الأحد ٠٧ أبريل ٢٠٢٤
عودة إرهاب «داعش» و«القاعدة» الى نشرات الأخبار وإلى مشهد الصراعات الإقليمية والعالمية، في السودان وروسيا واليمن وغيرها، يعيد الى الذهن مجموعة ملاحظات مهمة وجب التذكير بها: الفكر المتطرف، أياً كان شكله أو لونه، يمرض لكنه لا يموت! هذا الفكر ولضرورات «المهادنة السياسية» التي تحترفها جماعات الإسلام السياسي، يتظاهر كثير من أصحابه أحياناً بالتوبة والعدول عن أفكارهم المتطرفة. لكن وما أن تتاح الفرصة لهم من جديد حتى يُظهرون علناً ما يبطنونه سراً من فكر أحادي إقصائي دموي. أصحاب هذا الفكر المتطرف ينشطون في مواقع الفوضى حول العالم الإسلامي لأسباب كثيرة منها أن بعض أطراف النزاعات المحلية أو حتى الدولية يعودون للعبتهم القديمة وهي استغلال هوس تلك الجماعات بالتكفير والقتل فتُفتح الطرق أمامهم للمشاركة في إحداث المزيد من الفوضى لتحقيق مكاسب سياسية على أرض النزاعات. ولهذا لم يكن مستغرباً أن نقرأ بعض التقارير التي تؤكد وجود مجموعات من «الدواعش» وصلت إلى الخرطوم ومناطق أخرى في السودان لإرتكاب أبشع الجرائم بحق الأبرياء. وعلى نفس المنهج، تنشط جيوب «القاعدة» في جنوب اليمن مستغلة الأوضاع غير المستقرة هناك. الملاحظة الثانية، وهي امتداد لسابقتها، أن هذه الجماعات المتطرفة تعمل كأدوات لألاعيب سياسية وتُستخدم كأدوات ضغط وابتزاز من قبل جهات إقليمية ودولية في لعب سياسية معقدة. فكما تم استخدامها من قبل في تأجيج الصراعات الطائفية في سوريا…
الخميس ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٣
كعادتهم عند كل أزمة، يتسابق تجار السياسة في العالم الإسلامي خصوصاً من المنتمين فكرياً وحركياً لجماعات الإسلام السياسي لاستغلال الحدث وتجييش الشارع العربي والإسلامي في مناصرتهم الكلامية للقضية! يتفق الغالبية العظمى (إن لم يكن الجميع) في العالم الإسلامي على حق الفلسطينيين في إنشاء دولتهم واستعادة ما يمكن من أراضيهم وفقاً لأغلب المبادرات التي تدعم حل الدولتين. لكن مزايدات الحركيين من «الإسلامويين» لا ترفض هذا الحل من باب حرصها على كامل التراب الفلسطيني (وهم يعرفون عز المعرفة ان ذلك مثل حلم إبليس في الجنة) ولكنهم يسعون جاهدين، بكل ما أوتوا من ألاعيب ونفاق وتناقض، لتخريب أي مشروع يسعى لإيجاد حل واقعي للقضية الفلسطينية حتى لا تخسر جماعاتهم ورقة مهمة تستغلها دائماً لصالح مشاريعها السياسية خارج فلسطين. أضف إلى ذلك ان قضية فلسطين ورقة رابحة في أي مشروع من ضمن أهدافه تحريض الشعوب العربية ضد حكوماتها وضد التيارات الفكرية والأصوات الإعلامية الكاشفة لأكاذيب أصحاب تلك المشاريع التخريبية وعلى رأس القائمة دائماً «الإخوان المسلمون». تأزيم العلاقة بين المجتمع وقادته خطة «إخوانية» بامتياز هدفها هز الثقة المتبادلة بين القيادات والشعوب في مسعى انتهازي لإحداث الفوضى التي من خلالها تجد تلك الجماعة فرصتها في لعب دور سياسي. لا يهم قادة تلك الجماعة إنْ كان ثمن الدور السياسي الذي يطمحون له استقرارَ البلدان ووحدتها. بل قالوها…
