الثلاثاء ١١ ديسمبر ٢٠١٢
الرئيس المصري محمد مرسي هو الأكثر شبهاً بوزير العمل عادل فقيه هذه الأيام، حتى ليبدو أحدهما رجع صدى للآخر أو امتداداً له، كأنهما يتواصلان عبر التليباثي فيتحركان سوية ويتراجعان في وقت متقارب ويتعاملان مع الخصوم والمعارضين برؤية متطابقة، مع اختلاف أن الأول خلفه جماعة تضغط عليه بينما يتحرك الثاني تلقائياً حسب ما هو ظاهر. مع أن الأول إخواني صراحة والثاني يلبسه خصومه تهمة الليبرالية، إلا أنهما يتمتعان ببراعة خطابية وقدرة سردية طويلة وحضور مسرحي وبراعة في الإقناع مهما كان التباين حاداً، وإن كان فقيه يتمتع بابتسامة دائمة، بينما يغلب التقطيب على مرسي. يشتركان في أنهما مثيران للجدل في قراراتهما وإجراءاتهما، وأن الخصومة ضدهما عنيفة وشرسة تطعن في أهليتهما وتطالب بعزلهما وتصفهما بالقمع والدكتاتورية. يتسمان بقراراتهما المفاجئة المستفزة لفئات عريضة متصلة بنشاطهما، لكنهما غير متشددين في المحصلة النهائية؛ إذ سرعان ما يتراجعان عن قراراتهما أو بعضها إذا اشتد الخطر دون شعور بالحرج، وهي تراجعات طابعها المناورة، تستهدف، أساساً، تفكيك المعارضة وانقسامها للمضي قدماً في خطوات أخرى. كلاهما يجافي خصومه ويبتعد عنهم بينما يسعى إلى حشد المناصرين والمؤيدين والالتقاء بالواقفين على الحياد لاستقطابهم، وتوظيف الإعلام لصالحه قدر الإمكان. وإذا كان فقيه لا يستطيع حشد متظاهرين في الشارع فإنه يسعى لجعل تويتر ميدان تحريره. يبدوان صلبين وعنيدين ومصرين على تحقيق غايتيهما مهما تطلبت…
الإثنين ١٠ ديسمبر ٢٠١٢
تشهد الساحة السعودية تبدلاً حاداً في الرؤية الأمنية وطريقة التعاطي مع القضايا المختلفة، العفو الملكي عن يوسف الأحمد، تصريحات المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية عن سليمان العلوان ومن ثم الإفراج عنه، بيان وزارة الداخلية عن الموقوفين، زيارات متكررة للسجون وكأنها مناطق سياحية، شفافية مفرطة في محاكمة عبدالله الحامد ومحمد القحطاني سواء من حيث العلنية أو التغطيات الإعلامية الحرة. اللافت أن هذه التغيرات جاءت، خلال شهر تقريباً، في مسارات متوازية وتوقيت واحد ما يعني تبدلاً جذرياً في الرؤية الأمنية يكسر حاجز الصمت والعزلة ويسير في اتجاه غلق كل الملفات العالقة، إضافة إلى تفعيل المحاكمات بصورتها المفتوحة مما ينزع كل الحجب السرية التي تلبستها، ويسقط كل الشبهات التي كانت تجد في الغموض بيئة حاضنة تنمو وتزدهر فيها. محاكمة القحطاني والحامد العلنية مظهر حضاري مشرف فالمداولات تنشر وسائل الإعلام أدق تفاصيلها دون حرج من نوعية التهم والعبارات مما سمح للناس بالتعرف إلى حقيقة دعاواهما وكأن المجتمع بأكمله، أو على الأقل المهتمين بالقضية، هيئة محلفين ترصد وتراقب ومن ثم تعلن حكمها. رؤية جديدة وجريئة لاتعترف بالهاجس الأمني ولاتتكئ على السرية بل تراهن على الوضوح جاعلة القضاء العلني صاحب القرار النهائي فلايكون ثمة اعتراض إلا إن كان رفضاً للقضاء نفسه وهذا تطرف متقصد لايبتغي سوى التشويش والتحريض. «الحياة» زارت سجن الحائر في خطوة إيجابية ونقلت وصفاً…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
