الخميس ٠٢ أكتوبر ٢٠١٤
يظن البعض أنها ماتت عام 75، لكن الذي قضى عليها فعلاً هو علي حميدة وأحمد عدوية حين صنع ظهورهما وغيرهما مع تبدل اقتصادي لافت وذائقة فنية جدية، فكان ظهور هذين ونجوميتهما إعلاناً بانتهاء حقبة الطرب والفن، وظهور طبقة جديدة علاقتها بالفن أنه باب الوجاهة وعلامة الرقي، وإن كان لا بد من انحيازه لرؤيتهم وآيديولوجيتهم. كانت أم كلثوم صورة العرب حين تجمعهم كل خميس، وإن كان الصوت وحده هو الرابط فيتغنون بها مبرهنين أنهم ثقافة ذات لغة واحدة ليس في الجذر اللغوي، بل في الروح والتوجه. كانت الذائقة مشتركة حين كان الوفاء هو الأصل ثم استحكمت الخيانة العاطفية، فأصبح الفن صورة حية للعشق العابر، واسترجاع ثقافة الجواري، فلا بأس أن يحل خالد الشيخ مكان عدوية، ثم تصبح روبي لمعنى الغناء بالجسد إلى أن لحقتها هيفاء وهبي، أما التي رسخت أن البداوة تطغى على المدنية فهي أحلام التي أزاحت فيروز وماجدة الرومي، واستنهضت حقبة «الطقاقات» حتى وصلت طلائعها إلى مصر ولبنان اللذين كانا المصدر والمنابع، فاستحالا إلى محطتين سياحيتين لا قيمة لهما في الأصل سوى ما يمنحهما جمهورهما العابر من قيمة وتأثير. في زمن أم كلثوم لم يحضر التطرف، لأن الرؤية العامة تستند إلى جدار واحد، لكن حين ظهر عدوية انهار ذلك الجدار فاختل الفن، واختلت معه كل القيم والثوابت بدءاً من…
الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠١٤
أمنياً لا تحتاج السعودية إلى ذلك ففي أجهزتها الكفاءة والقدرة كما برهنته في مناسبات كثر، في مجال الإرهاب تستبق المخططات فتئدها حيث منبتها، في المخدرات تقتنص محاولات اصطياد الجرابيع، في الخدمات من جوازات وأحوال ومرور غيرها تتسيّد التقنية المجال فلا تأخير أو ضرر. للجهات العسكرية مستشفياتها وأكثرها وفّر السكن للعاملين فيها ما جعل منسوبيها يتمتعون بخدمات لا يتذوقها المواطنون الخاضعون لمؤسسات مدنية. في المؤسسات العسكرية المختلفة أخطاء ونواقص، لكنها لا تتطلب خلية أزمة يجب أن تخلع بدلتها الأمنية المتوترة لترتدي ثوباً وعقالاً وبشتاً مزخرفاً تزينها «كرش ظاهرة» لزوم المقاربة والإنصاف. خلية الأزمة هذه مدنية على غير العادة مهمتها ملاحقة خيبات المؤسسات المدنية المختلفة وعجزها عن القيام بدورها وما في وعودها من مماطلة وقراراتها من تعسف ومحاسبة مسؤوليها على تعثر المشاريع وسوء الأداء والهدر المالي. هيئة مكافحة الفساد في العام الماضي أظهرت أن كلفة المشاريع المتعثرة تتجاوز 40 بليوناً من الريالات بنسبة 33.47 في المئة. وفي كل منطقة تقريباً يوجد مشروع ما لم ينبت منه سوى لوحة ضخمة علاها الصدأ أو حفريات معلقة نسي الناس الغاية منها وسبب ظهورها. وزارة المالية شعرت بالحرج خصوصاً أن المناطق والجهات تحمّلها، في كثير من الأحيان، مسؤولية التعثر فأصدرت، بالتضامن مع وزارة البلديات فتوى توضح وجود فرق بين التعثر والتأخر مبرهنة أن المشاريع المتعثرة لا…
الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠١٤
أهلاً وسهلاً بـ «الإخوان» إن كانوا في قامة توفيق الربيعة وأدائه المميز ووطنيته الفريدة. لا أعرف منشأ مثل هذه التهمة، ربما ولع التصنيفات، وقد يكون منشؤها مجرد الاشتباه في أنه حريص على اللحية وما يتصل بها وقصير الثوب أيضاً. بعد الخميس المظلم شن الإعلام المصري حملة على وزير الكهرباء باعتبار أن جيناته الإخوانية تسببت في انقطاع الكهرباء الخميس، وأن القصد من فعله إفساد التجربة، على رغم جهوده اللافتة في إبقاء مصر مضيئة. لا أعرف توجهات توفيق الربيعة ولا تهمني، لأنه انتصر للمستهلك ووقف إلى جانبه وحمى حقوقه حتى استحقت وزارته أن تسمى «وزارة المواطن»، لشدة التصاقها بالمستهلك «الغلبان»، ونأيها عن مصالح التجار ومنافعهم التي هيمنت واستحوذت على «التجارة» أجيالاً قبل أن يأتيها الربيعة. أي مستهلك يستطيع اليوم الادعاء بأنه الملك، ولا يمكن خداعه، لأن مجرد تهديده بالشكوى إلى «التجارة» يحل مشكلاته وينهي أزماته، ما يعني أنه صاحب حق ولو كان غير ذلك ما وجد أذناً صاغية. هذه السطوة نتيجة موالاة الوزارة للمتضرر وسرعة استجابتها له حتى لو كانت شكواه سوء تبريد أو وجود تضليل طفيف في مواصفات السلعة. وكلاء السيارات معظمهم محتكرون، أصحاب سيادة مطلقة، لا تدخل البلد سيارة من دون أذنهم وقبول رسومهم. لا أحد يجادلهم في سوء خدمتهم أو خلل بضاعتهم إلى أن جاء توفيق فأعلمهم، قولاً وفعلاً، أن…
الخميس ٢٨ أغسطس ٢٠١٤
لعلها أول عملية أمنية ينفذها المواطنون فعلاً ليس عبر الإبلاغ، وإنما عبر التحرك الشعبي والتواصل مباشرة مع الملك ووزير داخليته، لإيضاح حجم الخطر الذي يتهدد مدينتهم الوادعة ما أدى إلى القبض على ثمانية أشخاص أرسلوا نحو 34 شاباً صغيراً إلى مواقع القتال في العراق وسورية. هذه المدينة العريقة استشعرت الخطر بتوالي اختفاء شبابها وأدركت أن يداً خفية تتلاعب بعواطفهم، وتستغل حماستهم، فلم يتراخ أهلوها ووجهاؤها في وقف هذا النزف المؤلم، وإنقاذ أبنائهم من مصيدة الإرهاب، بل جسّدوا معنى المواطنة حماية لدينهم أولاً، وممارسة للأبوة، وولاءً صادقاً للوطن. عملية تمير تكشف عن أن المناطق الصغيرة أكثر نشاطاً في عملية التجنيد، بحكم محدودية التجمعات الشبابية، فما أن تنتهي المهمة الصعبة في تجنيد أول شاب ودفعه إلى حضن الجماعات الجهادية حتى يبدأ مراسَلةَ زملائه مستعرضاً الإغراءات والامتيازات التي وجدها، ومتعة الحياة التي يعيشها محرضاً إياهم على اللحاق به، وهو ما يفسر، جزئياً، سبب خروج 34 شاباً من المدينة ذاتها فقط. يزيد التأثير أن بعضهم ربما خرج وعاد أكثر من مرة موحياً لزملائه أنها تجربة لا تضر، فإن لم يعجبه الحال تمكنه العودة متى شاء. وهذا الإغواء الجزئي، وإن كان شكلياً، أبرز وأخطر أدوات «داعش»، وأكثر طرقه استقطابه الشاب الذي يجد هناك أصدقاء طفولته وزملاء دراسته، أما الوقود المحرض فهو فتوى أن هذا العمل…
الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠١٤
في نهاية كل عام جامعي تقيم الشركات معرضاً لاستقطاب الخريجين الجدد المميزين، وتتسابق في استعراض امتيازاتها سعياً إلى استقطاب أكبر عدد منهم. في ظل هذه الفوضى التي يشهدها العالم العربي أصبحت «الشهادة» هي السلعة الرائجة لجميع الأطراف، فالكل يدّعي أنه بوابة الجنة والطريق الوحيد إليها ومن يموت معه فإن الجنان له مضمونة. تستثمر الجماعات كل الزخم المعنوي للشهادة في الإسلام باعتبارها إحدى أهم نتائج الجهاد، ومن ثم تحور منطقها لبرهنة أن عملها هو الجهاد النقي وما سواه ردة وكفر بواح. المشهد الأكثر تنوعاً في سورية: قتلى النظام الأسدي و «حزب الله»، ونحو 14 جماعة جهادية هم شهداء بحسب البيانات الرسمية لكل جهة، بينما المجندلون من الطرف الآخر فإلى جهنم وبئس المصير، ولا يختلف الحال كثيراً في العراق وليبيا. اللافت أن الجميع يتسابقون لنشر صور قتلاهم بوجوه مبتسمة يقينية الملامح للتأكيد على معنى الشهادة واستحضاراً لكل علامات الشهادة ثقافياً في الذاكرة الإسلامية واسترجاعاً لما ابتدعته التجربة الأفغانية من ملامح للشهادة. الأحلام أياً كانت طبيعتها يفسرها المعبرون على أنها إشارات شهادة، فظهور امرأة في الحلم يشير إلى الحوريات، الابتسامة تعني اقتراب الشهادة، ركوب سيارة يدل على اقتراب الذهاب للجنة، أما إن كان الحلم من طرف معارض فإن التفسير يتبدل كلياً إلى الصورة القاتمة، فتكون المرأة دلالة الانغماس في الفساد، وركوب السيارة طريقاً…
السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤
الأرزاق أقدار غامضة لا تأتي إن لم يحن أوانها وتنضج ظروفها. أحد الأصدقاء المغامرين افتتح عام 2011 مكتباً لخدمات التجنيس مراهناً على أن الربيع العربي سيفتح بوابة هرب لأنصار كل نظام ساقط حرصاً على نجاتهم بأموالهم، لكن الزمن خاتله فلم يأته الرزق. أمضى ثلاثة أعوام يدفع أشكالاً مختلفة من الأجور من دون رزق يذكر حتى جاءه صيف 2014 يحمل بشرى المكسب وثواب الصبر والانتظار، إذ خلعت الكويت قفازها كاشفة عن مخلب حاد لا يرتوي من دون إسقاط الجنسية، ولحقتها البحرين مظهرة ناباً قاطعاً حين تبتسم. صديقي لا علاقة له بالأيديولوجيا ولا يفرق بين «الإخوان» والمافيا، إلا أنه يتمتع بحس تجاري لاقط يفوق إدراك الحيوانات للمخاطر الطبيعية، فتيقن أن سوقه قامت وأيام نحسه انقضت منذ أن أدارت الكويت ظهرها لمن أسكنتهم دارها فسرقوا أمانها. استشعر بأنف التاجر أن الخليج مقبل على مرحلة حصاد طويلة وعريضة. قرون استشعاره كانت صادقة منــذ اليـوم الأول لأنه راهن على أناس ولاؤهم عابر ووطنيتهم مرحلية تحكمها الحاجة أكثر مما ترسخها الهوية. قال إن الخليج غضوب، فبقــدر ما يـــصادق بتــفــانٍ فإنه يتوقع المعاملة بالمثل، يضع إمكاناته تحت تـصرف من يلوذ به إلا أن الصدمات لا توقفه والعواطف لا تقيده حين يـــصل التهديد إلى وجوده، وإنه سعيد بهذا الغضب لأن رزقه ولد من بين شرره، متمنـــياً ألا تتنازع…
