الثلاثاء ٠٦ مارس ٢٠١٨
من المعروف أن مخطط الفوضى كان يستهدف المملكة لو استتب الأمر لتنظيم الإخوان في مصر، فبعد الدولة الأكبر تعدادا سكانيا التي تحتضن مقر التنظيم كانت العين على الدولة الأهم روحياً للمسلمين واقتصاديا على المستوى العربي والإقليمي، والمؤثرة على المستوى العالمي، كان المخطط جاهزاً، ومنفذوه جاهزين، ورعاتهم محيطين بهم عن بعد، لكن انتباه الشعب المصري للكارثة التي كانت ستحيق به، ويقظة المملكة لكل ما يُخطط له ضد البلدين، جعلاها تقف بقوة وسرعة وحزم مع إرادة مصر للتخلص من الخطر العظيم الذي جثم عليها، وتدعمها سياسيا في المحافل والعواصم العالمية الكبرى والمنظمات الدولية، وأيضا تسند اقتصادها بشكل لا محدود ودون قيد أو شرط لكي تستعيد عافيتها واستقرارها وأمنها ومكانتها العربية المهمة. هذا الموقف السعودي الذي تلاه تنسيق وتعاون مستمر وقوي على كل الأصعدة أثار حفيظة التنظيم الإخواني الذي سقط من السلطة لكنه بدأ العمل من خلال كوادره في داخل مصر وخارجها وبرعاية ودعم من رعاة مخطط الفوضى الكبار ووكلائهم الإقليميين، وكانت إستراتيجيتهم التشويش على العلاقة السعودية المصرية بكل الوسائل المتاحة، ولأنه تنظيم غير أخلاقي فإنه لم يتورع عن ممارسة كل أشكال الكذب والتزييف، فبعد زيارة الملك سلمان لمصر وتوقيع اتفاقية الحدود البحرية وإعادة جزيرتي تيران وصنافير اشتغلت ماكينة الإعلام الإخواني لتهييج الشارع المصري ضد الاتفاقية رغم إقرارها من مؤسسات الدولة القانونية والتنفيذية…
السبت ٠٣ مارس ٢٠١٨
بكل بساطة ووضوح وجرأة وأعصاب باردة يقول الرئيس فلاديمير بوتين أمام البرلمان الروسي إن الحرب في سورية أظهرت تطور القدرات العسكرية الروسية، ولمزيد من التوضيح يضيف أن موسكو جربت بنجاح نحو 80 من طرازات الصواريخ المتطورة في سورية، وبذلك فإن العالم كله رأى قدراتنا وبات يعرف أسماء الصواريخ والتقنيات الروسية الأخرى التي نفذت مهمات مهمة، وقال مخاطبا النواب: يجب ألا تكون لديكم شكوك في ذلك، سنواجه أي اعتداء علينا أو على حلفائنا برد فوري. هكذا هي المسألة إذن، تجريب أسلحة متطورة في ساحة مستباحة لتكون النتيجة آلاف الضحايا الأبرياء خصوصا في الأيام الأخيرة التي زادت فيها وتيرة الهمجية العسكرية من كل الأطراف، تتقدمهم روسيا التي كان الأمر بالنسبة لها استعراضا عسكريا وتجربة ميدانية عملية لقوة فتك تلك الأسلحة، من أجل أن تقول لأمريكا نحن موجودون هنا ونستطيع منازلتكم في أي مكان لحماية مصالحنا ومصالح حلفائنا، بغض النظر عن الأرواح التي تُزهق، فنحن وأنتم لا يمثلون بالنسبة لنا أكثر من فئران تجارب في مختبرات عسكرية. هذا هو العالم المتحضر الذي يتحدث عن الحقوق الإنسانية وكرامة العيش والسلم العالمي والأمن والأمان وتجنيب البشرية مخاطر العبث بالأسلحة ونزعها من أيدي المتهورين. هذه هي القوة العالمية الثانية ترد على القوة الأولى التي أذلتها خلال حقبة ماضية وتريد أن تثبت لها أنها استعادت نديتها لها…
