بداية الثمانينات كنا نسكن في إحدى عمارات الإسكان الجامعي في الرياض بجوار مقر جمعية الثقافة والفنون، كنا نشاهد الموسيقار طارق عبدالحكيم، رحمه الله، وهو يشرف مع فريقه على تدريب عدد كبير من الشباب العزف على الآلات الموسيقية، كانوا يتدربون بشغف وكان مشهداً بصرياً وسماعياً رائعاً ونحن نتابع ونستمتع بالموسيقى والجو العام للمكان، لكن حدث ما حدث وتوقف ذلك النشاط الجميل، ثم تلاه الخريف الطويل الذي تساقطت فيه كل أوراق وأزهار البهجة. وعندما بدأت الحفلات الفنية تعود بخجل وتحفظ في نطاق محدود بعد وقت طويل من الغياب لم يكن ثمة خيار غير الاستعانة بفرق موسيقية من الخارج، لأنه لا يوجد جيل جديد من الموسيقيين بسبب مصادرة الفن بكل جوانبه وإدخاله حيز المحرم، الفنان سعودي والجمهور سعودي والفرقة من الخارج. منذ سنوات قريبة وأنا أتابع عن كثب شاباً مهووساً بالموسيقى يحاول دون كلل إقناع المسؤولين في وزارة الإعلام بضرورة إنشاء فرقة موسيقية وطنية. كان الفنان «حسن خيرات» لا يرى…
الأحد ٠٨ يوليو ٢٠١٨
وافق مجلس الشورى على منح وزير الصحة صلاحية التمديد للأطباء الاستشاريين إلى سن الـ70 بـ5 شروط نتفق على موضوعيتها عدا شرط واحد هو أقرب إلى الطرفة، وهو: ألا يكون هناك (تكدس) في نفس التخصص من أطباء آخرين في نفس الجهة، أي أن الوزارة تفترض أو تتوقع حدوث تكدس للأطباء الاستشاريين في يوم ما، أو كأن هذا التكدس الافتراضي لأحد التخصصات في جهة ما لا يعني الحاجة الشديدة له في جهة أخرى، أو كأنها لا تعرف أن لديها الآن 7038 وظيفة استشاري معتمدة لا يشغلها سوى 3783 استشاريا بنسبة 46%، عدد السعوديين فيهم 2728 فقط، وأن نسبة الأطباء السعوديين عموما في مرافقها لا يزيد على 33%، وأن الزيادة السكانية تتطلب زيادة مستمرة للأطباء من كل الفئات. عموماً، لا ندري ما هي الحيثيات التي تجعل وزارة الصحة تثق أن الطبيب الاستشاري سوف يستمر معها إلى عمر الـ70، بل وسوف يحرص على طلب التمديد بعد السن النظامية كل عام بإجراءات إدارية بيروقراطية طويلة لا تليق بمستواه وخدمته الطويلة في الوزارة. كثير من الاستشاريين يتسربون من الوزارة قبل سن التقاعد النظامية في الـ60 لأسباب كثيرة، أهمها وضعه المادي غير المناسب، لأن الراتب الأساسي للاستشاري ـ وكل فئات الأطباء ـ مخجل وبائس، وما يرفعه قليلا هو البدلات الأساسية كبدل التفرغ وبدل الندرة مؤخرا، أما بقية…
الخميس ٠٥ يوليو ٢٠١٨
أصبح مشروع رؤية المملكة 2030 بمكوناته وبرامجه وتوجهاته حلماً جميلاً ينتظر المجتمع السعودي ترجمته إلى حقائق ملموسة في الواقع، لقد بدأنا بالفعل وبدأنا بداية مشجعة تبعث على كثير من التفاؤل، هناك خطط تحولية ضخمة وتغيير جذري في التصورات المستقبلية، هناك طموح نظري كبير تجسده البرامج التي تتضمنها الرؤية، لكن في النهاية كل ذلك يعتمد بشكل أساسي على الكوادر التي تنفذ هذا المشروع، الذي يمثل نقلة مستقبلية في كل شيء. لدينا الكثير الكثير من الكفاءات الوطنية التي تتوفر على تفكير مستقبلي ومهارات عالية وتأهيل رائع، استطاعت التماهي السريع مع فلسفة الرؤية وأهدافها وآلياتها التنفيذية وبإمكانها ترجمتها بجدارة إلى واقع، هذه الكفاءات تبدع وتعمل دون ضجيج، تسعى بنفسها لتقييم أدائها من خلال الآخرين، تبحث عن أي إضافة