الثلاثاء ١١ أغسطس ٢٠١٥
أصعب الكتابات رثاء الأحباب والأصدقاء، فلا تعلم من أي حرف تبدأ أو من أي جملة تعبر عن بوح ألمك وحزنك، فالمراثي إنما تسطر لمن نحب، لتهدئ لوعة الفؤاد بعد أن حال بيننا وبينهم عالم البرزخ، لتكون ضربا من ضروب التواصل الحميمي بين العطاء والوفاء، وليبقى أثرها خالدا في كراسة التاريخ يحفظها. يا لتلك الليلة الفاجعة.. اختطفت باسم الثغر، وصائن اللسان، وساحر الحضور.. لكنها مشيئة الله التي لا تقبل إلا الخضوع لها والاستسلام لما كتبه وقدره. رحل الصديق سعود الدوسري عن دنيانا الفانية «فجأة» مخلفا في قلوب الزملاء والأصدقاء والمعارف حسرة وأيّما حسرة. فلم يكن «الرجل النبيل» إلاَّ مثالا لدماثة الأخلاق، وحسن التعامل مع من يعرف ومن لا يعرف. كان وقع رحيله صاعقا، إذ كيف لهذه الحيوية الدافقة والديناميكية الدائمة أن تسكن، وهل كان للسكينة مكان لك في رحلتك يا صديقي؟ من اقترب من «سعود» وسامره، يعلم أنه رجل محب للحياة والفرح، يعشق لمة الأحباب وجمعة الأصدقاء، لم أره يوما يطعن في رفيق، أو يسخر من أداء زميل له في المهنة، كان يتمنى الخير والنجاح للجميع. لقد عاش سعود على الطريقة التي أرادها. ذات يوم كنا قادمين من مدينة أبوظبي بسيارته، بعد أن أنهى تقديم حلقات خاصة عن وفاة الملك عبدالله «رحمه الله» ذكر لي «أنه لا يحب الادخار والاستثمار، وأن…
الثلاثاء ٠٣ فبراير ٢٠١٥
لا شك أن السعوديين لم يتوقعوا حجم التغيرات الوزارية التي أمر بها مليكهم الملك سلمان بن عبدالعزير، في الليلة التي روج لها التلفزيون السعودي في شريطه الإخباري «قرارات ملكية بعد قليل»، أكسبت القناة الأولى مشاهدة عالية طيلة فترة الانتظار حتى ساعة انقضاء إعلانها، وهذا يعكس اهتمام المواطن بكل أطيافه بمتابعة أي قرار ملكي يصب في مصلحة مسيرة التنمية وتطورها. لست هنا بصدد مناقشة القرارات، فالملك سلمان «حفظه الله» لديه الرؤية والتمكين والقيادية في اتخاذ القرارات المناسبة لمواصلة الطريق نحو مسيرة متتابعة لأجل توفير حياة مستقرة وآمنة وتنمية مستدامة لهذا الوطن الكبير، لكن ما لفت الانتباه هو حديث البعض بأن هذه القرارات جاءت انتصارا لطرف على آخر، وهنا «المكارثية» في التحليل والإخفاق في قراءة المستقبل، هذا الوضع «غير صحي» لمجتمع يتوق إلى التغير والإصلاح نحو الأفضل. لنتشكل كيف ما شئنا بتياراتنا وأفكارنا، ولنختلف من الأرض إلى السماء، لكن دون «إقصاء» الطرف الآخر وتسفيه رأيه أو عمله إلى حد الخيانة. ما حصل في مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا في «تويتر، والوتس اب» بعد «القرارات الملكية» من سب وشتم وتصنيف لشخصيات اعتبارية بعد إعفائها من مناصبها «غير مقبول»، وأنا هنا لا أقصد انتقاد عملها في السابق، فهذا حق مشروع لكل مواطن أن ينتقد عمل أي مسؤول في الحكومة، لكن أن يصل إلى حد التجريح…
الأربعاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٤
من الضروري لكي تؤسس حزبا أو تنظيما لا بد أن يكون أساسه دينيا حتى يلتف المناصرون من حولك، وهذا ما تفعله كل الجماعات المتطرفة، حيث في الظاهر يبدون لك أن الصراع ديني، في حين أن الأهداف الحقيقية تصب في الصراع على السلطة. وفي الحقيقة أن المرجعية التاريخية في ذلك موجودة، فمنذ بداية الدولة الأموية ونشوء الصراع على السلطة بين قبائل قريش نشأت أحزاب معارضة اتخذت من الدين شعارا وأدارت من خلاله حركات الصراع. «داعش» و «حزب الله»، على سبيل المثال وليس الحصر، هما وجهان لعملة واحدة، ونموذج لأحد أسوأ الكوابيس الدينية والاجتماعية التي يمكن أن تعصف بأي مجتمع توجد فيه أو تحتك به، كلاهما يختطف الدين وفقا لمذهبه الذي ينتمي إليه، وكلاهما يمارس رذيلة التضليل باستخدام النصوص الشرعية ليبرر أفعاله، فهناك تحطيم منهجي للفكرة الدينية لتبرير ممارساتهم السياسية. تجليات هذا التشابه تتضح في الأيديولوجيا والهيكلية، فهما يقومان على أيديولوجيا طائفية تقوم على الحقد على الآخر كأساس رئيسي في بناء الموقف منه، وهذا الموقف يذهب في النهاية إلى إبادة الآخر وإلغائه من الوجود، كلا التنظيمين وجد سهولة كبيرة في تبرير وجوده في غير بلد المنشأ، فـ «حزب الله» عبرَ الحدود اللبنانية – السورية حيث يسهم في قتل السوريين مع النظام السوري بناء على ايديولوجيا مذهبية طائفية، ووصل أيضا إلى العراق في…