الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١٦
هل فشلت الحداثة العربية وكان فشلها مبررًا وسببًا رئيسيًا لصعود الأصوليات الدينية كبديل كما يقول البعض؟ وهل انهزمت هذه الحداثة في معاركها جميعًا.. وفي تحقيق أي من وعودها سواء في الحرية أو التحرر والتحرير.. أو في تحقيق الوحدة التي كانت في خمسينات القرن الماضي «نشيد إنشاد العرب»، حسب تعبيرات منيف الرزاز حينئذ؟ فصعدت تيارات الخلافة بديلاً عنها، كما يطرح بعض المؤرخين والمنظرين في الاتجاهين؟ من يقولون بفشل الحداثة العربية، لا يقيسونها بأفكارها ولكن بارتباطات زائفة مدخولة عليها. لا يقيسونها بممثليها وأطروحاتها ومنجزاتها التي غيرت شكل المجتمع والدولة العربية بعمومها، من مدنية التعليم وإنشاء الجامعة والدفاع عن حقوق المرأة وحضورها وعملها، إلى الإصلاح السياسي والفكرة ووضع الدساتير وصناعة المؤسسات كالبرلمان واستقلال القضاء والمواطنة... إلخ. لا يمكن أن ينكر منصف أن مثل هذه المنجزات، كانت طرحًا وقضية رئيسية عند كل ممثلي النهضة أو الحداثة العربية، منذ أن كتب رفاعة الطهطاوي عن تعليم البنات في «المرشد البنين»، وأبدى إعجابه بالدستور الفرنسي وترجم بعض أجزائه، إلى النشيد الوطني والحديث عن إخوة الوطن.. مرورا بخير الدين التونسي، ووضع أول دستور عربي في عهد الصادق باي في يناير (كانون الثاني) 1861 ميلادية وأنشئ مجلس استشاري ضم ستين عضوا، حينها رأسه خير الدين باشا نفسه. بداية لا بد لنا من ضبط مفهومنا لـ«الحداثة العربية» التي نراها جهودًا…
الأحد ١٠ يوليو ٢٠١٦
لا تقدم لنا الأخبار كل يوم إلا الكثير من الحزن والألم، بل والخوف على مستقبل أبنائنا وأوطاننا وتعايشنا! في أسبوع واحد كان يستقبل الصائمون فيه أفراح العيد، فإذا بعمليات الإرهاب تقلبها أتراحاً في العديد من الأماكن، من بغداد إلى إسطنبول إلى دكا وبنغلاديش إلى القطيف وجدة، وكانت ذروته أن استهدف الانفجاريون والانتحاريون بتفجيراتهم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي المدينة المنورة. عربياً ما زالت المآسي السورية مستمرة، ولا يزال المستبد القاتل جاثماً فوق صدر شعبه بمساندة روسية وإيرانية صريحة وواضحة منذ سنوات، وما زال داعش وأخواته كذلك، رغم تراجعهم البطيء، جاثمين أيضاً فوق صدر هذا الشعب، من دون حل سياسي حقيقي أو حسم عسكري صادق من المجتمع الدولي بالقيادة الأوبامية المرتبكة والعاجزة عن أي فعل. وكذلك حدث ولا حرج عن ليبيا وتنظيم داعش في سرت، وأزمة التوافق العالقة بين الأطراف الأخرى، فلم يجتمع القوم بعد على إنقاذ وطنهم ومواطنيهم وإنقاذه من العودة للعصور الوسطى على مختلف المستويات. وعلى الرغم من مرور أسابيع، ما زال الانقلابي الحوثي في اليمن مراوغاً في محادثات الكويت، مستغلاً روح التفاوض وفضيلة الحوار التي أبدتها الحكومة الشرعية ودول الخليج في إقرار الأوضاع وبقاء الحال على ما هو عليه، بل والتوسع والتمدد نحو السيطرة على مناطق أخرى. وهكذا العراق، الذي لا تزال حكومته تعدنا كل…
الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤
ربما يكون أول الليبراليين العرب الإمام أبا حنيفة النعمان القائل: «ليعلم من يضيق قلبه بنا أن صدرنا يتسع له». الليبرالية ليست غير الإيمان بالحرية والحق في الاختلاف، والتنوير هو الإيمان بالعقل، ولكن البعض لا يعرف الليبرالية ويحاكمها أو يشخصنها في بعض نماذجها السلبية أو البراغماتية فقط. ليبراليون ومدنيون كثر يعبرون عن هذا النموذج، أبهروني- ولا زالوا- يأتي في مقدمتهم عبدالعزيز باشا فهمي (1951) القاضي والمحامي الذي ينقض احتكار الدين واتهامات التكفير والتخوين على الليبراليين، يعرف عبدالعزيز باشا بأبي دستور 1923 فقد رأس لجنة صياغته وكان قائدها الفعلي، وهو أول رئيس لمحكمة النقض، وتولى وزارة المعارف (التعليم حينئذ) سنة 1926، واستقال إثر أزمة كتاب الإسلام وأصول الحكم لعلي عبدالرازق، التي أقيل الأخير بسببها من هيئة كبار العلماء. رأس حزب «الأحرار الدستوريون» فترة قليلة، صديقه وحميمه أحمد لطفي السيد أستاذ الجيل، تزاملا في التعليم في مدرسة الحقوق وفي المحاماة، وفي الابتعاث وفي النضال الفكري والوطني التنويري والعقلاني. أنجبا معاً التلاميذ الأساتذة، والعديد من الأدوار والمؤسسات كالجمعية التشريعية المصرية سنة 1908، شاركا في فض الفتنة والإصلاح بين عنصري الأمة المسلمين والمسيحيين عقب اغتيال بطرس باشا غالي في المؤتمر المصري سنة 1911، وشاركا في بناء الجامعة المصرية، وأدارها لطفي السيد واستقدم لها سعد زغلول كبار أساتذة زمانه من الشرق والغرب، وقادا مع آخرين ثورة…