رفرفة
خاص لـ هات بوست: سمعتُ بكتاب "بدلة الغوص والفراشة" قبل بضع سنوات، وعلى الرغم من إغراء كونه مكتوبًا برمش العين اليسرى، إلا أنني تجنّبت قراءته، لأن كلمة "بدلة غوص" تستثير فيّ حالة فقدٍ خاصة .. فمنذ غياب أخي، بطل الإمارات وآسيا في الغوص الحر، بقيتُ أتجنب حتى النقطة فوق حرف الغين. لكن كما أن لكل أجلٍ كتاب، يبدو أن لكل كتابٍ أجل، وقد آن أوان هذه السيرة الذاتية الفريدة، كباكورة لقراءات "قنديل الأدب"، نادي القراءة الفائق البهاء، التابع لدائرة الثقافة والسياحة، والذي سرّني قبول دعوته الأنيقة، المتضمنة كل مرة لقاءً في أحد المتاحف أو المعالم السياحية البارزة في عاصمتنا الجميلة أبوظبي. نعود للكتاب .. لغة السرد، أسلوبها، دهاليزها ومتاهاتها، كمّ الذكاء الذي كُتبت به، غزارة المعلومات، يقظة التفاصيل، وحش الدعابة العالي، بل سأقول والتفاؤل والرغبة في الحياة أيضًا. فبالنسبة لشخص مثل جان دومينيك بوبي، صحفي وكاتب ورئيس تحرير مجلة شهيرة في أجواء عاصمة النور باريس، أن يجد نفسه وهو في أوائل الأربعينات ضحية جلطة دماغية حادة، تدخله في غيبوبة، يستفيق منها على حالة نادرة تُعرف بـ "متلازمة المنحبس" جسده مشلول بالكامل وهو ما عبر عنه بـ "بدلة الغوص" الثقيلة، بينما روحه ووعيه لا يزالان في أوج حضورهما، وقد صوّرهما بـ"الفراشة" التي ترفرف بعيدًا، وتحظّ في أماكن وذكريات وتفاصيل…