الثلاثاء ٢٧ فبراير ٢٠١٨
قبل يومين تم في الرياض تدشين معرض القوات المسلحة لدعم التصنيع المحلي «أفد 2018» تحت شعار «صناعتنا قوتنا» لإبراز ودعم المحتوى المحلي وتوطين الصناعات التكميلية، وتشارك في المعرض دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ودول أخرى، إضافة إلى الشركات العالمية المرتبطة بعقود مع وزارة الدفاع وغيرها من الجهات الأخرى. ربما لا يعرف الكثير عن هذه الفعالية وأنها تمثل الدورة الرابعة للمعرض، قد يكون السبب أنها لا تحظى بتغطية إعلامية تناسب أهميتها، أو لأنها ليست من الفعاليات التي يتوقع الناس عقدها لدينا، وعلى أي حال ربما تجعلنا هذه الفعالية نقول: إن أي دولة تريد أن تضمن حماية نفسها لا بد لها من وجود قوة عسكرية وتسليح متنوع وحديث، وعندما تكون الدولة كالمملكة بأهميتها الاقتصادية ومكانتها السياسية ومساحتها الشاسعة في محيط مضطرب تحفه الأطماع والمخططات الجهنمية المتوالية فإنها أحوج ما تكون لقوة عسكرية ذات كفاءة عالية، وبلا شك فالمملكة لديها هذه القوة ولكنها تعتمد على استيراد السلاح، وتدفع مبالغ ضخمة لصفقات التسليح تستقطع جزءاً مهما من دخلها، فهل يمكن التطلع الى مستقبل تستطيع فيه توطين الاحتياجات الأساسية المهمة لما تحتاجه من أسلحة. قد يبدو هذا السؤال خيالياً أو فانتازياً لمعرفتنا بأن هذه الصناعة تحتكرها دول كبرى وتعتمد عليها كمصدر رئيسي لدخلها، وتحقق من خلالها أهدافها السياسية الإستراتيجية ومصالحها الاقتصادية ونفوذها في ساحات…
الثلاثاء ٢٠ فبراير ٢٠١٨
(يصوت مجلس الشورى اليوم الإثنين (أمس) على مطالبة هيئة الهلال الأحمر بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتبني آلية فعالة للدخول إلى المنشآت النسائية في الحالات الإسعافية الطارئة لضمان تقديم الخدمة الضرورية العاجلة في وقتها). هذا ليس خبراً تداولته مواقع غير موثوقة أو بثته مصادر لا يعتد بها، بل نشرته صحفنا ومنها صحيفتنا «عكاظ»، أي الوسائل الإعلامية المعتبرة التي يستقي منها العالم أخبارنا، وبالتالي يصعب جداً على أي أحد أن يقف في صف نفي الخبر أو اتهام جهة إعلامية مشبوهة بفبركته، ولذلك فهو حتى هذه اللحظة خبر صحيح بكل ما تضمنه، وليته لم يكن كذلك. دعونا نفكك الخبر إلى مكوناته ودلالاته لنكتشف الآتي: لا توجد إلى الآن آلية «فعالة» للدخول إلى المنشآت النسائية في الحالات الإسعافية الطارئة. وإذا ما حدث ذلك فإنه يكون متأخراً بحيث لا تقدم الخدمة الإسعافية في وقتها المناسب. هيئة الهلال الأحمر لم تهتم بهذه الكارثة سوى الآن. وجود جهات أخرى ذات علاقة عند تقديم الإسعافات في اللحظات الفارقة بين الحياة والموت، يمكن أن تعترض على هذه الخدمة أو تعطلها أو تؤخرها. وبعد هذا فإن الموضوع خاضع للتصويت في مجلس الشورى، وكأن هناك من سيعترض على هذه المطالبة، وهذه فضيحة كبيرة ما كان لأحد أن يسمعها. لا أريد أن أستعرض معكم بعض الحوادث المأساوية الموثقة بسبب تأخر تقديم…
