الأحد ١٢ نوفمبر ٢٠١٧
آخر ما كنا نأمله هو أن نرى الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلاً السفير القطري في ذروة أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري والتوتر الشديد في العلاقات السعودية اللبنانية على خلفية عربدة حزب الله، واشتراكه في استهداف المملكة بالصواريخ الباليستية عبر الدعم اللوجستي والتدريب للحوثيين. ربما يظهر أحد المزايدين ليقول إن قطر تظل دولة عربية لها تمثيل دبلوماسي في لبنان ولا ضير في مقابلة سفيرها لرئيس الجمهورية، ولهذا نقول لم تكن المقابلة لعرض وساطة لنزع فتيل الأزمة وإنما لتأكيد الدعم القطري لحزب الله وما يسمونه المقاومة اللبنانية، والصمود أمام ما وصفته خلايا عزمي الاستهداف السعودي للبنان. وبالتأكيد كنا نتوقع دخول قطر على خط الأزمة لتسريع تفجيرها، لكن الخطأ الأكبر يقع على الرئيس عون باستقباله سفير دولة داعمة للإرهاب وتأزيم الأوضاع في المنطقة، والسماح له بتصريحات مستفزة لدعم الطرف الأساسي للمشكلة اللبنانية. التعاطي الرسمي اللبناني مع الأزمة الخطيرة في علاقاته بالمملكة لا يشير إلى الرغبة الجادة في احتوائها، وإنما يشير إلى تصعيدها بإلقاء تهمة غير منطقية على المملكة، تزعم احتجازها الرئيس سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، وكأنها لا تعرف الأعراف الدبلوماسية، أو كأنها تشبه إيران، الدولة الأساس في كل أزمات المنطقة، التي تتعامل مع الدبلوماسيين وممثليات الدول بهمجية وبدائية متناهية، بالتعدي والاحتجاز والتخريب. التحالف بين الرئاسة اللبنانية بالذات ممثلة في التيار العوني…
الثلاثاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٧
تداولت مواقع التواصل أخيراً مقطعاً من خطبة الجمعة لأحد الأئمة الأفاضل، الذي يعيش عصره ويتلمس مشكلاته ويخاطب الناس من واقع حياتهم المعاشة لا حياة غيرهم في القرون الغابرة. تحدث الإمام جزاه الله خيراً عن الإفساد في الأرض من ناحية العبث بالبيئة وتلويثها، ضارباً مثلا بالمتنزهين في الحدائق والمتنزهات المرتادة خارج المدن، الذين يتركون مخلفاتهم تشوه المكان أو يعتدون على البيئة بقطع الأشجار والعبث بالحياة الفطرية النباتية وغير ذلك من الممارسات السيئة، داعياً الناس إلى احترام الأنظمة والامتثال لها والظهور بمظهر حضاري في تعاملهم مع بيئة الأماكن التي يرتادونها. الحقيقة أن مثل هذه الخطبة مفاجأة كبيرة لأنها تمثل خروجا على السائد الذي اعتدناه لزمن طويل، وهو الابتعاد كثيراً عن مشكلات الواقع وقضاياه، ومناقشتها من منطلق تعاليم الإسلام وإرشاداته التي تشمل كل جوانب الحياة، فقد اعتادت معظم المنابر على الاستغراق في الماضي السحيق بخصائصه المختلفة عن عصرنا، أو التطرق لشؤون هامشية لا تقدم ولا تؤخر، أو الخوض في قضايا سياسية تحت عباءة الوعظ الديني، وكل ذلك بعيد عن مقاصد خطبة الجمعة. لدينا الآن مئات القضايا والشؤون المرتبطة بصلب حياة المجتمع، قضايا دينية واجتماعية وثقافية وتربوية وسلوكية وتعليمية، ليس المطلوب أن يتم حلها في منبر الجمعة، ولكن يستحسن التنويه عن وجودها ورفع مستوى وعي المجتمع بأهميتها ودعوة المتخصصين إلى الاهتمام بها. وهناك أمور…