الجمعة ٠١ سبتمبر ٢٠٢٣
تعرفت على محمد علوان في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، وأنا على وشك التخرج من جامعة الملك سعود بالرياض. كان محمد علوان وقتها نجماً في سماء الصحافة والثقافة والحراك الأدبي السعودي، بل ربما أهم كاتب قصة قصيرة في السعودية. كان، ومعه صديقه أحمد أبودهمان، نجمان في سماء الصحافة السعودية. محمد علوان في الرياض وأحمد أبودهمان في باريس. وكانا بالنسبة لي، ولكثيرين من جيلي من القادمين من تلك الجبال التي نشأ على سهولها وفوقها علوان وأبودهمان، ملهمان وصاحبا تجارب أدبية وإعلامية تحفز أمثالي على الحلم! لا أذكر كيف ومتى كان لقائي الأول بمحمد علوان. لكنني أتذكر زياراتي له في مكتبه في مبنى الإعلام الداخلي بوزارة الإعلام، مقابل برج التلفزيون. كان مكتبه مفتوحاً للجميع وكثيراً ما قابلت هناك كتاباً وصحفيين ومثقفين وعلى رأس القائمة صديقه الحميم وزميله في الدوام القاص حسين علي حسين. قرأت وقتها مجموعته القصصية الشهيرة، "الخبز والصمت" التي قدم لها الكاتب المصري الكبير، يحيى حقي، وقد كانت وما زالت ملئ السمع والبصر. كان (أبو غسان) ودوداً خدوماً مرحاباً مع الجميع. كان لي، منذ عرفته، أخاً أكبر وأستاذاً ونعم الصديق، لا يبخل بالنصيحة، مبادراً بالاتصال والسؤال، كريماً في حديثه وضيافته. حينما ضاقت بي الدنيا، في بدايات التسعينات، وكان جل همي وقتها البحث عن فرصة للدراسة في أمريكا، ذهبت إليه أستشيره…
الإثنين ١٤ نوفمبر ٢٠٢٢
أغلب القوميين العرب، منذ بدايات القرن الماضي، من مفكرين وسياسيين، جعلوا من «العروبة» أيديولوجية عمياء لم تقدم للعرب سوى شعارات رنانة. وبقيت الفكرة أسيرة شعارات خاوية ولم تتقدم خطوة واحدة. ثم حينما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مبادرة «تحدي القراءة العربي» (في العام الدراسي 2015 – 2016) فقد قدم نموذجاً حضارياً وعملياً لمعنى التعاون العربي. لقد وحّد قلوب ملايين العرب بمبادرة نوعية ضمن مشروعه الأكبر: استئناف الحضارة العربية. «تحدي القراءة العربي» أيقظ عقول العرب (طلاباً وطالبات، آباء وأمهات، معلمين ومعلمات، مدارس ومؤسسات) على أهمية الكتاب وضرورة القراءة. والأهم من ذلك أن هذا المشروع يُعد من أصدق المشاريع التي تقدم خدمة حضارية وتنموية للأجيال العربية الشابة وتجمعهم على هدف حضاري مشترك في مسابقة يشترك في أدق تفاصيلها ملايين من الطلاب العرب على مستوى الوطن العربي ومن خارجه. يوم الخميس الماضي، شهدت (أوبرا دبي) تتويج أبطال تحدي القراءة العربية، في دورته السادسة، حيث كرّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الفائزين، وتفاعل معهم، بل وشاركهم دموعه الغالية حينما قرأت الطالبة المغربية مريم أمجون، بطلة موسم 2018 من تحدي القراءة العربي، كلمات من فصل «من مثل أمي... من مثل لطيفة» من كتابه الشهير «قصتي». في تلك الكلمات القصيرة، لكنها معبرة، يستذكر الشيخ محمد بن راشد ذكرى رحيل والدته، أم…