الخميس ٢٥ يناير ٢٠١٨
خبر مهم بالنسبة للمملكة وللمجتمع الدولي، خصوصا في هذه الفترة، ونعني به تبرئة المملكة بشكل نهائي من الاتهامات الموجهة لها بالضلوع في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تناقلت وكالات الأنباء الخبر بعد قرار محكمة مانهاتن في نيويورك وبعد سنوات من الأخذ والرد، ولو كانت المحكمة الأمريكية قد وجدت لو حتى شبهة بعيدة على المملكة لكانت استغلتها أسوأ استغلال ووظفتها بكل الطرق الممكنة لتشويه سمعة المملكة وإثارة اللغط حولها، لا سيما وهناك لوبي إعلامي يوجهه لوبي سياسي لاستهدافنا من حين لآخر بحسب تقلبات الطقس السياسي وما يتعلق به من مصالح. وبودنا أن نخاطب الإدارة الأمريكية بمناسبة هذا الحدث لنقول أنها تعرف جيداً أن المملكة لم تكن في يوم ضالعة في أي شكل من أشكال التضامن مع الإرهاب أو توظيفه لأي هدف، لأنها أشد دولة رفضاً ومحاربةً له، وبعدما اكتوت بناره ـ لأهداف تكشفت الآن ـ جندت كل إمكاناتها لمحاصرته ووأده في جحوره بشكل استباقي، حتى أصبحت خبرتها مرجعية للدول الأخرى، ومنها أمريكا التي اعترف مسؤولوها بأن معلومات المملكة ساعدتهم في كشف كثير من المخططات الإرهابية. وأيضاً في هذه المناسبة بودنا مخاطبة أمريكا ومعها المجتمع الدولي لنقول لهم إذا كنتم فعلا تريدون العالم يعيش بسلام، وخصوصا منطقتنا الملتهبة، فالإرهابيون الحقيقيون أمام أعينكم يمارسون الإرهاب الحقيقي بعلانية ووقاحة وصلف، ويحاولون بإصرار إشعال الحرائق…
الثلاثاء ٢٣ يناير ٢٠١٨
قبل يومين نشرت الصحف أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ألزمت الشركات المزودة لخدمة الإنترنت بتصحيح مخالفات رصدتها في بعض الباقات والعروض الترويجية، كما أحالت بعضها للجنة النظر في المخالفات. هذا الخبر يمكن اعتباره فاتحة خير في علاقة شركات الاتصالات عموما بعملائها، وهي علاقة استمرت منذ بدايتها لصالح طرف واحد فقط هو الشركات، بينما العميل لا حول له ولا قوة، رغم وجود وزارة للاتصالات بقضها وقضيضها، أضيفت لها لاحقا هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ورغم وجود هذين الجهازين الحكوميين، إلا أن الشركات تفعل ما يحلو لها وما على العميل سوى الاستسلام للأمر الواقع. حكايتنا مع شركات الاتصالات، وفي مقدمتها شركتنا الرئيسية حكاية مزعجة من نواح عديدة، فلو تحدثنا عن أسعارها سنجدها من الأكثر ارتفاعا في محيطنا، بل هي أغلى من كثير من الدول المعروفة بارتفاع أسعار خدماتها وضرائبها في كل شيء، ولو بحثنا في «تويتر» مثلا، سنجد مقارنات كثيرة موثقة بين أسعارنا والآخرين وضعها عدد كبير من المغردين، كلها ليست لصالح شركاتنا، وهنا نحن نتحدث عن مكالمات الهاتف الجوال وخدمة الإنترنت، أما عن جودة خدمة الإنترنت فواقع الحال خير شاهد على مستواها السيئ في كثير من المدن وكثير من الأوقات، ما يجعل تقييمها على وجه العموم في أدنى درجات الجودة عند مقارنتها بدول صغيرة ومحدودة الإمكانات، إضافة إلى ذلك فإن ممارسات التحايل…