الأحد ٠٨ أكتوبر ٢٠١٧
مع انتهاء زيارة الملك سلمان لروسيا يمكن القول وبثقة تامة ودون مبالغة إن وصفها بالتاريخية هو الوصف الحقيقي لها، وهذا ليس انطباع الآخرين الذين راقبوا الزيارة من خارج روسيا أو الإعلام السعودي أو أعضاء الوفد الضخم المرافق، وإنما انطباع كل وسائل الإعلام الروسية المقروءة والمسموعة والمرئية بمختلف توجهاتها، حيث لم تجد تعبيراً مناسباً ينطبق على الزيارة سوى أنها تاريخية بالفعل، ولربما لم توصف زيارة قبلها بهذا الوصف عبر تاريخ روسيا الحديث، أو على الأقل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وقيام دولة روسيا الاتحادية. لقد غاصت وسائل الإعلام الروسية في تفاصيل دقيقة، من هيبة اللقاء الذي جمع الملك سلمان وبوتين الذي وصفته بلقاء يليق بالقياصرة في إشارة إلى شخصية الملك سلمان وحضوره كملك استثنائي، كما تطرقت إلى ما تم إجراؤه من تعديلات في بعض قاعات الكرملين وطقوس البروتوكول لتلائم مستوى الاحتفاء المرغوب تقديمه للملك سلمان، وعندما يقال إن موسكو عاشت أربعة أيام غير مسبوقة فذلك ما حدث بالفعل. على مستوى النتائج، فإن التحضير الجيد للزيارة والإعداد المسبق المدروس، والتفاهمات التي تمت قبلها بوقت طويل، أدت إلى نتائج مبهرة تحدث عنها الإعلام العالمي الذي كان يراقب الزيارة عن كثب. سياسيا، حدث تفاهم كبير وتقارب حيال الملفات الساخنة في منطقتنا، والعلاقات الدولية بشكل عام. كان الملك سلمان واضحاً في التعبير عن موقف المملكة مما…
الثلاثاء ٠٣ أكتوبر ٢٠١٧
ليس طبيعياً ولا منطقياً أن يتوقع أحد إجماع الناس أو حتى الأغلبية منهم على أي توجه أو قرار أياً كان نوعه وفي أي مجال كانت علاقته، خصوصاً عندما يتعلق بتغيير سائد مجتمعي اكتسب مع الزمن وتمسك الكثير به والدفاع عنه، صفة اليقين بأنه الصحيح الذي لا يمكن الخروج عنه، ويكون الأمر أشد صعوبة وحساسية عندما يتموضع هذا السائد في إطار ديني من حيث الحرام والحلال نتيجة إزاحته من موقعه الحقيقي والطبيعي في إطار العرف والتقليد المجتمعي بفعل تكثيف الغطاء الديني عليه وربطه به. هنا تكمن الإشكالية في أي تغيير لشأن اجتماعي بحت تفرضه حاجة الزمن ومتغيراته وضرورات الحياة التي تفرضها على الناس وتجعل ما كان غير مقبول في الماضي يصبح ضروريا في الحاضر. وكمثال على ذلك فإنه طبيعي جدا ألا يتفق من شاء مع قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، هذا حق من حقوقه ويجب احترامه، لكن عليه أيضاً احترام المؤيدين للقرار والجهة التي أصدرت القرار لأنها لن تجبره على الامتثال له أو تفرض عليه تطبيقه على أهل بيته. مقبول منه أن يعبر عن اعتراضه كرأي أو وجهة نظر أو حتى قناعة لا تتزحزح، لا أحد يجب أن يحجب عنه هذا الحق، ولكن هناك شرطا أساسيا ومهما جداً هو أن لا ينزلق في التحريض والتأليب على مؤيدي القرار وعلى من أصدره…