مساكين أهل القلم، مفكرين وكتاباً وصحفيين تحاربهم كل الأنظمة بأشكالها ويهاجمهم المحافظون. يُقدمون، أحياناً، على أنهم خونة متآمرون، وأخرى على أن أفكارهم ملوثة وخطر على المجتمع، وثالثة على أنهم منحرفون وفاسدون. هم محل شبهة في العالم العربي، يجري التفتيش في ثنايا سطورهم، وتمحيص كل عبارة مهما كانت عابرة، ومراقبة سلوكهم في كل حال لأنهم يختلفون عن البشر ففي كل شيء لهم غاية ونية خفية. تمتلئ سلتهم بكل الأوصاف المنبوذة والاتهامات الشائنة. المثقف ليس مجرد شخص يكتب الشعر والقصة بل كيان معرفي سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع وهو الذي يرسم الملامح التنموية بأفكاره وطروحاته وتطبيقاته إن وجد متنفساً. وهو المحرك الداخلي لبنية المجتمع ليكتسب وعياً فعلياً يستطيع، من خلاله، بناء وجوده وفاعليته ونموه الحقيقي والصلب. المشكلة ليست في المثقف بل في عجز مجتمع عن امتصاص الثقافة ولايفعل مجتمع ذلك إلا وجب أن يلحق بعصور الانحطاط فهي لم تصنف كذلك إلا بتراجع حضورها المعرفي وضياع هيبتها العملية وحين تحارب بلد ما الثقافة فإنها تحكم على نفسها بالانغلاق والبعد عن التأثير لأن الخوف هاجسها والارتباك صورتها فكأنما تمحو كل تاريخها ليحل مكانه الملاحقة والترصد والحجب ولعل المجتمعات التي تخلو من الكتاب هي المجتمعات البدائية والمنغلقة فقط. للتاريخ فإن الملك عبدالله بن عبدالعزيز دفع بالحرية الإعلامية والأنشطة الثقافية، سعودياً، إلى الأمام وألبسها…
الأحد ٠٢ سبتمبر ٢٠١٢
لعله الإضراب الوحيد الذي لا تستطيع السلطات فكه، ولاقدرة لها على منع تنفيذه، كما أن مفعوله يمس جميع الأحزاب والجماعات فهو لذلك، أيضاً، إضراب عادل. نساء توجو نفذن إضراباً بالامتناع عن الممارسة الجنسية مع أزواجهن لمدة أسبوع تنتهي مساء اليوم من أجل أن تفرج الحكومة عن متظاهرين معتقلين. يبدو أن نساء توجو يعرفن تأثير هذا الإضراب على المسؤولين في بلادهن فقد سبق أن حقق نجاحات محلية ولو شاع هذا النوع من الإضرابات عالمياً لأمكن تحقيق معظم المطالب خصوصاً أن تعرض له أصحاب القرار ممن لايستطيعون تعدداً ولا يقبلون الخيانة ولايطيقون صبرا. خاصية هذا الإضراب أنه مغلق ويعتمد على المرأة ومدى التزامها وقدرتها في صد زوجها فلا رقيب عليهما ولا أحد يستطيع التحقق من صلابة الوقفة الاحتجاجية لكنه قد يكون أقسى إن مالت المرأة إلى التغنج والدلال فيكون مصحوباً بالعذاب الشديد للرجل. هذا النوع يمتاز بأنوثته الطاغية، فهو لايؤدي إلى تعطل الأعمال، ولا يخلف خراباً وتدميراً في الممتلكات، ولايستدعي حشد قوات مكافحة الشغب، كما يستحيل تغطيته إعلامياً بأي شكل ولايمكن الحكم على نتائجه إلا تكهناً واستقراءً. من نافلة القول إن هذا الإضراب يستبعد العذارى والعوانس والمطلقات والأرامل والقواعد، ولذلك فإن الطريقة الوحيدة لمواجهته هي عدم التشجيع على الزواج، وأن تشترط الدول على من يتولى مناصب حساسة أن يكون أعزب أو منطفئاً…