الإثنين ١٣ يونيو ٢٠٢٢
قرار سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، بإنشاء المكتب الوطني للإعلام محفزٌ للكتابة عن أفكار ورؤى إعلامية لعلها تُسهم في إثراء النقاش حول مستقبل الإعلام الوطني. وكما ورد في قرار سموه، فإن «إعداد قيادات إعلامية وطنية مؤثرة» يأتي من ضمن أهداف إنشاء المكتب الوطني للإعلام، وهي كلها أهداف في غاية الأهمية. ولعل فكرة إعداد القيادات والشخصيات الإعلامية الفاعلة والمؤثرة محلياً وإقليمياً من أبرز هواجس المعنيين بتعزيز الحضور والتأثير الإعلامي الإماراتي على أكثر من مستوى (محلياً وعربياً ودولياً). فمشاريع دولة الإمارات العربية المتحدة التي رسخت مكانتها إقليمياً وعالمياً، وكذلك اهتمام القيادة بتعزيز قوة الإمارات الناعمة على كل المستويات تحتاج أيضاً إلى أذرع وكوادر إعلامية تُعبر باحترافية عن منجزات الدولة ورؤية القيادة وطموح المجتمع. فكما أصبح معروفاً أن «الإعلام يشكل نصف المعركة أو أكثر»، فقد صار مُلحاً العمل على تطوير استراتيجيات الدولة الإعلامية بما ينسجم مع النجاحات الباهرة التي تتحقق للإمارات على صُعُد السياسة الخارجية والاقتصاد والسياحة ومبادرات حوار الأديان والتعايش والتسامح. ولهذا تأتي مبادرة إنشاء المكتب الوطني للإعلام في غاية الأهمية؛ إذ لابد للدولة من إعلام متمكن ومؤثر ينقل منجزات الدولة ويعبر عنها بحرفية للداخل والخارج معاً. ومحور «إعداد قيادات إعلامية وطنية مؤثرة» يأتي في صميم أي خطة لتطوير المؤسسات الإعلامية بكل أشكالها.…
الخميس ١٩ مايو ٢٠٢٢
سيكتب التاريخ ويسجل المؤرخون أن لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – حفظه الله- الخطوة الأولى والأهم في فضح أجندات جماعات «الإسلام السياسي» المدمرة. كانت حقاً مواجهة قوية ومباشرة وصريحة لتيار «الإخوان المسلمين» وخطابات «الإسلام السياسي» لتنظيمات تحاول استغلال عواطف الناس الدينية لتحقيق مآرب سياسية مدمرة ومفتتة للأوطان. وكانت المنطقة كلها بحاجة لمن يقرع الجرس بجرأة للكشف عن خطر داهم يهدد أمن واستقرار الأوطان. وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد عراب ذلك النهج الذي أنقذ البلاد والمنطقة من شر كان قاب قوسين أو أدنى. هذه المواجهة لم تكن أمنية وإعلامية فقط بل، وهذه خطوة سابقة ونوعية، كانت مواجهة فكرية حقيقية كشفت زيف شعارات «الإخوان» ومن لف في محيطهم، ممن ضللوا شباب الأمة بأفكار واهية خيالية قائمة على أكاذيب ومبالغات أوهمت عدداً كبيراً من شباب المنطقة بأن ما يسمونه «دولة الخلافة» قادمة لا محالة وأن فيها ومعها كل الحلول لأزمات «الأمة» مجتمعة. كان الهدف الخفي هو إسقاط الدولة الوطنية لخدمة مشاريع مدمرة تبين لاحقاً أن خلفها مؤسسات وقوى عالمية. وليس من باب المجاملة أو المبالغة القول إن المنطقة كلها مدينة لهذا القائد الفذ، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، بالفضل في وأد الفتنة في مهدها وكشف خطر تلك الجماعات للناس في الداخل، أولاً، ثم للعالم كله! وفي سياق…
