الإثنين ٠٧ سبتمبر ٢٠١٥
لا تتباكوا على انخفاض أسعار النفط.. ولا تتشاكوا من عجزٍ قط.. واعتبروا بالحاضر والماضي.. بلا استثناء أو تغاضي.. أما الحاضر.. فهاكم سويسرا وهولندا وسنغافورا.. أمم تتسابق بالعلم وتتبارى.. لم تنتظر ثروة طبيعية.. ولا مداخيل نفطٍ مالية.. وإنما أعملت العقل.. واستثمرت في العلم والتقنية.. وفازت بالجهد والإتقان والإنجاز.. وها هي سنغافورا بعد المستنقعات تُنشئ للصين كلّياتٍ للقيادات.. وأما الماضي القريب فانظروا إلى أنفسكم.. وماذا بالحكمة والشجاعة فعلتم.. لقد أسس أجدادكم هذا الكيان.. من عدم.. إلا من الإيمان والشجاعة والشّمم.. وبها طوّر الآباء المكان.. وعظموا البنيان.. وثقفوا الإنسان.. ومن شتات قبائل تتقاتل.. تحولوا إلى مجتمعٍ متماسك متفائل.. فأصبحت لكم دولة.. لها في العالم شأن وصولة.. وبعد ثلاثة عقودٍ تقريبًا.. شاركت هذه الدولة في تأسيس الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة.. ويا له من إنجاز.. لإنسان إعجاز.. خلال ثلاثين عامًا فقط.. استطاع عبد العزيز بن عبد الرحمن «يرحمه الله» أن يوحد القبائل.. ويوطن البادية.. ويوطّد الأمن للمواطن والحاج والمعتمر.. وينشئ وزارات للمال والخارجية والدفاع والصحة والداخلية.. ثم ينشئ حكومةً من مجلس وزراء متكامل.. ويؤسس للبلاد مكانة عربية وعالمية.. كل هذا قبل أن تتدفق الأموال الطائلة من دخل النفط على هذه البلاد.. ولكنها تنعم بحكمة قيادة.. ولا تنسوا أن هناك بلادا أنعم الله عليها بالنفط والماء والحضارة.. كانت قبلكم.. فسبقتموها.. ولم ينفعها نفطها ولا ماؤها…
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥
في يوم مشرق بالأمل -أوائل القرن العشرين- انشق الأفق عن شمس الجزيرة العربية تعلن ميلاد الدولة السعودية الثالثة. وكان معظم الوطن العربي -آنذاك- يرزح تحت نير الاستعمار، الذي رسّخ لمبدأ فصل الدين عن الدولة وأنظمتها وكافة فعالياتها، وقصره على كونه مجرد علاقة بين الإنسان وربه!! لكن هذه الدولة السعودية الوليدة أبت إلا أن تسبح ضد هذا التيار، وراهنت على أن مبدأ الإسلام هو الصالح المصلح لكل زمان ومكان، فاتخذت القرآن والسنة دستوراً ومنهج حياة. وبهذا الخيار نجحت الدولة نجاحا منقطع النظير، فبعد أن كانت قبائل وشعوباً تتقاتل على الماء والكلأ، أصبحت -في زمن قياسي- دولة موحدة كاملة الأهلية، بحكومة ووزارات ومؤسسات وميزانيات، وخطط تنموية توظف ما وهبها الله من خيرات -خاصة بعد تدفق النفط من أرضها- في البناء والتأسيس لمستقبل واعد. كانت مجهولة مقصية -عالمياً- فأصبحت من أهم دول الشرق الأوسط.. بل والعالم! كانت فقيرة، فأصبحت -عضواً في نادي العشرين- تشارك في قيادة اقتصاد العالم! كانت الأمية فيها طاغية، فأصبح أبناؤها وبناتها يحصدون الجوائز العالمية في العلوم والرياضيات! كانت تفتقر إلى الجامعات، فأصبحت في كل المناطق ومعظم المحافظات! كان جيشها أفراداً بلا تدريب ولا تسليح يذكر، فأصبحت من أهم دول المنطقة عسكرياً، بجيش وطيران حربي ضارب، برهن قدرته في أكثر من مناسبة! أما في الحقل الدبلوماسي، فقد صارت المملكة مرجعية…