تفرغ الكُتّاب
أن تكتب يعني أن تدخل عملية مخاض، وهذا التعبير استخدم دوماً لوصف عملية الكتابة، وهو توصيف دقيق جداً. هي بالفعل عملية مخاض، لا تعرف متى تأتي تقلصاتها في الليل أو في النهار، وكم قد تستمر حتى تولد الفكرة ملفوفة بقماشة الأسلوب الخاصة بكل كاتب. هذا المولود لاحقاً يتسمى باسمك، ويظل يحمله، وتظل متحملاً لمسؤوليته؛ مسؤولية كل كلمة فيه؛ للأبد. لذلك أجد أن تطبيق سياسة تفرغ الكتاب ضرورية بل وجوهرية في سبيل دعم الإبداع الأدبي. فكيف بمن قضى ليله في عملية مخاض إبداعي عسيرة أن يذهب في السابعة والنصف صباحاً ليجلس على مقعد الوظيفة، ويبصم بصمة الحضور التي يلام لو تأخر فيها وتتخذ ضده الإجراءات الإدارية المعتادة. هذه ليست دعوة للتسيب من العمل ولكن غالباً جلوس الكاتب الموظف في مقر العمل ليست بتلك الضرورة أو الإنتاجية حقاً إذ المطلوب منه فقط حضوره بغض النظر عن إنتاجه في مجال الوظيفة التي يكون لها حسابات مختلفه لا تصب بالضرورة في سبيل الاستفادة من قدرات وإمكانيات كل فرد؛ حاله كحال أي موظف في بيئة تتسم عادة بالترهّل الإداري. الإبداع إنتاج إنساني يحتاج أن يؤخذ على سبيل الجد مهما بدا هزلياً أو ساخراً؛ فهذا بحد ذاته مستوى متقدم من التمكن الإبداعي. هل يُطلب ممن وضعت مولودها للتو أن تقوم مباشرة بمهامها اليومية المعتادة؟ قد يقول…