إيجابية وترحب ترحيبا كبيراً بالملاحظات البناءة والنقد الهادف، لكن في المقابل لدينا كوادر ما زالت غارقة في ركود الماضي فكراً وأداءً ونظرةً لمفهوم المسؤولية العامة، كوادر علاها التكلس وتريد أن تعمل بنفس المفاهيم التي عفا عليها الزمن، تفتقر إلى القدرة على الابتكار والتجديد والبحث عن الجديد. مثل هذه الكوادر سوف تكون معطلة للمرحلة إذا لم يتم التخلص منها، سوف تهدر الوقت والمال وتسبب المتاعب للطامحين من الذين يعملون بمقتضيات الحاضر والمستقبل. بقاء هؤلاء ضار بالوطن وأحلامه وتطلعاته، لذلك من الواجب إعادة صياغة معايير الكفاءة لتسنم…
الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٨
كلهم قلوبهم على الوضع الإنساني في اليمن، لكن قلوبهم وعقولهم لا يهمها مستقبل اليمن، الذي يمكن أن يحل به دمار فظيع يطال إنسانه وأرضه إذا ما تمكنت منه واستمرت ميليشيا الحوثيين كأداة تنفذ مخطط تفتيت اليمن. كلهم، من الأمم المتحدة ومجلس أمنها، إلى المنظمات الحقوقية والإنسانية المسيسة التي تعمل خلف الستار كقوة ناعمة لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، إلى العواصم الكبرى لما يسمى بالمجتمع الدولي، كلهم لا يريدون أن تحدث مأساة إنسانية بسبب تحرير الحديدة، لكنهم يتناسون أن المأساة قد وقعت وتأزمت منذ استولى الحوثيون على اليمن، وعلى الحديدة ومينائها بالذات الذي تم تسخيره لدخول السلاح الإيراني ونهب المساعدات الإنسانية والتنكيل بالشعب اليمني. من جمال بن عمر إلى إسماعيل ولد الشيخ إلى مارتن غريفيث واللعب الأممي بمصير اليمن مستمر، أو بالأصح المؤامرة عليه مستمرة بتمييع محاولات انتشاله من براثن الحوثيين والتمدد الإيراني للسيطرة على مستقبله الذي سيكون وخيماً لو تم ذلك. الآن وبعد بشائر تحرير الحديدة كهدف إستراتيجي مهم يقدم السيد غريفيث خطة (لإنهاء الحرب في اليمن، تتضمن «تسوية» للوضع في الحديدة وإطار عمل لمعاودة المسار السياسي تتضمن 25 بنداً تستند إلى القرارات الدولية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني). والسؤال للسيد غريفيث ومنظمته ومجلس أمنه أليس هذا ما يطالب به المخلصون لتخليص اليمن من أزمته، وأن هذا ما…
الإثنين ٠٤ يونيو ٢٠١٨
الكائنات الثقافية مزعجة، لا تمل ولا تكل من المطالبة بمظلة تلم شمل الثقافة بكل أجناسها وأشكالها، ربما لأن هذه الكائنات لا تحسن شيئا في الحياة غير الاشتغال بالثقافة، ولأنها تؤمن إيمانا تاماً بأن الثقافة هوية وحاجة إنسانية وجواز سفر لأي مجتمع يريد تقديم حقيقته للعالم، وأن الثقافة ذاكرة تأريخية للشعوب يستمر النقش عليها على مدى التأريخ، تعود إليها الأجيال لتنهل منها وتبحث فيها وتتزود من مخزونها، تباهي بها بين الأمم وتقدمها بفخر كدلالة على رقيها وإنسانيتها. استمر المثقفون يشاهدون كل المجالات الأخرى تنمو مؤسساتيا وتلقى الدعم الكبير ما عدا مجال الثقافة وكأنها شأن ثانوي وترف لا لزوم، تم إنشاء أندية أدبية وجمعيات ثقافة وفنون بدعم مادي مخجل، من أجل رفع العتب لا أكثر، واستمرت كيانات قاصرة محدودة الجدوى والتأثير. وها هو صباح السبت ١٧ رمضان يأتي بوزارة للثقافة في مقدمة الأوامر الملكية ليتوج صبر الثقافة والمثقفين في الوطن، ونعني بهم المثقفين الحقيقيين الذين يعون ويفهمون أهمية الثقافة واشتغلوا وانشغلوا بها بوعي ولم يتوقفوا عن المطالبة رغم الخيبات المتوالية، وليس الذين حُسبوا عليها باطلاً وهم أبعد الناس عنها. جاء الأمر الملكي بفك الاشتباك والتوأمة غير الطبيعية بين الإعلام والثقافة التي لم تكن سوى نتوء مشوه في هيكل الوزارة ودودة زائدة في جسدها، لتتحول بالأمر الملكي إلى كيان وكائن مستقل أزيلت عنه…
