«التسامح»
1 هذه الكلمة سوف توحي مباشرة بأن ثمة خطأ ما في مكانٍ ما. خطأ يستوجب غضّ النظر عنه، أو التنازل عن مطالبة الحق فيه. أو هو خطأ يمكن تفاديه.. لكنه خطأ. 2 في اللغة، لن تصادف كلمة مثلها، باردة الرواء، حييّة الحسّ، غنية الدوال، زاخرة المحبة، تنثال شلالاً بالإيجابية. حيث لا تجتمع حروف السين والميم والحاء في العربية إلا كان الحنوّ هو الغاية والهدف، حيث (سَمَحَ) هو الجذر الأول لكل تصريفات هذا الفعل الساحر. غير أنه ضمن سياقه المتداول في راهن العصر، يعتبر من أكثر المصطلحات عرضةً لاستغلالٍ هو نقيض المعاجم. التسامح هنا، والآن، كلمة مراوغة المعنى، متماهية التعبير بنقائضها. ففي التسامح، الذي يجري تداوله وترويجه، اتهامٌ صارمٌ بالخطأ والخطيئة، التي ستجيز للبعض غضّ النظر، والتنازل، والعفو، والغفران، وبالتالي التسامح، وتجاوز ذلك تحت شعار التفاهم الكوني والسلم الاجتماعي. غير أن هذا كله ليس سوى إجراء مؤقت يجيز (كذلك) لصاحب التسامح نقض ذلك، فليس هذا التسامح سوى كرمٍ فائض يحق لهم قطعه. 3 يبدو لي دائماً، حين أسمع كلمة (التسامح)، أن ثمة شخصاً يكمن هناك يستعد لفرض شروطه مقابل هذا التسامح. وأخشى دائماً أن تكون هذه الشروط، من العسف، بحيث تضع إنسانية الشخص في أحطّ دركات العيش مذلةً. ما من قوانين أو حدود أو حيثيات تفيد برفض هذه الفكرة المجردة من…