الأحد ١٠ أغسطس ٢٠١٤
في إطار حملة إعلامية متماسكة، دأبت صحيفة «الحياة» على نشر تجارب وقصص وسير جهاديين سعوديين، كاشفة عن الوجه المروّع الذي ينتهي إليه شاب ينجرف إلى مآلات التهلكة، ظناً منه أن ذلك جهاد ونصرة لدين الله. هذه الحملة فضلاً على كونها تحقيقاً لدور الإعلام، وضعتنا في مواجهة مباشرة مع هذا الهم الذي يزيد ولا ينقص، وجذبتنا تراكمياً إلى مراجعة عوامل وأسباب نشوء هذه التوجهات. يلفت النظر في الحالات التي نشرتها «الحياة» التنوع الجغرافي والمناطقي للضحايا، ما يعني أن جذوة الإشعال لا تنحصر في بقعة واحدة أو في إطار مجموعة معينة. هذه علامة فارقة في أي نشاط ضديّ أو معارض، المستند إلى سرية المكان وانغلاقية دائرة العمل، ما يبرهن أن الفكر الجهادي منتشر حتى في القرى والمناطق الصغيرة، وأن له قابلية عريضة بين الشباب. باستثناء مانع المانع (الذي نفر إلى داعش ثم عاد هرباً منها) فإن جميع الجهاديين المثبتين هم صغار السن. قياساً إلى أن الإرهاب بدأ في السعودية عام 1994، ثم كشف عن تجذره في 2003، فإن الأكيد أن المعالجة الفكرية لهذا الخطر لم تكن أبداً على المستوى المطلوب، وما زالت المغذيات المحرضة تقوم بدور فاعل، وبعضها يقدم أطروحاته المتعاطفة علناً وفي شكل مباشر. مثل هذه الجرأة تعلن عدم اهتمام بردة الفعل الرسمية، كما أنها تشير إلى كثافة التحرك الباطني، وهو…
الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٤
باستثناء حرب 1973، فإن القيمة الثابتة للجيوش للعربية تنحصر في الأغاني الوطنية المصحوبة باستعراضات عسكرية ترهب كل عدو من الجرأة على الحدود. أخافت هذه الأغاني المتفجرة -غضباً وغيرة على الوطن- كل الأعداء باستثناء إسرائيل، التي تمطت في جلستها عام 1967 ومدت ذراعيها ثم لم ترفعهما حتى الآن. ظلت الجيوش العربية تلتهم الموازنات، وتستبدل قطع سلاحها القديمة بأخرى جديدة، ويجوب قادتها وأفرادها أنحاء العالم تدريباً وتطويراً، وتزرع الفساد، وتستغل رتبها العسكرية في إثارة الرعب الداخلي، وتخدم تجارة السلاح العالمي، من دون أن تترك يوماً بصمة فارقة تبرهن على امتيازها، مع أنها معذورة في ذلك، لأن الزمن خذلها فلم يمنحها فرصة تأكيد قوتها وشدة بطشها. في ثلاث سنوات تدفقت الفرص الاختبارية على كثير من هذه الجيوش، لكنها لم تأت من حرب مباشرة، بل عبر جماعات إرهابية نبتت فجأة فشتتتْ شمل كل جيش واجهته، على رغم أنها غير مدربة عسكرياً، ولا تملك طيراناً أو أسلحة شديدة الخطورة، لكنها تملك خياراً نسيته هذه الجيوش، وهو أن الموت مقدم على الحياة، وهو المبدأ ذاته -افتراضياً- التي تتكئ عليه الجيوش باعتبارها فداء الوطن، تدفع بأرواحها من أجل حياته وصيانة حدوده وسلامة أهاليه. جوليا بطرس هي الصفة النضالية الحية عربياً منذ أغنيتها الأولى «غابت شمس الحق» 1985 لتدعم حنجرتها القوية الغاضبة كل مناسبة وطنية، سواء أكانت استعراضاً…