الأربعاء ٢٣ مايو ٢٠١٨
أن تكتب عن شخصية متميزة من وطنك احتلت مكانة عالمية بارزة فأنت تكتب عن وطنك ممثلا بتلك الشخصية، ومثلما تستحق تلك الشخصية التقدير والإعجاب لقدراتها ومواهبها وإنجازاتها التي جعلتها جديرة بتلك المكانة فإنها تستحق أكثر من ذلك عندما تكون تلك الإنجازات من أجل الوطن، وعندما يكون تأثيرها الإيجابي واضحاً وكبيراً على مسيرة الوطن. الكتابة عن اختيار مجلة فوربس العالمية الشهيرة الأمير محمد بن سلمان أحد الشخصيات العشر الأقوى تأثيرا في العالم هي الكتابة عن الوطن من خلاله، الكتابة عن وطن يتجدد بسرعة مذهلة نتيجة عزيمته، عن وطن يسير بثقة وسرعة نحو مستقبل واعد بفضل رؤيته. هناك فرق بين الكتابة المدائحية الغارقة في الإطراء اللامحدود والمتوجهة إلى الشخص ذاته لأسباب شخصية غير وطنية، والكتابة عن الشخص كمكسب وطني استطاع تحقيق مكاسب وطنية ضخمة من خلال معادلة دقيقة وحساسة وضع عناصرها بدقة ومهارة عالية لتحقق توازنا هادئا رغم ضخامة النقلة التي تحققت. من حقي كمواطن أن أفخر بوطني عندما يجمع العالم على اختيار أحد رموزه في مقدمة المؤثرين إيجابيا وفق معايير محددة وليس لمجرد الإعجاب بشخصيته. نحن نرى الكثير يتحقق في الوطن مما كنا نتطلع إليه ونكتب عنه ونتمناه ونظن أننا سنمضي وقتا طويلا قبل أن يتحقق اليسير منه، لكننا خلال وقت قياسي بدأنا نرى ما لا نصدق أحيانا من نقلات متسارعة…
الأربعاء ١٦ مايو ٢٠١٨
منذ بدأ الرئيس دونالد ترمب فترته وهو يسير في خطين متناقضين تماما، خط مكافحة الإرهاب ممثلا في مواجهة التنظيمات الإرهابية مثل داعش ودحرها وكذلك الوقوف ضد الاتفاق النووي مع إيران ثم الخروج منه وترتيب إعادة فرض العقوبات عليها ما يمكن أن يردع إيران عن تبني التنظيمات الإرهابية التي تتبناها وتثير بها الفوضى في منطقتنا، والخط الآخر هو نسف ملف كبير ومهم كخطوة من شأنها إثارة التوتر إلى أقصى مداه في منطقة الشرق الأوسط والمحيط العربي، بتنفيذ قراره نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى مدينة القدس، وهو قرار لم تتخذه أي إدارة أمريكية سابقة، وتم اتخاذه رغم احتجاج الدول العربية المتضامنة بصدق وإخلاص مع القضية الفلسطينية، وما زالت الذاكرة القريبة تستدعي مؤتمر القمة العربية الأخير في المملكة الذي أطلق عليه الملك سلمان قمة القدس. فعلها الرئيس ترمب في يوم حزين سقط فيه عشرات القتلى وآلاف الجرحى المدنيين بالرصاص الإسرائيلي، فعلتها أمريكا ولم تفعلها بقية الدول الغربية حتى التي خرج منها وعد بلفور المشؤوم، والصورة تبدو قاتمة لأن المظاهرات والاحتجاجات الفلسطينية لن تتوقف بينما أمريكا تقدم المسوغات والتبريرات مجانا لإسرائيل، وتقف حتى ضد طلب في الأمم المتحدة لإجراء تحقيق مستقل في المجزرة، وسوف تقف ضد أي تصويت قانوني وإنساني في مجلس الأمن ضد ما حدث، والعجيب أنها بعد كل ما حدث تدعي…