الأحد ٠١ أكتوبر ٢٠١٧
مؤكد أن المملكة في عهدها السلماني بدأت مرحلة غير مسبوقة في التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري، لتؤسس بذلك نقلة كبيرة ومهمة باتجاه المستقبل الذي خططت له برؤية طموحة وآليات تنفيذ مدروسة. خطوات كثيرة تمت على مختلف الأصعدة، لكن يمكننا القول إن ما حدث خلال اليوم الوطني وما تلاه من أيام مؤشر في غاية الأهمية والدقة على التناغم الكبير بين المواطن والدولة والوطن في فهم ما تتطلبه مرحلة الحاضر والمستقبل، بدءاً باحتفالية الحب والتماسك والانتماء والوفاء في اليوم الوطني التي أبهجت الصديق وأغاضت العدو، ثم بدء الدولة البت في بعض الملفات والاستحقاقات الاجتماعية العالقة لفترة طويلة دون مبررات منطقية كملف قيادة المرأة، وإصدار نظام لمكافحة التحرش، وإرهاصات قرارات قريبة من شأنها تطبيع علاقة المجتمع مع الحياة الإنسانية الطبيعية التي تمارسها كل مجتمعات العالم. العرب الذين كانوا يصفون مملكتنا بالتخلف والرجعية، فقط لأن نظامها ملكي، وأنظمتهم جمهورية، أثبت لهم الزمن أنهم كانوا يعيشون في أوهام خدرتهم بالشعارات الزائفة، ذهبت شعاراتهم وجمهورياتهم المسخ التي لا علاقة لها بالنظام الجمهوري الحقيقي، من انقلاب لآخر حتى أصبحوا بيئة مواتية لما سمي بالربيع العربي، فتهاوت أنظمتهم وسقطت بلدانهم سريعا في أتون الفوضى، بينما المملكة تعيش استقرارا وأمنا وقوة وتماسكا وازدهاراً وتنمية حقيقية، لأن الدولة سخرت إمكاناتها لبناء الإنسان والمكان، دون مزايدات وشعارات جوفاء. نحن بالفعل…
الخميس ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧
لم يحدث أن تناقلت وسائل الإعلام العالمية أو احتفت دول ومنظمات حقوقية بخبر اجتماعي داخلي في أي دولة مثلما حدث مع قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة مساء الثلاثاء الماضي، وسبب ذلك واضح وبديهي ومباشر، هو أنه لم يسبق في أي دولة حدوث أزمة كبيرة مزمنة وجدل مستمر محتدم حول قضية بسيطة كهذه، ولأنه لا توجد دولة في العالم تحفظت على هذا الحق، أو أصبحت نخبها وتياراتها تستخدمه في خلافاتها ومواجهاتها. كان العالم يراقب هذه القضية التي انفردنا بها وينتظر متى وكيف سيتم حسمها، وعندما حدث ذلك كان مفهوماً جدا أن يصبح الخبر حديث العالم فور صدوره، وأن نصفه نحن بالقرار التأريخي ونسهر ليلتها احتفاءً به. السؤال المهم هو لماذا وكيف تحول موضوع عادي إلى قضية ثم أزمة، ولماذا تأخر حسمه، ولماذا حسمته الدولة الآن عبر أكبر وأقوى سلطة فيها. هنا يمكن القول أن موضوع المرأة بكل جوانبه كان إشكالياً لزمن طويل، وتكثفت الإشكالية عندما سيطر عليه تيار مبالغ في التحفظ والتشدد التقليدي، ثم تيار التسييس الديني كورقة مهمة في الاستقطاب والهيمنة الاجتماعية، ونجح في ذلك كثيراً، وناور بهذه الورقة دون كلل كأداة ضغط وإثارة ولغط وجدل جعلت الدولة في غير ميالة لحسمها. الانسياق اللاواعي لشريحة كبيرة من المجتمع خلف دعاة ووعاظ متشددين ومؤدلجين حوّل هذه الشريحة إلى فريق ممانعة…
الثلاثاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٧
يبدو أن السيناريو الذي تحدثت عنه المعارضة القطرية قبل عقد مؤتمرها بدأ يتحول إلى واقع، فقد تحدثت عن ثلاثة احتمالات: المصالحة، أو التغيير، أو وقوع قطر في الفوضى ثم الوصاية التامة عليها من البلدان التي وضعت أقدامها على أرض قطر. احتمال المصالحة صار مستبعدا بعد إصرار قطر على التصعيد وإعلان انسلاخها من المحيط الخليجي والعربي، ولأن لا أحد من شرفاء قطر يريد أن يعيش تحت الوصاية، أو يذهب بلده في مهب الريح فقد كانت ليلة الأحد بشارة ببدء خلاص قطر من الكابوس الذي جثم عليها بسبب نظام الحمدين، عندما أصدر الشيخ عبدالله آل ثاني بيانه الموجه للعائلة الحاكمة والشعب القطري. غباء النظام القطري وتخبطه لابد أن يعجل بنهايته، تجاوز هذا النظام كل معقول في الأعراف والأخلاق والسياسة، لكن ثلاثة أمور ربما تكون هي التي عجلت بالتحرك باتجاه التخلص منه؛ الاستفزاز الكبير الذي أحدثه بسحب جنسية شيخ أكبر مكون قبلي في قطر، مؤتمر المعارضة الذي أسمع العالم صوت الشعب القطري الحر وكشف مزيدا من تجاوزات وفضائح قطر، ثم تخبط تميم في رحلته الخارجية التي اعتقد أنها ستنقذه من ورطته لكنه حصد منها الخيبة، لم ينفعه عمه أردوغان، والدول الأوروبية أفهمته بوضوح أن على نظامه تغيير سلوكه، وفي أمريكا انكشفت فضيحة محاولة استقطاب اللوبي اليهودي، والعالم يستعد لمواجهة النظام القطري في اجتماعات…
الأربعاء ١٣ سبتمبر ٢٠١٧
عندما قال هتلر بأن أشد احتقاره كان للناس الذين ساعدوه على احتلال أوطانهم، فإنه كان بالفعل يعني الفئة التي تستحق أكثر من الاحتقار على مر الأزمنة واختلاف الظروف، لأن الخيانة في حد ذاتها جريمة دنيئة، وتكون في أبشع صورها عندما يتم اقترافها بحق الوطن، الأرض، المنبت، الحضن، الأمان، الأهل، الماضي والحاضر والمستقبل. لا شيء يبرر خيانة الوطن بأي شكل من أشكالها، لا يمكن غفرانها مهما كانت ادعاءات الخائن، ومهما حاول تبريرها، ولأنها فعل حقير فإنها لا بد أن تنكشف، إذا لم يكشف الخائن نفسه فإن من استفاد من خيانته سيكشفه في وقت ما وبشكل أو بآخر، لسبب بسيط وبديهي جدا هو أن لا أحد يحترم الخائن أو يحرص عليه. وبعض الخونة يستمرئون التذاكي ويعتقدون أنهم أمهر من أن يتم كشفهم، إنهم كالذين يكذبون ويكذبون حتى يصدقوا كذبهم، ثم يتعاملون معه ويريدون الناس أن يتعاملوا معه على هذا الأساس. وقمة الغباء أن يستمر الشخص في هذا المسار وهو يعرف أنه يعيش في دولة لها أدواتها ووسائلها التي تمكنها من كشف الحقيقة، لكنها لا تتعامل بأسلوب التسرع وإنما بإتاحة الفرصة تلو الأخرى للتراجع عن الاستمرار في هذه الجريمة، ولكن عندما يجد الجد فإنها تنهض بواجبها لحماية أمنها من الذين يتآمرون عليه، بعد أن تحاصرهم بكل الأدلة الدامغة التي تدينهم، وهنا لا يشفع…