الثلاثاء ٢٢ يوليو ٢٠١٤
نحن الأتباع المخلصون المرتقبون لخطاب رمضان، بوله المريد وحماسة المجاهد، نحن الذين جمعنا محوري المقاومة والممانعة في إطار واحد وألف بين قلوبنا، واستطعمنا طوال أعوام خطابات النصر الطويلة حتى لكأنها قبلة عاشق، وردننا الأغاني الحماسية في جميع المناسبات الخطابية حتى يغمرنا الوله ويجذبنا الشوق، فلا تغادرنا نكهة الاحتفال والوعود. أوشك رمضان أن ينقضي من دون أن نتغذى على خطاب الأمين العام للحزب وهذه ليست العادة والجرعة، ثم إن غزة تتعرض لعدوان متوحش آثم يعصف بأهلنا هناك ويغتال مستقبلهم قبل حاضرهم، ويجعل بيوتهم قبوراً ما يتطلب حضوراً خاصاً للسيد، فنحن لم ننشأ إلا من أجل هذا اليوم، ولا وجهة لنا سوى غزة وجوارها، إلا أن صبرنا ضاع في سحب الصمت الطويلة، فلم نعد نعرف كيف نمضي أو ماذا نفعل. لجأنا إلى قناة «المنار» فهي المنبر والصوت، فوجدناها متعبدة متهجدة لا تورد إلا أخباراً عاجلة، وكأن ما يحدث لا يعني «المقاومة» ولا يتطلب تحركاً من «الممانعة». ثم قصدنا الأخت غير الشقيقة «الميادين» فأرهقتنا بكل الأناشيد الوطنية، أما أخبارها فتمضي إلى انتصارات الجيش السوري الشقيق بتفصيل طويل، بينما الحرب على غزة لا تأخذ أكثر من حصة اضطرابات أوكرانيا، فظننا أن في الأمر ما يريب وأن الحنكة والبراعة تقتضيان الترقب والانتظار حتى ينجلي الأمر أو تسبقه آخر جمعة في رمضان، حين يحل موعد «يوم…
الخميس ١٢ يونيو ٢٠١٤
حين سقط نظام تونس في أولى هبات الربيع العربي، كانت المفاجأة أنه النظام الأشرس أمنياً في المنطقة، ما يعني أن الصورة مزيفة، وأن النظام من الداخل هش ومتآكل كلياً، فكانت الانطلاقة التي شملت بلداناً كثيرة. الآن ينتصر الإرهاب وتشتد عزيمته بعد نجاحات «داعش» في العراق، وتوالي سيطرته على المدن العراقية وهرب القوات أمامه، في مشهد مؤلم وموجع لحكومة ثبت أنها من ورق. يكشف هذا الهجوم أن كثيراً من الأنظمة لا تتجاوز حال «الظاهرة الصوتية»، فحكومة المالكي التي لا تتحدث سوى عن محاربة الإرهاب منذ أعوام، وتجمع لها الأسلحة والدعم، هربت حين أطل الملثمون على الموصل، وسلمت لهم المدينة والسلاح، وكأن الغزاة هم التتار، وليسوا مئات من «الداعشيين»، فهل يعقل هذا؟ هل العدد فعلاً محدود أم أن الجيش غائب ومفكك؟ هل البلد متعددة وليست واحدة؟ أين تبخرت مشاهد النجيفي وهو يتجول مسلحاً مستعيداً مشاهد صدام حسين وجعجعة إعلامه؟ هل سينشئ «داعش» دولته فعلاً ويتوسع في مناطق نفوذه؟ هل ستنجح الحكومة في طرد هذا التنظيم، وهي التي لم تحرك ساكناً لمجابهة سيطرة «داعش» على مدن وقرى مختلفة لا تزال تخضع له؟ إن دلالة هذه الحادثة بعيداً عن نتائجها اللاحقة، هي زيادة جرأة الجماعات الإرهابية على الدول في المنطقة وليس العراق وحده، وزيادة المنضمين إليها والمتحمسين لها، فـ«داعش» نجح للمرة الأولى في كسر…