الأحد ٣٠ يناير ٢٠٢٢
تتوالى الأحداث الإقليمية والدولية بسرعة هائلة وتتتابع الأخبار كل ساعة، بل كل دقيقة، وما إن تعتقد أنك بدأت تفهم أسباب وتداعيات حدث واحد، حتى تنشغل من جديد بحدث جاء للتو كخبر عاجل تتناقله وسائل الإعلام العالمية، فمن أعمال «الحوثي» الإرهابية ضد الإمارات والسعودية، ورصد ردود الفعل الدولية المنددة بإرهاب الجماعة المارقة في صنعاء ومن يقف وراءها، ثم الجدل حول انعقاد القمة العربية، إلى المخاوف العالمية من احتمال غزو روسيا لأوكرانيا، إلى الجدالات العميقة والسطحية حول فيلم «أصحاب ولا أعز»، تجد نفسك فجأة أمام حدث آخر لم تكن تتوقعه، بل تعتقد أنك بمنأى عنه، حدث يشل حركتك ويمنعك من الخروج من منزلك... جاء (كوفيد) - هذا الضيف ثقيل الظل - ودخل منزلي دون استئذان، بل تسلل إلى غرفة نوم أولادي ليجبرنا جميعاً على البقاء في البيت انتظاراً لزوال آثاره كلية وفقاً للإجراءات الاحترازية المعتمدة في إمارة أبوظبي. فجأة، وجدت نفسي مع أولادي، على صغرهم، نتساءل عن هذا الفيروس الذي شل حركة أسرة بأكملها وأربك كل خطط الأسبوع، غير أن المطمئن، لي ولعائلتي، أننا نعيش في بلد شعار قادته الكرام، منذ الأيام الأولى لأزمة كورونا «لا تشلون هم». بالفعل، كيف نحمل الهم في بلاد ضربت أروع الأمثلة على مستوى العالم في التعاطي مع تداعيات كورونا وجاءت في المركز الأول عالمياً على مؤشر…
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١
حينما أكتب هنا عن أبي، فإني أكتب عن جيل عملاق في كفاحه ومبادئه ووفائه وأسفاره ورؤيته لنفسه ومجتمعه. وحينما أنعى أبي، ذلك الرجل العملاق في سيرته ووفائه لأصدقائه وأقاربه، وأُثني على بعض خصاله الكريمة، فلن أكرر هنا ذلك النهج الطيب في مقصده وأقول: ليس لأنه أبي، بل أكتب هنا عن أبي لأنه أبي. فما أعرفه أن تجربة الأب، في غالب الأحوال، تبقى من أقوى – إن لم تكن الأقوى- ما يؤثر على حياة الإنسان ومسيرته ورؤيته وما يصل إليه. وأبي كان وما زال من مصادر الإلهام الرئيسة في حياتي، إذ تكفيني ثقته ودعمه لكل قرار مهم اتخذته في حياتي، وهو من جيل لم تتح له تجربة الدراسة كما أتيحت لي ولإخوتي، لكنه كان يدرك أن التعليم وخوض تجارب الحياة من أهم ما يصقل مسيرة المرء وينجيه، بعد توفيق الله، من مزالق الحياة ومقالبها. وإذ أكتب هنا عن حدث حزين، كفقد الأب، فلابد من عودة سريعة لمرحلة الطفولة التي تحمل الراسخ في الذاكرة عن الأب وبعض من ذكرياته. نشأت في منطقة تلعب فيها الأعراف القبلية العريقة دوراً مهماً في تنظيم حياة الناس وعلاقاتهم مع بعضهم البعض ومع القبائل المجاورة. كانت سمعة الرجل أغلى ما يملك وسمعة العائلة هي ثروتها الحقيقية. وكان أبي، ربما بالفطرة، قد جُبل على محبة الناس وتقديم حسن…
الأحد ٠٦ سبتمبر ٢٠٢٠