الأربعاء ١٧ يناير ٢٠١٨
قبل فترة ليست بعيدة وخلال زيارة لمشروع اقتصادي ضخم في إحدى مناطق المملكة شاهدنا في الطريق مشروعا سكنيا حكوميا جميلا في إحدى المحافظات على مساحة كبيرة، وبالسؤال عنه اتضح أنه غير مسكون منذ إنجازه وقد بدأ يعتريه العطب، إذ لم تستطع وزارة الإسكان آنذاك والتي استلمت مسؤولية تخصيصه البت في أمره، وقبل أشهر قليلة جاء الحديث عن ذلك المشروع فعلمت بشكل مؤكد أنه تم توزيع وحداته بالكامل بعد صيانتها وإعادتها إلى حالتها الجيدة الأولى. هنا نتذكر المقولة التي ارتبطت سلباً في السابق بوزارة الإسكان أنه «مشكلة فكر» لنقول الآن إن المشكلة بالفعل كذلك، لكنها كانت مشكلة الوزارة وليس المواطن، بدليل أنه عندما تغير فكر الوزارة في مرحلتها الجديدة بدأت مشكلة الإسكان تمضي سريعا في طريق الحلول. لقد وضعت الدولة قضية السكن في أولوية اهتماماتها، وأشارت إليه بالتحديد في إعلان الميزانية الجديدة ودعمته ماليا بشكل كبير، ولكننا لم نكن لنستبشر لو أننا لم نشاهد التحرك العملي وليس التنظيري لوزارة الإسكان، التي يمكن اعتبارها من الوزارات القليلة التي تلتزم بتوجيهات الدولة بضرورة الإفصاح والشفافية والإعلان الدوري عن أدائها ومنجزاتها. ربما تكون وزارة الإسكان هي الوزارة الأولى التي تعلن عن برنامجها الجديد فور إعلان ميزانية 2018، فقد أوضحت قبل يومين في مؤتمر صحفي عن إطلاق برنامج (سكني 2018) بل وأطلقت الدفعة الأولى منه…
الثلاثاء ١٦ يناير ٢٠١٨
دائما ينتصب السؤال المهم منذ إعلان الرؤية الوطنية الجديدة: هل ستكون الكوادر التنفيذية لها على وعي جيد بطبيعة اشتراطاتها واحتياجاتها، وقادرة على النهوض بواجباتها ومسؤولياتها، وبشكل مختلف تماما عن فكر الماضي الذي لا يناسب أبداً هذه الرؤية، بل يعطلها ويشوهها وربما يفرغها من أهدافها. هذا السؤال لا يوجب الحساسية، بل هو ضروري جدا، وقد تم طرحه بوضوح شديد على مهندس الرؤية الأمير محمد بن سلمان في أكثر من مناسبة ورحب به وشدد على موضوعيته وأهميته لنجاح الانتقال إلى المستقبل. من أهم العناصر اللازم توفرها لدى أي مسؤول في وقتنا الحاضر الاستيعاب الجيد لدور المجتمع في هذا المخاض التاريخي الذي نعيشه، لأن الرؤية في النهاية للمجتمع وللوطن، والدور النقدي الحتمي الذي يجب أن ينهض به المجتمع عبر كل مؤسساته، وفي مقدمتها الإعلام هو ركيزة أساسية لفحص كل خطوة تخطوها مؤسسات الدولة في طريق الرؤية، وهذا النقد يحتم على كل مسؤول الترحيب به، لأنه يساعده على المراجعة وفحص طبيعة الأداء لرفع جودة النتائج، وليس التذمر منه وتفسيره وفق المفاهيم القديمة التي كان يستخدمها مسؤولو الماضي. الإكليشة القديمة الصدئة التي كان يستخدمها بعض المسؤولين في مواجهة النقد، مثل: التقليل من جهود العاملين، استهداف متعمد، تشويه للمنجزات، استنقاص جهود الدولة، الإساءة لسمعة الوطن، التركيز على السلبيات والتغاضي عن الإيجابيات، وبقية العبارات الأخرى من هذه…