الخميس ٢٢ مايو ٢٠١٤
هل أتى وزارة الصحة خبر عن هذا العقار؟ وهل تعرف أنه مجاز من هيئة الغذاء والدواء الأميركية منذ عام 2010؟ وأنه متوافر في بعض أسواق الخليج منذ عام 2011؟ هل فسحته هيئة الغذاء والدواء؟ وإن لم تفعل فماذا تنتظر كل هذه الأعوام؟ وهل تنوي «الصحة» توفيره أم ستترك السعوديين عالة على الأسواق الخارجية كأنهم يهرّبون مواد ممنوعة بينما هم يحافظون على صحتهم التي أهملتها وسط انشغالاتها الغامضة العديدة؟ وهل تجهل الوزارة وجود هذا العقار أم أنها تجهل أن نحو 30 في المئة من السعوديين صرعى لمرض «السكري»؟ أعوام وهذا العقار يشغل العالم باستثناء السعودية، التي ربما اعتبرته من عوامل «التغريب» فتجنبت الخوض في شأنه أو الترويج له أو حتى التفاؤل به. ويبدو أن الوزارة و300 استشاري سعودي متخصص في الغدد والسكري لم يسمعوا بهذا العقار إلا حين دعتهم الشركة المصنعة لمؤتمر صحافي في دبي الأسبوع الماضي بحسب ما نشرته صحيفة «الحياة». التهديد الحقيقي للسعودية ليس إيران أو الإرهاب أو الأزمات الاقتصادية، بل هو «السكري»، الذي يحيل حياة السعوديين إلى سلسلة من العذاب ويدمر طاقاتهم التي نستثمر البلايين في تطويرها، سواء عبر الابتعاث أو برامج التدريب والتأهيل، ويهدد باغتيال الفرحة بالمستقبل لأننا لم ننظر إلى دواخلنا لنكتشف مصدر التدمير في وجودنا. «الصحة» التي لا نعرف دورها بالضبط لا تعرف عن «السكري»…
الخميس ١٥ مايو ٢٠١٤
حان وقت القطيعة بعد ثبوت أن «البعارين» مثل البشر: تخون الصداقة والثقة، وتجعل المحبة والثقة معبراً للضرر والأذى. وأن طبعها يشابه البقر التي سببت «الجنون» لأربابها الغربيين. قدمنا للبعير كل سبت فجاء أحده محملاً بـ «كورونا». أحببنا البعارين فجعلنا «كبدتها» فطوراً وحليبها غبوقاً. استخففنا بالحمى المالطية تمسكاً بمتعة فوران حليبها. استجلبنا لها شعير العالم من أجل سواد عينيها. أقمنا الأسوار الممتدة على الطرق حماية لها من البشر وتهورهم. جعلنا أرضنا موطناً عالمياً لها وجمعنا أشتاتها من كل البقاع. كتبنا لها وفيها القصائد تغزلاً في أنفتها وشموخها ووفائها الأصيل. أقمنا لها المزاين والاحتفالات والمهرجانات حتى ضربت أثمانها الملايين. نحن شعب أخلص للناقة وقدمها على كثير من حاجاته وجعلها علامة دالة له وعليه، فكانت النتيجة أن الأخ أصبح ينفر من أخيه فلا يسلّم عليه إلا من بعد، وإن عطس أحدنا سرت في صحبه قشعريرة تنسيهم أن يشمتوه وتدفعهم للفحص والتحليل. «الصحة» التي داهنت البعير طويلاً لم تجد مناصاً من اتهامه بينما تعجز «الزراعة» عن استيعاب الصدمة، فالنياق وأصحابها هم مصدر قيمتها وقوتها، وهي حتى الآن لا تقر بالتهمة وإن لم تقدم ما ينفيها. عامان ضاعا في العمل بجدية على محاصرة هذا الغازي، لأن أحداً لم يقل الحقيقة بجلاء، وإنما كانت المداورة والتبرير واستسهال الوضع الأبرز حضوراً. لذلك على «الزراعة» ألا تفتح الجدل…