ذات يوم، كملايين الشباب في العالم العربي، حلمت بحمل السلاح والذهاب لمناصرة الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي. كانت فلسطين قضية كل بيت عربي، وكنا نتقاسم مع الفلسطينيين حتى قيمة الإفطار المدرسي المتواضع. كنا وقتها نخضع لخطاب عربي قومي وديني ضد إسرائيل واليهود عموماً، في المدرسة والإذاعة والمسجد. كنت -مثل أغلب أبناء جيلي- وما زلت أتعاطف مع الشعب الفلسطيني الذي فقد تقريباً كل شيء. وما زلت مؤمناً بالحق الفلسطيني في دولة مستقلة وحياة آمنة ومستقبل زاهر. لكنني اليوم، وأزعم أنني قد نضجت وبت أتبنى موقفاً أكثر عقلانية، أدرك حقائق جديدة على الأرض لا يمكن تجاهلها. فمن المعيب أن نعمم مواقفنا السياسية من إسرائيل، أياً كانت، على أتباع الديانة اليهودية حول العالم.. كما أعرف عز المعرفة أن من مآسي الفلسطينيين الكبرى غياب قيادات فلسطينية مخلصة لقضيتها وذات منطق وفهم سياسي ووعي بموازين القوى في المنطقة والعالم وقادرة على التعبير المؤثر عن قضية شعبها وطموحاته. إسرائيل اليوم، أحببنا أم كرهنا، حقيقة قوية على الأرض. ثم إنك حينما تخسر معركة تلو أخرى، واهم أنت إن ظننت للحظة أنك تستطيع استئناف مطالبك كما كنت تفعل قبل هزيمتك ناهيك عن هزائمك المتلاحقة. نحن العرب خسرنا تقريباً كل الحروب مع إسرائيل. تلك حقيقة. وفي قضايا الشرق الأوسط عموماً، كما في أغلب المشكلات حول العالم، لم تعد قيم الحق…
الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠٢٠
ليس من المبالغة القول إن واحدة من أكبر نكبات الفلسطينيين كانت، وما زالت، غياب قيادة فلسطينية بمستوى الحدث وبحجم القضية. عانى الشعب الفلسطيني طويلاً من الاحتلال الإسرائيلي، ومن انحياز القوى العالمية لإسرائيل، لكنه ظُلم أكثر لأن من مثّل قضيته المحقة، منذ البدايات، كانت قيادات فاقدة للحكمة والحنكة والمعرفة السياسية، ودائماً في الاتجاه الخطأ، ومع الموقف المناقض للمنطق والمعرفة والواقعية. وما تصريحات بعض قادتها ضد قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بعقد معاهدة السلام مع إسرائيل، وهو قرار سيادي متكامل الأركان، إلا دليل جديد على نهج لم يتغير لدى من جاءت بهم الأقدار لقيادة الشأن الفلسطيني، من «فتح» أو من «حماس»، لا فرق! الإمارات ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن هذه الاتفاقية وضعت – وهي غير مضطرة – المصلحة الفلسطينية في اهتمامها. الإماراتيون ليسوا بحاجة لشرح موقفهم، أو أسباب قرارهم السيادي الذي أتى – بكل تأكيد – بعد دراسة وبحث لكل أبعاد قرار جريء مثل قرار تدشين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وبأبسط الحسابات السياسية، هذه الخطوة إنْ لم تنفع الفلسطينيين (وهي بالتأكيد ستنفعهم)، فإنها لن تضرهم بشيء. العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، أو غيرها، لا تعني الضرر بالفلسطينيين، أو بقضيتهم التي كانت، وما زالت، تعيش في وجدان أغلب العرب ومنهم، بالتأكيد، الإماراتيون. نعود ونكرر: إن الخطاب الفلسطيني الرسمي يثبت، من جديد، سذاجته في التعاطي…