الثلاثاء ٠٩ يناير ٢٠١٨
هناك فرق بين الحوار مع الدولة بشأن أي قرارات تصدرها تمس حياة المواطن، انطلاقا من المسؤولية الوطنية والمشاركة بالرأي توخيا للصالح العام، وبين الاعتراض لمجرد الاعتراض أو لمقاصد غير نزيهة، كما يفعل المندسون الذين يفخخون عباراتهم بغية إشاعة التوتر والتذمر وتأزيم علاقة المواطن بالدولة. الذين يدعون ويشيعون أن النقاش محظور في هذا الشأن وأن حرية الحوار مع الدولة في أي أمر هبطت إلى مستوى متدن، غير صادقين ولا ملتزمين بأمانة قول الحقيقة، فالقضية هي أي حوار يقصدونه وأي حرية رأي يعنونها، هنا يكمن الفرق بين الخطاب المتزن العقلاني المخلص الذي يبدي ملاحظاته وآراءه، بل وحتى اعتراضه من وجهة النظر التي يراها ويتوخى منها صادقا مصلحة المجتمع والوطن، ويناقش صاحب القرار وهو يحترم شرعيته وصلاحياته ومكانته وحقوقه، وبين من يوظف الأحداث لإطلاق خطاب مشبوه لا يقصد منه الإدلاء برأي صادق نزيه يخدم القضية المطروحة وإنما للتعبير المبطن عن اعتراضه على أساسيات وثوابت تتعلق بالدولة ومؤسسة الحكم بخلط الأوراق والجنوح إلى شؤون أخرى ملتبسة، والهدف من ذلك إثارة البلبلة واللغط وتسميم عقول البسطاء بأفكار ضارة، إما نتيجة جهل مستفحل أو خبث شديد من أجل أهداف ضارة بالوطن. البعض الذين يروجون في وسائل إعلام خارجية أو عبر مواقع التواصل أنه تم منع الكتّاب من نقاش القرارات المتعلقة بالإصلاحات والمعالجات الاقتصادية منذ بدايتها انتهاء…
الإثنين ٠٨ يناير ٢٠١٨
كثيرة هي الأمور التي لم يكن أحد يتوقع الحديث عنها فضلاً عن تنفيذها، إذ تم منذ بداية عهد الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان منذ كان ولي ولي العهد، فتح ملفات لم يسبق فتحها، ظن الكثير أنها ستستمر كما هي ولا يمكن لأحد المطالبة أو حتى الإشارة إلى مراجعتها. في مقابلة مع الأمير محمد عام 2016 قال إن الإجراءات التي ستتخذها الدولة ستطبق على الجميع دون استثناء، وأراد محاوره الأستاذ تركي الدخيل توضيح الأمور أكثر والتأكد مما يعنيه الأمير، فسأله هل ستطبق على الأمراء والوزراء، وألا سيغضبهم ذلك، فكان جوابه نعم ستطبق على الكل، ومن يغضب سوف يصطدم مع الشارع، وكانت هذه العبارة الأخيرة من أهم العبارات التي قيلت في تأريخنا السياسي الحديث. نعم أصبح للشارع صوت مهم، ونعني به الصوت العاقل المتزن الحريص على وطن يستظل بالعدل والمساواة بين الجميع، فلا يعيش أحد في برج عاجي دون مجهود بذله سوى أنه ينتمي إلى فئة معينة، ولا يتمتع أحد بمزايا كبيرة ومجانية بسبب ذلك بينما الآخرون يتعبون ويعانون في تحقيق أبسط الضرورات الحياتية. وعندما تم رفع سعر الوقود والكهرباء والماء كان المواطن يعرف أن الكثير لا يدفعون فواتيرها، وكذلك المحسوبون عليهم، وغيرهم من المسؤولين الكبار. هنا كان الاختبار الحقيقي لصدق وعد الأمير محمد بأن القرارات ستطبق على الجميع. يوم السبت…
الأربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٧
أخيراً أكدت الدولة ما كان يتوقع المجتمع حدوثه بين يوم وآخر، السماح بفتح دور السينما، إذ لا يعقل أن تتم كل تلك الخطوات التصحيحية أو التطبيعية مع الحياة وتتأخر خطوة كانت في الأساس موجودة وتمت مصادرتها عنوة ضمن حزمة كبيرة من طبيعيات الحياة. المسألة الآن ليست فتح دور للسينما فقط، أو إعلان أنها ستوفر عددا كبيرا من الوظائف ومليارات من المال الذي ستدره شبابيك التذاكر في مئات الدور، هناك جوانب أهم بكثير من ذلك، فعرض الأفلام سيكون مسألة جدلية بين ما هو مسموح وممنوع، وربما يحدث في البداية ما كان يحدث في معرض الكتاب عند بدايته عندما كان يشهد خلافا شديدا حول بعض الكتب، أحيانا من اسم العنوان فقط، وأحيانا دون أي سبب، فقط لمجرد توصية من أحدهم تجعل شبيبة الاحتساب يقتحمون أحد الأجنحة وإحداث الفوضى. ولكي نتفادى حدوث بعض المهازل في دور السينما لا بد من وجود جهة مخولة بشكل رسمي لتنظيم هذا الأمر بعيدا عن الاجتهادات الشخصية المبنية على قناعات شخصية ضيقة. الجانب الآخر أن السينما أصبحت صناعة متقدمة في جانبها المالي ووجهها الحضاري، فقد أصبحت مصدر دخل هائل لبعض الدول من خلال الإنتاج والمهرجانات السينمائية، وأيضا شكلت رسالة لكثير من المجتمعات نقلت حضارتهم وثقافتهم وفنونهم وتأريخهم وآدابهم، لقد أصبحت السينما قوة ناعمة هائلة، ولدينا من الكفاءات عدد…
الأربعاء ١٥ نوفمبر ٢٠١٧
عندما أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديثه بمنتدى مستقبل الاستثمار في الرياض أننا لن نعيش في حقبة التشدد والتطرف التي بدأت أواخر سبعينات القرن الماضي وأننا عازمون على التمسك بديننا الوسطي الذي يحثنا على الاعتدال والتسامح والتعايش مع بقية الأديان والثقافات والحضارات والشعوب والمجتمعات، عندما قال ذلك لم نتوقع أيضا أن يأتي الدليل العملي بهذه السرعة ليؤكد أن الدولة أصبحت بالفعل تسبق توقعاتنا بخطواتها المتسارعة في كل المجالات. ما أعنيه هنا هو وصول البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الكنيسة المارونية في لبنان والشرق، يوم قبل أمس إلى الرياض بدعوة من خادم الحرمين الشريفين، في زيارة وصفها مكتب البطريرك بأنها تأريخية وتأتي بدعوة من ملك الحوار والاعتدال، وقال البطريرك الراعي بعد وصوله إنه طالما تمنى زيارة المملكة التي لم ير منها لبنان واللبنانيون إلا الخير. هنا تجب الإشارة إلى أن الدعوة للتعايش مع أصحاب الأديان والثقافات الأخرى كانت مشروعا سعوديا منذ فترة ماضية، أي بعد إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ومركز حوار الأديان والثقافات، وبالفعل كانت هناك توجهات رسمية مخلصة وجادة للمضي في هذا المشروع الإنساني، لكن ذلك لم يتحقق بالشكل المؤمل لأن الممانعة والتعطيل والالتفاف كانت حاضرة من جناح التشدد الذي كان مهيمنا وقادرا على تشكيل وتوجيه كتلة كبيرة من المجتمع بخطاب له خبرة فيه…