الأربعاء ٠٦ سبتمبر ٢٠١٧
لفتة شاعرية إنسانية وطنية جميلة تلك التي عبر عنها الأمير خالد الفيصل يوم أمس من خلال رسالة قصيرة جداً لكنها بليغة جداً، نشرتها الصحف بأناقة تتناسب مع أناقة المضمون، قال فيها: (إلى كل من غمرني بسعوديته العربية الإسلامية، أقدم اعتزازي.. خالد الفيصل). هنا، وفي هذا التوقيت على وجه الخصوص، لا بد من الحديث بوضوح وبأعلى صوت عن الأشياء التي كنا نغفلها أو نتجاوزها أو نشيح بأقلامنا عنها. في ما سبق لم تكن الأمور كما هي الآن، لأن استهداف وطننا ورموزه ومقدراته ومكتسباته أصبح علنياً وصارخاً، بوقاحة ولؤم شديد، عبر جوقة من المرتزقة المأجورين الذين يبذلون من السفه بقدر ما يدخل في أرصدتهم. الأمير خالد الفيصل رجل دولة من طراز رفيع، له رؤية واسعة وبعيدة المدى. تذكروا قصيدته التي حذر فيها من كثير مما يجري الآن برمزية بليغة، لقد نصح فيها المتهورين نصيحة الأخ المشفق مما هم متورطون فيه وماضون في طريقه بلا بصر أو بصيرة. مثل هذا النموذج السياسي الواعي الذي يمثله خالد الفيصل مزعج لأعداء وطننا المتآمرين عليه، ولأنهم دائماً يقبعون في الكواليس فإنهم يدفعون بالألسنة القذرة المستأجرة لتقول ما يريدون قوله نيابة عنهم. لهذا فقد دفعوا بواحد من تلك الألسنة كي يحاول النيل من خالد الفيصل وهو في أطهر بقاع العالم وأقدس مقدسات المسلمين، يخدم حوالي مليونين ونصف…
الثلاثاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٧
الاستقبال السنوي الذي يقيمه خادم الحرمين الشريفين لكبار ضيوف المملكة الذين أدوا الحج، يتضمن عادةً خطابا ملكيا يتضمن إشارات تترجم توجهات المملكة وسياستها تجاه بعض المستجدات، بالإضافة إلى الموضوع الرئيسي المتمثل في خدمات الحجيج وتأكيد المملكة على مواصلة جهودها في أن تكون أكثر تطوراً كل عام. هذا العام وخلال استقبال الملك سلمان لضيوفه ألقى خطاباً قصيراً لكنه مليء بالدلالات والتأكيدات على مواقف المملكة الواضحة حيال بعض المواضيع الهامة. ومن أهم تلك التأكيدات أنه شرف كبير للمملكة قيادة وشعباً أن تكون خادمة للحرمين الشريفين وضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين وزوار، إنه تأكيد حقيقي تسنده شواهد الواقع الذي يلمسه المسلمون في كل مكان في العالم عندما يأتون إلى الأماكن المقدسة أو يشاهدون ما تنقله وسائل الإعلام المحايدة النزيهة التي تلتزم بالمهنية. لقد كان حج هذا العام بانوراما جميلة تؤكد أن المملكة جديرة بهذا الشرف. فقد كان بكل المقاييس حجاً متميزا بفضل الله ثم بالخدمات المتميزة التي تقدمها كل وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، لكن البطل الحقيقي هو الإنسان السعودي الذي يقدم تلك الخدمات، في المسار الطويل منذ وصول الحاج إلى مغادرته. هذا الإنسان نقل رسالة أخلاقية إلى العالم بأنه إنسان السلام والمحبة والإخاء والقيم النبيلة، الذي لا يفرط في وطنه ولا يسمح لأحد أن يزايد عليه في مسؤوليته تجاه المسلمين الذين تهفو قلوبهم…