الجمعة ١٥ مايو ٢٠٢٠
ببعض عتب، تواصل معي زملاء وأصدقاء من الوسط الإعلامي، ممن أحترمهم وأثق بآرائهم، مستغربين تغريدة كتبتها على ضوء ما انتشر حول عمالة مدير تحرير صحيفة القبس الكويتية،منير يونس، لحزب الله. الخبر المتداول أنه تم ترحيل يونس من الكويت بناءً على معلومات مؤكدة بارتباطاته مع حزب الله، سياسياً ومالياً. وللأمانة، لم يصدر حتى لحظة كتابة هذا المقال، بيان رسمي يؤكد أو ينفي هذه التهمة لكن الواضح لي، من مصادر أثق بها، أنه تم ترحيله إلى بلده بشكل عاجل. ومن هنا جاء تعليقي، مثلي مثل عدد من المغردين، متسائلاً ومستغرباً كيف يُرحل متهم بالتجسس من دون محاكمة وعقوبة؟ ولعل من أسباب التعبير والتعليق بشيء من الغضب حقيقة أن لحزب الله سوابق في إرسال بعض أعوانه للعمل في دول الخليج من أجل التجسس وممارسة نشاطات مالية تسهم في دعم هذا الحزب الإرهابي الذي يخطط ويعمل لضرب مصالح دولنا وإشعال فتيل الفتنة بين أهلنا. أما عتب الأصدقاء من الوسط الصحفي فكان عن إقحام صحيفة "الشرق الأوسط" في موضوع لم تكتمل تفاصيله بعد، وكل علاقة صحيفة العرب الدولية المرموقة بالقصة هي أن المتهم يعمل معها كمراسل متعاون، باسم مستعار. جل العتب كان على كلمة "تواطؤ" الواردة في التغريدة، وكأنها اتهام صريح للصحيفة بالتواطؤ مع المتهم. وفي هذه النقطة تحديداً لابد من توضيح واعتذار صريح، فـ"الشرق…
الأحد ٠١ مارس ٢٠٢٠
قبل شهر وعلى مدى أسبوعين، بين القاهرة وتونس، التقيت بعدد من الباحثين المصريين والتونسيين، في حوارات خاصة ببرنامج (حديث العرب) الذي أقدمه على قناة «سكاي نيوز عربية». دارت حواراتنا في قضايا متنوعة، حسب تجارب الضيوف وتخصصاتهم، إلا أن الموضوع المشترك في أغلب اللقاءات، سواء في الحوارات الخاصة بالبرنامج أو في أحاديثنا الجانبية، خارج الاستوديو، كان حول التراث: علاقة أزمات الراهن بالتراث، كيف نقرأ التراث بعيون الراهن، متى يكون التراث نافعاً أو ضاراً للتعاطي مع الواقع المعاصر، وكيف ينظر المثقف الناقد لتراثنا، بغثه وسمينه. أسئلة وآراء كثيرة في العلاقة بين الراهن وبين التراث، وهي – في الغالب - أسئلة طرحت كثيراً منذ عقود طويلة، تعود للواجهة عند طرح السؤال القديم الجديد: لماذا تقدموا ولماذا تأخرنا؟ أعجبت بصوت العقل في أغلب الحوارات التي دارت حول هذا السؤال الذي ربما يعده البعض جدلياً ومكرراً بينما هو أساسي ومتجدد في زمن نجتر فيه قصص التراث وبعض وقائعه لمعالجة آلامنا، من فقر التنمية إلى فيروس كورونا. ليس من المنطقي أن ينادي أحد المتذمرين من سوء الراهن بقطيعة كاملة مع التراث، لأننا – بأشكال كثيرة – امتداد لذلك التراث، من لغتنا ووعينا وانتماءاتنا وأساطيرنا. وفي الوقت ذاته لا يُعقل أن نسلم عقولنا لاجتهادات مَنْ قبلنا، ممن اجتهدوا وفقاً لمعطيات زمانهم وظروفهم، أصابوا أو أخطأوا حسب تقديرات…