الخميس ٢٤ أغسطس ٢٠١٧
لا بأس أن نسلي أنفسنا ببعض النكات حتى لو كانت سمجة أو حتى سخيفة، والنظام الحاكم في قطر تكفل بتسليتنا منذ بداية مقاطعته وما زال مستمرا، رغم حزننا على ما يتعرض له الشعب القطري الشقيق من معاناة بسببه. وإحدى أهم أيقونات التسلية في هذا النظام هو وزير خارجيته الذي تمتلئ مواقع التواصل بمقاطع من أحاديثه وحواراته وتصريحاته، ومنها ما قاله ذات يوم إن نظامه قلق على سلامة الحجاج القطريين لو قدموا إلى المملكة. بودنا لو يغلق معالي الوزير المستجد على السياسة والدبلوماسية الباب على نفسه بعيداً عن الحمدين حتى لا يعاقبانه، ثم يدير أزرار الريموت كنترول بعيداً عن قناة الجزيرة ويختار إحدى الفضائيات النزيهة التي لم يتم شراؤها في بازار الذمم القطري، لا نريد أن نقترح عليه إحدى القنوات السعودية حتى لا يصاب بالرعب من جواسيس نظامه ويتم إرساله في مهمة أو يذهب في إجازة قصيرة مع حلول عيد الأضحى ثم لا يعود أبداً، كما هي إستراتيجية الأمير الوالد التي طبقها حتى مع والده. نريد من الوزير لو استطاع أن يكون شجاعا وفتح مثل تلك القناة المقترحة أن يتابع من خلالها الاستعدادات الأمنية التي توفرها الدولة السعودية لموسم الحج، وبعد مشاهدته وسماعه للمعلومات الوافية نتمنى عليه أن يشاهد وجهه في المرآة لعل بقية من خجل فيه تنعكس على ملامحه. يا…
الثلاثاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٧
كلما مرت بذهني نكتة تدويل الحج كما يدعو الصغار والحمقى والمعتوهون تذكرت أننا مهما أظهرنا للعالم حقيقة ما تقدمه المملكة لضيوف الرحمن إلا أنه تبقى المعلومات ناقصة وغير شاملة للتفاصيل الدقيقة التي يكمن فيها التميز الذي تتسابق لتحقيقه كل الجهات، وتحاسب أيضاً إن لم تصل إليه. وقد لا يعرف الكثير خارج المملكة أن الدولة قد تتسامح إزاء تقصير ما في خدمة للمواطن لكنها لا ترضى أبداً بتقصير مهما كان قدره للحجاج. من تجربة شخصية تكررت في خدمات وزارة الصحة، أو القطاعات الصحية الحكومية التي تشارك في الحج، أستطيع الجزم دون مبالغة أو مجاملة أو تجاوز أن الكثير من المواطنين قد يتمنون الحصول على سرعة وجودة الخدمات الصحية المقدمة في موسم الحج من خلال منظومة متكاملة من المرافق تتوفر لها أحدث الأجهزة والإمكانات وأفضل الكوادر. وربما لا يعرف الكثير أيضا في الداخل والخارج أن مستشفيات بكامل تجهيزاتها يتم إعدادها على مدار العام من أجل أيام معدودات فقط، ثم يتم إعدادها مجددا للموسم القادم. سأذهب بعيداً لأحدثكم عن معلومة سمعتها من بعض الحجاج المصابين بأمراض خطيرة مزمنة والقادمين من دول تفتقر إلى الخدمات الصحية الجيدة، فهم يصبرون على آلامهم حتى يقيض الله لهم رحلة الحج ليؤدوا مناسكهم ويحصلوا في نفس الوقت على العلاج الحديث المتكامل، ويعودوا إلى بلدانهم في أحسن حال. سمعت…